د. سمير فرج بدأ الرئيس الصيني، شي جين بينج، جولة تاريخية في مستقبل الصين، استهلها بزيارته إلي دولة الإمارات العربية المتحدة، لمدة ثلاثة أيام، توجه بعدها إلي غرب أفريقيا، في أول زيارة له إلي تلك المنطقة منذ توليه رئاسة الصين، حيث زار دولتي السنغال ورواندا، قبل توجهه إلي دولة جنوب أفريقيا، حيث سيشارك في اجتماع القمة العاشرة لمجموعة "بريكس" “BکI»S”، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصينوجنوب أفريقيا، وهوالتجمع الذي يضم الدول ذات الاقتصادات الأسرع نمواً. كما سيتوقف، الرئيس الصيني، خلال رحلته، للقيام بزيارة صداقة لدولة موريشيوس. تعد تلك الجولة الأولي، للرئيس الصيني منذ إعادة انتخابه رئيساً لبلاده، في مارس الماضي، بينما تعد زيارته إلي الإمارات العربية المتحدة هي الأولي من نوعها لرئيس صيني منذ 29 عاماً، حيث تعتبر الإمارات العربية المتحدة هي أول دولة خليجية، تعقد شراكة استراتيجية مع الصين، تبلورت معالمها في توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين في مبادرة الحزام والطريق، فضلاً عن عدد من الاتفاقيات التي وُقعت لتعزيز حجم التبادل التجاري، بين البلدين، والذي من المتوقع له أن يتضاعف ليصل إلي 50 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. مع الاعتماد علي الخبرات الصينية في تطوير قدرات الإنتاج والزراعة والطاقة، في ظل ريادة الصين لأساليب الطاقة النظيفة. أما فيما يخص زيارة الرئيس الصيني إلي أفريقيا، والتي ستكون السنغال محطته الأولي فيها، فمن الجدير بالذكر أن تلك الزيارة هي الأولي لرئيس الصين لها، منذ 9 سنوات، ولقد شهدت تناميا في العلاقات بين الدولتين حتي وصلت إلي شراكة استراتيجية شاملة خلال لقاء الرئيسين في مدينة هاذوشوفي الصين. وتعتبر الصين، حالياً، ثاني أكبر شريك تجاري للسنغال، بعد فرنسا، وأكبر مصدر للتمويل. وقد اختتمت الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقات التي من شأنها تعزيز الثقة السياسية، والاقتصادية والتجارية بين البلدين، بما يضمن تحقيق فرص أفضل للشعبين. وفي كيجالي، عاصمة رواندا، لاقي الرئيس الصيني، استقبالاً رسمياً حافلاً، واحتفاءً شعبياً بزيارته، التي تعد الأولي لرئيس صيني إلي البلاد. ولقد ظلت الصين هي أكبر الشركاء التجاريين إلي رواندا، وقد دعمت وساندت هذه الزيارة زيادة رفع معدلات الاستثمار الصيني في هذا البلد، التي تعمل علي الانتقال من الفقر إلي الرخاء. أما زيارته الثالثة في أفريقيا، فكانت من نصيب دولة جنوب أفريقيا، التي شهدت، العشرين عاماً الماضية، تطوراً كبيراً في العلاقات الثنائية بين الدولتين، تحولت من شراكة تجارية، إلي شراكة استراتيجية شاملة لكافة الجوانب السياسية والاقتصادية، واليوم تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا، كما تعتبر دولة جنوب أفريقيا أكبر شريك تجاري للصين في قارة أفريقيا. وقد شارك الرئيسان في القمة العاشرة لدول "بريكس"، التي تضم دولتيهما، في جوهانسبرج، وهي المرة السادسة، علي التوالي، الذي يحضر الرئيس الصيني هذه الاجتماعات. كما شارك الرئيسان في احتفال رسمي، لإحياء الذكري العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولتيهما. وفي موريشيوس يلتقي الرئيس الصيني مع رئيس وزراء موريشيوس، لبحث العلاقات والتعاون الثنائي، وهي زيارة افتتاحية لبدء العلاقات الجديدة بين الدولتين، خاصة أن موريشيوس هي أول بلد أفريقي يبدأ مفاوضات حرة مع الصين. ولقد عمقت الصين والدول الأفريقية علاقاتها المتبادلة، خلال السنوات الأخيرة، في مختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية، والدعم في مجال التعليم والصحة والزراعة. وعلاوة علي هذه الزيارة من الرئيس الصيني إلي الدول الافريقية الأربع، فإن بكين تستعد، حالياً، لاستضافة منتدي التعاون الصيني الأفريقي، في سبتمبر المقبل، الذي يشارك فيه زعماء الدول الأفريقية، لتعزيز التعاون المتبادل مع الصين. ويتساءل عدد من المحللين، السياسيين والاقتصاديين، عن جدوي التحرك الصيني، الآن، في اتجاه أفريقيا، حيث يؤكد الجميع أنه جاء رداً علي الحرب التجارية، التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية، حالياً، علي العديد من دول العالم، وعلي رأسهم الصين، حيث فرضت الولاياتالمتحدة، في الفترة السابقة، رسوماً جمركية علي واردات الصين بقيمة 34 مليار دولار. كذلك انتشرت المخاوف في الأوساط الاقتصادية في العالم، حينما اعتمدت السياسة التجارية الأمريكية، فيما يتعلق بالتجارة الدولية، بفرضها رسوماً جمركية مشددة علي واردات الصلب والألومنيوم، وعلي مليارات الدولارات من المنتجات الصينية. من هذا المنطلق بدأت الصين تتجه نحوقارة أفريقيا، لتعزيز تواجدها فيها، باعتبارها السوق الواعد الجديد، البعيد إلي حد ما، عن الهيمنة الأمريكية، التي تعتمد علي المنتجات الصينية رخصية الثمن، والتكنولوجيا الصينية البسيطة في التكوين والأداء. ومن هنا تبني الصين علاقات اقتصادية وسياسية جديدة في هذه القارة السمراء، بل وأضافت إليها العلاقات العسكرية، من خلال أول قاعدة عسكرية لها في أفريقيا، والتي أسستها في جيبوتي. ولا شك أن هذا التحرك الصيني، في اتجاه أفريقيا، من شأنه إزعاج الولاياتالمتحدةالأمريكية ... ولذا من المنتظر، في القريب العاجل، أن نشهد تحركاً أمريكياً مضاداً للصين، في دول أفريقيا، التي لا تقع، حالياً، ضمن اهتمامات الولاياتالمتحدةالأمريكية، حتي وإن زعمت عكس ذلك.