الرئيس السيسي يصل مقر احتفالية عيد العمال    رئيس جامعة أسيوط يرأس لجنة اختيار عميد كلية الآداب من بين 8 متقدمين    رابط الاستعلام عن نتيجة امتحان مسابقة معلم مساعد فصل في 12 محافظة    أول مشاركات الفيوم، المدرسة الرياضية تفوز بالمركز الرابع لهوكي المدارس الثانوية    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    علاوة 3% الأبرز.. منح وتسهيلات كفلها القانون ل عمال مصر    ارتفاع الدينار الكويتي والريال السعودي بالبنك الأهلي اليوم الخميس    «شغالة مرة واحدة في الأسبوع».. شكاوى من تأخر ضخ مياه الشرب بمناطق في الغردقة    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    «الحركة الوطنية»: دعم الرئيس السيسي لقطاع الصناعة يقلل الفجوة الاستيرادية    مذكرة بين هيئة الاستثمار والخارجية البريطانية لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    وزير الزراعة يبحث مع نظيره اللبناني آليات تعزيز التعاون المشترك في مجال تبادل السلع    خبير اقتصادي: زيادة المعروض من السلع يؤدي لاستقرار الأسعار    ارتفاع عدد المعتقلين خلال احتجاجات الجامعات الأمريكية إلى 1700 شخص    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و596 شخصًا    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا "بغيضة"    مقتل 48 شخصًا في انهيار طريق سريع جنوبي الصين    السودان يعلن إنشاء مصفاة ذهب في قطر    خطوة جديدة تقرب صلاح من البقاء في ليفربول    تشكيل توتنهام المتوقع أمام تشيلسي بالدوري الإنجليزي    رسميًا غياب نجم الأهلي عن مباراة الجونة للإيقاف    نجت من مصير نيرة أشرف.. ننشر الاتهامات الموجهة للطالب المعتدي على زميلته في طب الزقازيق    توقعات حالة الطقس اليوم.. الأرصاد: طقس حار نهارًا ونشاط رياح على هذه المناطق    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في كفر الشيخ    السيطرة على حريق اندلع ببعض أشجار النخيل في أسوان (صور)    راجعين من فرح.. مقتل أب وابنه رميا بالرصاص في جبال قرية الدم والنار بقنا    «رقم صادم».. ضبط 12 ألف قضية تسول خلال شهر    إيرادات فيلم شقو تتراجع إلى المركز الثاني لأول مرة.. تعرف على السبب؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج.. الخميس 2 مايو 2024    أول تعليق من ميار الببلاوي بعد وفاة عمها    "مئة مبدعة ومبدعة" يُوثق المنجز النسوي الأدبي بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    توقيع الكشف الطبي على 1200 مواطن بقافلة طبية شاملة بالحجيرات في قنا    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    مشكلات صحية يعاني منها طفلك فى فصل الصيف، احذريها    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية: نواجه عشوائية الفتاوي بدورات ل«صناعة المفتي»
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 11 - 2018


د. مجدي عاشور أثناء حواره مع »الأخبار«
تنسِلُ الجماعاتُ المتطرفة والإرهابية دومًا في جُحور الفتاوي الشاذة ، فمنها تتلمس طريقها إلي القتل والتدمير ، وببركتها تظن ، وكل ظنها إثم ، أنها ستدخل الجنة وتعبث مع الحور العين؛ ولذلك كانت الضرورة مِلحاحًا لإغلاق باب فتاوي السداح مداح بالضبة والمفتاح أمام تُجار فتاوي الموت والتشدد ممن لا يملكون سوي »اللحية»‬ و»الجلباب» مؤهلًا لتصريف بضاعتهم المُزجاة.. حاضر الإفتاء ومستقبله أصبح عمودًا من أعمدة الأمن القومي المصري ، حقًّا وحقيقةً ، واقعًا ودراسةً.. ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر الإفتاء الأخير كخطوة في طريق تجفيف نهر الفتاوي الآثمة والمحرضة علي الوطن من ذوي المآرب الشيطانية.. ومن هنا أيضًا تأتي أهمية الحوار مع الدكتور مجدي عاشور ، مستشار مفتي الجمهورية ، وأحد أعمدة دار الإفتاء العتيدة ، ممن أسهموا صادقين في تقطير العلوم الفقهية في جرعاتٍ مخففةٍ لتصلح إلي عقول البسطاء أمنًا وسلامًا.. فإلي نصّ الحوار:
في مؤتمر الشباب الأخير وجه الرئيس بتشكيل لجنة قومية لبحث إيجابيات التواصل الاجتماعي.. كيف تؤثر تلك الوسائل علي عملية التضليل الفكري للشباب؟
- لا بد أن نشيد في البداية بتوجيه الرئيس السيسي الأخير ضمن فعاليات منتدي شباب العالم بمدينة شرم الشيخ بضرورة »‬تشكيل لجنة قومية لمناقشة إيجابيات التواصل الاجتماعي وزيادتها والعمل علي تقليل سلبياتها».. لأنه لا يخفي أن هذه الأدوات محل استغلال كبير في عملية التضليل ونشر الشائعات والأكاذيب خاصة التي تلهب المشاعر والعاطفة.. وتعد مبادرة الرئيس خطوة مهمة وقوية وإيجابية في سبيل الاستفادة الصحيحة من هذه الوسائل المهمة وتوحيد الجهود المبذولة في هذا الشأن.
