الكتاب: حواديت الأمثال العامية المؤلف: محمد عبد المقصود الناشر: هيئة الكتاب جهد كبير بذله الزميل محمد عبد المقصود من أجل أن يقدم قراءة إنسانية وعلمية للأمثال العامية، ففي كتابه الصادر موخراً عن هيئة الكتاب بعنوان »حواديت الأمثال العامية« لم يكتف بسرد الأمثال، إنما تابع الحكايات التي كانت السبب المباشر في إطلاقها، معتمدا علي مصدرين رئيسيين، الأول هو الجمع المباشر من أفواه كبار السن في قريته المعصرة البلد بحلوان، وبعض القري المجاورة له، والثاني الاعتماد علي مجموعة من الكتب والمصادر التي تناولت ذات الموضوع. ينطلق المؤلف من التأكيد علي أن الأمثال المصرية مرآة صادقة تعكس طبيعة هذا الشعب العريق القديم قدم الحضارة والتاريخ، هذا الشعب الساخر الذي يشتهر بخفة الدم، حتي في أحلك الأوقات، كما أنها تعكس بساطة الشعب وفلسفته العميقة ومراحل تطوره وأحواله في مختلف حقبه التاريخية. يشير عبد المقصود للميزة الكبري التي يتميز بها الأدب الشفاهي عامة، والأمثال علي وجه الخصوص، وهي أن قائلها غير معروف إذ» تنبع من كل طبقات الشعب، فقد يقول المثل عجوز في صحن دارها، أو فلاح في حقله، أو عامل حرفي في ورشته، أو المراكبي في عرض النهر، ولهذا نري الأمثال تعبر عن كل فئات وطبقات الشعب، وكل مثل يعبر عن حرفة معينة يفهم مغزاها أصحاب تلك الحرفة». المؤلف يضع أيدينا- أيضا-علي الأدوار المختلفة التي تلعبها الأمثال في حياة الأمم يقول : » تلعب الأمثال دورا اجتماعيا كبيرا في حياة الأمم لأنها تعيش معهم في أيامهم ولياليهم.. وفي تعاملاتهم، ولهذا فهي كما يقول المثل الروسي: « الأمثال عملة الناس«، وليس هذا فقط بل تلعب الأمثال الشعبية دورا أخطر وهو الدور التعليمي والتوجيهي.. ذلك لأنها تحمل خلاصات تجارب السابقين وتضعها أمام الأجيال اللاحقة لتستفيد منها وتسير علي هديها.. بل إنها تحفظ الموروثات الشعبية من جيل إلي جيل. ولعل المؤلف وضع أيدينا علي نقطة تحتاج إلي بحث كبير وعميق من قبل المتخصصين، وهو تناقض الأمثال في بعض الأحيان، وهذا يحتاج إلي دراسة تبين الظروف التي أطلق فيها المثل، والظروف التي أطلق فيها المثل المعاكس، فعلي حد تعبير صاحب الكتاب: » والأمثال مثل الأمم خالدة.. ومثل الأيام متناقضة.. فقد نري مثلا ونقيضه ويرجع ذلك إلي اختلاف الزمن الذي قيل فيه المثل والظروف الاجتماعية والسياسية التي يمر بها الشعب.. فهي بانوراما لحياة الشعب في مختلف العصور والأنظمة السياسية، فما يقال في زمن يعبر عنه بجلاء.. لهذا كان دور المثل مهما في دراسة أحوال الشعب الاجتماعية والسياسية«.