بلا رأسِ ولا قدمين

منكفئاً علي الطين الطريِّ
ووقدةُ الحَرِّ المعلًّقِ في الفضاءِ الرحبِ
ترسمُ فوقَ ظهريَ ما تريد
بين يديَّ
حفناتُ تَمْرِ رشَّها النخلُ المراقبُ لابتهالاتِ الرعاة
وأسقط الطيرُ المسافرٌ في المغاربِ
شارداتِ القَوْلِ وهو يحنُّ للأفقِ البعيد
ذوبُ أغنيةٍ ونايٌ
صبيةٌ يلهون
نملٌ ينتشي بالقمح والتجوالِ في جسدي المفتت
يدسُّ خزينَه للغيبِ والجوعِ الجديد
قبيلَ إشهارِ التواريخِ
استعان البدائيون بالأحجارِ والفخارِ
تركوا علي الجدران والشقفِ الحكايا
والأغاني والبكاء
كنتُ أسمعُهم ينادون الملوكَ
بألقابٍ مزركشةٍ
وأوصافٍ مدلَلَةٍ
وشِعْرٍ مُرتَجَل
وأغارُ جداً حين يبتسمون إن سكتَ الملك
ويغيظني نهمُ الموائدِ والهتاف
في هدوءِ الليلِ
أخلو إلي نفسي كثيراً
والتفاصيلُ التي اخترقتْ مُخَيلتي
تزاحمُ هدأةَ الليلِ البهيم
مرةً في غفلةِ الحراسِ
قادتني رؤاي إلي الحدائقِ
كان الرقصُ منساباً علي وقْع الدفوف
الغانياتُ يبُحْن
والعشاقُ يغتسلون بالهمسِ المؤجج والعناق
بيني وبابِ القصر خطواتٌ
لماذا لا أغامرُ ؟!
خوفٌ يذوِّبني
لمجردِ التفكير ترتعدُ المفاصلُ والخُطا تهتزُ
سأغافلُ الحراسَ ثانيةً وأدخلُِ
يجلسُ الفرعونُ فوقَ الأرجوان
والإيقاعُ منهمرٌ علي وزنِ المدائحِ والدعاء
المستشارون /القضاة / حكامُ الأقاليم / الدعاةُ / أصحابُ الصناعاتِ / العازفون / المغنون / الساسةُ / التجارُ/ أهلُ الفكر / كهانُ المعابدِ / القائدُ الأعلي وقوادُ الكتائبِ والفصائلِ والجنود
لم يبقَ غيرُ العامةِ " الدهماءِ والبوساءِ والفقراءِ والمستضعفين "
قلتُ : " أعودُ .. ليس لي وطنٌ هنا ولا أقوي علي كتمانِ غيظي ..سأصمتُ ربما لا أستطيعُ وسوف يفضحني صياحي "
للمدينةِ حاملاً وجعي
أجادلُ ما تبقي في وجوهِ الناسِ
من أشياءَ تعرفني وأعرفُها
علي كتفيَّ من عمرِ الخلائقِ ما يُعِين
حُمِّلتُ أوزاري ودونَ هوادةٍ
طفتُ الشوارعَ والأزقةَ والدروب
الأرضُ غيرُ طريةٍ
والأوجُهُ الأشباحُ في ملكوتِها تهمي
أولُها عراءُ التيه وقهقهاتُ المتعبين
وآخرُها الجروح
الغموضُ علي النوافذِ رائقٌ
والصمتُ منسدلٌ علي الأشجارِ يكسوها الفضيلةَ
دهرٌ نائمٌ فوقَ البيوت
فائض ُ ظلمةٍ شوهاءَ لا يخفي الضجيج
الأقصر