شبح تهادي بخفة وخزي بين أثاث الغرفة ليصل إلي المرآة .. وجه أحاسيسه البصرية علي سطحها العاكس اللامع ثم تنهد يحزن شديد .. تنهيدة لم تحدث .. بعد رؤيته صورته غير الموجودة.. أسرع يا "...." تملكته رجفة سارت في أعضائه الشفافة .. بضع دقائق وسيرحلون .. ويصير وحيدًا في المنزل الواسع البارد .. لطالما كان اجتماعيًا يكره الوحدة ويحب الاختلاط بالناس .. و يخاف من الأشباح .. أصوات خطوات مرحة خفيفة تخرج تزامنًا معارتطام الحذاء الكاوتشوكي الخفيف بالأرض.. صوت انغلاق الباب.. تراجع مذعورًا .. بضع ساعات وحيدًا مع نفسه .. أية مصيبة هذه .. تسمر دقيقة مشدوهًا .. سريعا يتحرك في المنزل .. ينقل المفاتيح من مكانها .. يفتح الباب المغلق ويغلق الباب المفتوح .. يضيء أنواراً كانت مقفلة .. لكم كان يتملكه الخوف والذهول والغضب كلما وجد شيئا في غير مكانه .. ولكن لا شيء بيده يستطيع فعله .. إنها وظيفته .. تملكته الرجفة الشديدة لتذكره هذا .. الأشباح .. صرير الباب البطيء المنهك للأعصاب .. الأنوار التي تفتح وتغلق من تلقاء نفسها .. ما بالك إذا اجتمع كل هذا مع الوحدة .. ومع نفسك! .. معك أنت! .. لماذا يتركه البشر وحده ؟ .. لو كانوا فقط يعلمون .. لو كانوا يعلمون؟! .. لماتوا خوفًا أو جنّوا.. عقارب الساعة تلدغه لدغًا مع كل ثانية تمر .. عقرب الدقائق لا يتزحزح .. ليته يستطيع أن يغفو .. أو ينتحر .. أليس لهذا العذاب من نهاية؟! .. ارتجف قلبه وساده الاطمئنان مع صوت المفاتيح تدور في قفل الباب .. أخيراً انتهي الرعب المبهم .. الإحساس البشع .. الأشباح .. صرير الباب البطيء .. الأنوار التي تفتح وتغلق من تلقاء نفسها .. ما بالك إذا اجتمع كل هذا مع الوحدة و .. ومعك أنت .. فهو دائمًا ما كان اجتماعيّاً يكره الوحدة ويحب الناس ويخاف من الأشباح .. وظل يخافهم حتي عندما أصبح منهم . ذرات رمال ذرات رمال صلبة صغيرة تصطدم فتصدر صوتاً مزعجاً يفلت بين ثنايا مخها فينبه خلاياه فتحت عينيها وأغلقتها عدة مرات .. لا فرق !! ظلام تام .. اسوأ كوابيسها .. فكرت: لا يهم ، ماهي إلا بضع دقائق وأجد نفسي الهث علي سريري في غرفتي ويمر اليوم بسلام ولكن .. مازال صوت انهيال الرمل مستمراً عالياً شديداً حاولت رفع رأسها بسرعة فما هي إلا بضعة سنتيمترات وصدمت شيئاً ما بشدة .. أين أنا ؟! صوت دقات قلبها يصم أذنيها .. تتنفس بصعوبة شديدة .. شعور بالاختناق وكأن هناك صخرة تجثم فوق صدرها .. فجأة .. أدركت ما يعنيه كل هذا .. ارتعدت من أعلي رأسها إلي أخمص قدميها صرخت بأقوي ما تستطيع وأخذت تضرب وتنبش سقف الصندوق الخشبي حتي أدمت أناملها .. تعالت أصوات خطوات أقدام كثيرة خائفة تهرع للابتعاد وصرخات رجال ونساء كثيرين من الهلع .. لا انتظروا .. ما زلت حية .. مازلت حية .. دوار شديد .. صرخة أخيرة و ..