السفير الروسي الجديد في أخبار الأدب. تأمل صورة مجمعة لمجموعة الأدباء علي حائط المكتب. راح يختبر ذاكرته: هذا محمود درويش ..سعد الله ونوس، وهذا يوسف إدريس ( قالها بفرح). "إدريس كان يزورنا في البيت دائما". سيرجي كيربيتشينكو ليس مجرد دبلوماسي، هو ابن المستعربة الروسية الشهيرة فاليريا كيربيتشينكو التي ترجمت العديد من الأعمال الأدبية العربية إلي الروسية، وقدمت دراسات هامة عن الأدب العربي،بدأ في تعلم العربية منذ أن كان في الثالثة من عمره بدأ أجادها مثل الروسية تماما، وشارك والدته في ترجمة رواية "المرايا" لنجيب محفوظ. جاء الي القاهرة بعد أن كان سفيرا في روسيا لأربع سنوات كاملة.. أي أنه شاهد حقيقي علي "الربيع العربي" في بلدانه. سيرجي قرأ كل أعمال توفيق الحكيم، ومحفوظ ..عندما سألته بالعربية أم بالروسية ضحك: "قراتها بالعربية طبعا، لا بلغة إمبريالية". الرجل لديه خطط واضحة لدعم العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا، كما أن لديه مشروعاً ثقافياً متكاملاً لتفعيل المركز الثقافي الروسي، ودوره في المجتمع..ويعلن أنه "منفتح علي كل التيارات السياسية والفكرية ومستعد للتعاون الثقافي مع أي جماعة". زيارته لأخبار الأدب كانت مدخلا للحوار: هل سيعطي للبعد الثقافي اهتماما خاصا أم أن عمله في تلك اللحظة سيكون دبلوماسيا محضا؟ يجيب: لديّ مهام سياسية واضحة المعالم لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، المجال السياسي هو الغالب في كل الظروف، ولكن من الممكن أن نبني عليه، ونضيف المجال الأدبي والثقافي، خصوصاً أنه كان أساسيا في العلاقات الثنائية بين البلدين، وبالتحديد في "الزمن السوفيتي". نسأله: كيف تنظر إلي مصر في تلك اللحظة؟ ويجيب: أنا محظوظ أن ألقت بي الصدفة في تلك اللحظة التاريخية، حظي أن أكون في ذلك المنصب في هذا الوقت. حالياً كل فئات الشعب المصري أصبحت مسيّسة، وكما ألحظ.. لا توجد فئة قوية داخل المجتمع المصري معادية لروسيا، ما يعطينا أملاً في التواصل الحقيقي بين البلدين، لأننا نشعر في روسيا أن مصر سند حقيقي لنا ، وأهلها قريبون منا، ونتمني التوفيق لمصر في أن تجتاز تلك الفترة وترسم مستقبلها بأيديها. نسأله: خلال ال 30 عاما الماضية لم تكن هناك علاقات ثقافية حقيقية.. نعرف أن الوزير السابق للثقافة فاروق حسني مثلا لم يزر روسيا رغم أنه ظل في منصبه مطلقا، ماذا يعني لكم؟ يجيب: أعترف أن العلاقات الثقافية شهدت ضعفا واضحا، ولكن لو أردنا علاقات قوية مثمرة لابد من التركيز علي الجانب الثقافي، وهذا ما سأحاول القيام به تحديدا في المرحلة الانتقالية. لذلك سنسعي إلي إحياء الجانب الثقافي كما كان في السابق، سنحاول التركيز علي التبادل الثقافي، وإحياء مشروعات الترجمة، وتبادل الفرق الفنية والإنتاج السينمائي.. وغيرها من آفاق. سألناه: أنت قادم من سوريا .. هناك تحفظات علي الموقف الروسي من "الثورة" السورية؟ يجيب: نحن نعترف بالربيع العربي كحقيقة، ونرحب برأي الشعوب، ونتائج هذا الربيع ولكن تصوير الأمر وكأن ما يحدث في كل الوطن العربي ظاهرة واحدة لها نفس الملامح والنتائح تبسيط غير علمي، وغير واقعي. لابد أن نكون حذرين في وصف الأمور، لأنه ليس كل الأحداث إيجابية. من البداية قلنا نحن ضد قتل الأبرياء، وضد العنف، وطلبنا وضع حد للعنف والقتل. ولم يتحقق ذلك، قلنا إن الحكومة السورية مسئولة، ولكنها ليست الوحيدة المسئولة عما يجري. ولكن ماذا عن توقعاته للمستقبل؟ يجيب: تلك الأحداث ستستمر بأشكال متفاوتة من دولة إلي أخري، لأنها تؤثر في ربوع العالم العربي بلا استثناء. نسأله: الدور الأمريكي في الربيع العربي واضح ..هل روسيا ستكون لاعبا أساسيا في تلك الثورات؟ الأمريكان يحاولون استيعاب ما يحدث بصعوبة، وليس هناك خط مستقيم لهم، هم يعبرون عن رأيهم، ثم يغيرون هذا الرأي حسب اتجاه الريح. نسأله: البعض يري أن الثورات العربية مؤامرة أمريكية؟ يجيب: هذا تبسيط ساذج للأمور. سألناه كمثقف: هل موقعك الدبلوماسي يجعلك أكثر تحفظا تجاه ما يجري؟ ابتسم: بالتأكيد، كمثقف أنا أكثر ثورية مني كدبلوماسي.