رواتب مجزية| 25 صورة ترصد آلاف فرص العمل الجديدة.. قدم الآن    المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت بالإجماع لصالح رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    أخبار الاقتصاد اليوم.. تراجع سعر جرام الذهب.. اللحم الكندوز يبدأ من 280 جنيهًا.. تفاصيل خدمة التحويل الديناميكي للعملة    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    عقوبات أمريكية جديدة على إيران تطال كيانات في الإمارات وهونغ كونغ    "من أمريكا".. جهاز الأهلى واللاعبين يوجهون رسائل العيد للجماهير    بث مباشر مباراة تونس ضد المغرب وديًا    مانشستر سيتي يستهدف ضم نجم ميلان.. صفقة نارية تتخطى 60 مليون يورو    سائق ميكروباص يقع في المحظور بعين شمس    مصرع مسن أسفل عجلات قطار في الإسماعيلية    حريق مخلفات كرتون وسيارات قديمة بقطعة أرض بالهرم    بمشاركة نجوم الأهلي.. تركي آل الشيخ يطرح برومو جديد ل فيلم 7Dogs    تركي آل الشيخ يكشف حقيقة ظهور زيزو في فيلم 7Dogs    منى الشاذلي تضع تامر عاشور في موقف صعب.. والأخير يعلق (فيديو)    نصائح طبية لحماية صحة الأطفال خلال أيام عيد الأضحى (فيديو)    دراسة تكشف مفاجأة بشأن زيت الزيتون: قد يعرض للسمنة    مواعيد مواجهات الوداد المغربى فى كأس العالم للأندية 2025    المملكة المتحدة : تحديد جلسة لمحاكمة 3 أشخاص في افتعال حرائق استهدفت رئيس الوزراء البريطاني    نشاط وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في اسبوع    ترامب يدعو مجلس الفدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة نقطة مئوية كاملة    البنك المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة للمرة الأولى منذ مايقرب من ثلاث سنوات    نائب محافظ قنا يتابع جاهزية مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ خلال عيد الأضحى    مصطفى حمدى يكتب: هل يسابق «نجم الجيل» الزمن فى عصر ال «تيك توك»؟!    ياسر جلال يحتفل بعيد الأضحى بصحبة مصطفى أبوسريع أمام مسجد الشرطة (فيديو)    أحمد العوضي من مسقط رأسه بعين شمس: «ضحينا وسط أهل بلدي»    أنشطة توعوية للثقافة برأس غارب وسفاجا احتفاء بالحج وعيد الأضحى    العودة من بعيد.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    فلسطين ترحب برفع عضويتها إلى دولة مراقب في منظمة العمل الدولية    في أول أيام عيد الأضحى.. غرفة الأزمات بصحة المنوفية تنعقد لمتابعة المنشآت الصحية    كيفية اختيار أضحية العيد وشروطها؟.. استشاري توضح    بحر وبهجة في العيد.. الإسكندرية تستقبل المصطافين بإقبال متوسط وشواطئ مستعدة    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    تفاصيل تواجد زيزو في اتحاد الكرة ودور أحمد مجاهد.. رئيس تحرير مجلة الأهلي يكشف    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    الفتة.. من موائد الفراعنة إلى طبق الأعياد في مصر الحديثة    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    سعر الريال السعودي مع بداية التعاملات في أول أيام عيد الأضحي 2025    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    "إكسترا نيوز" ترصد مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى في مصر الجديدة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كائنات الحزن الليلية:
شخصيات تصنع أحداثها
نشر في أخبار الأدب يوم 04 - 12 - 2011

وحيدا منكسرا ضائعا، جلس علي حافة المدينة في ذلك الشاليه المهجور المطل علي البحر في العجمي، الذي يصبح مهجورا في مثل هذا الوقت من العام في الصبح يراقب السفن وهي تعبر الخط الفاصل بين السماء والبحر، وفي الليل يداهمه صوت الموج وصفير الريح، هو بطل رواية »كائنات الحزن الليلية« للروائي محمد الرفاعي وقبل الدخول لعالم الرواية أري أن هناك مدخلان يصلحان لقراءتها، المدخل الأول ثقافي، يكشف الخطاب الثقافي الذي تتناوله الرواية، والآخر جمالي نري من خلاله التقنيات التي استخدمها الكاتب لتصوير عالمه الروائي وتقديم خطابه الثقافي.
