«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة القوية..تصلح ولا تخدع
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 05 - 2018

ما هو الفارق بين الدولة القوية ودولة الخداع؟ الفارق فاصل في حياة الشعوب فالدولة القوية لا تدور وتلف حول مشاكل الأمة تذهب إليها مباشرة لتتعامل معها ثم تحلها. أما دولة الخداع فتستخدم ألاعيب حواة السياسيين لتستمر في حكمها يكن هدفها تسكين الأمة لتمر الأيام ويبقي حكامها علي عروشهم وتكن النهاية كارثة تدفع الأمة وحدها لوحدها أما الحواة فيختفون هاربين تاركين شعوبهم لمصيربائس.
هناك حقيقة ننساها أو يتناسها البعض.. الدولة القوية لاتظهر فجأة بل تبسط نفوذها ويتحقق مشروعها الإصلاحي الطموح علي مراحل فهي دائما ماترث ميراثا ثقيلا من شبه الدولة أوألا دولة وحتي يزول هذا الميراث الثقيل تكن القرارات فارقة لاتعرف التردد.
تتحول الإدارة في الدولة الطامحة للقوة الي طبيب ماهريطبق برنامجا علاجيا مهما بلغت قسوته فغرضه النبيل وعلي المدي القريب والبعيد هو الشفاء التام للأمة من كل أمراضها التي كبلتها وأعيتها علي مدار السنين
يأنف الحواة في دولة الخداع من المشقة والمواجهة يريدون التمتع بحلاوة السلطة علي حساب شعوبهم وتصبح لغة المزايدات وصناعة الحيل هي النمرة الرئيسية التي يقدمها هذا الحاوي المسمي أسفا بالسياسي.
في بلدة صغيرة في تركيا اسمها »‬ملاطيا» وقف فلاح تركي اسمه »‬ماتين» أمام البنك الزراعي ليعلن بفعله وغضبه كشفه لدولة الخداع التركية فسيد الحواة والمخادعين رجب طيب أردوغان خدع هذا الفلاح وملايين من أقرانه وأوهمهم بنهضة زراعية غير مسبوقة قادمة علي يديه ويد حزبه الإخواني »‬العدالة والتنمية» عندما تولي وحزبه السلطة.
مرت السنوات ولم يتلق هذا الفلاح إلا أوراق الدعاية ومعسول الكلام وفي كل يوم يطل عليه الحاوي وعصابته الإخوانية يتراقصون في حلبة السيرك السياسي ليشغلونه عما وعدوه به ويسرقون أصواته الانتخابية.
عندما اكتشف هذا الفلاح التركي البسيط الحقيقة ورأي الحاوي وعصابته الإخوانية عراة من الوعود وأوهام النهضة ذهب للبنك بديونه وبقايا مزروعاته فألقاها أمام البنك وحاول إشعال النار في نفسه أمام العلم التركي المعلق علي جدار البنك.
كل ما فعله الحاوي وعصابته أنهم نظموا انتخابات مبكرة وسريعة قبل أن تنكشف حيل الخداع ويصبح هناك الملايين من هذا الفلاح التركي يرجمون الحاوي وعصابته مطهرين بلدهم من دنس الأفك.
الحقيقة المرة أن الحاوي أردوغان وعصابته الإخوانية جلسوا فوق كراسي السلطة بأصوات الفلاحين البسطاء الذين خدعوهم
تتطابق قصة الحاوي وعصابته الإخوانية التركية مع العصابة الإخوانية التي وصلت في يوم مشئوم الي السلطة في مصر وبنفس الطريقة وهي خداع البسطاء باسم الإسلام والإسلام منهم براء ثم يبدأ بعدها السيرك السياسي وحيل النهضة والخلافة والدجل باسم الدين تنفيذا لأوامر أسيادهم في الخارج.
سمحت الدولة الرخوة أو شبه الدولة لعصابات الفاشيست الإخوان في العقود الماضية بأن يرتعوا في المجتمع دون حسيب أو رقيب فشبه الدولة لاتريد المواجهة والإصلاح وتخليص الموازنة من أعباء الدعم المسحور الذي لايعلم أحد كيف يفك طلاسم سحره فيصل الي مستحقيه
تحول هذا الدعم المسحور الي لعنة أصابت ركائز الدولة وأولها الصحة والتعليم ومن هذه الثغرة نفذ الفاشيست الي المجتمع ليقيموا المجتمع الموازي الذي يقدم وهم خدمات الصحة والتعليم ويدفع البسطاء ثمنها وهم كانوا يربحون أصوات البسطاء المخدوعين ويستثمرون أموالهم الحرام حتي حانت فرصتهم وقفزوا في هذا اليوم المشئوم الي كرسي السلطة بالخداع ولعنة الدعم المسحور.
