"ما فيكن تحبسو الطير بقفص من حديد، وسع السما الغيم سهولو وياخدها لبعيد، أنا بدى طير ما حدا بيلغى جناحاتى، ما حدا بيقدر يمحينى القوى اللى فيى رح تحمينى".. مثلت هذه الكلمات أولى خطوات مشوار الألف ميل لنجمة بزغت فى سماء الطرب العربى باكرًا، مهدت لها الطريق لقلوب الملايين، تخطى إشعاعها حدود الشرق الأوسط امتدادًا لعمق القارة الأوروبية وصولًا للعالمية، كلمات جسدت كل معانى الإرادة والتحدى والأمل فى غدٍ أفضل، لم تكن تدرى حين غنتها أنها ستحلق بها فعلًا لسماء النجومية، وترفرف بصوتها الساحر نحو حلمها، تلك القوة المختزنة فى أحبالها الصوتية، وتلك التعاويذ المترامية وسط سحر إحساسها الخاطف لمسامع كل من يجرب ولو مرة سماع إحدى أغانيها، ليقع فورًا فى غرامها، ويصبح عضوًا مخلصًا فى نادى "مدمنيها" ولا يفكر فى "التعافى". بضع كلمات فى أغنية لم تتجاوز الدقائق الأربع من عمرها كانت بمثابة بشرة الخير في بداية رحلة مطربة لبنانية الأصل، تخرجت من مدرسة الرحبانية، وحملت على عاتقها مسئولية حمل لواء أسطورة الفن العربي فيروز، أغنية اعتبرت أيقونة المرأة العربية لما تحملها من معاني إثبات الذات، والتحرر من سجون الفكر العقيم، سبع سنوات مرت على ظهورها للنور وسط زحام أغاني أولى تجاربها في عالم الغناء المسرحي ضمن ألبوم "دون كيشوت"، ورغم مرور تلك المدة مازالت أكثر أغانيها طلبًا في الحفلات، وقررت إعادة إطلاقها مؤخرًا بشكل فيديو كليب مصور بالتزامن مع احتفالية اليوم العالمي للمرأة، وكانت أولى اختياراتها لتكون "أول طلة" لها أمام جمهورها المصري، إن خطف قلوبهم فى أولى حفلاتها الغنائية في القاهرة على مسرح تاج سيتي. "أم الدنيا" "مبسوطة جدًا بوجودي معاكو، بحبكم".. استهلت بهذه الجملة انطلاقتها في رحلة خطف مسامع عشاقها المصريين في ملكوت أغانيها على مدار ساعة ونصف من عمر الحفل، الذي وصفته ب"المنتظر"، بعد طول اشتياق. زيارة "جاءت متأخرة" على حد وصف معجبيها، ولكنها "أتت في الوقت المناسب" على حد وصفها هي، تقول: "حاولت آجي من زمان وكنت منتظرة الفرصة المناسبة، ومكنش ينفع آجي وإيدي فاضية"، وبالفعل فاجئت الجميع بإطلاق أولى أغنياتها باللهجة المصرية "سلم على مصر" قبل أيام من موعد الحفل، واعتبرتها بمثابة "هدية للأهل والأحباب، مينفعش أزور حد عزيز بدون هدية"، ومثلت أولى تجاربها في غزو السوق المصري، ووضعت بها مسك الختام على الحفل الضخم، ظهرت خلاله بحلة "أوركسترالية" مع رفيق دربها ومكتشفها الموسيقار الكبير أسامة الرحباني. "رفيق الدرب" وبالعودة للبدايات، وصفت هبة دخولها عالم الرحبانية بالصدفة المقصودة، فمنذ 11 سنة بالتمام بدأ التعاون الناجح بين الديو الأكثر شهرة عربيًا، بتعرف طوجي عليه عبر صديقة مشتركة، تقول "أنا من أشد المعجبين بيه وبموسيقاه وعرضت على صديقتي تقديم أوديشن أمامه واشتغلنا بعدها مع بعض لسنة بشكل مكثف حتى رشحني لبطولة مسرحية عودة الفينيق"، ومن وقتها وبمرور أكثر من عقد استمر نجاح الديو المثير على مستوى العالم العربي، بتقديم أكثر من 200 أغنية، وأربعة مسرحيات غنائية وقرابة خمسة ألبومات، بداية من ألبوم «لا بداية ولا نهاية» وألبوم مسرحية «دون كيشوت» وحتى ألبوم «يا حبيبي»، وصولًا إلى إطلاقهما معًا أطول ألبوم غنائي في العالم العربي، «هبة طوجي 30» مع بدايات العام الماضي، ضم ثلاثين أغنية، في مغامرة تقديم وجبة سماعية دسمة لجمهورها بالتزامن مع دخولها انطلاقة العقد الثالث من عمرها، وفي نفس