بطل الرواية شاعر شاب يقف بين الحد الفاصل بين الولي الذي تقف علي كتفه الملائكة، ويتكشف له الغيب في وجد صوفي، ومثقف يساري يحمل بين طيات قلبه خيبات عصر غرق حتي أذنيه في الخيبات. إنه يحيي الحائر بين ثورية المثقف الذي أقتنع بالأفكار الأيديولوجية الشيوعية وبين الوجد الصوفي الذي غرسه فيه جده حين أخبره فيما يشبه النبوءة أنه سيصير وليا من أولياء الله. تدور أحداث الرواية في مرحلة من أخطر المراحل التي مرَّ بها التاريخ المصري وهي الفترة منذ هزيمة يوليو 1967، وحتي بدايات المرحلة الساداتية، فترة كانت شديدة القسوة علي الشعب المصري، بل أحدثت انكسارا في الشخصية المصرية ربما نجني ثمارها للآن. لكن أي تفاصيل رصدها سارد محمد الرفاعي؟ في الحقيقة أفلت الرفاعي من فخاخ الصوت العالي للأيديولوجيا، ورصد تفاصيل إنسانية رهيفة لتلك الانكسارات والانحناءات التي مر بها المصري حينما واجه أزماته التي بدأت بالهزيمة، رصد ردود فعل إنسانية بسيطة علي الهزيمة وعلي وفاة جمال عبد الناصر، وحرب الاستنزاف، وانتظار حرب أكتوبر. رصد كل ذلك من خلال يحيي وزملائه في مدرجات الجامعة. شعور طاغ من الحزن يغلف كائنات الرواية، كل كائنات الرواية سواء من استمر منها يعارك الحزن ويحاول الانتصار عليه أو من استسلم له وأنهي حياته بشكل أو بآخر، لكنه يواصل التجوال داخل الفضاء السردي. كل من مات ظلما وتهميشا وفقرا ظل له وجود طاغ في فضاء السرد، فالبنت صفية الجميلة التي رحلت صغيرة والولد علي الذي غرق صغيرا أيضا وكل من مات يظل يخايل السارد يحيي ولا يفلته.
ظلت تلك الأرواح تحوم حول الأحياء وتشاركها الألم والانكسار، حتي همست وأنا أقرأ أما آن لتلك الأرواح المنكسرة أن تغادر السرد وتدخل في برزخ الضياء الذي يرسلها إلي العالم الآخر؟!
كمية الحزن الذي يخيم علي الرواية شديدة الوطأة علي القارئ حتي أنه، وأقصد القارئ الافتراضي ربما لا يجد لحظة فرح وحيدة إلا استثناءات ضئيلة جدا ربما لمحنا الفرح في الحديث عن شخصية سهير التي تمناها الجميع في مدرج الكلية، وكتب من أجلها الشعراء القصائد، لكنها أبدا هي تغرق في حزنها الخاص أيضا، بل وتوحدها مع هذا الحزن حد التلاشي من الحياة.
