جاء توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وعدد من فصائل المعارضة السورية المسلحة، في الساحل السوري، برعاية المخابرات العامة المصرية، وضمانة من روسيا، ووساطة تيار »الغد» السوري، ليؤكد علي الدور المصري الكبير لحل المعضلة السورية وتهدئة الاوضاع علي الارض تمهيدا لمصالحة شاملة بين مختلف الفصائل السورية تنهي الصراع المستعر في سوريا منذ 7 أعوام. الاتفاق الذي وقعة الفصائل المسلحة في ريف حمص الشمالي وعلي رأسها جيش »التوحيد»، تضمن عدة بنود منها المشاركة في جهود مكافحة الإرهاب، والعمل علي تسوية سياسية للأزمة السورية، وعودة اللاجئين والنازحين لمناطقهم، والإفراج عن المعتقلين، وانشاء قوي لحفظ الأمن والسلام في المنطقة، ليكون بمثابة نواه لانهاء القتال في منطقة الساحل السوري، والذي جاء بعد أيام قلائل من مشاركة مصر في الاجتماع المصغر في بروكسل لدعم الحل السياسي للازمة السورية. ويقول عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن السوري ان تحركات القيادة المصرية جاءت من منطلق خطورة تقسيم سوريا، وان دمشق تقف علي نفس الخط الاستراتيجي لمصر، فأمن سوريا هو أمن مصر. يقول منذر أقبيق، المتحدث باسم تيار »الغد» السوري، انه في الحقيقة ما ابرمته القاهرة هو اتفاقان الأول في منطقة الساحل وهي منطقة يستعر فيها القتال بين قوات الجيش السوري وفصائل المعارضة مما أدي إلي نزوح أعداد كبيرة من السوريين الي شمال سوريا. وأهمية هذا الاتفاق هي وقف اطلاق النار وعودة اللاجئين لبلداتهم بعد ان عانوا من اوضاع انسانية سيئة. والاتفاق الثاني يخص منطقة حمص الشمالية والبلدات المحيطة.. والحقيقة كان هناك تخوف كبير من أبناء هذه البلدات من عودة القوات السورية للانتقام منهم بسبب معارضتهم ولكن اتفاق القاهرة قضي علي هذه المخاوف ، حيث تضمن الاتفاق وجود قوات لحفظ الامن وأن قوام هذه القوات سوف يكون من الفصائل نفسها ومن ابناء البلدات وبالتالي لن يكون هناك اعمال انتقامية لان من يقوم بحماية هؤلاء الأهالي هم ابناء البلدات نفسها وهي نقطة مهمة التفتت اليها القاهرة، ولم تكن موجودة في الاتفاقات السابقة. وعن تأثير هذا الاتفاق عن العملية السياسية في سوريا، قال أقبيق، ان هذا الاتفاق ترك أثرا ايجابيا لدي الجميع وأستطيع ان اقول انه يعد بمثابة نواة لمزيد من العمل ليأتي بعده اتفاقات اخري في مختلف المناطق السورية والوصول الي نتائج مشابهة وبالتالي عودة الاستقرار الي جميع المناطق المتنازعة. وعن خروج الجيش السوري الحر ونفيه توقيع أي اتفاق، قال أقبيق، ان الفصائل التي وقعت علي اتفاق القاهرة هي كل الفصائل الموجودة علي الأرض، وان الجيش السوري الحر وغيره هي جهات تابعة بالكامل للجانب التركي والمخابرات التركية. وبالفعل هذه الجهات كشفت نفسها عندما قالت انها لن تدخل في أي مفاوضات الا برعاية تركية.. وتركيا لا تريد لمصر ان تلعب أي دور سياسي في سوريا، ولكن هذا الكلام يؤكد أنهم لا يريدون إلا مصلحتهم.فمصلحة الشعب السوري هو توقف القتال وعودة الهدوء والاستقرار بغض النظر عن رعاية من. وقال اقبيق ان الدور المصري دور ملحوظ وفاعل في القضية السورية، فالرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه في مجلس الامن وضع محددات السياسة المصرية تجاه سوريا، وهي حقن دماء السوريين واوضاعهم الانسانية وضرورة ايجاد تسوية وحل سياسي يعطي للسوريين حقوقهم ويرضي طموحاتهم طبقا للقرار 2254. وهذه المحددات تعمل القاهرة عليها اليوم وتصب بالفعل في مصلحة الشعب السوري. ومن جانبه قال المحلل السياسي السوري تيسير النجار ، ان اتفاق القاهرة جاء في توقيت مهم للغاية لاطفاء لهيب النار المشتعلة في سوريا والعامل المهم في هذا الاتفاق هو التنفيذ ، لان هناك تخوفات من فشل الاتفاق مثلما حدث مع اتفاقات اخري. والشعب