استمر الخداع وألاعيب النهضة لمدة عام وبمساندة حاوي أسطنبول لكن هذا الشعب الواعي الذكي لا يحتاج الي عشرات السنين حتي يكتشف حقيقة المخادعين وخداعهم، كانت تكفي سنة واحدة بل أقل حتي يختفي الدجالين من علي الساحة وتتطهر الأمة من دنسهم.
في لحظة زوال الخداع تأتي الحقيقة أمامنا فقد صح الآن البصر فاكتشفنا كم كنا مخدوعين طوال سنوات وسنوات بهذا الدعم المسحور الذي يسحر أعيننا فلا نري المصيبة أننا نعيش في شبه دولة لا تعرف خدمات صحية أو جودة تعليمية ناهيك عن الطرق والخدمات الأخري
كان أمام القيادة الحالية التي تحملت المسئولية بعد نهاية حكم الفاشيست طريقين إما الذهاب في طريق الدولة القوية واجتياز الصعاب وخوض طريق الكفاح وفك طلاسم الدعم المسحور حتي تأخذ الأمة مكانتها وتصبح الدولة المصرية دولة حقيقية وليست بالاسم أو العودة الي الاعيب دولة الخداع.
الأمر كان واضحا وجليا فجماهير هذه الأمة خرجت في 30يونيو لتنهي سنوات الخداع والمخادعين ولن تقبل بهذه الألاعيب مرة أخري لقد اختارت في هذا اليوم قبل قيادتها طريق الدولة القوية.
لم يكن الاختيار كلمة وستمضي بل هي طريق طويل تجتازه الأمة وتعبر فوق صعابه دون تردد وتري عيوبها وتصلحها وتغير من حالها ولاتنسي في لحظة الاختيار والتغييرالبسطاء فتقدم لهم مظلة من الحماية الاجتماعية فالدولة القوية قوتها درع للبسطاء يحميهم من العوز والحاجة وليست قوتها سيفا مسلطا علي رقابهم.
فلاح تركي يُعري أردوغان ونهضته
يبدو أن النظام التركي وعلي رأسه رجب طيب أردوغان أعتاد تضليل الرأي العام في تركيا وتفنن في نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق وتوجيه رسائل مغلوطة للمجتمع الدولي، فعلي رأس تلك الأكاذيب جاءت إدعاءات أردوغان وتصريحاته المتكررة في وسائل الإعلام التركية بدعم الدولة الكامل للفلاحين في تركيا، ومنحهم العديد من المميزات، لكن يبدو أن أكذوبة أردوغان لن تستمر طويلا بعد الفيديو الذي انتشر الأسبوع الماضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأحد المزارعين الأتراك بمدينة ملاطيا ويدعي متين تشاليك وهو يسكب البنزين علي جسمه محاولا حرق نفسه أمام بنك الزراعة بعد أن رفض البنك تأجيل استحقاق ديونه المتعثرة حيث طلب المزارع تأجيل السداد إلا أن البنك رفض، ورغم أن المصارحة والمكاشفة والاعتراف بالحقائق هي أفضل الوسائل للوصول إلي حلول جذرية للأزمات التي قد تطرأ علي المجتمعات إلا أن الرئيس التركي طيب أردوغان مازال يصر علي إخفاء الحقيقة وعدم مصارحة شعبه بالأزمات التي يعاني منها الاقتصاد التركي وأثرت علي العمال والفلاحين ولم يقدم لهذه الطبقات أي برامج حماية.
ووفقا لمصادر تركية فإن غالبية المزارعين الأتراك يعانون حاليا من تردي السياسات الزراعية مع زيادة أسعار صرف الدولار واليورو وانخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية منذ شهر مارس 2013 وحتي الآن، وانهيار الزراعة التركية بعد أن كانت تفتخر في إحدي الفترات بأنها إحدي الدول التي تحقق اكتفاء ذاتيًا في مجال الزراعة، ووفقا لخبراء الزراعة الأتراك فإنه مهما أدعي أردوغان بأن الزيادة في أسعار الصرف لن تؤثر علي اقتصاديات الزراعة في تركيا إلا أن الحقائق تؤكد ان هناك بوادر هزات عظيمة قد وقفت في قطاع الفلاحين والذي يشكل مخزن الأصوات الرئيسي في المناطق الريفية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الأخواني.