وما أهم المرتكزات التي يجب أن تشملها هذه الرؤية لنشر القيم الدينية الصحيحة؟
- هذه الرؤية والرسالة حتي تكون واقعا لا بد أن تنطلق من رؤية وخطة استراتيجية متكاملة تشمل المحاور والجوانب الفكرية والثقافية والقانونية والأمنية والدبلوماسية مما يتطلب مشاركة كل المعنيين في بلورتها وصياغتها.. ولعل أولي الخطوات في ذلك توفير المعلومات والإجابات الصحيحة علي الأسئلة العامة والخاصة في مختلف المجالات.. كذلك ينبغي التفكير في ابتكار قوالب مناسبة ينشر من خلالها القيم الدينية والأخلاقية بين مستخدمي هذه المواقع وعدم وقوعهم في سلبياتها كالكذب أثناء التواصل مع الآخرين ، وظهور بعض الأنماط الدخيلة علي المجتمعات ، وإهمال صلة الأرحام والعلاقات الاجتماعية مع الأسرة والأصدقاء من أجل إقامة روابط وعلاقات أكثر تحررًا من المعايير القيمية والاجتماعية.
إنسانية الإسلام
إذن هل تري أن منتديات شباب العالم بشرم الشيخ تسهم في تأكيد فكرة إنسانية الإسلام؟
- بالطبع ، تسهم مثل هذه المبادرات العمليَّة وبشكل مباشر علي تأكيد جملة من حقائق الإسلام الحنيف ، ومنها: أن الإنسان هو محور الكون كله ، و»لولا الإنسانُ ما كانتِ الأديانُ»؛ كما أنها تؤكد علي أن الإنسان لا يميل إلا إلي أخيه الإنسان ، دون النظر إلي الدوائر الأخري المشتركة بينهما ، كالوطن ، والدين ، واللغة ، والمعتقد ، وغير ذلك ، وإن كانت هذه العوامل مما تزيد الروابط وتُقوِّي الاندماج ، ولكن يظل الأصل والقاسم المشترك شهود »‬الإنسانيَّة» التي خاطب الله تعالي بها خلقه جميعًا في القرآن الكريم ، فكم من آيات بدأت بقوله:{يَا بَنِي آدَمَ} ، وأخري افتُتِحَتْ بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ}. وبذلك تحقق مثل هذه المنتديات والمؤتمرات العالمية فرصة كبيرة لخلق حوار بنَّاء بين الحضارات والثقافات والأديان المختلفة ، وكذلك تساهم في تصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام وبلادنا ، وذلك لكونها معايشة حقيقية بين المشاركين ، خاصة أنهم من الشباب بما يمثلون من طموحات وآمال المستقبل.
