«الدراسة في موعدها».. 22 تنبيهًا من «التعليم» قبل انطلاق العام الدراسي الجديد (صور)    جبران: قانون العمل الجديد يراعي حقوق وواجبات أصحاب العمل والعمال    رسميًا.. 11 فرصة عمل في الأردن بمجالات الرخام والبلاستيك (رابط التقديم)    تباطؤ الزيادة 17%.. «المصري اليوم» تحلل تعداد مصر السكاني آخر عامين    انطلاق أولى فعاليات مبادرة «كن مستعدًا» بمركز التطوير المهني بجامعة المنيا    رئيس المجلس الأوروبي: الوحدة بين أوروبا وأمريكا ضرورية لتحقيق سلام في أوكرانيا    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه حكومته بالإشراف على عمليات الإغاثة بعد الفيضانات العارمة    أوامر ملكية: إعفاء مسؤولين في السعودية    ماستانتونو عن انضمامه إلى ريال مدريد: "حلم الطفولة تحقق"    الدنمارك تحصد برونزية بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ليس سانشو.. روما يسعى للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    الأهلي يضم عزة الفولي لتدعيم فريق الكرة النسائية    عُثر على جثته بالزراعات.. مصرع شخص بعيار ناري على يد ابن عمه في الفيوم    غرق شاب أثناء السباحة في مياه الترعة بأسوان    نقيب السينمائيين يرثي مدير التصوير تيمور تيمور برسالة وداع حزينة    صلاح عبد العاطي: إسرائيل مشروع استعماري يهدد الأمن القومي العربي والدولي    خالد الجندى: مخالفة قواعد المرور حرام شرعًا    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأجندة الإجازات الرسمية    جولة مفاجئة لوكيل صحة بني سويف لمتابعة مستوى الخدمة بمستشفى الحميات    وكيل صحة الشرقية ورئيس جامعة الزقازيق يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    بعد تراجعه.. هل تستطيع مصر استعادة مستويات انتاج الغاز بحلول 2027؟    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص بطريق "الإسماعيلية- الزقازيق" الزراعى    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    أسعار الفراخ بأسواق مطروح الأحد 17-8-2025.. الكيلو ب 70 جنيها    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورًا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب والفولاذ
نشر في أخبار الأدب يوم 18 - 12 - 2010

ذهبت مبكرا قليلا عن موعدي. قصدت نصبة شاي أم السعد، واسترحت في ظل تكعيبة العنب الذي يغطي بقعة صغيرة. جلست علي حجر أشرب الشاي وأرقب بطرف عيني موقف السيارات القادمة من غزة. المفروض أن تكون ريم هنا بعد نصف الساعة علي الأكثر.
الجو حار لم يكسره هواء بحر رفح الذي يسري من بعيد. في نقطة عالية من السماء حومت طائرة، وومض فولاذها لحظة في شعاع شمس ثم انحرفت مرتفعة واختفت في طبقات أعلي. أمامي ترامت البيوت التي برزت أسياخها وأخشابها في الهواء، وخيام قعد أصحابها أمامها أبصارهم محنية علي الأرض، وعيال عراة يتواثبون حول موتوسيكلات محطمة ومعوجة، وأشجار زيتون متباعدة محترقة. لا شيء ينجو من الطائرات المغيرة . ها هو ميكروباص عتيق يلوح مقرقعا، اقترب وتشبثت عجلاته بالأرض متوقفا. هبط رجل عجوز ببطء معتمدا علي ذراع شاب يحمل بيده الأخري أشعات طبية، وتسرسبت بعده بضع نساء تضم أذرعهن إلي صدورهن زجاجات زيت ومعلبات أطعمة، وأخيرا تقدمت ريم برأسها من فتحة الباب وظهرها محني، هبطت وفردت طولها وبان قوام ابنة السابعة عشرة ملفوفا مشدودا في فستان أبيض تناثرت فيه زهور برتقالية. تلفتت حولها بنظرات متوترة بين الطفولة والصبا، وبرق في عينيها اللامعتين قلق. اقتربت منها، وكدت أنسي وأرفعها من خصرها بيدي الاثنتين لأعلي وأقبلها كعادتي فيما مضي لولا حمرة الخجل التي كست وجهها بطيف اعتذار نبهني إلي أنها صارت آنسة. قالت وهي تصافحني "عم غسان! كيفك؟ ". بصوتها بقايا طفولة سرعان ما سحبها صباها النامي . قلت " كيفك أنت؟ ". قالت " تمام. تمام ". رفعت حاجبي وأشرت بعيني إلي الطريق. سرت أمامها، فمشت تقريبا بمحاذاتي. أدب علي الأرض بجوارها لكن لا أسمع لها صوتا إلا حين تضرب بيدها طرف فستانها إذا رفعه الهواء. أمشي بين الخيام وريم تنداح في روحي مثل نغمة أعراس القري " سبل عيونه ومد إيده يحنوا له، غزال صغير كيف أهله سمحوا له؟ ". النغمة مفرحة في الأصل لكنها ترددت داخلي مبطئة شجية.
دنونا من البيت المقصود وتطلعت وراء كتفها فلم أر أحدا. طرقت الباب طرقتين، ففتح ياسر، دخلت ومرقت هي في أعقابي. أغلق ياسر الباب خلفنا، ووقفنا ثلاثتنا في فسحة البيت، ولم يكن بها شيء سوي حصيرة مفروشة وراكية شاي وصحون صاج.
قال ياسر : أهلين. وتردد بصره بيني وبين ريم وهو يشير إلي أكواب وملاعق قرب الحصيرة كأنما يدعونا لشيء، وهز رأسه بحسم قائلا : أنا لابد أن أنصرف. عندي شغل. حدق في وهو يدور سبابته حول أذنه : خليك معهم علي المحمول. أعطانا ظهره وقبل أن يخرج أدار رقبته نحونا : ستجدونه معكم بعد نصف ساعة أوساعة علي الأكثر. يعطيكم العافية.
خرج. وشعرت بها من دون أن أنظر إليها ترتجف. كنت أعرف والدها جيدا، وأتردد عليهم في حي الجنينة إلي أن توفي، فأحجمت عن زيارتهم لأن أمها صارت وحدها بدون رجل، ومرت سنوات وإذا بريم تستدل علي عنواني وتجيء إلي، وفاجأتني بأن الطفلة التي كانت تثب إلي عنقي تقبلني وضحكتها ترتج في حنجرتها كبرت هكذا. حينذاك طلبت مني بكلمات مقطومة المساعدة في عبور شاب مصري إلي غزة! أدهشني رجاؤها وسألتها ما بين الجد والضحك : شو معه؟ سلاح؟ مخدرات؟ بضاعة؟. حركت كفيها أمام وجهي هاتفة : لا عمو.. لا.. ما عنده شيء. أنت عارف المعبر مقفول. وصمتت وأحنت رأسها منكمشة وقالت بصوت يذوب كأنما تتلاشي داخل قطعة سكر : يحبني. وغمرني من كلمة " يحبني " سلام عجيب، كأن العالم قد تصالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.