وعلي رأس الأزمات التي يعاني منها المزارعون في تركيا ارتفاع أسعار الوقود والذي يعد المكون الأعلي سعرا بين النفقات الإنتاجية، فعلي سبيل المثال كان يبلغ سعر الوقود 79 سنتًا نهاية عام 2002 حيث تولي حزب العدالة والتنمية السلطة للمرة الأولي ومع آخر زيادة في الأسعار تم تطبيقها ارتفع سعره إلي 1.38 دولار.. وبينما كان المزارع يستطيع شراء 316 لترًا من الوقودبقيمة 250 دولارا كان يحصل عليها مقابل بيعه طنا واحدًا من القمح بنهاية عام 2002، أصبح الان لا يستطيع أن يشتري سوي 185 لتراً فقط بنفس القيمة والكمية من القمح، فضلا عن الاعتماد علي الواردات في كل المجالات بدءًا من الأسمدة المستخدمة في عملية الإنتاج إلي المبيدات الزراعية وصولًا إلي المعدات، لذلك فإن المزارع التركي يعاني من ارتفاع أسعار جميع أنواع مستلزمات الانتاج مع عدم التمكن من تصدير المزارعين لمنتجاتهم بعد تدهور العلاقات مع الدول المجاورة لتركيا والتي كانت تستورد المحاصيل منها بسبب سياسات أردوغان الخارجية التي اعتمدت علي معاداة الدول الأخري، بالإضافة إلي تراجع فرص الحصول علي قروض طويلة الأمد. ووفقا لمؤشر حجم وكمية الاستيراد الذي تصدره الهيئة العامة التركية للإحصاء فإن واردات المواد الغذائية زادت أكثر من 6 أضعافها منذ عام 2003 حيث تولي حزب العدالة والتنمية السلطة وحتي اليوم وهناك قفزة كبيرة في تلك الواردات خاصة في عامي 2017 و2018 فقد تجاوز المبلغ الإجمالي للواردات مليار دولار شهريًا لأول مرة لتصبح المنتجات الغذائية ضمن أول خمسة منتجات الأكثر استيرادًا في تركيا.
وأشار خبراء الزراعة في تركيا إلي أن المزارعين في عهد اردوغان وسياساته يتعرضون للإذلال وأصبحت تركيا مهددة بالإفلاس الزراعي.
• أحمد ممدوح
إصلاح تأخر ودعم لم يصل لمستحقيه
ماذا لو كان الرئيس أنور السادات نجح في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية قبل أربعين عاما؟ بالتأكيد لن نكون مطالبين اليوم بدفع تلك الفاتورة الطويلة من الازمات التي تراكمت علي الاقتصاد المصري، وكبلت الموازنة العامة للدولة بأعباء الدعم الذي التهم طوال السنوات الماضية أي تحرك في اتجاه تحسين جودة معيشة المواطن المصري، وقطع الطريق أمام تطوير التعليم والصحة حتي وصلنا إلي مفترق طرق، أما الاصلاح الجذري أو الانهيار الاقتصادي تحت ضغط الزيادة السكانية وارتفاع معدل البطالة.
قصة مصر والاصلاح طويلة، فما يجري الآن تأخر بسبب الأيدي المرتعشة، وغياب ثقة الحكومات المتعاقبة في نفسها وفي المواطن المصري، واضعة في حسبانها ما جري في يناير 1977 من أعمال تخريب وخروج علي القانون، انتهت بتراجع الدولة عن الاصلاح والتحايل علي ألم الاقتصاد بمسكنات وقتية لا تعالج المرض.
كانت بداية التزام الحكومة المصرية بتدعيم منتجات الطاقة يعود إلي ثورة 1952 حينما ارتفعت الاسعار عالميا، وقتها كان الاقتصاد المصري يقترب من المعسكر الاشتراكي، وتعامل المواطن مع الدعم علي انه حق مكتسب دائم بينما الموازنة العامة للدولة تئن تحت ضغط الديون التي تفاقمت بعد حرب عام 1967 بسبب الديون العسكرية والازمات الاقتصادية التي صاحبت الحرب.
77.. اليسار يعطل الاصلاح
بعد تحرير الارض وتوجه مصر نحو السلام بدأ التفكير في الاصلاح الاقتصادي والتوجه نحو الاقتصاد الحر كباقي دول العالم، كان من الطبيعي، أن يتم تحرير أسعار منتجات الوقود مع تبني مصر سياسة الانفتاح الاقتصادي، وتحول التوجه عالميا لتحرير أسعار معظم المنتجات، وأن تكون مصر مثلها مثل دول العالم، وفي عام 1977 قرر الرئيس الراحل السادات تحرير أسعار منتجات الطاقة مثل الكيروسين والبوتاجاز والمنتجات الغذائية والسجائر وانتهز اليسار المصري الفرصة لمهاجمة السادات والانتقام منه لتوجهه نحو الغرب وتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل وكانت المحصلة انتشار التخريب في القاهرة والضغط علي الدولة للتراجع عن تلك القرارات وتعطيل قطار الاصلاح منذ ذلك التوقيت.