العام "عيدت" مع محبيها بألبوم «هللويا» بمناسبة أعياد الكريسماس. سنوات طويلة وأعمال كثيرة صالت وجالت معه العالم، وارتوت من كأس النجومية ومازالت متعطشة للمزيد، تصف الرحباني ب"سبب النجاح" وأكثر شخص تحب العمل والاستمرار معه لسنوات أخرى تقول: "أنا مع اسامة بقدر أحقق كتير من أحلامي، بيننا تفاهم وتلاقى فكري وفني وعندي اكتفاء بشغلي معه". "الألبوم يكسب" تعد طوجي من أكثر المطربات إطلاقًا للأعمال الغنائية، وأكثرهم إصرارًا على اتباع فكرة الألبوم المتكامل، في وقت نزوح غالبية الفنانين إلى الاتكال على نجاح السنجل، فمن وجهة نظرها "بقدم بروجكت متكامل مش مجرد أغنية عابرة، وأنا وأسامة دايما بنغامر وما بنشتغل بطريقة تقليدية، بنفكر في مشاريع على مدى طويل، وليس نجاح مؤقت"، واصفة كل ألبوم بتجربة متكاملة ومشروع دسم متنوع فى أغانيه، فتارة تجدها عاطفية ورمانسية في أغلبها وتارة أخرىتسلك درب الثورية، وتارة أخرى تعتمد على استايل البوب والمودرن، فالتنوع فى المحتوى يسبب الاستمرارية والنجاح، وتصر دومًا على تقديم جرعة مكثفة لجمهورها من الأغاني في كل ألبوم كل فترة. "خطفة المملكة" انتعاشة فنية عاشتها طوجي إبان العام المنصرم بألبومين وعشرات الحفلات حول العالم، وضعت خلالها مسك الختام بحمل لقب أول مطربة عربية تقدم حفلًا غنائية داخل الأراضي السعودية بعد الانفتاح الفكري، وصفته هبة ب"إنجاز كبير ليا وإنجاز للمرأة العربية، وتأكيد على فكرة إن الفن رسالة وممكن يتغلب على المعوقات الفكرية، وهتفضل أجواء الحفلة وتفاعل النساء السعوديات مع أغنيتي "مين اللي بيختار" محفورة براسي، خاصة إنهم اعتبروها كنشيد يمثلهم ويمثل الحرية وقوة المرأة السعودية والعربية". "هوس التمثيل" جمعت هبة طوجي بين احترافية الغناء باللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية مع غوصها في بحر التمثيل، ووصلت لقمة النجاح في المجال من أوسع أبوابه، باختيارها مؤخرًا لدور البطولة فى المسرحية الغنائية الفرنسية الأشهر عالميًا "أحدب نوتردام" بعد ترشحيها عقب مشاركتها اللافتة في برنامج "ذا فويس فرنسا"، وقدمت عشرات العروض على مستوى العالم، آخرها غزوها دهاليز أوروبا مرورًا بتركيا وصولًا لاعتلاء منصة الكرملين في روسيا، ورغم عشقها الأول للمسرح فهي تنوي دخول عالم التمثيل من منصات الدراما والسينما، ولكنها لم تجد بعد العرض المناسب، تقول: "نوتردام حققتلي انتشار عالمي، واتمنى دخول عالم السينما قريبًا ولكن ناطرة الدور المناسب". "مدرسة الرحبانية" "خليفة فيروز" وصف أطلقه جمهور هبة طوجي عليها منذ بدايات رحلتها الفنية وتطورها الملحوظ، نظرًا لاعتبارها صوت لبناني ساحر للقلوب وخريجة من مدرسة الرحبانية مع تبني أسامة الرحباني لها منذ البدايات، فهم وجدوا فيها "روح فيروز" بإطلالتها الخاطفة وإحساسها الآسر وقوة صوتها، فكان آخر سؤال لي معها بديهيًا، "كيف ترين مقارنتك مع فيروز؟"، لتجيب والابتسامة الرقيقة ترسمت على محياها " شرف كبير ليا يتحط اسمي بالمقارنة مع أيقونة الفن اللبناني والعربي السيدة فيروز، لكنها مش مقارنة محبذة لإن فيروز عظيمة جدًا وأبعد ما تكون عن أي مقارنة، ورمز كبير صعب حد يوصل لنجاحه، ويكفيني فخرًا إني بعتبر نفسي تلميذتها، وتلميذة هذه المدرسة الكبيرة والعظيمة"، مضيفة، أن فيروز والأخوين الرحباني شكلو ثلاثي أسطوري لن يتكرر فى المجال الفني، وتسعى دومًا للسير على خطاهم متأثره بهم مع الحفاظ على شخصيتها الفنية المستقلة.