بالصور- انتظام 12 ألف طالب بالمعاهد الأزهرية في الوادي الجديد    صور.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح العام الجامعي ويشارك في "جيم بلياردو" بالأنشطة الطلابية    البطاطس والطماطم ب10 جنيهات.. مبادرة لتخفيض الأسعار في الوادي الجديد    سيارات 7 راكب اقتصادية تصلح لتنقلات طلاب المدارس.. تعرف على الأسعار    بالأرقام.. ماذا حقق خط الرورو بعد 10 أشهر على تشغيله؟- خاص    عضو الصناعات الهندسية: دعم الابتكار وتأهيل العمالة مفتاح المنافسة عالميًا    الفرق بين التوقيت الصيفي والشتوي.. ولماذا تلجأ الدول إلى تغيير الساعة كل عام؟    بريطانيا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    ضباط إسرائيليون: بعض الجنود أبدوا خوفهم من دخول المعركة بمدينة غزة    إطلاق القافلة «زاد العزة» ال41 بحمولة 2500 طن مساعدات إنسانية إلى غزة    ترامب يمنح وسام الحرية الرئاسى لمنافسه السابق فى انتخابات 2016    مدرب بيراميدز يحسم موقف رمضان صبحي من مباراة أهلي جدة    سبب تقديم موعد مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية في الدوري المصري    شبانة: سيد عبد الحفيظ سينوب عن الخطيب في كرة القدم بالمجلس القادم للأهلي    شبانة: إمام عاشور يكتب نهايته مع الأهلي    النيابة تكشف سبب إخلاء سبيل المتهمين الثالث والرابع في سرقة أسورة المتحف المصري    تدخل عاجل لفرق الطوارئ بعد كسر ماسورة غاز رئيسية في بنها    عاجل- تحذيرات من النظر.. كسوف الشمس الأخيرة في 2025 اليوم الأحد (تفاصيل)    ضبط 15 طن دواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى كرداسة    وزير الداخلية يقرر إجراء تحليل مخدرات قبل استخراج رخصة القيادة الخاصة    لماذا أحالت جهات التحقيق رمضان صبحى إلى المحاكمة الجنائية؟    أية سليم بفستان جذاب.. كيف نسقت إطلالتها؟    ما تراه ليس كما يبدو.. حكاية "نور مكسور" تدخل قوائم "إكس" لهذا السبب    من الفن إلى الطهي وخدمة توصيل الركاب.. عبير عادل تتصدر "التريند"    غياب روجينا عن استلام جائزتها في مهرجان دير جيست.. لهذا السبب    بعد دفاعها عن الفلسطينيين.. كندا تمنع فرقة راب إيرلندية من دخول البلاد    موعد صلاة العصر.. ومن دعاء الصالحين بعد ختم الصلاة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد الموافق 21 -9-2025 في سوهاج    ودع الكوليسترول الضار..8 خطوات بسيطة تغير صحتك للأفضل    وزير الصحة السنغافوري يزور معهد ناصر ويشهد خطط تحويله لمدينة النيل الطبية    آخر فرصة للتسجيل في تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات المعادلة وموعد إعلان النتيجة    البورصة المصرية تخسر 11.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    تعديل موعد مباراة الأهلي ضد كهرباء الإسماعيلية من أجل منتخب مصر    جولات ميدانية واستعدادات موسعة بالمنيا لانطلاق المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    مانشستر سيتي ضد أرسنال.. كل ما تريد معرفته موعد والقنوات الناقلة وتاريخ المواجهات    "الغضب يزداد من هلال".. الغندور يفجر مفاجأة حول مدرب الأهلي الجديد    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    ياسمينا العبد تصل إلى الأقصر لتصوير فيلمها كان ياما كان مع نور النبوي    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين للجيش (المستندات المطلوبة)    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    «المؤتمر» يطلق خطة لإدارة حملات مرشحيه في انتخابات مجلس النواب 2025.. وتشكيل غرفة عمليات دائمة    بالصور- محافظ قنا يدشن العام الدراسي الجديد بافتتاح مدرسة الترامسة الإعدادية    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مدينة الدواء «جيبتو فارما» أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن    "أيمن عطية " يشارك طلاب بنها تحية العلم ويؤكد: التعليم أساس التنمية    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    بعد اتفاق ترامب ونظيره الصيني.. من سيتحكم في تطبيق تيك توك؟    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    انطلاق العام الدراسي الجديد بمعاهد مطروح الأزهرية.. و"حب الوطن" رسالة اليوم الأول    موقع عبري: إصابة 8 جنود بانقلاب آلية عسكرية إسرائيلية على مشارف مدينة غزة    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    الحليب كامل الدسم أم خالي الدسم.. أيهما الأفضل لصحة القلب؟    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    نتائج مباريات أمس السبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَن أنت يا سيد ترافن؟ بطل بألف وجه!