ما حدث في عام 77 جعل كل المسئولين يخشون من اجراء أي اصلاح اقتصادي واختيار ان تتحمل الدولة المزيد من العجز في الموازنة، علي حساب اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة واستمرار ضغط الدعم علي الموازنة ادي إلي استمرار انخفاض الانفاق علي التعليم والصحة والبحث العلمي كما أن بقاء الدعم نتج عنه تسربه للاغنياء وعدم استفادة الفقراء منه.
محاولة عاطف صدقي
تعرضت حكومة الدكتور عاطف صدقي لازمات كثيرة بسبب الوضع الاقتصادي المأساوي حيث كان الناتج القومي الإجمالي بالسالب ونسبة التضخم وصلت إلي 23٪ وعجز الموازنة زاد عن 21٪ وكان الدين العام الخارجي 120٪ من اجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وكانت إحتياطيات مصر من الواردات تؤمنها لمدة 3 أسابيع فقط وكادت أن تعلن مصر إفلاسها بإخطار الجهات الدائنة لها بأنها غير قادرة علي الوفاء بالتزاماتها، واللجوء إلي صندوق النقد الدولي للحصول علي قروض بهدف سد الفجوة التمويلية للخطط التنموية نظرا لضعف المدخرات المحلية.
نجحت حكومة الدكتور عاطف صدقي في برنامج الإصلاح الاقتصادي، حتي أصبح الناتج المحلي الاجمالي 4٫5٪ وانخفضت نسبة التضخم من 23 إلي 3٪ فقط، وتراجع عجز الموازنة 21 إلي 1٪ فقط وأصبح لدي مصر احتياطات من الواردات تكفيها لمدة 18 شهرا بدل 3 أسابيع، واستقر سعر صرف الدولار عند 3٫40 جنيه، والدين الخارجي توقف عند 28 مليار دولار.
تحسنت الاحوال قليلا في حكومة الدكتور أحمد نظيف بعد جمود دام أثناء حكومتي الجنزوري وعاطف عبيد وشهدت معدلات نمو جيدة، لكن هذه الحكومة تغافلت عن توزيع عادل للثروات، ولم تهتم بتشكيل شبكة حماية اجتماعية، لمراعاة الطبقات الفقيرة، حيث حماية اجتماعية، لمراعاة الطبقات الفقيرة، حيث كانت تقترب نسبة الفقر من 27٪ وهي المرحلة التي انتهت باضطرابات سياسية في 25 يناير 2011.
شجاعة القرار
بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية بدأت تتوالي عمليات الإصلاح وتحديدا في عام 2016، بتحريك أسعار الوقود وتخفيض الدعم إلي أن جاء القرار الأهم، وهو تحريك سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وتحرير أسعار الفائدة، ما اعتبره قرارا تاريخيا، مشيرا إلي أن الحكومات السابقة كانت تدافع عن الجنيه المصري علي حساب الاحتياطي مما فتح بوابة الاستيراد الخارجي علي مصراعيها علي حساب المنتج والعامل المصري إلي أن قام الرئيس السيسي بإجراء تلك العملية الجراحية سعيا وراء وقف نزيف الدعم المتسرب للاغنياء علي حساب الفقراء.
تحرير سعر صرف الجنيه، نجح في القضاء علي السوق السوداء وانهاء وجود سعرين للعملة لمحلية، أحدهما 8٫90 جنيه بالسوق الرسمي، وآخر بالسوداء تجاوز ال 18 جنيها.
فالخلل الحاصل في المنظومة الاقتصادية، أنذر بتوقف في الاستثمارات المحلية بنسب مخيفة وتراجع في معدلات الاستثمارات الاجنبية وتراجع معدلات الثقة في السوق المصرية.
وهنا تدخل البنك المركزي والحكومة، لاتخاذ قرارات صعبة لأول مرة ليضع الاقتصاد المصري علي الطريق السليم.
• محمود بسيونيالدعم المسحور
بالأرقام.. »‬المال السايب» يعود لأصحابه
خلال المناقشات التي دارت لسنوات طويلة تحت قبة البرلمان كانت الشكوي المستمرة والجملة المكررة من الحكومة والنواب »‬أن الدعم لا يذهب لمستحقيه ويتساوي في الحصول عليه الأغنياء والفقراء».. ومنذ سنوات قليلة اتخذت الدولة إجراءات إصلاح جادة من خلال تحويل جانب من الدعم من عيني إلي نقدي وتوجيهه مباشرة لمستحقيه من محدودي الدخل، وتكشف أرقام الموازنة الجديدة المبالغ المالية التي تم تخصيصها للإنفاق علي برامج الحماية الاجتماعية لمستحقي الدعم.
