يقدم خيري شلبي رواية بهذه العنوان: وهو تقديم يمثل نوعا من المغامرة الفنية التي تغاير مسيرته السردية السابقة، ذلك ان متنها الحكاني في المستوي المباشر يرصد مقتل شاب مسيحي، ومن هذه الواقعة يستمد النص معظم مروياته التي لاحقت الشخوص في انقسامها إلي قسمين، في أحد القسمين (اهل القتيل) وفي مقدمتهم (أمه) التي رفعت راية حزنها في مواجهة القسم الاخر الذي حملته مسئولية الجريمة، أي أن المستوي المباشر قد اعتمد نسقا دراميا تصادميا، بلغ ذروته في المواجهة بين (الام والعمدة). ومن يتابع السرد، يلحظ ان هذه الأم خرجت من طبيعتها البشرية، لتكون أشبه ما تكون (بالهامة) التي تحلق طلبا للثأر، أو كأنها النذير المسلط علي مجتمع هذه الراية دون استثناء، ثم يتدخل طرف اضافي لتكثيف درامية للنص، هو (حمزة) الراوي الرئيسي، اذ كان طامحا إلي منصب القضاء، ومؤهلاته تؤهله للوصول إلي طموحه، لكن سمعة عائلته السيئة، تحول بينه وبين الوصول إلي ما يطمح إليه، اي ان الصدام بين طموح (حمزة) وسمعة عائلته، كان عنصرا دراميا ضاغطا، لانه وضع الشخصية بين متناقضين: ولأنه لعائلته، وشرطه القضائي الذي يطالبه بالوصول إلي القاتل أيا كان. معني هذا أن درامية السرد كانت متعددة المستويات، وتكاثرت هذه المستويات بوسيلة اضافية، اذ كان الراوي - أحيانا - يتنازل عن سلطته في الحكي، ليتيح لشخوص اخري ممارسة هذه السلطة، مما جعل الدرامية تلاحق الوقائع حينا، وتلاحق الشخوص حينا آخر. واذا كان المستوي للمباشر قد شكل كل هذه الدرامية المتعددة المستويات، فان المستوي غير المباشر، أو العميق، قد أنتج دراميته - ايضا - في تشكيل الوقائع، وفي رسم الشخوص، حيث تتوازي مع درامية السطح المباشر، إذ يقدم بعض الانساق المغلوطة، مثل تحطيم (طالبان) للتماثيل في افغانستان ، وعندما يقدم المستوي السطحي العدوان علي الاخر في مؤامرة (قطاع الطرق) في خطف (إبراهيم صليبة) يستحضر العمق اغتصاب (الصهاينة) لكنيسه العذراء. ان مجمل هذه التصادمات الدرامية، كانت نذيرا للواقع بالقادم التدميري، وفي مقدمته الصدام الطائفي الذي يهدد الجميع من الشخوص والاحداث، فدرامية هذه الرواية قد تمثلت فيما تحتويه سطورها، وما يكون مضمرا بين السطور، كما تمثلت في المقروء السردي المباشر، والمفهوم غير المباشر، اي ان الرواية - في مجملها، صرخة تنبيه، ثم صرخة انذار، لكنها صرخة فنية 0 ان صح هذا التعبير - لأن اثرها يتسلط علي العقل. أكثر من تسلطه علي السمع.