بيئة الفتوي
مسألة الإحاطة بالواقع وتوافق الفتوي مع البيئة ضرورة لاستنباط الأحكام.. ما الذي تقوم به دار الإفتاء في هذا الشأن؟
- من المقررات الإفتائية أن »‬عدم الإحاطة بالواقعة لا يتصور معه استنباط حكم شرعي صحيح لها» ، فالمفتي ابن بيئته ، وليس له أن يُفتي بمعزل عن مؤثرات الواقع خاصة في المسائل الاجتهادية ، التي تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص ، لذا نلاحظ حرص الفقهاء والمفتين عبر العصور علي ضبط منهجية الإفتاء ومراحل إعدادها وفق ترتيب منطقي يحول ذلك إلي أمور إجرائية ومنها: مراعاة الواقع وعوالمه الخمسة ، وهي عالم الأشخاص ، وعالم الأشياء ، وعالم الأفكار ، وعالم الأحداث ، وعالم النُظُم ، وجهات تغيره الأربع ، بحيث إنه قد توجد فتوي في كتب التراث مناسبة لواقع زمانها؛ ولكن الحال تغير بعد ذلك فاقتضي الأمر عدم الأخذ بها ، ومن ثم الاجتهاد في موضوعها من جديد دون تسفيه لما قام به سلفنا من العلماء في تلك الفتوي..
ولكن ألا تعتقد أن ذلك يحتاج إلي تدريب عملي وليس إلي دروس نظرية فقط؟
- بالضبط ، ولذلك تولي دار الإفتاء أهمية خاصة في سبيل الاطلاع علي الواقع الصحيح من خلال المتخصصين في المجالات المختلفة ، وتعقد في سبيل ذلك بروتوكولات التعاون مع كافة المؤسسات والأكاديميات العلمية للاستفادة من خبراتها ومنتجاتها العلمية ، كما توفر دار الإفتاء لعلمائها وباحثيها دورات تدريبية بصورة دورية يتم فيها التعريف بالواقع من جميع جهاته ، لإدراكه والإحاطة به.. وهذا إيمانًا من دار الإفتاء المصرية بركنية إدراك الواقع وتصويره علي وفق ما هو متحقق ، فضلا عن كون كثير من المستجدات والقضايا المعاصرة تتسم بالتعقيد واشتراك أكثر من عنصر في تكوينها ، فمنها ما هو نتاج تطور تكنولوجي أو طبي وهكذا.
كيف نستفيد عمليا من مؤتمر الفتوي الأخير بحيث تكون هناك ضوابط ملزمة تمنع الإفتاء من غير المتخصصين؟
- أثمر مؤتمر الأمانة الرابع عن عدة برامج ومشروعات ومبادرات من شأنها ضبط وتنظيم عملية الإفتاء ، وهي مبادرات جادة تحتاج من مختلف المؤسسات التكاتف في ترجمة ذلك إلي واقع عملي ملموس سواء بالقوانين والتشريعات أو بمؤسسات التدريب أو تضمين ذلك في المناهج والمواد الدراسية خاصة في الكليات والمعاهد ذات الصلة ، وقد أسفر المؤتمر عن أول ميثاق عالمي للإفتاء ، والذي تضمن تحديد أخلاقيات الإفتاء ووضع بنود لثقافة الإفتاء الرشيد ، وهذا سيثمر وبصورة مباشرة في الخروج من أزمة فوضي الفتاوي وشذوذها ، كما أطلق أول مؤشر عالمي لرصد وتحليل حالة الفتوي في العالم وهو بادرة علمية منضبطة بعدة معايير موضوعة من قبل المتخصصين في مجالات متنوعة من أجل القيام بتحليل وتقويم الخطاب الإفتائي وملاحظة اتجاهاته ، مما يثمر في وجود رؤية كاشفة تساعد أصحاب القرار والمؤسسات المعنية ، وكذلك تم وضع إطار لمنهج دراسي لتأهيل طلاب الفتوي والمتصدرين لها مع مراعاة التجارب السابقة له.
