عاصر داود حسني الحركات الوطنية... شاهد ثورة عرابي .. ورأي الصراع بينه وبين الخديوي توفيق وكان عرابي في نظر داود حسني بطلا سوف يمجده التاريخ بالرغم من أن الإستعمار البريطاني كان يعمل دائما وأبدا علي محو هذه البطولة بالطرق الملتوية الخبيثة . وتعارف داود حسني بسامي باشا البارودي وكان يري في أشعاره آيات الفخر والبطولة التي يمتاز بها كل عربي أصيل .. وعاصر داود حسني فتحي زغلول .. وبعثت الحركة الوطنية الأولي التي قادها الزعيم مصطفي كامل بعثا فكريا ثوريا . وكان هناك اتصال وثيق بين الشيخ محمد عبده و داود حسني وكان يلقاه دائما في الندوات السياسية التي تقام في قصر البرنسيس نازلي وهناك تعرف داود حسني بسعد زغلول وقاسم أمين وغيرهما . وكان سعد يحب الاستماع الي غناء داود حسني خاصة في دوره الحجاز كار دع العزول ده من فكرك وعندما كان يأتي داود حسني في غنائه الي حركة : يا منصفين انصفوني ... كان سعد زغلول تدمع عيناه طربا وتأثرا ... وعندما وضع أحمد شوقي شاعرنا الكبير النشيد المصري الوطني بني مصر مكانكمو تهيا فهيا مهدوا للملك هيا لحن داود حسني هذا النشيد . وقد اعترف كل من ابراهيم القباني وابراهيم شفيق وسيد درويش وصفر علي أن نشيد داود حسني أقوي الأناشيد التي لحنوها جميعا. وكان من المنتظر أن يفوز لحن هذا النشيد بالجائزة الأولي ... ولقد طعن في وزن الشعر بأنه لا يتفق ووزن المارش وبالرغم من ذلك فقد تمكن داود حسني من اخضاع وزن الشعر الي وزن المارش مما جعل الشعر يسير سيرا سليما مع موسيقي المارش ... ولكن الطعن قد أثار ضجة كبري لوزن النشيد وبذلك لم يدخل نشيد شوقي مسابقة التلحين . وفي سنة 1919 وكانت قوات الإحتلال تحصد الناس في الشوارع حصدا بالمترليوزات , كان داود حسني يصيح بأعلي صوته : ولو .. سنكسر القيود .. وسوف يولي الإستعمار الأدبار .. بكره يرحل وعصاه علي كتفه . وعندما حضر سعد زغلول من المنفي وتأهبت القاهرة عن بكرة أبيها للقاء الزعيم الكبير استقل داود حسني عربة حنطور ومعه بعض المنشدين ينشدون لحن : بني مصر مكانكمو تهيا فهيا مهدوا للملك هيا وسط النيران وبنادق القوات الانجليزية التي كان ينهمر منها الرصاص .. وقد أثرت فيه كل هذه العوامل وهذه الثورات التي لاقاها داود حسني في حياته فاندفعت في روحه روح الثورة وتجلت في أناشيده وأوبريتاته التي تقطر فخرا لحب الوطن والتفاني في حبه لدرجة الاستشهاد .