حياة كريمة فى الغربية.. المبادرة الرئاسية تغير الواقع بقرية دمنهور الوحش    أنا الوحيد الذي تخليت عنه مبكرا، ترامب يكشف أسرارا عن إبستين في رسالة "عيد الميلاد"    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادثي تصادم بالدقهلية    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    مسئول بمحافظة الجيزة: عقار إمبابة المنهار عمره يتجاوز 80 عاما.. والسكان لم يبلغوا الحي بالشروخ    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    100 مليون في يوم واحد، إيرادات فيلم AVATAR: FIRE AND ASH تقفز إلى 500 مليون دولار    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    فلسطين.. جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    أول تعليق نيجيري رسمي على "الضربة الأمريكية"    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    موسكو تتوسط سرّاً بين دمشق وتل أبيب للتوصّل إلى اتفاق أمني    الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    أمم إفريقيا - تعيين عاشور وعزب ضمن حكام الجولة الثانية من المجموعات    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بولانيو يكتب عن مطبخه الأدبي محارب في غرفة بلا نافذة
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 07 - 2011

في هذا النص يكشف الراوئي التشيلي أسرار كتابته بكل فكاهة، بنبرة خالية من الوقار كما فعل في روايته " ليلاً في تشيلي".
مطبخي الأدبي عادة ما يكون قطعة فارغة ليس فيه ولا حتي نوافذ. أنا أتمني بالطبع أن يحتوي علي شيء:
لمبة، بعض الكتب، عبير طفيف من الشجاعة، لكن الحقيقة أنه لا يحتوي علي شيء.
مع ذلك، عندما أقع أحياناً ضحية لهجمات تفاؤل لا يمكن كبحها(والتي تنتهي، من جانب آخر، لحساسية مفزعة) يتحول مطبخي الأدبي إلي حصن من العصور الوسطي(له مطبخ) أو إلي شقة في نيويورك(لها مطبخ وتطل علي أماكن مميزة) أو إلي صخرة في منحدر جبال الإنديز (بلا مطبخ، لكن بها موقد). داخلاً في هذه النشوة بشكل عام أفعل ما يفعله الناس جميعاً: أفقد توازني وأظن أنني خالد. لا أريد أن أقول خالداً بشكل أدبي وأنا أتحدث، فلا أحد يفكر في هذا سوي الساذج وأنا لا أصل لهذه المكانة، وإنما خالد بالمعني الحرفي، مثل الكلاب والأطفال والمواطنين الطيبين الذين لم يمرضوا بعد. ولحسن الحظ، أو لسوئه، لكل هجمة تفاؤل بداية ونهاية. فلو لم يكن لها نهاية، لتحولت هجمة التفاؤل إلي ميل سياسي. أو إلي رسالة دينية. ومن هنا لدفن الكتب (أفضّل ألا أقول حرقها لأنه سيكون مبالغة) ليس إلا خطوة واحدة. الصواب أن هجمات التفاؤل، علي الأقل في حالتي، تنتهي، ومعها ينتهي المطبخ الأدبي، ويتبخر في الهواء المطبخ الأدبي، وأبقي أنا فقط، في نقاهة، وتتبقي معي رائحة خفيفة لحلل وسخة، وأطباق متناثرة وصلصة عفنة.
المطبخ الأدبي، كما أقول أحياناً، مسألة ذوق، بمعني أنه ملعب تلعب فيه الذاكرة والمباديء (أو الأخلاق، إن سمحتم لي باستخدام هذه الكلمة) لعبة تجهل قواعدها. الموهبة والتميز يتأملان اللعبة باستيعاب، لكنهما لا يشاركان. الجرأة والشجاعة نعم يشاركان، لكن فقط في أوقات محددة، وهو ما يعني عدم المشاركة بإفراط. المعاناة تشارك، الألم يشارك، الموت يشارك، لكن بشرط أن يلعبوا ضاحكين. علينا أن نقول ذلك بشيء من الوقار لأنه تفصيل لا يغفر.
الأهم من المطبخ الأدبي المكتبة الأدبية (الأمر جدير بالتكرار). فالمكتبة أكثر راحة بكثير من المطبخ. المكتبة تشبه الكنيسة بينما المطبخ يشبه مع الوقت المشرحة. القراءة، كما يقول جيل دي بيدما، أكثر طبيعية من الكتابة. وأنا أضيف، رغم التكرار، أنها أكثر فائدة للصحة، مهما قال أطباء العيون. بالفعل، الأدب صراع طويل من التكرار في التكرار، حتي التكرار النهائي.
لو تحتم عليّ أنا أختار مطبخاً أدبياً لأقيم فيه خلال أسبوع، سأختار مطبخ كاتبة، شرط ألا تكون كاتبة تشيلية. سأعيش بكل سعادة في مطبخ سيلفينا أوكامبو، في مطبخ أليخاندرا بيثارنيك، في مطبخ الروائية والشاعرة المكسيكية كارمن بويوسا، في مطبخ سيمون دي بيوفو. من بين أسباب أخري، فلأنها مطابخ أكثر نظافة.
في بعض الليالي أحلم بمطبخي الأدبي. مطبخ كبير، يضاهي ثلاثة ملاعب كرة قدم، بسقوف مقببة وموائد لا نهائية يتكوم حولها كل الكائنات الحية بالأرض، المنقرضون والذين سينقرضون بعد زمن ليس بطويل، مطبخ مضاء بشكل مبتكر، في بعض المناطق بإضاءة مضادة للهواء وفي أماكن أخري بشعلات، وبالطبع هناك مناطق مظلمة لا نري فيها سوي الظلال المتلهفة أو المهددة، وشاشات كبيرة نشاهد فيها، بطرف أعيننا، أفلاماً صامتة أو معرض صور، وفي الحلم، أو في الكابوس، أتنزه في مطبخي الأدبي وأحياناً أشعل الموقد وأعد بيضة مقلية، وأحياناً توست. وبعد ذلك أستيقظ بشعور كبير من التعب.
لا أعرف ما يجب أن يُفعل داخل مطبخ أدبي، لكنني نعم أعرف ما لا يجب أن يُفعل. لا يصح أن تحدث سرقة أدبية. فالسارق الأدبي يستحق أن يُعلق في ميدان عام. هذا ما قاله سويفت، وسويفت، كما نعرف جميعاً، محق أكثر من قديس.
هكذا تتضح هذه النقطة: لا يصح أن تحدث سرقة أدبية، إلا إذا أردت أن تُعلق في ميدان عام. رغم أن سارقي الأدب لا يُعلقون اليوم. بل علي العكس، يتلقون المنح والجوائز والوظائف العامة، وفي أحسن الأحوال يصبحون بيست سيلرز وزعماء الرأي. يا له من مصطلح غريب وقبيح: زعيم رأي. أظن أنه سيعني ما يعنيه راعي غنم، أو مرشد روحي للعبيد، أو شاعر قومي، أو أب الوطن، أو أم الوطن، أو عم الوطن.
في مطبخي الأدبي المثالي يعيش محارب، بعض الأصوات(أصوات بلا جسد ولا ظل) تسميه كاتباً. هذا المحارب يحارب باستمرار. يعرف أنه في النهاية، مهما فعل، سيقع مهزوماً. مع ذلك يتجول في المطبخ الأدبي، المشيد بالأسمنت، ويواجه خصمه دون أن يعطي أو يطلب مقراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.