ميدو: وجود هذا اللاعب في تشكيل الزمالك «مهم»    «مصادرة الآلة وإلغاء مادة الضبط».. إحالة 12 طالبًا ب«آداب وأعمال الإسكندرية» للتأديب بسبب الغش (صور)    استقرار أسعار الدولار أمام الجنيه المصري في بداية التعاملات    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 19 مايو 2024.. الطماطم ب 5.5 جنيه    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 55 مليار جنيه    مقتل جنديين إسرائيليين في جنوب قطاع غزة    مسيرات حاشدة في باريس لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    القاهرة الإخبارية: مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لبحث عملية رفح الفلسطينية    كوريا الجنوبية تستضيف وفدا أمريكيا لبحث تقاسم تكاليف نشر القوات الأمريكية    الدفاع الروسية تعلن اعتراض 60 طائرة مسيرة في مقاطعة بيلغورود وإقليم كراسنودا    بحضور وزير الأوقاف.. «النواب» يناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في الخطاب الديني اليوم    بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي التونسي    تداول امتحان مادة العلوم للشهادة الإعدادية بالقليوبية    الدفع بمعدات لإزالة آثار حريق اندلع في 10 أكشاك بشبرا الخيمة    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    القناة الدولية الأهم التى تحمل القضية المصرية والعربية: أحمد الطاهرى: «القاهرة الإخبارية» صاحبة الرؤية الموضوعية فى ظل ما أفسده الإعلام العالمى    بالصور.. متحف شرم الشيخ ينظم معرضا للصور وعروض للأطفال    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    «الصحة» توجه عدة نصائح مهمة للمواطنين بشأن الموجة الحارة    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    برنامج واحد من الناس يواجه أحمد ماهر بابنه لأول مرة على قناة الحياة غداً الإثنين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة متكررة
نشر في أخبار الأدب يوم 13 - 03 - 2010

عندما وقفت علي الطريق السريع كان الوقت ضحي وشمس أغسطس تسلط أشعتها الساخنة علينا لتحيل المكان إلي ساحة من اللهب، السيارات تمرق مسرعة، بعد فترة بدت سيارة أجرة »كبوت« كانت تزحف ببطء ، قبل أن تصل بأمتار قليلة رفعت يدي مشيرا للسائق بالتوقف.
- ادفو يا أسطي
- اركب يا أستاذ
تقدمت نحو السيارة وقبل أن أضع قدمي علي السلم الخلفي تحركت، فوجدت نفسي مرغما علي الاندفاع نحو السلم ووضعت قدمي اليمني بصعوبة وفاجأني الصبي الذي يقف علي السلم:
- معلش يا أستاذ مستعجلين، العربة عليها قسط كبير والله وأكل العيش مر.
نظرت إليه ولم انطق، القيت التحية علي الركاب، لم يرد التحية سوي الرجل الأنيق الذي يجلس علي اليمين، المرأة التي تجلس في مقابلتي ملتفة في »التودة« السوداء ولا يظهر منها سوي عينيها التي تنظر بهما يمينا ويسارا، واندهشت من قوة تحملها لهذه التودة المصنوعة من الصوف في هذا الجو شديد الحرارة، الهواء الذي يدخل إلي السيارة عبر النافذة ساخن جدا ويحولها من الداخل إلي فرن مشتعله، رن جرس الهاتف الذي في حقيبة الفتاة المحجبة التي تجلس بجوار المرأة، فتحت الحقيبة وأخرجت الهاتف، نظرت إليها المرأة من تحت »التودة« نظرت الفتاة في الهاتف قبل أن تضغط علي زر الفتح، ثم ضغطت علي الزر وراحت تتحدث ولكن صوتها غير مسموع لنا لان صوت الفنان الشعبي »رشاد« يملأ المكان عبر سماعة مثبتة فوقنا في سقف السيارة، تحدثت قليلا ثم أغلقت الهاتف ووضعته في الحقيبة، دقائق ورن جرس هاتفي، اخرجته من جيب البنطال ونظرت فيه، كان اسم السيدة »عطيات« المسئول الثقافي لنادي الأدب يظهر علي الشاشة، أغلقت الاتصال لاني لا احب التحدث في الهاتف المحمول أثناء ركوب السيارة ولكن ايقنت انها تستعجلني في الحضور للاعداد لندوة سوف تقام في المساء بحضور أدباء من قنا، وتمنيت ألا ترن عليّ مرة أخري.
