كشفت التطورات الأخيرة في المشهد السوري عن افتقاد القوي الكبري وبخاصة أمريكاوروسيا لاستراتيجية واضحة، للتعامل مع هذا الصراع شديد التعقيد والتشابك. فبعد أن ملأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدنيا ضجيجا حول اعتزامه توجيه ضربة قوية إلي الأسد بعد اتهام إدارته للجيش السوري باستخدام أسلحة كيماوية في منطقة دوما، انتهي الأمر بتوجيه مجموعة من الصواريخ إلي أهداف غير مهمة فلم تسفر عن شيء يذكر. وفي هذا السياق يقول عضولجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي »تيد ليو» إن استراتيجية الرئيس ترامب تجاه سوريا تعاني من نقطتي ضعف، الأولي أنه لا توجد استراتيجية من الأساس والثانية أنه لم يحصل علي تفويض من الكونجرس باستخدام القوة ضد الأراضي السورية. فيما يري النائب الأمريكي »تيد ليو» أن ترامب يتبني استراتيجية »اضرب الآن ثم اسأل فيما بعد» وهي استراتيجية لا يمكن أن تضمن تحقيق النصر في أي صراع، في حين تحتاج أمريكا إلي استراتيجية شاملة وواضحة ومتفق عليها من جانب مؤسسات صناعة القرار الأمريكي المختلفة بشأن سوريا حتي نضمن حماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل عام. والحقيقة أن غياب الاستراتيجية الشاملة للولايات المتحدة في التعامل مع سوريا، يحد من فاعلية القدرات العسكرية للقوة الأكبر علي مستوي العالم، في التعامل مع هذا الصراع الدائر، وربما كان هذا ما دفع ترامب للتلميح للجوء الي قوات عربية لتحل محل القوات الأمريكية في مناطق وجودها في سوريا. وقد أثار ترامب هذه المسألة مطلع ابريل عندما تحدث عن انسحاب جنوده الموجودين في سوريا، لكن عارضه العديد من مستشاريه بحجة أن الانسحاب المبكر سيفسح المجال أمام إيرانوروسيا للتوسع ميدانياً.ووفقاً لصحيفة »وول ستريت جورنال»، إن هذا المشروع أثار انتباه ايريك برنس مؤسس شركة بلاك ووتر القتالية التي كان لها دور في العراق. علي جانب المعسكر الآخر، فإن الصورة مختلفة حيث يبدوالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه استراتيجية واضحة للتعامل مع سوريا بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب. ويقول المحلل السياسي ستيفن سيمون إن روسيا استهدفت منذ بداية الأزمة، دعم الاستقرار العسكري لنظام الرئيس بشار الأسد، ويشير سيمون إلي أن الطيران الروسي نفذ أكثر من 10 آلاف طلعة قوية فوق الأراضي السورية خلال الأشهر ال6 الماضية وهورقم كبير للغاية ؟ وبعيدا عن نجاح موسكو في تعزيز وجودها العسكري علي الأرض السورية سواء في صورة قواعد بحرية وجوية في سوريا أو اتفاقيات تحالف استراتيجي بين موسكوودمشق تضمن للروس تواجد شبه دائم في سوريا، فالواضح أن سوريا مازالت تفتقد للرؤية الاستراتيجية المطلوبة لإنهاء الصراع.وغياب هذه الرؤية يعني أن روسيا مازالت عاجزة عن ضمان الوصول إلي حل سياسي يضمن استمرار الأسد وهوما يعني أن كل السيناريوهات مازالت مطروحة ومازالت مكاسب الروس من الأزمة السورية مؤقتة.