تُصدر دار البوتقة للنشر والتوزيع في غضون أيام كتابها الثالث، وهو مجموعة " وجوه متوارية" القصصية، بترجمة هالة صلاح الدين حسين. وقد حصلت البوتقة علي حقوق نشر القصص من مؤلفيها، وكذلك صورة الغلاف, إذ وافقت النحاتة الأمريكية ماري إي. ڤي. بي. جيبينز علي منح البوتقة حق استخدام صورة عملها الفني "الطفو: رؤوس السباح" كغلاف للكتاب. تقول هالة صلاح الدين عن »وجوه متوارية« : يحوي قصصاً فازت بجائزة بوشكارت عام 1997 وجائزة كين لأفضل قصة مكتوبة بالإنجليزية عن أفريقيا عام 2001 وجائزة المجلة القومية عام 2004 والجائزة القومية البريطانية للقصة القصيرة عام 2006 وقصصاً ظهرت في سلاسل المختارات القصصية كأفضل القصص القصيرة الأمريكية 1996 وأفضل القصص القصيرة الأمريكية 2001 و وأفضل قصص الفانتازيا والرعب وقصص جديدة من الجنوب: أفضل ما في العام - 2007 يضم الكتاب قصة "وليمة صغيرة" للأمريكي كريس أدريان، التي يتناول فيها فكرة المرض والندم والبوح، وتجمع مفاهيماً دينية »الملائكة والشياطين والرؤي والهوس« بمزيج من البهجة والرعب، دون فك الاشتباك بينهما. يتكيء أدريان علي فكرة أن المعاناة لا ينبغي بالضرورة أن تهشم الروح. هناك أيضاً الوعد حيث الاستعداد لإبصار النور بتحقيق الكشف. تقول المترجمة: »طبقاً للناقدة إيان تشيمان، فقصص أدريان تترك القاريء مزعزعاً تائهاً مبهوراً ولا جدال فقصصه تشبه "المنوِّم المغناطيسي« حسبما عبَّرتْ الناقدة كارولين ماكلوسكي ليَصدق وصف مجلة ذا نيو يوركر بأن آدريان أستاذ »الفانتازيا الميتافيزيقية.«". وقصة "نساء يحلمن بالقدس" للأمريكية ريتشل كاديش الفائزة بجائزة جون جاردنِر، وهي كاتبة تهتم بحرب الخليج وأحداث الشغب في لوس أنجلوس والهولوكوست وشوارع بروكلين الخلفية والقدس الممزَّقة. قالت عنها الكاتبة الأمريكية توني موريسون، "تدهشني براعتها في استخدام الفروق الدقيقة والحكي وسلطة العاطفة". ومن الصفحة الأولي لقصة "نساء يحلمن بالقدس" تضفر كاديش التاريخ والدين والعائلة والحب, وترسم شخصياتها بإيجاز دقيق لتعيد إحياء طرق تفهم بها أجيال مختلفة في ثقافات متباينة الحضارات والساخطين عليها. تأتي بعد ذلك قصة "التفكير في إنجلترا" التي تعد مسودة مبكرة من الفصول الأولي لرواية الكاتب البريطاني بيتر هو ديڤِس" فتاة ويلز". تتناول الرواية الحرمان من الوطن بالتوازي مع جبن البشر في معسكر لأسري الحرب أثناء الحرب العالمية الثانية بناه البريطانيون في جبال ويلز، وفي قلب الحكاية إستير ذات السابعة عشرة التي تعتقد أن أباها القومي المعادي للإنجليز يفتقر إلي دماثة المدينة. يعتقد الويلزيون أن المعسكر الغاص بالألمان سُبة قومية، أذي آخر يسري بين شخصيات الرواية: أذي الويلزيين للبريطانيين، والعكس بالعكس، وأذي البريطانيين والويلزيين للألمان، والألمان لليهود. تكونت بعض العداوات منذ دهر؛ والبعض الآخر وليد ماكينة قتل سياسية حديثة. الشخصيات هنا تتحقق وتتعلم أن الحياة ما هي إلا خليط من حلول وسطي عسيرة خير لنا أن نواجهها بعيون مفتوحة. ثمة قصة أيضاً للأمريكي ستيوارت دايبِك، الذي يعتبره النقاد أحد عمالقة القصة من أمثال إرنيست همنجواي وشيروود أندرسون. كثيراً ما يكتب دايبِك عن حياته وأحياء شيكاغو أثناء نشأته فيها، وجماعات عرقية متباينة أحاطت به. تنفض حبكات قصصه في أحياء الطبقة العاملة السلاڤية والمكسيكية بالمدينة، مناطق تحيق بها طرق سريعة وأنهار إسمنتية وسكة حديد شيكاغو، "مدينة الأكتاف العريضة". ويلاحظ الناقد چون بي بريسلِن، طبقاً لما ذكرته هالة صلاح الدين، أن شخصيات دايبِك "في الأغلب رجال شبان خيالهم هو حائط الدفاع الوحيد في مواجهة واقع المدينة". يجمع المؤلف في قصة "المشكاة الورقية" آمال شخصياته ومخاوفها، فرحها ووحدتها، ويركزها في حكايات لا تخلو من تفاصيل وافرة عن حياة مدينية غالباً ما تنجرف إلي الأحلام. ويصرح بريسلِن أن «القصص تتنقل بسهولة بين فجاجة واقع المدينة المتفسخ وعالَم سحري من العواطف والسمو يرتبط بالموسيقي والفن والدين.» " وجوه متوارية" يضم كذلك قصة للكاتب النيجيري هيلون هابيلا، الذي تدور قصصه حول أفراد يكابدون الوحدة والضجر وفشل الحب والفساد السياسي والوحشية والعنف، ويكتشفون القيمة الأبدية لحرية التعبير. قصته "قصائد غرامية" تطورت لرواية تحت عنوان في»انتظار ملاك« (2001) وتُرجمت إلي العديد من اللغات, وفازت بجائزة الكومنولث للكُتابلقارة أفريقيا عن أفضل عمل أول. وصفتها الروائية الإنجليزية دوريس ليسينجبأنها"رقيقة وهزلية ومفعمة بالعاطفة". يروق لهابيلا أن يجعل الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال ضبابياً، وتبدو الرواية وكأنها وثائقية أو ممثِّلة لسيرته الذاتية. وتضفي إشاراته إلي أحداث حقيقية بما فيها إعدام الكاتب والناشط السياسي كين سارو ويوا. صدرت قصة "رجل قلق" في مجموعة الكاتب البريطاني چيمز لازدِن القصصية »تبدأ تؤلم« التي اختارتها مجلة ذا أتلانتيك مانثلي كواحدة من أفضل خمسة كتب صادرة عام 2009 اعتبرتها جريدة لوس أنجلوس تايمز وجريدة لايبريري جورنال وجريدة ذا جارديان أفضل كتاب ظهر عام 2009 وقد كتب چون بيرنسايد في جريدة ذا تايمز، «إن قراءة لازدِن أشبه بقراءة عمل مشترَك ماكر بين كافكا وأبدايك: مصقول الحبكة، ينتبه إليه النقاد بحواس مرهفة، لا يَعرف الإجفال. إنها مجموعة تسلط الضوء علي أكثر الآليات تغلغلاً في باطن البشر آليات الغضب والخوف والرغبة بمهارة مدهشة وقوة شعرية غريبة.» كما يعلن ريتشارد تي كيلي في جريدة فاينانشِل تايمز، »ينعم لازدِن بعين خليقة بعين نوبوكوف. هناك أنصار قليلون للنوع الأدبي القصير يقَدمون إلي القارئ مثل تلك المتع المغرية المقلقة«. في قصة "النزول" يتسم صوت الأمريكية لوري مور بسخرية لا ينقصها اليأس، بأمانة مؤلمة، بصراحة لا يَنقصها الإضحاك، وبحزن لا يمْكن تصديقه. يتسم أدب مور بشكل عام بالتراجديا والسخرية، شخصياتها مصابة بالضجر والقلق وغياب الهدف، لا تسعي للتواصل او الارتباط، ولا تنعم بسلام داخلي. تجتاز قصة "الجمال والفضيلة" للأمريكي أجوستينميز وبطلها المختل عتبة العنف المرة تلو المرة. يعترف المؤلف بدون تحفظ أنه لم يطأ قط جنوب شرق ولاية ميزوري، موقع تلك الحكاية المروعة التي تصور جريمة قتل وغشيان المحارم وقتل الاقارب. يحكي ميز أنه وقَع علي المكان من قبيل المصادفة، «كنتُ أتطلع إلي أطلس فشد انتباهي منعطف شديد من نهر المسيسبي في الركن الجنوبي الشرقي من ميزوري، ينحني انحناءة أكثر حدة من شص فيترائي خطِراً ينذر بشر يستعصي علي التفسير.» لاحظ كذلك أن المكان يحوي »منطقة محاصرة غريبة من ولاية كنتاكي محشورة داخلها«. وتُعتبر القصة التي استلهمها من هذه البقعة الجغرافية غير المألوفة مثالاً للإرث الأدبي القوطي لمنطقة بووتهيل، إرث مترع بالكآبة والرعب والوحشية. وفضلاً عن كتاب البوتقة الثالث، تعد هالة صلاح الدين حسين كتاباً رابعاً عنونته "وحوش آدمية" سيضم القصص التي نُشرت من قبل في مجلة البوتقة الفصلية الإليكترونية.