الصحفيين تعلن لجنة المشتغلين الجديدة يومى 16 و17 يوليو الجارى    وظائف جديدة في محافظة القاهرة (الشروط والمستندات)    السفير التركي بالقاهرة: مصر وجهة طبيعية للاستثمارات التركية    تنظيم مؤتمر «البورصة للتنمية» في الغرفة التجارية بالقليوبية الأربعاء المقبل    موعد صرف مرتبات شهر يوليو 2025.. جدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    «دي دي»: 20% من السائقين تقل أعمارهم عن 25 عامًا    نتنياهو: أرسلت وفدا للتفاوض بشأن غزة ونقترب من تحقيق الهدف    مسؤول إندونيسي: عضوية «بريكس» فرصة لتعزيز الاستدامة والنمو الاقتصادي    فيضانات تكساس الأمريكية تكشف عن قصور في هيئة الأرصاد الجوية    مع فرار مئات السوريين.. الذخائر غير المنفجرة تزيد مخاطر حرائق اللاذقية    أشرف صبحي: أتوافق مع النواب وأشيد بحسن سير مناقشات مشروع قانون الرياضة    أبرزها مواجهة فنربخشة .. تفاصيل معسكر اتحاد جدة استعدادًا للموسم الجديد    معتز وائل يتوج بذهبية نهائي كأس العالم للخماسي    إصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالعمال في الشرقية    محمد نور يطرح برومو ألبومه الجديد "وريني"    بعد مشوار طويل من النجاح.. أحمد إبراهيم يشارك الهضبة نجاح ألبوم ابتدينا    «الجوزاء أسئلته مزعجة».. 4 أبراج تحب التدخل في حياة الآخرين    أسماء المتقدمين لمنصب عميد كليتي العلوم والطب البيطري جامعة أسوان    غادة عادل تفاجئ جمهورها بعملية «شد وجه».. وتعلق: رجعت 15 سنة ورا (فيديو)    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    حالة الطقس غدا الإثنين 7-7-2025 في محافظة الفيوم    لخفض ضغط الدم- 8 أطعمة تناولها كل أسبوع    البحيرة.. فحص 587 طفلا ضمن مبادرة أطفال أصحاء بقرى كفر الدوار    هل يجوز الخروج من المنزل على جنابة؟.. أمينة الفتوى تجيب    نقيب المعلمين يفتتح دورة تدريبية حول "استراتيجيات الأمن القومي" بالإسكندرية    دعوات للرئيس بعدم التصديق على مشروع قانون الإيجار القديم    الإعدام شنقا للمتهم بقتل أبناء عمه في الشرقية    موعد تشغيل مونوريل شرق النيل من العاصمة لمدينة نصر    بايرن ميونيخ يعلن رسميًا إصابة موسيالا بكسر في الكاحل وغيابه لفترة طويلة    طائرة خفيفة تجوب سماء الساحل الشمالي بعبارة "شكرًا شيكابالا".. فيديو    نيرة أنور: البطولة العربية لسيدات السلة بداية قوية للأفروباسكت    أطباء بلا حدود: 40 ألف شخص ما زالوا مشردين بالضفة الغربية    محمد السيد الشاذلى: القضية الفلسطينية ستظل هي قضيتنا الأولى    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة رطب والعظمى بالقاهرة 37    مرورا ببنها.. جدول مواعيد القطارات من الإسماعيلية إلى القاهرة اليوم الأحد 6 يوليو    ارتفاع جديد للكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأحد 6 يوليو 2025 في بورصة الدواجن    بعد امتلاء البحيرة، باحث بالشأن الإفريقي يكشف: إثيوبيا تملأ خرانا جديدا مع سد النهضة    كورتوا يدافع عن دوناروما أمام انتقادات التسبب في إصابة لموسيالا    محافظ الدقهلية يوجه بسرعة الانتهاء من تطوير كورنيش شربين على النيل    قصور الثقافة تنظم يوما ثقافيا ضمن مشروع جودة الحياة بالمناطق الجديدة الآمنة    إعدام 13 طن أغذية فاسدة خلال حملات رقابية مكثفة بالمنيا    كهرباء الإسماعيلية يكشف لمصراوي كواليس صفقة أوناجم    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    سلاح الجو الأمريكي يعترض طائرة فوق نادي ترامب بولاية نيوجيرسي    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    رفع قيمة وثيقة التأمين من الحوادث للمصريين بالخارج إلى 250 ألف جنيه    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالدقهلية    البحوث الإسلامية يطلق سلسلة الأطفال المرئية (أخلاقنا الجميلة) لتعزيز الوعي القيمي والتربوي    «المصري للتأمين» يكشف دوره في دعم السلامة المرورية    أحدث ظهور ل«هالة الشلقاني» زوجة الزعيم عادل إمام    الداخلية تضبط سائق شركة نقل ذكي بتهمة ارتكاب فعل خادش للحياء مع سيدة    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    بيراميدز يكشف موقفه من ضم ثنائي الزمالك    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    7 صور لمحمد مجدي أفشة في المصيف مع ابنه    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاتٌ كعرض عابر

يَعِد عنوان المجموعة الشعرية الأحدث لعناية جابر "عروض الحديقة"، بنزهة، ليس بالضرورة أن تتحقق، فالوعود في الشعر، الكاذب، ليست ديناً واجب السداد.. لكن تأسيساً آخر يتضمنه العنوان، ستصدُقُ ظلاله في النص.
