كثيرا ما كان أمير الشعراء أحمد شوقي يذهب الي معهد الموسيقي ليلتقي الفنانين هناك وكثيرا ما كان يجالس داود حسني ويستشيره في الشعر الموسيقي ويبادله الأفكار في الفن. ولقد كان الحديث بينهما شائقا ... قال شوقي : ما رأيك يا داود في الشعر الموسيقي ؟ او بالحري في شعر المسرحيات الغنائية الأوبريت والأوبرا - .. هل تجد أن الشعر الحالي بقوافيه كافيا لذلك اللون من الغناء؟؟ فقال داود : إني أري أن الشعر الغنائي خاصة في الأوبرا والأوبريت لا يلتزم قافية واحدة أو وزنا واحدا .. بل إني اذهب أن يكون شطر بيت من قافية وشطرا آخرا من قافية اخري ... وذلك ليكون هناك تلوين موسيقي من حيث تنوع القوافي وتغيير الوزن أيضا يساعد علي تنوع موسيقي . فقال أحمد شوقي : حقا يا استاذ داود هذا رأي لا غبار عليه فهو واضح .. وإن الشعر الموسيقي في بلاد الغرب سار الي ما تقول من أن الوزن يكون دائم التغيير .. ولا يلتزم بقافية واحدة بل تتعدد القوافي فيه . وكان شوقي يسأله : كيف رضاك عن تلميذك محمد؟ يقصد محمد عبد الوهاب . فكان داود يقول : إنه يسير بخطي واسعة وله طور خاص في موسيقاه وأري أنه سيصل الي درجة من الكمال . ولقد عاتبه الشيخ محمود صبح مرة علي أنه يستحسن فن عبد الوهاب .. وكان محمود صبح يطلق علي عبد الوهاب الكردي لكثرة ما لحن من مقام الكرد. فقال داود حسني للشيخ محمود صبح : إن الموسيقي ألوان .. فدع كل موسيقي يضع اللون الذي يمليه عليه شعوره ووجدانه. و أقام أمير الشعراء أحمد شوقي حفل تكريم للموسيقار الناشئ عبد الوهاب في فندق الكونتننتال دعا اليه كثيرا من الأدباء والموسيقيين .. ولم يلب الدعوة من الموسيقيين أجمعين الا داود حسني و الأستاذ سامي الشوا . فلما أقبل داود علي صالة الاحتفال بتكريم عبد الوهاب وقف أمير الشعراء أحمد شوقي مرحبا بقدومه شاكرا تلبية الدعوة .. وقال : أهلا يا أستاذ داود .. إن في مجيئك إلي هنا تشريف لقدر ابنك عبد الوهاب .. وإن خلالك الكريمة وقيامك بالمجاملة تفوق علمك الغزير وفنك الكبير .