أكد ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أنه علي الرغم من خفض الدعم الموجه للمواد البترولية والكهرباء في الموازنة الجديدة.. إلا أنه لم يتم خفض المبلغ الإجمالي المخصص للدعم في الموازنة الجديدة للدولة عن المبلغ الذي تم تخصيصه في الموازنة الحالية ويبلغ 332 مليار جنيه، علي أن يتم توجيه المبالغ الناتجة عن خفض دعم الكهرباء والبترول بقيمة 35 مليار جنيه لدعم الطبقات الأولي بالحماية من مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة، وأوضح »‬عمر» أنه تم خفض الدعم الموجه للبترول من 110 مليارات جنيه بالموازنة الحالية إلي 89 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، والكهرباء من 30 مليار جنيه في الموازنة الحالية إلي 16 مليار جنيه في الجديدة، مضيفا أنه تم أيضا بالموازنة الجديدة تنقية الجداول من غير المستحقين للدعم فتم خفض المستفيدين من دعم الخبز من 81 مليون مواطن إلي 78 مليون مواطن، كما انخفض دعم السلع التموينية إلي 68 مليون مواطن بالموازنة الجديدة بعدما كان يتخطي 70 مليون مواطن، وتم الإبقاء علي دعم رغيف الخبز 5 قروش كما هو.
وشدد د. حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان علي أن الدولة استمرت لأكثر من 30 عاما تردد مقولة أن الدعم لا يذهب لمستحقيه، وأن الدعم العيني به تسريب وفساد، وهو ما دفع الدولة مؤخرا لبدء إجراءات ترشيد الدعم وتحدد الفئات المستحقة، وتوجيه جزء من الدعم في صورة دعم نقدي للمستحقين مثل أصحاب معاشات الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة، وهي اتجاهات جديدة وتحظي بتأييد من جميع المؤسسات المالية العالمية، كما أن ذلك التوجه يؤدي لتقليص أضرار الدعم المطلق الذي يستفيد منه الغني والفقير.
وأوضح »‬د.عيسي» أنه منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي يتم رفع جزء من الدعم خاصة علي المواد البترولية، والكهرباء، وتوجيه تلك الفوائض لدعم الفئات المحتاجة بدليل أن المبلغ المخصص للدعم لم يقل في الموازنة الجديدة عما تم تخصيصه بالموازنة الحالية بقيمة 332 مليار جنيه، وتم زيادة الدعم المخصص للسلع التموينية، والخبز، وأضاف أن الدعم الذي يوجه للجميع وينتج عنه سوء استخدام مثل دعم الطاقة من كهرباء ومواد بترولية هو ما تحاول الدولة ترشيد استخدامه قدر الإمكان بما لا يمس الطبقات محدودة الدخل، موضحا أنه مع انخفاض الدعم عن الكهرباء يسعي البرلمان والحكومة إلي عدم تضرر أول شريحتين من مستخدمي الكهرباء، وقامت لجنة الخطة والموازنة بالحديث مع وزير الكهرباء في هذا الصدد، وتم تشكيل لجنة تضم وكيلي لجنة الخطة ياسر عمر، ومصطفي سالم، وأمين السر عصام الفقي، للاجتماع مع وزارة الكهرباء لتحديد الفئات والشرائح ذات الاستهلاك المرتفع التي سيتم رفع الدعم عنها، دون المساس بالشرائح ذات الاستهلاك المنخفض بهدف تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية بتقليل نسبة الخفض في الدعم العام الذي يستفيد منه الجميع واستمرت الشكوي منه لسنوات طويلة.. مشيرا إلي أن الدولة تقوم بزيادة برامج الحماية الاجتماعية للفئات محدودة الدخل، ففي موازنة العام الماضي كانت حزمة الحماية الاجتماعية بمبلغ 83 مليار جنيه، وفي الموازنة الجديدة توجد حزمة جديدة للحماية الاجتماعية ستعلن خلال الفترة المقبلة.
وشرح »‬د. عيسي» أن خفض الدعم عن الطاقة يمنح نوعا من الحرية في تمويل احتياجات التعليم والصحة، وإن كان ملف الصحة بدأت أزمة تمويله في الانفراج بعد صدور قانون التأمين الصحي الشامل، والذي يطبق بالاشتراكات ويتم تمويله من الرسوم علي السجائر والطرق وغيرها من موارد التمويل المنصوص عليها بالقانون، وسيكون هناك إيرادات ضخمة يتم ضخها في قطاع الصحة خلال الفترة المقبلة بالتدريج، وبعد تطبيق القانون ستنتهي مشاكل تمويل الصحة خلال 10 سنوات.
