■ فريق متخصص من القيادة الإليكترونية للجيش الأمريكي لصد هجمات روسيا يمكننا القول إنه في عام 2016 انتهت الحرب الباردة بين أمريكاوروسيا وتحولت المواجهة بين القوتين العظميين إلي مرحلة جديدة هي عصر الحروب الإلكترونية، ووقعت فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي يري كثير من المحللين أنه رغم مرور عامين علي هذه الفضيحة إلا أن أمريكا لم تفعل شيئا لحماية نفسها من محاولات اختراق جديدة قد تحدث للتأثير علي الناخبين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي ستجري بعد ثلاثة أشهر. وحذر بعض الساسة وأجهزة الأمن من أن روسيا تستعد لشن هجوم جديد عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيكون أكثر تطورا وأكثر صعوبة في الكشف عنه. في الوقت الذي يعزي فيه الخبراء الدوليون السبب لعدم وجود استراتيجية أمريكية واضحة لمكافحة الحرب الإلكترونية ضدها. وأعلن موقع الفيس بوك في وقت سابق أنه أغلق 32 صفحة مزيفة كانت جزءًا من حملة روسية هدفها التأثير علي الانتخابات النصفية للكونجرس، ورغم التدابير التي اتخذتها شركات التكنولوجيا للحد من تدفق المعلومات الخاطئة والقرصنة، فإنها لم تلق سوي القليل من التوجيه من الحكومة الأمريكية التي تفتقر لوجود قيادة قوية مع تشكيك الرئيس ترامب في بعض الأحيان في استنتاجات وكالة الاستخبارات الأمريكية حول حملات روسيا. علي الجانب الآخر ينفي المسئولون في الادارة الأمريكية أن يكون هناك تقصير أو عدم اهتمام بالقضية مشيرين إلي أنها من أهم اولويات الرئيس ترامب وتجري اجتماعات دورية حول هذا الملف من قبل الاستخبارات ومجلس الأمن القومي. وهدد مايك بينس نائب الرئيس أن بلاده لن تتسامح مع أي تدخل أجنبي في الانتخابات من أي دولة وذكر كلا من روسياوالصين وإيران وكوريا الشمالية. وأنشأ مدير وكالة الأمن القومي فريق عمل مخصصا لصد هجمات روسيا بالتعاون مع القيادة الإلكترونية العسكرية التابعة للجيش الأمريكي استعدادا لانتخابات التجديد النصفي. كما أعلنت وزارة العدل في الشهر الماضي عن سياسة لتوعية الأمريكيين من عمليات القرصنة والتضليل الأجنبية التي تستهدف الولاياتالمتحدة. ولكن هذا التفاوت في تقدير الموقف بين الجانبين يرجع إلي أن الروس يشنون حربا للمعلومات والأمريكيون لازالوا يسمون ما يحدث علي المواقع حرية تعبير. كانت إدارتا أوباما وترامب قد فرضتا عقوبات علي الروس في محاولة لردع حملات التضليل والهجمات الإلكترونية، ولكن يبدو أن تلك الإجراءات لم يكن لها تأثير. كما أن حرب المعلومات الروسية لا تقف عند حدود التدخل والتلاعب بنتائج الانتخابات الأمريكية حيث صرح وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف أن بلاده سيكون لديها معرفة بالخطط العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ضد روسيا. في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين امريكاوروسيا توترا ملحوظا علي خلفية اتهام حملة ترامب بالتواطؤ مع روسيا لضمان نجاح ترامب في انتخابات الرئاسة بالاضافة للخلافات الأخري حول النزاعات الإقليمية في أوروبا والحرب في سوريا، حيث يشترك البلدان في حملات عسكرية. رغم صدور قرار للكونجرس يحظر وجود أي روابط رسمية بين القوات المسلحة الأمريكية والروسية منذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014. وعلي الرغم من الجهود التي بذلها ترامب للتوصل إلي اتفاق من شأنه أن يجعل واشنطنوموسكو تعملان معا لإعادة اللاجئين النازحين بسبب الحرب السورية، الا أنه تم تمديد العمل بهذا القانون. وقال ترامب في قمة هلسنكي إنه يعتقد أن وجود علاقة أفضل مع روسيا سيكون مفيدا لكل من البلدين ولكنه ترك الكرة في ملعب روسيا. وتواجه القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا مشكلة مزمنة فهي مضطرة للدفاع عن نفسها ضد أجهزة التشويش الروسية وهجماتها الإلكترونية التي لا تقل خطورة عن الهجمات التقليدية بالقنابل والمدفعية. وتعتبر أمريكا ساحة المعركة في سوريا فرصة للقوات الأمريكية لتجربة التقنية الروسية في ساحة المعركة ومعرفة كيفية التصدي لها. ووصف العميد بالجيش الأمريكي، برايان سوليفان، ما واجهته قواته أثناء القتال شمال سوريا بأنها »حرب إلكترونية عنيفة» في الفترة التي امتدت من سبتمبر 2017 إلي مايو 2018 ، والتي أضرت بمعدات الاتصالات، وأنظمة الملاحة، وحتي الطائرات. وتستخدم روسياسوريا كقاعدة اختبار للأسلحة الإلكترونية الجديدة، التي طورتها موسكو علي مدار ال15 سنة الماضية ردا علي هيمنة حلف الأطلسي علي الأسلحة التقليدية. كما استخدمت حربها في أوكرانيا لنفس الغرض. وفي يوليو من العام الماضي اعترف موقع »فيسبوك» باستغلاله من قبل حكومات للتلاعب بالرأي العام ونتائج الانتخابات خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية والانتخابات الفرنسية. وقام الموقع بإغلاق نحو 30 ألف حساب في فرنسا قبل الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية وأعلن فيس بوك عن خطط لزيادة الشفافية وتعزيز فرق الأمن ومراجعة المحتوي بينما يقوم تويتر بتعطيل الحسابات المشبوهة في الوقت الذي حظرت فيه كل من الصينوروسيا الفيس بوك باعتباره أحد أسلحة القتال الحديثة.