هل يُمكن لجائزة لها مثل هذا التاريخ من الاختيارات غير للمتكافئة من بين الكتاب الإنجليز أن تُحسن الاختيار بحقّ بشأن الأفضل بأدب الكومنولث. الإجابة بين سطور النصّ التالي المنشور بصحيفة الجارديان البريطانيّة. إنّها لعنة اسكتلندا، وويلز وأيرلندا الشماليّة اللائي برغم تمتعهم بلاعبي كرة قدم من الطراز الأول سونيس و دالجليش و لاو وجيجس وبست - إلا أنّ الجانب الوطني للبلاد لم ينل سوي القليل جداً من الملاحظة، و إذا اعتمدنا جائزة المان بوكر بوصفها مثالاً للوضع الأدبي عالميّاً، فإنّ أنموذجاً مشابهاً يبرز للعيان. منذُ بداية الجائزة عام 1969، لم يفز بها سوي كاتب اسكتلندي واحد: جيمس كيلمان عام 1994 بروايته لكم كان متأخراً، لكم كان. و حتي آنذاك، هبّت عاصفة قويّة من الخلافات في وسائل الإعلام والمكتبات تشجب القرار، و انتقد أحد المحكمين الكتاب علناً، ودعاه سلمان رشدي »الخيار السيئ«. عام 1993، نجح مُحكمان في اقتلاع رواية إيرفين ويلش لمح القطارات من القائمة القصيرة عَبر التهديد بالانسحاب. خمسة أدباء اسكتلنديين فحسب من وصلوا للقائمة القصيرة: جوردون ويليامز، موريل سبارك، جورج ماكاي براون، أندرو أوهاجان وآلي سميث (قد يضم المرء الاسكتلنديان تقريباً ويليام بويد و برنارد ماكلافيرتي). قد يبدو ذلك تمثيلاً عادلاً، إلي أن يتم فحص الإحصائيات. 3.6٪ فحسب من القوائم القصيرة (4.4٪ إذا ضممنا بويد و ماكلافيرتي)، 3.3٪ من المُحكّمين ونسبة تافهة لا تتجاوز 2.9٪ من القوائم الطويلة من الاسكتلنديين. لم يفز من ويلز سوي كاتبة واحدة، برنيس روبنز عام 1970 في حين لم تسجل أيرلندا الشمالية أي فوز. لم يصل كُتاب لامعون من أمثال ألاسدير جراي، آل كينيدي، ألون ريتشاردز، رون بيري، ويليام ماكيلوفاني، جانيس جالواي، نيال جريفيث، راشيل تراسايز وإيان بانكز إلي القائمة الطويلة بأي يوم من الأيام. بكل مرة تثور فيها جولة معتادة من الثرثرة بشأن استبعاد أميس أو بارنز أو ماكايوان بسنة ما، يمرّ هذا الوضع الشاذ مرور الكرام، والاتجاه بالسؤال عن السبب يكشف حقائق غير مُريحة عن بنية «المملكة المتحدة». البوكر أكثر سخاءً بالنسبة للمستعمرات البريطانيّة السابقة عنها بالنسبة لأبناء جلدتها. فازت أستراليا والأمم الأفريقيّة أربع مرّات، و فازت كندا ثلاث مرّات، و جمهورية أيرلندا ثلاث مرّات و الهند مرتين ( ثلاث مرّت إذا احتسبنا الكاتب الأنجلوساكسوني سلمان رشدي) و ثمّة كاتبين آخرين، ف.س.نايبول و روث براوير جابفالا، الّذي تصعب تحديد جنسيته. نيوزلندا هي العشيرة الفخريّة في هذا المقام، بفائز واحد هو كيري هولم. يبرز احتمالان في هذا الصدد: إمّا أنّ الروائيون السلتيون ( والنقاّد كذلك) ليسوا بالإبداع الكافي، أو أنّ ثمّة تحيز مؤسسي فيما يخصّ جائزة البوكر. لكن أي تحيّز؟ ربما يتعلّق الأمر بشأن الطبقات (وهي ما لا تفارق كثيراً أذهان الكُتاب السلتيين)، إذ نادراً ما تصل الروايات عن البروليتاريا الإنجليزيّة للقائمة القصيرة. من السهل افتراض أنّ المحكّمين يؤثرون رؤية حيواتهم بالطبقة الوسطي مُراقة علي الورق، ويتنكّرون للروايات التي تعكس ويلات الحياة في مرحلة المابعد الثورة الصناعيّة. ردّ الفعل الغريزي لكيلمان الّذي فاز برواية عن الحرمان بالمناطق الحضريّة مكتوبة باللهجة الشعبية لجلاسجو يطرح هذه الفكرة، لكن إن تكن الطبقة، و ليست الجنسيّة، هي جوهر المسألة، فإنها لا تزال تجعل من البوكر متواطئة في أحد أشكال القمع الثقافي. لنلق مزيداً من الشكّ علي الجائزة: اسكتلندا، مثلاً، تسجل نسبة لا تتعدي اثنان من عشرة بالمائة من مجموع سكان الكومنولث، و بالتالي، و الحال هكذا، فلديها فرط تمثيل. مع ذلك، من بين الستة و أربعين فائزاً بالبوكر، أربع وعشرين منهم انجليز أكثر من النصف مع أنّ انجلترا لا تمثل سوي اثنان ونصف بالمائة من الكومنولث. حتّي مع إسقاط فكرة التحامل المناهض للسلتية، فإنّ هذا التحيّز الضخم الّذي لا يُمكن إنكاره يبرز . هل الأدب الإنجليزي ببساطة أفضل من أدب الأمم السلتيّة؟ الموضوعيّة الخالصة غير ممكنة علي الإطلاق، حتّي بين طواقم المحكّمين، لكن لا يجب أن يغيب عنّا أنّ عدداً طاغياً من حُكّام البوكر هم من أبناء الطبقة الوسطي الإنجليزيّة، ممن ربما يؤثرون رؤية أدب أمتهم مُكرّماً. علينا أن نطلق علي البوكر ما هي عليه، إذن: ليست جائزةً لأفضل الأعمال الأدبيّة في دول الكومنولث، بل نظام مكافأة للمؤسسة الإنجليزيّة، و لا ينبغي أن نفاجأ آنئذٍ إذ نري أنّ جائزة المان بوكر تقلد الإمبراطوريّة ذاتها.