وأشار رئيس لجنة الخطة أن المشكلة تظل في التعليم سواء قبل الجامعي أو الجامعي، خاصة مع استراتيجية التعليم الجديدة التي طرحها د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم، مؤكدا علي أن الحكومة والبرلمان يدعمان منظومة التعليم في إطار عدم زيادة عجز الموازنة، خاصة وأن مدير إدارة الموازنة بوزارة المالية قال أمام اللجنة إن الوزارة لو استجابت لمطالب وتقديرات الوزارات المالية سيرتفع عجز الموازنة إلي 21% من الناتج المحلي الإجمإلي وهي نسبة مخيفة وتؤدي لتراجع كل خطوات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها مصر وأدت لخفض عجز الموازنة إلي 8٬4 % .
• محمد سعيد
من ثغرة تراجع مستوي الصحة والتعليم
الجماعة الإرهابية اصطادت المجتمع بشبكة الشر
الخرباوي: الإخوان أنشأوا وزارتي صحة وأوقاف
سعيد صادق: الإهارب سعي لخلق رأس مال سياسي
في عام 1978، وبسبب ضعف الخدمة التعليمية التي تقدمها الدولة للمواطنين في مدينة أسيوط، قام تنظيم الإخوان بتأسيس »‬الجمعية الإسلامية للدعوة وتنمية المجتمع بأسيوط» لتكون مظلة إنشاء عدد من المدارس الإخوانية بالمحافظة، وهو ما تكرر في محافظات أخري منها بني سويف والغربية والإسكندرية، ولم يقتصر الأمر فقط علي المدارس، فتم إنشاء عدد من المستشفيات تحت غطاء »‬الجمعية الطبية الإسلامية».
علي مدار سنوات طويلة خططت الجماعة الإرهابية لإنشاء مجتمع موازي داخل الدولة، بهدف خلق رأس مال سياسي يمكنها من تجنيد واستمالة تعاطف المواطنين بالإضافة إلي جمع الأموال والتبرعات لتمويل التنظيم وأفراده، واستغل التنظيم الإرهابي تراجع دور الدولة في دعم بعض المجالات مثل الصحة والتعليم والمواصلات لصالح مجالات أخري كالطاقة، وقامت ببناء شبكة خدمات موازية من المدارس والمستشفيات الخاصة وشركات نقل ومواصلات لتكون بديلا عن الخدمة المتردية التي تقدمها الحكومة، فاستطاعت الجماعة بذلك أن تستعطف قلوب البعض وتجندهم بسبب ظهورها في صورة »‬الملاك»، ولكن الحقيقة أنها كانت تجمع التبرعات باسم الأعمال الخيرية لهذه المؤسسات وفي الوقت ذاته تجعل المواطن يدفع مقابل الخدمة، فجمعت بذلك أموالا كثيرة لصالح التنظيم والأعمال الإرهابية، وانتشرت شبكة الخدمات الإخوانية في مصر، فكان ضمن ما تم التحفظ عليه من قبل لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان منذ عام 2013، نحو 116 مدرسة و59 مستشفي.
»‬الأمر لم يتم خلال ساعات أو أيام، وإنما خطط له الإخوان منذ سنوات»..
بهذه الكلمات أكد ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، أن إحدي أهم الخطط الرئيسية للتنظيم الإرهابي هي إقامة دولة موازية، مشيرا إلي أنه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك تركت الحكومة للإخوان المجال للقيام بأدوار كان ينبغي أن تقوم الدولة بها، فأصبح هناك كثير من المستشفيات التابعة للجمعية الطبية الإسلامية، وكأنها وزارة صحة إخوانية موازية داخل الدولة المصرية، وصارت هذه المستشفيات تقوم بدور بديل لمستشفيات التأمين الصحي، كما انتشرت المدارس الإخوانية التي تنافس المدارس الخاصة والتجريبية، الأمر الذي صنع نفوذا كبيراً للجماعة لدي كثير من المواطنيين واستطاعت من خلاله أن تحصل علي قاعدة بيانات كبيرة عن المواطنين، وتمكنت من نشر أفكارها عبر مدارسها ومن خلال منابر المساجد التي سيطرت عليها، فكانت هناك وزارة أوقاف أخري خاصة بالإخوان تسيطر علي عدد كبير من المساجد من خلال دعاة الإخوان.
وأضاف الخرباوي أن تواجد الإخوان مازال قائما ومتواجدا رغم التحفظ علي المستشفيات والمدارس والقضاء علي الجماعة سياسيا وجماهيريا، لافتا إلي أن هذا التواجد يتمثل في العناصر المنخرطة داخل المجتمع من خلال الجمعيات الخيرية.