فوارق دقيقة
هل هناك فارق بين الفتوي العامة التي تخص المجتمع كله وبين الفتوي الخاصة.. وهل يجوز لأئمة المساجد الفتوي بالأمور الشخصية؟
- نعم هناك فوارق دقيقة بين الفتوي العامة وبين الفتوي الشخصية ، فالعامة هي التي تمس أمور الأمة وعامة المجتمعات ، وهذا النوع ينبغي أن يرجع أمر الفتوي فيه إلي المجامع والمؤسسات الرسمية لخطورته وحساسية موضوعاته وتعقيد واقعه؛ أما الفتوي الشخصية فهي علي صورتين: الأولي أن تكون من المسائل المبحوثة من قبل أهل العلم أو المؤسسات ومدون فيها الأحكام الشرعيَّة فهذه يجوز لكل من درس الفقه وعلومه وتأهل للفتوي أن يفتي فيها بما عليه المؤسسات المتخصصة بالفتوي كدار الإفتاء المصرية مثلا؛ خروجًا من العهدة والتبعة الفردية ، وأما الصورة الثانية من الفتوي الشخصية فتكون من المستجدات علي الساحة لكنها متعلقة بشخص أو واقعة بعينها ولم يتم بحثها من قبل ، فهذه أيضًا ينبغي أن يتهيب الأفراد في التصدر لها بل يرجع فيها لأخذ رأي المجامع والهيئات والمؤسسات العلمية بشأنها ، من أجل حماية السائل من الوقوع في الخطأ وحماية المجتمع من إثارة البلبلة.
هناك من يقول بأن وقف الفتوي علي أشخاص بأعينهم نوع من الكهانة الجديدة.. كيف تواجه هذا الزعم؟
- لا يخفي أن وقف الفتوي علي أشخاص بأعينهم من أهل التخصص هو بمثابة الأمور الإجرائية التي توضح مصادر الفتوي والأحكام التي يواجهها من يخالف ذلك ، من أجل ضبط وتنظيم الفتوي والقضاء علي مظاهر الفوضي والشذوذ والتطرف التي شاعت في هذا المجال في الآونة الأخيرة ، مما هدد النسيج المجتمعي وشكل خطرا حقيقيًّا علي الأمن القومي للبلاد.. ومثل هذه الإجراءات ليست من الكهانة في شيء؛ لأننا لم نجد أحدًا ممن تضمنت النشرات الرسمية أسماءهم ادَّعي أنه مختار من الله تعالي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، أو ادَّعي أنه لا يجوز الاعتراض علي أقواله واجتهاداته ، كما أن هذا التنظيم لأمر الإفتاء مما لا يحد من حرية الرأي والتعبير بقدر ما يُعَظِّم الاستفادة من هذا المجال الحيوي وعدم استخدامه في الهدم والتجريح وإحداث الفوضي والاضطراب في المجتمع.
هل تعتقد أن وسائل الإعلام مقصرة في توصيل رسالتكم الفقهية إلي الناس؟
- العديد من وسائل الإعلام تحرص علي تقديم الإسلام وشرح حقائقه بصورة معتدلة ، لكن لا تزال المساحة الإعلامية المتاحة للبرامج الدينية غير كافية لتوعية الجمهور ، الذي يتطلب اتساع هذه المساحة بصورة ملائمة ومناسبة لنشر الوعي الديني والثقافي شريطة أن يراعي في تحديد الموضوعات: ترسيخ القدوة بين أفراد المجتمع خاصة الشباب ، وثقافة الحوار وتصحيح المفاهيم ، لا سيما مع التحديات الكبيرة التي يواجهها المجتمع من أصحاب الفكر المتطرف.
صناعة المفتي!
رأينا كيف كان الإرهابيون والمتشددون يستغلون المساجد للترويج لأفكارهم.. هل توجد توافقات بين دار الإفتاء والأوقاف لنشر الفكر الوسطي ومواجهة عشوائية الفتاوي؟
- هناك تعاون وثيق بين دار الإفتاء ووزارة الأوقاف لنشر المنهج الوسطي بين الأمة ، خاصة في مجال الفتوي والرد علي أسئلة واستفسارات رواد المساجد ، وبالفعل يتم عقد المجالس الإفتائية لكبار علماء دار الإفتاء في عدة مساجد كبري بالقاهرة والجيزة والقليوبية وأسيوط والإسكندرية.. كما أن هناك تنسيقا مع وزارة الأوقاف في مجال التدريب علي الفتوي ، فعقدت دار الإفتاء عدة دورات متخصصة أولت فيها اهتمامًا كبيرًا ب»صناعة المفتي» ، من خلال تلقي الأئمة المتميزين تدريبًا مكثفًا يشمل دراسة 11 مادة علمية تشمل العلوم الشرعية وعلوم الواقع؛ للوصول إلي تأهيل الإمام وتسليحه بالخبرات العلمية والإفتائية حتي نساهم في القضاء علي عشوائية الفتاوي.