السوري يرغب في ان تلعب مصر دورا أكبر في انهاء الصراع السوري المستمر ، فمصر لها قابلية كبيرة لدي كل الاطراف والفصائل والشعب السوري. وأري ان القاهرة سترعي مزيدا من الاتفاقات في الفترة المقبلة. وأشار إلي أن الشعب السوري لا يريد الفصائل المسلحة لا سيما التي تتخفي وراء ستار الاسلام السياسي، فهم حلفاء قطر وايران، ولقد دخلت إسرائيل علي الخط وان كل ما يحدث الان هو في مصلحة اسرائيل. نحن نريد بناء دولة ديمقراطية وبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون. وأود ان اقول ان الدور التركي لا يختلف كثيرا عن الدور الايراني فهم يدعمون الفصائل المعارضة والمسلحة ولا يضمنون غير مصلحتهم فقط، وتركيا تريد ان يكون لها موطيء قدم في سوريا بدعوي منع اقامة دولة للاكراد في شمال سوريا.. والشعب السوري يدرك جيدا ان تركيا تعمل لمصلحتها فقط ولذلك لا يوجد قبول لها في أي مفاوضات الا من خلال القوي التي تدعمها ماديا وعسكريا. ولا يخفي علي احد ان الاخوان المسلمين يتحكمون في تركيا ويريدون ان يتحكموا في سوريا ايضا وهو ما يرفضه الشعب السوري. ولذلك يجب علي كل الاطراف الدولية الخروج من سوريا كي يتم العمل علي حل مشكلة الجماعات الارهابية المسلحة. وقال بسام الملك، المحلل السياسي السوري، ان اتفاق القاهرة خطوة ايجابية لوقف الدمار في منطقة الساحل السوري، فهذه المنطقة كان يشتد فيها القتال بشكل شرس لانها احدي نقاط المعارضة الساخنة لنظام بشار الاسد. ولا شك ان هذا الاتفاق جاء في وقت مهم، فبعد اجتماع بوتين وترامب في قمة هلسنكي، والتي لم تجمع أيا من الاطراف السورية، رأينا ان الرئيس الروسي بوتين يلقي بالكرة في ملعب ترامب. الكل هنا يلعب لمصلحته، وترك هذا الاجتماع انطباعا سيئا لدي السوريين. ولذلك جاء اجتماع القاهرة ليظهر ان هناك من يخاف علي مصلحة السوريين، واجتماع مصر بالفصائل السورية المختلفة يبين مصداقية مصر في حل الازمة السورية بالجلوس مع أصحاب المشكلة وأصحاب القضية، أما القوي الخارجية فتعمل من اجل نفسها ومصلحتها الاقليمية. ويقول د. شادي أحمد المحلل الاستراتيجي السوري، إن الدولة السورية استطاعت ان تسترد معظم الاراضي السورية التي تم السيطرة عليها من المعارضة والجماعات الارهابية المسلحة، ولم يتبقي سوي عدد قليل من المناطق التي لم يتم السيطرة عليها، ولذلك ستتحول القيادة السورية الي المصالحة السياسية لمنع اراقة المزيد من الدماء من ابناء الشعب السوري.. لا شك ان اتفاق القاهرة يمثل خطوة ايجابية باتجاه تهدئة الاوضاع في سوريا، وهي جهود ومساعي مشكورة من قبل القيادة السياسية المصرية، لكن من اجل انهاء الصراع في سوريا يجب ان يكون الحوار بين كافة الفرقاء السوريين، وهو ما اكدت عليه القيادة السياسية السورية. ولذلك اتوقع بعد هذه الاتفاقات والمصالحات ان يكون هناك نشاطا سياسيا ملحوظا في سوريا لا سيما بعد انتهاء عمليات التحرير التي تتضمن اكمال تحرير الاراضي السورية من الجماعات الارهابية خاصة محافظة إدلب وفي الجنوب اضافة الي بعض الجيوب في ريف حلب وحمص وحماه. ولا شك ان القاهرةودمشق تتفقان علي ان الحل في سوريا هو حل سياسي فقط.. فكان هناك 3 مسارات الاول الحل السياسي والاصلاحات السياسية واتضح ذلك من خلال دستور جديد وقانون الاحزاب ومن خلال قانون التظاهر السلمي.. والمسار الثاني الانفتاح علي المبادرات الدولية بشكل لا يمس السيادة السورية ولذلك وافقت سوريا علي القرار 2254 ووافقت علي مبادرة جنيف وفيينا.. والمسار الثالث هو محاربة المجموعات الارهابية وهو ما يقوم به الجيش السوري مع حلفاؤه. والبعض يعتقد ان القيادة السورية من خلال عملياتها العسكرية تقوم بالحل، وهنا اقول لا، فما يقوم به الجيش السوري واجب وطني لاخراج الجماعات الارهابية، وهذا لا يعني البعد عن المسار السياسي.