مازال الإخوان يلعبون علي عاطفة المواطن ويحاولون سرقته من كافة الجوانب، حتي أنهم يسرقون بعضهم البعض باسم التبرعات والأعمال الخيرية، فمؤخرا، نصبت قيادات إخوانية هاربة في اسطنبول فخا عن طريق جامعة مملوكة للتنظيم، تبين أنها وهمية وغير معتمدة من أي جهات رسمية، وجمع هؤلاء القيادات باسم هذه الجامعة التي تحمل اسم »‬الجامعة العالمية للتجديد» تبرعات بالملايين. لم ينظر الإخوان يوما لمصلحة الوطن أو المواطن، لذا قال محمد حبيب، القيادي المنشق عن تنظيم الاخوان ونائب المرشد الأسبق، إن المرحلة الحالية تمثل تحديا كبيرة للدولة من أجل توفير الأمن والأمان والخدمات للمواطنين، والقضاء علي الجماعة الإرهابية اجتماعيا، كما تم سياسيا، مشيرا إلي أنه كان مسئولا داخل الإخوان في ثمانينيات القرن الماضي عن المدارس التي أنشأتها الجمعية الإسلامية للدعوة وتنمية المجتمع في أسيوط عام 1978، والتي كانت تُستغل في استمالة تعاطف المواطنين وإقامة مجتمع مواز، وهو النموذج الذي تكرر في العديد من المحافظات بدءا من بني سويف عام 1976 وأسيوط 1978 ثم الغربية والاسكندرية. عدم التوزيع العادل للدعم، والخسائر الباهظة التي كلفت الدولة الملايين بل المليارات بسبب الفساد والإهمال، يستوجب إعادة نظر وترتيبا للأولويات لقطع الطريق أمام المغرضين والمحرضين، حيث أشار د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إلي أن تدهور الخدمات العامة جعل الإخوان والسلفيين يعملون في المجالات الخدمية بهدف خلق رأس مال سياسي يدعمهم، مؤكدا أنه حتي الآن لم تنفذ الدولة استراتيجية قومية شاملة -عبر كل الأجهزة والجهات المعنية- لمكافحة التطرف، حيث كان لابد من عمل استراتيجية تحدد لكل قطاع في الدولة وظائف محددة ومكتوبة يسير عليها في محاربة الإرهاب، بأن تقول هذه الاستراتيجية ما الدور الذي يقوم به التعليم والإعلام وما الدور الذي تقوم به أجهزة الأمن والمؤسسات الخدمية. وتابع صادق: أن مكافحة المجتمع الموازي لا يكون إلا باستراتيجية واضحة وحازمة، ويحتاج إلي مكافحة الفكر بالفكر، إلي جانب توفير خدمات فعلية وجيدة للمواطن تغنيه عن التي يقدمها المجتمع الموازي، لأن الإنسان بطبعه يميل إلي من يساعده، لذلك سعي التنظيم الإرهابي منذ البداية إلي خلق رأس مال سياسي من خلال الخدمات الاجتماعية التي يقدمها، مشيرا إلي أنه رغم جهود الدولة في إضعاف ومصادرة أموال ومؤسسات الإخوان إلا أنه مازالت هناك أشياء كثيرة خفية لن يواجهها إلا العمل من الحكومة والاستراتيجية الشاملة.
• محمد جمعة
التوك توك غول يلتهم 6 مليارات جنيه من دعم الوقود
أمام أحد أسواق منطقة السيدة زينب الشعبية تصطف مجموعات كبيرة من »‬التكاتك»، وسائقون من مختلف الاعمار يتصارعون لاقتناص الزبائن الخارجين من السوق، يقول حازم أحمد »‬سائق توك توك» متزوج ولديه ابن أنه قرر ترك عمله بأحد الشركات وشراء توك توك ليعمل عليه، وماشجعه علي اتخاذ هذا القرار هو انخفاض ثمن شرائه »‬27 ألف جنيه» مقارنة بما يدره عليه من دخل يومي ثابت وهو ضعف ما كان يتحصل عليه بعمله السابق، ويضيف حازم »‬يومية التوك توك» 300 جنيه بالاضافة إلي أن تعبئة الوقود لا تكلفني شيئا فاحتاج إلي 40 جنيه فقط في اليوم للتعبئة، لكن عندما ترفض محطة الوقود دخولي بالتوك توك نظرا لعدم وجود ارقام عليه اتجه إلي محطات الوقود العشوائية الموجودة بالحواري مقابل 50 جنيها».
»‬واصبح أن تكون سائق توك توك خير لك من أن تكون عامل» لما لقيادة التوك توك من مميزات تجذب الكثيرين ليصبحوا سائقي توك توك، وأهمها ان يومية سائق التوك توك ثابته وأحيانا تتعدي ال 300 جنيه أي ضعف يومية العامل، كما أنهم لا يلتزمون بأي قواعد أو مواعيد في عملهم فهم يفعلون ما يحلو لهم وقتما يشاؤون، كما يحصلون علي بنزين مدعم ولا يدفعون في المقابل أي ضرائب للدولة.