الرجل الذي يجلس علي شمالي تبدو عليه علامات التعب، ملابسه الرثة تفوح منها رائحة التراب وعمامته متسخة، لم يكن صغيرا في السن ربما تجاوز الأربعين، يبدو أنه قادم من عمله الشاق صاحبه الذي يجلس بجواره لم يكن احسن حالا منه، سأله فجأة:
- هو النهارده إيه في الأيام يا حسين؟
سكت حسين برهة ثم نطق: النهارده الاثنين
سريعا راجعت الأيام في رأسي حتي تأكدت أن اليوم هو الخميس، ورحت اتفحص وجهيهما، قرأت علامات البراءة والصدق عليهما، صدقه الآخر بكل سهولة، دارت رأسي مع صوت السيارة المزعج ولعنت الفقر الذي يقهر الغلابة الي حد فقدانهم الاحساس بالزمن.
الصمت يسود الشفاه وصوت الفنان »رشاد« مازال يكسر حالة الصمت والصبي الذي مازال يقف علي السلم يغني معه وقد لمحت خضرة الدنيا في عينيه.
ضغط الرجل الانيق علي زر الجرس لتتوقف السيارة وأثناء النزول اعطي الصبي الأجرة، وبعد أن تفحصها طلب منه ربع جنيه آخر.
رد عليه الرجل: هي دي الأجرة أنا بركب كل يوم رايح جاي.
ارتفع صوت الصبي محتدا علي الرجل، وعندما سمع السائق زعيق الصبي، فتح باب السيارة ونزل ليستطلع الامر، حينما اقترب من الرجل الانيق ابتسم وراح يسلم عليه بحرارة قائلا:
- أهلا يا أستاذ مسعود، انت كنت استاذي في مدرسة الشراونة الصناعية.
- أهلا بك.
نظر السائق - وكان شابا مهذبا - إلي الصبي وعنفه علي طريقة معاملته السيئة للناس، ثم اعتذر لاستاذه في أدب جم، وراح يركب سيارته ليواصل السير بنا، حينما قفز الصبي علي السلم نطق محتجا: ربنا يتوب علينا من الشغل ده.
كنت اود أن اسأله عن عدم ذهابه الي المدرسة للتعليم ولكن خشيت ان يحرجني أمام الركاب، حينما اقتربنا من الوصول الي موقف المدينة صاح فينا: الاجرة يابهوات وياريت تكون فكة.
اخرجت الاجرة مثل بقية الركاب واعطيتها له وكانت »فكة« كما أمرنا واتجهت الي سيارات داخل المدينة التي تنتشر كالوباء في أرجاء الموقف دون ادني نظام، قفزت في احداها وكانت »ميكروباص« وبعد دقائق قليلة كانت مكتملة العدد، قفز هذه المرة صبي أقل عمرا وأكثر نحافة من صبي السيارة السابقة، اغلق باب السيارة واعطي اشارة للسائق الذي ادار المفتاح ومعه مباشرة كان صوت الفنان الذي يغني أغنية »العنب« يسيطر علي المكان وبدأ الصبي في تحصيل الاجرة يتمايل مع نغمات الاغنية الراقصة.
حينما بدأت السيارة في عبور كوبري ادفو فتحت النافذة التي بجواري لعلي استنشق نسمة باردة من نسمات النيل ولكن حتي هواء النيل صبغته الشمس وجاء محملا بحرارتها الشديدة، فأغلقت النافذة مرة أخري وكان النيل ساكنا، ولم يحطم سكونه سوي السفن السياحية التي تنتشر فيه ذهابا وإيابا من أسوان حتي الاقصر وتقذف فضلاتها في مياهه الطاهرة.
حينما كنا صغارا كانت هوايتنا الوقوف علي الشاطيء عند قريتنا لمشاهدة السياح وهم عرايا فوق أسطح السفن، دقائق قليلة وكنا في ادفو المدينة، نزلت من السيارة ولدي احساس بان حملا ثقيلا يجثم علي صدري، توجهت الي أقرب مقهي لاحتساء كوب شاي ربما يزيل الألم الذي أصاب رأسي، طلبت من النادل كوب شاي وأخرجت أوراقي وقلمي ومع آخر رشفة من كوب الشاب كانت نهاية هذه القصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.