مساء الأحد الماضي كان محمد عبلة يرسم علي الباب الصاج لورشة بالفجالة دون تصميم مسبق.. يُمسك بفرشاة الطلاء ويرسم وردة بالأحمر، وطائراً بالدهان الأبيض.. رسوماً تحاول صُنع البهجة ..ويعلن بها الفنان التشكيلي افتتاح مشروع "أتيليه الشارع" . كان اليوم أحد، والورش مغلقة مما أضفي طابع الهدوء علي الشارع والمنطقة بشكل عام.. السيارات علي أحد جانبي الشارع الضيق و"عبلة" محاطاً بمجموعة من الرسامين الشبان.. يقول لهم: "أهم حاجة نعمل بهجة". الرسام المحترف تباسط مع الهواة ليكون الهدف الوحيد للأتيليه المفتوح بالفجالة أن يشعر المارة في الصباح بالسعادة بسبب الألوان، وأن يحب العمال العمل بالورشة بعد دهان بابها الأخضر برسوم بسيطة. أثناء الرسم حضر صاحب سيارة (راكنة) جوار إحدي الورش، لم يكن غاضباً. أستأذن عبلة بأدب في تحريك السيارة بعيداً.. في هدوء تحرك بالسيارة، دون أن يقاطع العمل. الفكرة هي تفاعل الناس مع المكان، أن يؤثروا في البيئة من حولهم.. "لعل التجربة تنتشر". يقول عبلة. حلم عبلة، أن تكون جميع جدران الشوارع مُغطاة بالرسوم.. لكن، مع الأسف، كانت الألوان تسيل.. امتزجت الألوان مع بعضها، في خيوط دقيقة انسابت علي الباب الصاج.. الهواة لم يتبعوا نصيحة عبلة. حاولوا السيطرة علي الألوان المارقة، ولكن كان لابد من الرسم مرة أخري.. الرسم فوق الرسوم التي سالت. بعض الهواة كانوا يرسمون حسب تصميم مسبق، هناك من رسم تصميمات ونفذوها علي الورق وبدأ في التفكير بتنفيذها علي أبواب الورش، لكنهم استغرقوا في التصميم بالقلم والورقة مدة طويلة أجّلت التنفيذ قليلاً.. عبلة الفنان التشكيلي المخضرم، المشغول بأعمال الجرافيك كان يُمارس نشاطاً اعتدناه في شوارعنا، لكن ليس بروح العلانية التي تمتع بها "اتيليه الشارع"، النشاط الذي نقصده هو رسم "الجرافيتي"، الرسوم المتسللة ليلاً إلي جدران القاهرة، التي لا تخلو من شغب سياسي مثلاً.. هذا النشاط مختلف تماماً عما حدث في "أتيليه الشارع"، لكن هناك تشابه.. حرية الرسم، لكن تجربة عبلة اشترطت البهجة فقط. ثلاثة شبان من المنطقة تحركوا مع المجموعة. نظفوا الأبواب، وغسلوها بالجاز لتكون معدّة للرسم. قبل السادسة بقليل تجمع الشباب، حددوا طلباتهم، الجيزويت الجهة المنظمة للنشاط وفّرتها. هناك من طلب "أفرولاً"، ومن طلب جازاً أكثر لغسل الفرشات. عبلة كان مهتماً بألا يتسخ الرصيف بالدهان.. التجربة كانت محددة الهدف، مساحة الرسم.. الأبواب الصاج فقط. النشاط ينتمي إلي برنامج "الفجالة منورة بأهلها" الذي تنظمه جمعية النهضة العلمية والثقافية، الجيزويت، والذي يحمل عنوان "تحكي وتغني"، يضم إلي جانب الأتيليه مجموعة أنشطة منها ورشة تصوير فوتوغرافي تشرف عليها مروة سعودي، وإنتاج أفلام تسجيلية عن الحي القديم يشرف عليها محمد طلعت، وكذلك فيلم عن إيقاع الفجالة للمخرج الشاب كريم حنفي، وورشة لجمع حكايات من الحي الهادئ يشرف عليها حسن الجريتلي.