وعلي الرغم من عدم وجود أي إحصاءات رسمية لحصر أعداد التوك توك في مصر.. إلا أن دراسات المنظمات المدنية تشير الي تجاوز اعدادهم 3 ملايين توك توك من أصل 9 ملايين مركبة بنسبة 35%، وتؤكد نفس الدراسات أن استهلاكهم من »‬بنزين 80» يبلغ مليار و825 مليون لتر سنويا، بواقع 5 ملايين لتر في اليوم، و بحسبة بسيطة استنادا لتلك الأرقام يتضح ان دعم البنزين الذي يحصل عليه سائقو التوك توك (6 مليارات و 660 مليون جنيه) وهو ناتج ضرب كمية الوقود المستخدم في السنة (مليار و 825 مليون لتر) في سعر الوقود المدعم (3.65 جنيه)، اما في حال رفع الدعم من البنزين سنجد أن استهلاكهم من البنزين يبلغ (10 مليارات و 400 مليون جنيه)، وهو ناتج ضرب كمية الوقود المستخدم سنويا (مليار و 825 مليون لتر) في سعر الوقود غير المدعم (5.7 جنيه)، مما يعني أن هناك حوالي 4 مليارات جنيه تضيع علي الدولة في صورة دعم لهم علي الوقود لا يستحقوه..
»‬أنا متخرج من كلية التجارة ووجدت التوك توك أفضل من أي عمل. بهذه الكلمات بدأ عمر سيد يروي حكايته وكم أن عمله كسائق توك توك ساهم في مساعدة. والدته في مصاريف المنزل بعد أن توفي والده حيث يكسب يوميا 400 جنيه بخلاف ما يدفعه لصاحب التوك توك من إيجار، وأضاف أن أكثر ما يتمناه هو أن يكون هناك تقنين لأوضاع التكاتك.
ويؤكد النائب محمد عبدالله زين، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، أن المشروعات العشوائية »‬كالتوك توك» أصبحت منتشرة بشكل غير طبيعي مؤخرا خاصة في المدن، وقرار منع استيرادها أو قطع غيارها سيساهم في وضع حد لهذه الظاهرة، لكن من لديه توك توك يعمل عليه، لابد من تقنين أوضاعه، ففي حال قيام الدولة بتقنين وجود التوك توك ستستفيد من ذلك لما سيدره من دخل كبير للخزانة العامة، حيث سيكون له »‬أرقام ورخص» ويدفع ضرائب مثلما تدفع باقي وسائل المواصلات المرخصة، وأضاف أن اصدار الكروت الذكية للتوك توك عملية مهمة جدا، هناك ضرورة لتفعيلها علي أرض الواقع في ان يحصل علي الوقود المدعم من يستحقه فقط وهو من يقوم بدفع ضرائب للدولة.
أكدت د. يمن الحماقي استاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن سبب انتشار التوك توك يرجع إلي احتياج بعض الأمكان العشوائية له والتي لا تتوافر فيها وسائل المواصلات الخاصة بالدولة، لافتة إلي أن مشروع التوك توك من أسهل المشروعات الصغيرة التي يقدم عليها الشباب بسبب انخفاض ثمن شرائه مقارنة بعائده المادي، وأكدت أن قرار إلغاء الدعم تدريجيا من البنزين كان الأمثل في ذلك الوقت حيث ان سائقي التوك توك لا يدفعون أي ضرائب بالتالي يستحقون الدعم المقدم من الدولة، وشددت علي ضرورة وجود إدارة مختصة للتوك توك وذلك بسبب كثرة أعدادهم، وأضافت ان قرار الرئيس باعفائهم من الضرائب لمدة 5 سنوات سيشجعهم للدخول تحت مظلة الاقتصاد الرسمي.
ويقول د. عماد نبيل خبير النقل والمرور، أن التوك توك وسيلة غير آمنة للسير في الشوارع والمناطق التي يوجد بها ازدحام مروري أو سكاني، وهنا تكمن المشكلة، حيث يضطر الكثير ممن يعملون سائقين للتوك توك الخروج علي قواعد المرور، وهو الأمر الذي يجعل تفعيل القانون وتطبيقه أمرا ضروريا، وانتشاره يمثل خطرا علي الأمن القومي فنجد ان أغلبية القضايا يكون التوك توك متورطا فيها بشكل أو بآخر لذلك القيام بوضع تشريعات لتقنين أوضاعهم سيحد من الفوضي المتواجدة الآن والمتمثلة في وجود الكثير من التكاتك بلا أرقام مرورية أو رخصة، ما يجعل هناك سهولة في معرفة شخصية صاحب التوك توك إذا ما وقعت حادثة أو جريمة.
• نهي الهواري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.