نشر في أخبار الأدب يوم 30 - 06 - 2018

برونو ترافن هو الاسم المُتداول لواحد من أكثر أدباء القرن العشرين إغراقًا في الغموض والتخفي. ثمّة من يزعم أنه مولود في 22 فبراير 1882، ويقول آخرون أنه من مواليد 25 فبراير من العام نفسه، وهناك من يؤكّد أنه ولِد في 3 مايو 1890. قال بعض أصدقائه أنه من مواليد الولايات المتحدة، بينما تشير تقارير صحافية أنه من مواليد ألمانيا، مُستندةً إلي كتابة أعماله الأولي باللغة الألمانية. ظلّت هوية ترافن الحقيقية مجهولة لفترة طويلة. فبالنسبة للبعض هو برونو ترافن، الروائي الأمريكي المولود في شيكاغو، وبالنسبة لآخرين هو أوتو فايجِه، الكاتب الألماني الهارب من العدالة لأفكاره الفوضوية الهدّامة، وبعضّ الصحفيين علي اقتناع أنه موريس ريثناو، الابن المارق لمؤسس شركة آي. جي متعددة الجنسيات، بينما يزعم مؤرخون أنه ابن غير شرعي لفيلهلم الثاني، قيصر الرايخ الألماني وأم ألمانية كانت تشتغل بالتمثيل في أمريكا. أبحاث أخري كشفتْ عن اسم رابع له هو: ريت ماروت، الكاتب الفوضوي، الألماني الأصل، الذي فرّ إلي المكسيك سنة 1926، ومات فيها سنة 1969. بذل ترافن جهودًا مُضنية طوال حياته لتجنب أيّ اتصال مع وسائل الإعلام، مما دفع باحثون إلي غربلة الأكاذيب والحقائق المرتبطة بحياته الشخصية وهويّته الحقيقية التي ما تزال حتي اليوم موضع أسئلة وتكهنات. نُشرت كتب عديدة تحاول سبر أغوار حياته، من أهمّها الكتاب الذي نناقشه هنا.

في سنة 2005 أصدر الأكاديمي البريطاني روي باتمان، الأستاذ غير المتفرّغ بجامعة كاليفورنيا كتابًا بعنوان (الرجل الذي لا يعرفه أحد: برونو ترافن ذ حياته وأعماله)، حاول فيه جمع الأخبار والحكايات المتناقضة حول حياة ترافن وهويّته الحقيقية، والتي لم يفلح أحد في كشفها علي نحو حاسمٍ حتي بعد وفاته. في هذا الكتاب قدّم روي باتمان أبحاثًا وافتراضات حول حقيقة ب. ترافن، مُتنقلًا بين الشخصيات المتعدّدة التي تقمّصها الرجل، ومُناقشًا أعماله المكتوبة باللغتين الإنجليزية والألمانية، مع التركيز علي روايتيّ »سفينة الموتي»‬ و»‬كنز السييرا مادارا». نراجع في السطور القادمة أهمّ النقاط الواردة في الكتاب.
بعد نشر أعماله الأولي في منتصف العشرينيات من القرن الماضي ظهرت تكهنات عديدة حول الهويّة الحقيقية لترافن، بسبب تشابه أسلوبه الروائي حدّ التطابق مع أسلوب الناشط الفوضويّ ريت ماروت، أحد المحرّضين علي احتجاجات عمال بافاريا الدموية سنة 1919، والتي سُحِقتْ من قبل القوات الحكومية، ليُعتقلَ ترافن بعدها، ويواجه عقوبة الإعدام بتهمة الخيانة العظمي، لكنه ينفذ بجلده قبل تنفيذ حُكم الإعدام بساعات، ليظهر في لندن بعد هروبه بأيام قليلة.
