فوق قمم جبال لمينج يتم جمع شيء عجيب إنه الشاي فكل واد وكل تل مغطي بسخاء بثروة الأرض هذه التي تنعم بروح السماء العذبة وفي شهر قمر الحصاد لايأخذ المزارعون إلا استراحة قليلة والأزواج يقومون بالعمل نفسه، يبحثون ويقطفون خذ بعض المياه من نهر مين المتدفق التي تباركها روح السماء العذبة والمستقاة من تياراته الصافية انتق الأوعية وتخير الخزف المنتج المصنوع من جبال أوو الشرقية وحاكي مثل الدوق ليو: قدم الشاي بمعرفة من يقطين وبهذه الطريقة فقط يستطيع المرء أن يبدأ في استكمال الرغوة السمكية الطافية مع روعة المشروب. إنه لامع مثل الثلج المتراكم ومتألق مثل تفتح أزهار الربيع تويو- قصيدة غنائية للشاي- القرن الرابع الميلادي لايعد الشاي أكثر المشروبات استهلاكاً علي وجه الأرض- إذا ما وضعنا الماء جانبا- فحسب بل يعد أيضاً من أقدم المشروبات التي عرفها الإنسان حيث ترجع بدايته لما قبل التاريخ وراء حجب الأسطورة والخرافة. كان المعالجون الصينيون القدماء يعتقدون أن روح المعبودة الأم الكبري وجوهرها تتدفق من مركز الأرض إلي النباتات والمعادن، وكانوا يجمعون ويختبرون الأعشاب والأحجار التي يعتقدون أنها تحتوي علي درجات متفاوتة من »مادة الروح» المفيدة للصحة وطول البقاء. وكانت النباتات والأحجار التي تختزن أكبر قدر من مادة الروح هي تلك التي لها ألوان حسنة فكان اليشم- علي سبيل المثال- يعد قوياً جداً نظراً لظلاله الخضراء المتألقة، وربما يكون اللون الحسن هو ماجذب المعالجين أيضاً لنبات الشاي الزكي الرائحة الدائم الخضرة، وربما يفسر لماذا أصبح يعرف الشاي في الصين بزَبد اليشم السائل تكريماً للحجر السحري المبجل الذي هو موضع تقدير كبير. وكان شين نونج من أمثلة هؤلاء المعالجين، وكان ثاني ثلاثة في أسرة سان هوانج في الصين (الأباطرة الأسطوريين أجداد الحضارة الصينية) وكلمة »شين» تشير إلي الروح الطيبة، وترتبط بالجانب الإيجابي المستنير للحقيقة. ووفقا للأسطورة؛ فإن شين نونج قد ولد في القرن الثامن والعشرين قبل الميلاد لأميرة شابة جميلة يملكها تنين سماوي، وكان لشين نونج رأس وقرون ثور وجسد رجل، ولقد تحدث بعد ثلاثة ايام ومشي بعد سبعة. وباختراع المحراث، أعطي شعبه هبة الزراعة التي بسببها اكتسب لقب الفلاح المقدس. وقد درس أيضاً الأعشاب واستحدث علاجات كثيرة بالأعشاب. بعضهم يقول: إن شين نونج كانت له معدة شفافة استخدمها معملا للأبحاث، فكان يتذوق كل أنواع الأوراق، الثمار، التوت، الجذور ويلاحظ تأثيراتها وعليه يحدد سمية كل نبات أو نفعه، ويقال: إنه في أحد الأيام، وخلال تجاربه أصيب بالتسمم اثنتين وسبعين مرة. وبسبب إسهاماته التي لاتقدر بثمن في مجال العلاج بالأعشاب، رُفع إلي منزلة القديس الراعي للأطباء الصينيين، وأصبحت قصة كيفية اكتشافه للشاي هي محك تقاليد الشاي حول العالم. وأثناء إحدي حملاته، كان الإمبراطور مسافراً عبر منطقة جبلية في جنوبالصين، لقد كان الوقت متأخراً من بعد الظهيرة حين أحس الإمبراطور بالتعب وأمر فريقه بالتوقف للاستراحة. وكان مساعدوه ينصبون المعسكر، ويغلون بعض الماء في الغلاية- فقد علم الأمبراطور شعبه أن الماء المغلي فقط هو الأمن عندما هبت رياح مفاجئة من التلال، واندفعت بعض الأوراق الجافة من شجيرة قريبة في الهواء وسقطت في الماء المغلي، وقرر الإمبراطور- وهو العشاب الفضولي دائماً وابداً- أن يتذوق هذا الاختراع، لقد أعجبته النكهة المنعشة المرة بعض الشيء وشعر بالابتهاج والنشاط هذا المساء. لقد علمته تجربته أن هناك الكثير من مادة الروح في هذه الأوراق، فقام بجمع بعض منها وأخذها معه عند العودة لوطنه لتجربتها. وكانت بالطبع أوراقاً من شجيرة شاي، وهكذا قيل، إن الإنسانية قد تلقت هدية الشاي المبهجة، ولقد كان هذا العام هو عام 2722ق.م. 21 ويعطي هذا التاريخ المحدد بشكل غريب لمثل هذه القصة القديمة إيهاماً بالدقة التاريخية، وهو علي الأرجح نتيجة للعادة الصينية في تكييف القصص والتواريخ لتتوافق مع الهدف التعليمي للحظة. رغم أنه من المقبول عموماً أن الشاي قد استخدم في البداية علاجاً للصحة لا مشروباً ترفيهيا في وقت الفراغ فإن البحث عن استخداماته الأولي التي يمكن التحقق منها وأصوله الحقيقية هو درب من التحدي علي أفضل تقدير. ويعد ال »بن - تساو - شينج» وهو واحد من أوائل الكتب الصينية وأكثرها أهمية في الصين، والتي ذكر فيها الشاي وينسب إلي