نخلص للمدخل الجمالي وما حققه الكاتب من حد أدني من جماليات لرواية تمَّ ترشيحها لقائمة البوكر الطويلة، ضمن أربعة روايات مصرية. هل حققت تلك الرواية من الجماليات الفنية ما يؤهلها لأن ترشح لقائمة أكبر جائزة عربية خصصت للسرد الروائي؟
عمد محمد الرفاعي إلي اتخاذ تيمة السرديات المتجاورة والممتابعة كتقنية فنية للرواية، فالرواية سرديات متتابعة ومتجاورة، قدّم شخصياته التي اتخذت من وسعاية شعبية في مدينة المحلة مكانا لها في سردياته، كل شخصية يريد أن يدفع بها في فضاء السرد يجعل اسمها عنوانا للسردية، والمكان الرئيس هو مدينة المحلة، بشوارعها وحواريها ومدارسها، وفي مواضع قليلة ينتقل السرد إلي الإسكندرية أو مدرج الجامعة أو الصحراء حيث توجد كتائب المتطوعين في حرب الاستنزاف: عندما سقط الضوء علي الجدران الكابية نهض، وبدأ يراقب البحر من النافذة، توقفت عيناه عند تلك الكتلة السوداء التي تجلس فوق مقعد متحرك ما بين مساحة الأزرق والأصفر، وتبدو النوارس وهي تحط علي حافة الماء.. داهمته رغبة في متابعة ذلك المشهد الذي يبدو كلقطة سينمائية حزينة.
لعب الكاتب بالزمان، فلم يقدم لنا زمانا واضح المعالم يبدأ من لحظة انطلاق السرد وينمو منطقيا حسب الأحداث حتي يصل إلي لحظة النهاية، بل عمد الكاتب إلي تفتيت الزمان وتشظيه مستفيدا من الفلاش باك واستدعاءات الطفولة. لحظة انطلاق السرد هو زمن طفولة يحيي البطل الرئيس، ثم يقفز الراوي العليم، الذي يأتي السرد علي لسانه بالزمن، فلا نستطيع أن نشير إلي نمطية السرد وتطوره، بل الذهاب والمجيئ في الزمن.
إذن لم يقدم لنا محمد الرفاعي نصا محكما يعتمد علي حبكة كلاسية وشخصيات وأحداث، بل قدمّ لنا شخصيات تأتي بأحداثها، فهي رواية شخصية أكثر منها رواية حدث.
أما اللغة التي استخدمها الكاتب فتراوحت بين اللغة المباشرة والإخبارية، واللغة المجازية التي استخدمها دوما في الوصف، وصف الشخصيات والمكان، فلا يكاد يذكر مفردة إلا ويتبعها بجملة وصفية تعتمد علي المجاز البلاغي التقليدي. غابت عن الرواية لغة التشكيل السردي والمشهدية، ووقعت الرواية في اللغة المباشرة والإخبارية، وهو ما يقلل من فنياتها و جمالياتها: »يحيي يلعب مع عيال الحتة كرة القدم أو كرة الشراب عندما دوت صافرات الإنذار والطائرات المعادية تعبر السماء منخفضة يستعرض يحيي طفولته وصباه في مدينة المحلة.. تتوالي الوجوه في حياته في خمسينيات القرن العشرين، وحكايات الصبية والأهالي والعمال ونسائهم وبناتهم في هذه المدينة الثرية بالمصانع والمناظر الطبيعية علي ضفاف النيل، والحكايات الخرافية المخيفة والحقيقية التي لا تخلو من المآسي والأحزان. يحكي عن الوسعاية ملتقي أهل المدينة وهي قطعة أرض واسعة خالية من البيوت وخلف المصانع والمستشفي، يلعب فيها عيال المنطقة، ويجلسون علي عتبات الكنيسة في أمسيات الصيف الحارة ويحضرون شعائرها ليسمعوا الترانيم الدينية«.
إذن رغم أن الكاتب حاول الخروج علي فحولة وإحكام الرواية الكلاسيكية إلا أنه وقع في مباشرة اللغة، ولم يقف الأمر عند المباشرة، بل هناك أخطاء لغوية إملائية ونحوية كثيرة جدا، حتي أنني أتساءل عن جدارة ترشيح عمل كهذا به من السقطات الفنية ما به إلي جائزة بقدر البوكر، وهذا يحيل إلي معايير الجائزة، هل تحتكم جائزة البوكر إلي معايير فنية حيادية أم لها معايير أخري لا ندركها؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.