يقولون إن تجديد الخطاب الديني يبدأ من الفتاوي المنضبطة.. ما مدي صحة ذلك؟
- هذا القول صحيح من جهة أن الفتوي تتضمن الاستفتاءات الرسمية والشعبية والتي تبرز صورة صادقة لواقع الناس والعصر ، وبقدر ما تكون هذه الأحكام الشرعيَّة التي تشتمل عليها الفتوي محققة لمقاصد الشرع وملائمة لواقع كل مسألة بقدر ما نأخذ بأيدي الناس نحو التحلي بالأخلاق والقيم الفاضلة بما يسهم بشكل إيجابي في مشاركة فاعلة للأمة في مسيرة الإنسانية نحو التقدم والحضارة.
ما آخر الآليات التي تتخذها دار الإفتاء المصرية للتجديد في القضايا الفقهية؟
- من حيث المناهج بلورت عدة قواعد لضبط عملية إصدار الأحكام الشرعية كعدم الجمود علي رأي واحد ، والأخذ بالاختيار الفقهي من بين أقوال المذاهب الأربعة وعلمائها ، بل نصت علي التوسع إلي أقوال مجتهدي الإسلام والمذاهب الأخري المتبعة لدي الأمة ، وتطرق دار الإفتاء باب الاجتهاد المباشر من الأدلة الشرعيَّة.. وتبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أعلي درجات التواصل والتعاون مع الأمة بتنوع طبقاتها ومستوياتها من خلال القنوات والوسائل المتنوعة ، سواء الوسائل المعهودة كالإذاعة والتلفزيون ، أو عبر ما يُسمي ب »‬الإعلام الجديد» ، وكذلك أطلقت تطبيقات للفتوي علي أنظمة »‬أندرويد» ، و»‬آي أو إس» لأجهزة الهواتف الذكية ، إيمانًا من دار الإفتاء بضرورة مواكبة التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال ، لضمان الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المسلمين حول العالم.. كما تعمل المؤسسة علي تطوير ذاتها فنيا وإداريًّا بصورة دورية حيث أنشأت في السنوات الأخيرة ، إدارتين هما: »‬الفروع الفقهية» ، و»‬نبض الشارع» ، لاستكمال الشجرة الفقهية.
تجديد الخطاب
»‬الخطاب» الديني أصبح القضية الأبرز الآن ماذا تُقدم أفكار »‬التجديد» لمسيرة تقدم الأمة؟
- قضية التجديد لها أهمية كبري في منظومة العمل ومسيرة التقدم بكل جوانبها ، لأنه قد أصبح من أبجديات تحقيق نجاح أي عمل فردي أو جماعي في مجالات الحياة أن نهتم بتكوين عقل الإنسان وبناء شخصيته وتنميتها بصورة صحيحة تتناسب مع عصره ولا يفقده هويته ، وهذا الدور لا يؤديه إلا التجديد في سائر العلوم وشئون الإنسان ، كما يلحق التجديد في الثوابت أيضًا وينحصر في كيفية توصيلها لأهل كل عصر بما يتفق معهم والأدوات النافعة والمقنعة لمقتضيات ذلك العصر ، وإزالة كل شبهة قد تعتري الناظر فيها أو حتي المتحقق بها ، أو يكون التجديد المتعلق بالثوابت هو بالرجوع إليها لمن جحدها أو شكك في ثبوتها ، أو اختلفت الأنظار والرؤي في المتغيرات حوله فأصابه الشتات والحيرة من كثرتها وعدم الوقوف علي أمثلها طريقة أو أقواها صحة أو أصحها منهجا ، فنرجع إليها لنحتمي بها ونحتكم إليها ، كل ذلك لتظل تلك الثوابت كما هي ، وإلا كان الخلل في المتعاطي لها والمدافع عنها.. وعلي ذلك فتظهر أهمية التجديد في دعم العمل المتقن ومسيرة التنمية من خلال تصحيح المفاهيم وترسيخ الأمل واستشراف المستقبل ومن ثَمَّ يتبع ذلك العمل ، ويقاس تقدم المجتمعات بمدي اهتمام أفرادها بالعمل وجديتهم في أدائه بأمانة وإتقان.