توجّه ترافن بعدها إلي السفارة الأمريكية في لندن، وقدّمَ طلبًا للحصول علي جواز سفر أمريكي بدل فاقد، لكنه خضع لسلسلة من التحقيقات بسبب مظهره الغريب وتضارب رواياته. الطريف أنّ ماروت/ترافن في أثناء التحقيقات روي قصصًا محبوكةً بمهارة فائقة عن أصله، واختلق العديد من الأسماء المزيفة. ففي البداية حاول إقناع موظفي القنصلية الأمريكية في لندن بقبوله كمواطن أمريكي المولد، مُدعيًا أن سجلات ميلاده قد فُقِدت في زلزال سان فرانسيسكو عام 1906، وحكي تاريخ حياته في شيكاغو بأدقّ التفاصيل. فلما فشل في ذلك، حاول إقناع سلطات دائرة الهجرة البريطانية أنّه مواطن ألماني اسمه أوتو فايجِه، وأعطاهم عنوان عائلته. قام المحقّقون بالتواصل مع عائلة أوتو فايجِه، فاكتشفوا المفاجأة؛ أكّدتْ عائلة فايجِه من خلال صور العائلة وبعض الأوراق الرسمية أنّ لديهم ابنًا يُدعي أوتو، انخرط في سنوات شبابه الأولي في الحركات الفوضوية المتطرّفة في ألمانيا، وظلّ مُلاحَقًا حتي اختفائه. لم تكتف الشرطة البريطانية بذلك، فأرسلت محققًا من سكوتلاند يارد لزيارة والدة فايجِه، للاستفسار إن كان لديها ابنًا يُدعي أوتو. أكدت الأم المعلومة، وأظهرتْ صورة ابنها أوتو، الذي كان شديد الشبه تبترافن، لكنها أنكرتْ معرفة مكانه، خوفًا علي ابنها الهارب.
بعد شهور من التلاعب بالمحقّقين، أخفقت السلطات الأمريكية والبريطانية في الوصول إلي تحديد هويّة ترافن الحقيقية تحديدًا نهائيًا وقاطعًا. فأمام تعدّد حكاياته لم تملك جهات التحقيق سوي إخلاء سبيله، لتقلّه سفينة تجارية إلي المكسيك حيث عاش معظم سنوات حياته، ومارس مهنًا كثيرة، منها عامل في مزارع ، وموزّع كتب، ومترجم، وميكانيكي ومصرفيّ، إلي جانب مواصلة الكتابة وكتابة المقالات حتي وافته المنيّة في السادس والعشرين من مارس سنة 1969.

أورد كتاب روي باتمان تقريرًا استقصائيًا نشرته صحيفة نيويورك تايمز سنة 1990، يضمّ شهادة أرملة برونو ترافن، أماطت فيه اللثام عن شخصية زوجها. كما شمل التقرير شهادات أكاديميين متخصّصين في أدب ترافن وأصدقاء قدامي.
بعد سنوات من الصمت والتشويش المتعمّد علي هوية زوجها، قالت السيدة روسا إلينا لوجان أنها قررت كشف الغموض المحيط بشخصية بترافن. ففي مقابلة أُجريت في منزلها وسط مدينة مكسيكو سيتي حيث عاشت قرابة عقدين مع الكاتب وابنتيها من زواج سابق، اعترفت أنّ زوجها عاش ما يشبه عشر أرواح، واخترع هويات عديدة؛ من بينها برونو ترافن، وريت ماروت، وهال كروفس، وموريس ريثناو، وأوتو فايجه، وترافس تورسفان، ومارتينيز، وترافن روبرت ماروت، وكويتز أولي، وهاينريش أوتو باكري، والعشرات غيرهم. يقول باتمان: "الحقيقة الوحيدة أنّ هؤلاء جميعهم كانوا أبدا لًا لشخص واحد، استقرّ مخترعها علي اسم واحد وهو برونو ترافن».
تواصل أرملة الكاتب حديثها قائلةً: »‬أخبرني ترافن أنه بمجرد وفاته، يمكنني إخبار الناس أنه كان روت ماروت، ولكن ليس قبل وفاته، كان ترافن خائفًا من تسليمه إلي السلطات الألمانية، وكان عليّ الكذب دائماً إنقاذًا لزوجي». وأضافت السيدة لوجان، 74 سنة وقت إجراء المقابلة، أنها لم تكشف في مقابلاتها السابقة عن معرفتها بهوية زوجها حتي بعد وفاته، مشيرةً إلي أنّ خوف ترافن من إعادته إلي ألمانيا نبع من تورطه في السياسة مباشرة بعد الحرب العالمية الأولي كمحرر لمجلة فوضوية تدعي Der )iegelbrenner، وتحريض العمال علي ثورةٍ شبيهة بالثورة البلشفية في روسيا.
تتوالي الحقائق، فيكشف المخرج السينمائي المكسيكي جابرييل فيجويروا، الصديق المقرّب من ترافن واقعة هروب صديقه من مصير الإعدام بقوله: »‬الرواية التي أخبرني بها ترافن عن كيفية هروبه هي أنه كان مكبلاً بالأصفاد، ووُضِعَ علي متن شاحنة تقلّه إلي مكانٍ ناءٍ لتنفيذ حُكم الإعدام بإطلاق النار عليه. لكن الشاحنة لم تغلق بإحكام. ويبدو أنّ السائق كان متواطئًا مع ترافن بشكل أو بآخر. أخبرني ترافن أنّه ركل باب الشاحنة وقفز مع سجين آخر، لكن رفيقه، الذي كان مقيّد اليدين أيضاً، سقط علي رأسه ومات علي الفور. أذكر أنّ لترافن ندبا كبيرة جدًا فوق مِعصمه، مِثل شخصٍ ظلّ مكبلًا لفترة طويلة في الأصفاد».
