القانون الجديد يستهدف تحقيق مصلحة الأطفال ليس الطلاق هو نهاية المطاف للعلاقة بين الزوجين التي تنقلب إلي النقيض بمجرد وقوعه فيتحول شخصان كانت تجمعهما أقوي الروابط إلي أعداء وحرب مستعرة لا تقتصر آثارها عليهما فقط ولكن تمتد إلي نتاج هذه العلاقة من أطفال أبرياء يعيشون ممزقين ضحية تصفية حسابات وعناد ولأن فلسفة الإسلام تقوم علي أن بناء الأسرة السوية يجب ان يسبقه وضع الأسس السليمة ومن واقع خبرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشخصية ومعايشته لواقع العديد من الأسر والمشاكل الاجتماعية فطن إلي ضرورة صياغة مشروع قانون متكامل لقضايا الأحوال الشخصية مبني علي أن أحكام الأسرة كالطلاق والحضانة والرؤية يجب أن تكون منضبطة بحدود الله عز وجل، وليس بالأهواء والمصالح المتوهمة، سواء بالنسبة للزوج المطلق أو الزوجة المطلقة، ويجب علي كليهما الالتزام بحدود الله. الشمولية والتجانس وبحسب الأزهر الشريف فإن القانون الجديد يجمع لأول مرة، أحكام الأحوال الشخصية والأسرة الموزعة علي عدة قوانين، في إطار نسق قانوني واحد، يتسم بالشمولية والتجانس يشمل مقدمات الزواج والخطبة، وأركان الزواج وشروط العقد، والأهلية والولاية، وأحكام النفقة والمسكن والطاعة، والطلاق والفسخ والخلع والنسب والرضاع والحضانة والرؤية والوصاية. ويشير الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق وعضو لجنة إعداد القانون إلي تركيز شيخ الأزهر علي ضرورة العودة إلي آيات الله فيما يتعلق بالأحوال الشخصية وخاصة عند وقوع الطلاق الذي ينبغي أن يكون حلا لمشكلة وليس بداية لمشكلات النفقة والرؤية والحضانة وغيرها مما نراه الآن وتكتظ ساحات المحاكم بالضحايا وخاصة ضحايا العناد بين شخصين هدفهما الانتقام من بعضهما متناسين أن شريعتنا حريصة جدًّا علي إقامة العدل وإقرار احترام الآخر، وانه لا يجوز أن ينقلب الحب والمودة إلي كره وإهانة بعد الطلاق ولذا تدعو الشريعة للاحترام يقول تعالي: »لا تنسوا الفضل بينكم». ويضيف:دعا شيخ الأزهر اللجنة التي تعد القانون إلي أن تضع في اعتبارها أن أحكام الطلاق واضحة وأنها ليست للوعظ والإرشاد فقط ولكنها أحكام تشريعية يترتب عليها عذاب في جهنم أو ثواب في الجنة ولذلك انتهت آيات الطلاق دائمًا بالتحذير من مخالفة حدود الله وأن مسائل الطفل لابد فيها من التراضي والتشاور من الطرفين، كمسائل الحضانة والتربية والرؤية. ويؤكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن مصطلح الأحوال الشخصية مصطلح مستحدث استفدناه من غيرنا، وقد قبلناه بارتياح لأن له أصلًا ولا يخالف الشرع، ولذا فقد اعتمده العلماء والفقهاء وشرحوا قوانينه وأحكامه وأن التجربة المصرية الفريدة في التشريعات القضائية والتطبيق القضائي في مجال الأسرة والأحوال الشخصية أصبحت مصدرًا ومرجعًا للعديد من الدول وأن الإسلام اهتم بضرورة الترابط الأسري؛ لأن ترابط وصلاح المجتمع أساسه ترابط الأسرة فإن لم تكن الأسرة مترابطة أصيب المجتمع بخلل شديد و إذا لم نحسن إدارة الأسرة إدارة رشيدة فسنكون أمام مأزق وكارثة فيما بعدُ ليس علي المستوي الأسري، بل علي مستوي المجتمع. ويوضح أن حماية الأسرة تحتاج إلي مجموعة من الإجراءات الطويلة كالحاجة إلي تثقيف المجتمع، والحاجة إلي ثقافة قضائية لدي المتقاضين من أطراف الأسرة عند حدوث نزاع قضائي، مؤكدًا أننا لا نريد تربصًا وعنادًا من أحد الأطراف تجاه الآخر، بل نريد أن يكون الفضل هو المعيار والضابطَ في التعامل، مصداقًا لقوله تعالي: »وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ» وأنه لا مانع من إجراءات تشريعية موافقة للشرع لبعض الأمور لحماية الأسرة. أكثر من 30 اجتماعا ويوضح المستشار محمد عبد السلام المستشار القانوني والتشريعي لشيخ الأزهر أن اللجنة التي شكلها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لصياغة مشروع القانون قطعت شوطًا كبيرًا في إنجاز القانون،حيث بدأت في أكتوبر 2017 وعقدت أكثر من 30 اجتماعًا، انتهت خلالها من صياغة العديد من مواد القانون، علي أن تتم إحالة نصوصه كاملة عقب الانتهاء من صياغتها إلي هيئة كبار العلماء لمراجعتها وإقرارها، ليأخذ مشروع القانون بعد ذلك مساره القانوني. ويضيف أنه من المقرر أن تتضمن مواد مشروع القانون، الأحكام المتعلقة بقضايا عدة، مثل مقدمات الزواج والخطبة، وأركان الزواج وشروط العقد، والأهلية والولاية، وأحكام النفقة والمسكن والطاعة، والطلاق والفسخ والخلع والنسب والرضاع والحضانة والرؤية والوصاية وهو يتضمن آلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال؛ بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشاكل الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة علي الطلاق. ويؤكد الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة إعداد القانون أن القانون سيكون مبشرا للجميع وفيه نظرات متحضرة ويأخذ في الاعتبار المصلحة المثلي للاطفال وهي التي يجب ان تقدم كما أنه يريح جميع الأطراف ويحفظ للمرأة كرامتها وحقوقها كعمود أساسي للأسرة والمجتمع وهو يأخذ في الاعتبار كل الملاحظات علي القوانين السابقة. ويشدد علي أن الأزهر وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب مهتم اهتماما غير مسبوق في تاريخ التشريعات بهذا القانون ويركز علي ضرورة إنهاء فكرة الصراع بين الزوجين لأنها غير صحية ولأن القرآن ينظر للرجل والمرأة علي أنهما نفس واحدة.