للناس نجوم يختلف بعضها عن البعض الآخر، فمن الناس من يسافر فتكون النجوم مرشدات له، ومن الناس من لا يري في النجوم الا أضواء ضئيلة، ومنهم من يكون عالماً فتكون النجوم قضايا رياضية يحاول حلها، ومنهم من يحسب النجوم ذهبا، وهذه النجوم علي اختلافها تبقي صامتة أما أنت فيكون لك نجوم لم تكن لأحد من الناس! هكذا صنف الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري الناس في روايته »الأمير الصغير»، تلك الأسطورة التي تمني كتاب كثيرون أن يكونوا أصحابا لهذا العمل الذي اختارته صحيفة لوموند الفرنسية كواحد من أفضل كتب القرن العشرين.ومازال يحقق أعلي المبيعات في العالم بعد أن ترجمت إلي ما يقرب من 230 لغة ولهجة وبيعت أكثر من 80 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم ، رغم أنها رواية صغيرة الحجم، فما الذي جعلها تحظي بكل هذا الاهتمام والإغراء في عيون الكثير من المبدعين في العالم. لدي إجابة تبدو بسيطة ولكنها إجابة علي كثير من التساؤلات التي تراودنا في الحياة، وهي في الأصل تخاطب الطفل في داخل كل منا بغض النظر عن نوعه وجنسيته ووطنه علي هذا الكوكب، هذا البراح الفكري الذي تناوله إكزوبيري في روايته التي بدأها بمنتهي الدهشة لصبي صغيريعشق الرسم لثعبان»الأصلة» وهو يبتلع فيلا ليثير غرابة الناس حول رسمة رآها البعض مخيفة، جعلت البطل يترك مهنة الرسم، ويعمل بالطيران، لكن طائرته تتعطل بالصحراء ليجد نفسه في أحداث القصة مع الأمير الصغير الذي يطلب منه أن يرسم له خروفاً فلا يعرف كيف يرسم الخراف فيرسم له الثعبان الذي ابتلع الفيل ، فيفاجئه بأنه علي علم بما في الصورة والتي يجهلها كل الناس، ولكنه يريد خروفا فيحاول مراراً رسم الخروف له ولكن الأمير يعترض علي ما يرسمه كل مرة فهذا مريض وهذا كبير فيرسم له صاحبنا صندوقاً بعد أن مل ويقول له بأن الخروف بالداخل فيفرح الأمير الصغير بذلك. تتوالي أحداث القصة في صورة رمزية رائعة إلي نهايتها وهي موت الأمير جسدياً وبقاء روحه حية كما أخبر بطل القصة لأن جسمه يعويقه عن العودة إلي كوكبه الذي كان قد تركه بسبب خلاف بينه وبين محبوبته الوردة المحبوسة في زجاجة. صنع أنطوان من رمزية الأخلاق كتابة عن طفل بقدرات خارقة يترك الكوكب ويرتحل عبر الكون بمغامرات طريفة بريئة ينقل من خلالها أهمية أن تكون متفائلًا تحمل حلماً ومفاتيح للكون كالأمل وإدراك قيمة الحياة، في عالم الأمير البريء الرومانسي الهارب من الكبار المحبطين بسلوكياتهم غير المبررة وجهلهم بعالم الصغار الذي تغمره الدعابات والرغبة في التحليق والخيال الحر.