وفي شهادةٍ أخري قال بروفيسور كارلوس جوثكه، أستاذ الدراسات الجرمانية في جامعة هارفارد، ومؤلّف كتاب: (ترافن: سيرة ذاتية للغزٍ غامض): »‬لا أستبعد ولادة ترافن علي الأراضي الأميريكية، يغلب ظنّي أنّه ابن ممثلة ألمانية عاشت في الولايات المتحدة، وعادت به إلي ألمانيا عندما كان طفلًا. أعتقد أن ترافن وماروت هما شخصٌ واحد».

تواصل أرملة ترافن ذكرياتها عن ترافن بقولها: "كان ترافن يقول لي: أنا أكثر حرية من أي شخص آخر، أنا حر في اختيار والدَيّ، وحرّ في اختيار البلد الذي أعيش فيه، وحرّ في اختيار السِنّ الذي يروق لي. الحقيقة أن ترافن لم يعرف كيف ولا أين ولد، سأفشيكم سرًا: لم يكن لدي ترافن شهادة ميلاد قطّ. والحقيقة أنّ العديد من مؤرّخي الأدب والنقاد، من بينهم روي باتيمان، يشكّكون في شهادة أرملة ترافن، ويعدّون ما قالته بمثابة مواصلة للعبة ترافن المفضّلة التي بدأها في حياته، وأراد لها الاستمرار حتي بعد رحيله؛ لعبة البُدلاء.
كتب ترافن في المكسيك دستة الروايات، وعددًا من القصص القصيرة، أشهرها رواية »‬كنز السييرا مادارا» التي تحوّلت إلي فيلم سينمائي سنة 1948 من بطولة همفري بوجارت، وإخراج جون هيوستون. وبعد التعاقد علي التصوير تواصلت الشركة المُنتجة مع ترافين عبر صندوق بريده المكسيكي، وسألته أن يعمل مستشارًا مدفوع الأجر خلال فترة التصوير. ولحبكِ القصّة رحّب ترافن في البداية، لكن اعتذر بعد يومين عن تلبية طلب الشركة متذرّعًا بوعكة صحيّة مفاجأة، ومقترحًا إرسال صديق مقرّب علي دراية بتفاصيل الرواية اسمه هال كروفس لتقديم الدعم والمشورة في غيابه. حامت الشكوك حول هويّة هال كروفس، الذي بقي لمدة أسبوعين في أثناء تصوير الفيلم، وأبدي ملاحظات لا تخرج إلا من كاتب قصّة الفيلم، وبعد انتهاء التصوير وعرض الفيلم، أكدت صور فوتوغرافية التقِطتْ لكروفس في موقع التصوير أنّه لم يكن سوي ترافن نفسه.
كتب ترافن رواية أخري شهيرة ومهمّة، وهي »‬سفينة الموتي» صدرت باللغة الألمانية سنة 1926، بالإضافة إلي تأليف ستّ روايات متتابعة. طوال حياته في المكسيك أبقي ترافن نفسه علي مسافةٍ من الجميع، مُحتفظًا بدائرة محدودة من الأصدقاء، وأسدل ستائر مُعتمة علي هويّته الحقيقية، محتفظًا بسرّه لنفسه، ومكرّسًا نفسه للكتابة الروائية والقصصية، متنقلًا بين أسماء مختلفة وهويات متعددة حتي وفاته. يري نقاد الأدب أن ترافن كان يسعي وراء حُلْم بالحريّة والمساواة والعدل في عالم طوباويّ في سنوات نضاله السياسي الأولي، فلما يأس من ذلك قرّر الانكفاء علي ذاته، وقطع جميع الخيوط التي تربطه بالماضي.
قبل وفاته بسنتيْن، أي في سنة 1967 وافق ترافن علي إجراء مقابلة صحفية مع صحفيّ شاب، سأله بصراحة: من أنتَ بحق الجحيم؟ فأجاب ترافن: »‬لا ينبغي للكاتب أن تكون له سيرة ذاتية بخلاف أعماله، فحياة الكاتب الشخصية ليست ذا شأن، نحن نكتب لنعرفَ أنفسنا، ولو كنت أعرفُ مَنْ أنا، لما تمكنّت من مواصلة الكتابة، ولا من إنجاز الروايات التي ألفّتها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.