قضايا التعايش
كثيرا ما يتم استغلال قضايا الأسرة وعلاقة المسلم بأصحاب الديانات الأخري في إثارة البلبلة.. كيف تتم معالجة هذه الأمور؟
- لا شك أن الأمة تعرضت في العقود الأخيرة لعدة تحديات أفرزت عدة تحولات كبري عالميا ومحليا وأنتجت مشكلات صعبة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديًّا ، وتحتل قضايا التعايش والأسرة أولي هذه التحديات لما يثار حولها من لغط وتشويه ، مما يُشكل تحديًّا كبيرًا ومباشرًا علي كيان المجتمع الإنساني وهويته ، فضلا عما يتحقق جراء ذلك من الإضرار بأمن وسلامة الوطن والدولة ، وهذا يحتاج إلي مجهود كبير يستلزم تكاتف جهود المؤسسات والمجتمع حتي نجنب هذه الأجيال بل الأوطان الأسباب الداعية لذلك في السلوك وفي الأخلاق وفي الأفكار.. أما بالنسبة لعلاقة المسلم بأصحاب الديانات الأخري ، فهي ترتكز علي أسس واضحة ، فالأمور العقدية لا تُباع ولا تُشتري.
ولكن البعض لا يفرق بين مفهوم التعايش مع الآخر والذوبان فيه.. كيف توضح ذلك؟
- بالطبع إن إشاعة ثقافة الحوار وإرساء مبادئ التعايش بين أتباع الأديان لا يعني ذوبان أحد الأطراف في الآخر ، لكنه يعني الإقرار بوجوده؛ فالتعايش إنما يكون بين ذاتين أو أكثر بينهما تمايز ، وحتي يبقي ذلك التعايش قائمًا ، فإنه يفترض احترام التمايز والفروق والحياة الخاصة والتطلعات المشروعة لكلا الطرفين تجاه بعضهما البعض ، ولذا لا بد من إرساء الحوار بين الأديان علي عدة أسس رصينة ، والتي من بينها: احترام الإرادة الحرة لدي الأطراف كافة ، والبر والقسط خاصة مع الآخر المسالم ، والتفاهم والالتفاف حول الأهداف والغايات والقيم المشتركة والعمل علي تحقيقها ، وصيانة هذا التعايش والحوار بسياج من الاحترام والثقة المتبادلة بين الأطراف.. كما أطالب بإطلاق المبادرات العلمية للحوار بين المتخصصين في علوم الأديان وتنظيمها لجمع الكلمة بين أتباع الأديان في مواجهة فكرية مع الإلحاد والاتجاهات الفكرية المعادية للأديان مع نشر هذه الجهود في دوريات علمية وعبر الوسائل الحديثة المختلفة.
تنظيم الأسرة
في ظل تحديات تزايد السكان وارتفاع مستوي المعيشة ، ما زال هناك لغط بين البسطاء حول مشروعية تنظيم الأسرة.. ما رأيك؟
- المقصود بتنظيم الأسرة أن يتفق الزوجان علي تباعد فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان لتقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام برعاية أبنائهما رعاية متكاملة بدون عسر أو حرج أو احتياج غير كريم.. وهو أمر جائز شرعًا ، بل تشتد الدعوة إليه أخيرًا بعد ملاحظة تزايد السكان وعدم كفاية الإنتاج لسدِّ مطالبهم ، والله تعالي لا يرضي أن يضار والد ولا والدة بسبب ولدها ، قال الله تعالي: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}(البقرة: 233) ، وهذا وإن كان خبرا في الظاهر لكن المراد منه النهي ، عن المضارة بالأولاد ، خاصة أن الشريعة تدعو إلي الأخذ بأسباب القوة والعلم والإنتاج ، وهذا لا يتأتي غالبًا إلا بالعناية والاهتمام الكبير بالأبناء .
وهل تتضمن فكرة تنظيم النسل الاعتراض علي قدر الله تعالي وقضائه كما يُروج المتشددون؟
- لا يعتبر تنظيم النسل اعتراضًا علي قضاء الله تعالي ولا تدخلا غير جائز في القدر أو هروبا منه؛ لأنه من باب الأخذ بالأسباب العادية التي إن شاء الله تعالي خلق عندها الأثر أو لم يخلقه كما هي عقيدة أهل السنة في ارتباط الأسباب بالمسببات بطريق جريان العادة ، وأن كل أثر وقع في الكون فهو مخلوق ، وأنه لا خالق سوي الله عز وجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.