العرض، هو موضوع الفرجة في أشد التفاتاتها انشغالاً بالشكل، وبدوره، فإن الشكل، كعرض، يحظي بأعلي درجات التفاته لنفسه، واكتفائه بما ينطوي عليه من لعب. العرض أيضاً هو نقيض السر وعدوه، فهو أشد أشكال الإعلان اتصالاً بالفضح، واتساقاً مع "الظهور" بالمعني الفينومينولوجي.
تحتضن الحديقة العرض، أو العروض (التي يمكن تأويلها علي أكثر من وجه، فالعروض قد تكون القصائد ذاتها، أو أقنعة الذات اللانهائية، أو ألعابها)، لكن الحديقة أيضاً علامة مكانية مخاتلة، وعامرة بالتراوحات، بين الأفق الطبيعي والأفق الثقافي أو الاصطناعي، وهي تنطوي علي انفتاح كاذب، وعد هش بالأبدية، كونها في النهاية محدودة برقعة، ومجتزأة من سياق مديني، يقف علي مسافة منها.
هكذا يتحقق عنوان المجموعة الشعرية الأحدث لعناية جابر، وهكذا تتحقق المدينة عبر علامتين لصيقتين بجذرها الفلسفي: الذات المعروضة شعرياً، الذات كفُرجة عابرة، في سياق مكان مخاتل يرقد علي الهامش من المكان/ المتن، ليخاصمه ويدل عليه في الوقت ذاته.
2
كيف للمجاز الكثيف أن يتخلق من العابر الهش؟ وكيف للمخيلة أن تستقل عن "المتعين" لتعيد قراءته وفق هواها؟ وأي دربة تمتلكها الذات لتنقسم إلي ذات وموضوع في الوقت ذاته؟ أسئلة تبدو مختبرة بعمق في "عروض الحديقة".
سيغدو من السطحي الاكتفاء بالتحويم حول الفضاء الدلالي الذي يمكننا أن نختصر جل العالم الشعري في فلكه، من ذات شاعرة في علاقة جدلية، متوترة، مع الآخر، حتي ولو تحت الغطاء الكلاسيكي "امرأة ورجل". مقاربة من هذا القبيل ستجعل من "الذات الغنائية" وحدها مناطاً للتحولات، ومركزاً وحيداً للرؤية، وإنتاج الدلالة. وإذا كانت الذات الشاعرة في "عروض الحديقة" تتموقع في حيز يتيح لها قدراً من الغنائية، فإنها تنقض ذلك، في خصيصة محورية، بتخليها عن الفيض الشعوري، والاندياح السيال، نحو لغة مقتضبة، موجزة، تنجو بها الذات من السنتمنتالية. القشرة العاطفية ماثلة، في لغة منحازة، لكنها لا تغور أبعد من ذلك. أعتقد أن أحد الأسباب يعود لالتصاق قصيدة عناية جابر بالمدينة، فهي عالقة بها علي الدوام، ولا تكف عن تحريكها.
القصيدة هنا، تبدو مغرمة بالتغريب الدائب، بحيث تتعري الذات الشاعرة من الأقنعة توالياً، لا لتكشف عن وجه "نقي" أو "أخير"، لكن لتؤكد في النهاية افتقادها لوجه.
تبدو الذات الشاعرة في "عروض الحديقة" إمكانية، أكثر منها وجوداً رؤيوياً جري تأسيسه، ما يجعل من إمكانات تحولها لآخر سؤالاً شعرياً قابلاً للاختبار، وهو ما يزيحها عن التموقع المألوف للذات الغنائية من العالم. إنه "العرض" مجدداً، في واحدة من محاولات استبطانه شعرياً في مغزاه الأعمق، حيث ليس ثمة ماهية أسبق من النص يمكن الاتكاء عليها، لكن الذات الشعرية موجود في العالم/ النص الشعري، يُسائل ماهيته المحتملة، وغير النهائية بحال.
بالتالي، ليس "القناع" هذه المرة استعارة قابلة للفض، بغية تجريدها إلي أفق دلالي معد سلفاً، بجهد تأويلي يزيد أو يقل، لكن القناع هو نفسه الوجه، والذي بتجرد الذات الشعرية منه، أو بتجريدها منه، تنتفي المخيلة لينتفي المرجع في الوقت ذاته. هكذا، في ظني، تضيق المسافة بين العالم كخطاب جمالي ذاتي، والوجود المتجاوز في ديناميته لإرادة الفرد.
إنه منحي تفكيكي بامتياز، يُبقي الوجود الشعري دائماً عند نقطة الصفر، وحيث تبدأ الذات عرضها، في كل مرة، متخففة من تاريخها، أو إرثها إن شئنا الدقة. الذات الشاعرة هنا تستشرف طوال الوقت، تنقض علي الحاضر، فبشكل ما، يبدو الحاضر أشد الأزمنة استعصاء علي الرصد، هو، بالأحري، قابل للتكهن قبل وقوعه، قابل للاستدعاء بعد مروره. إنه العرض مجدداً، في آنيته وزواله، وحيث يكتسب صفته في زمن وقوعه.
ورغم أن الذات تتبني لغة مضارعة أحياناً، إلا أنها تتحقق، إن دققنا، في أشد تجليات الزوال اكتمالاً لدي الذات الشاعرة. "الذات المضارعة" في عروض الحديقة هي الذات المنتفية علي الدوام، وبالأخص في لحظة الكتابة ذاتها. من المفارق أن تعمل الكتابة علي القبض علي الزمن، بينما تهدره في الحقيقة بتحويل الوجود إلي ماضٍ: "أكتب قصيدتي/ بسرعة قياسية/ ما إن تحط/ فراشة بيضاء/ حانقة من أمر ما/ أنظر إلي السماء/ عصبية مثلي/ الغيمة التي عبرت/ علي دراجة هوائية".
3


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.