الفنانون المقاطعون فى احدى اجتماعاتهم صراع ثقافي يشق إسرائيل الآن. بدأ الأمر بدعوة وجهتها حركة "أومتس لسَريف" - والمكونة من جنود احتياط سابقين يدعون لإنهاء الاحتلال ورفض الخدمة العسكرية - إلي مديري المسارح وتنظيمات الممثلين في المركز لعدم تقديم عروضهم في المركز الثقافي "هيخال هتربوت" المزمع افتتاحه في مستوطنة أريئيل بالضفة الغربية بشهر نوفمبر المقبل. الخطاب توجه إلي مديري المسارح: "ثمة شيء ما غير مناسب في مجيء الناس للضحك والاستمتاع بعروض هسفري وموليير، متجاهلين حياة البشر من حولهم تحت وطأة الحصار والحظر. لا أحد يلعب في ظل الاحتلال"، وأضافوا: "نحن ندعو المسرحيين في إسرائيل، بمن فيهم المخرجون والكتاب والممثلون وفرق الإنتاج والموسيقيون وسائر الفنانين الذين سيظهرون معهم، إلي عدم الصعود علي المنصة في هيخال هتربوت بأريئيل. إنها منصة العار لدولة الإسرائيل، للفن والثقافة في البلاد." جدير بالذكر أن أدباء مهمين قد وقعوا علي البيان، مثل عاموس عوز،أ.ب. يهوشواع ودافيد جروسمان. كاتب المسرح شموئيل هسفري قال رداً علي رسالة الحركة: "للحقيقة فأنا أشعر بعدم ارتياح مع هذا. طالما أنه ليس هناك اتفاق علي تقسيم البلد وقرار واضح بأي من المستوطنات سيتم ضمها لدولة إسرائيل، فأنا أفضل ألا يتم عرض مسرحياتي خارج الخط الأخضر." كانت هذه هي العاصفة الأبرز في إسرائيل في الأيام الماضية. وأثارت بدورها كثيراً من الغضب بين قطاعات اليمين في إسرائيل، وبل و"اليسار" المعتدل. بدا رئيس بلدية أريئيل وعضو الكنيست السابق، رون نحمان، مستفزا تماما من موقف الفنانين الداعين للمقاطعة، قال ردا: "ليس للثقافة أية صلة بالسياسة. إذا أراد الممثلون والمبدعون الاشتغال بالسياسة، فليذهبوا إلي الكنيست. سفالة وحقارة ونفاق هؤلاء المشتغلين بالثقافة والذين يدعون لمقاطعتنا، غير محتملة. لا يحتمل أنه بعد عشرين عاما، تبني فيها دولة إسرائيل هنا مركزا ثقافيا ملائما، يتحول أهل أريئيل إلي "الحائط المائل" لمجموعة أشخاص. هذا مرض يشير إلي شيء ما معيب لدي هؤلاء الناس." وزيرة الثقافة الاسرائيلية ليمور لفنات بدت حادة في ردها أيضاً. دعت مديري المسارح المدعومة من قبل إسرائيل إلي "الاحتشاد بشكل فوري لمعالجة الأزمة الوليدة، حيث قرر ممثلون ومبدعون أن يشقوا المجتمع في إسرائيل"، وأضافت: "هذا الأمر الخطير يخلق شرخا في المجتمع وتمييزا بين الجماهير وفق الآراء السياسية للمبدعين والفنانين. الثقافة هي جسر اجتماعي وينبغي الإبقاء علي النقاش السياسي خارج الحياة الثقافية والفن." بعد نشر رد الوزيرة بقليل، ردت إدارات المسارح العامة في إسرائيل "المسرح القومي، هابيماه، الكامري، بيت ليسين وبير سبع" وأعلنت أنها ستعرض "في أي مكان يوجد فيه مواطنون إسرائيليون يسعون إلي المسرح الإسرائيلي، بما فيه المركز الثقافي الجديد في أريئيل. نحن نحترم الرؤي السياسية للممثلين والمبدعين بخصوص أريئيل، ولكننا سوف نجلب إلي آريئيل خيرة عروض المسرح الإسرائيلي." أما لجنة "ي.ش.ع" أي "مستوطنات يهودا والسامرة وغزة"، وهي اللجنة ذات البعد الديني والقومي الصهيوني، فقد قالت ردا علي هذه الرسالة: "ردنا علي الرسالة التي وقع عليها مجموعة من رافضي الخدمة العسكرية ونشطاء اليسار المعادين للصهيونية سوف يكون أكثر حدة. رسالة التحريض تلك، التي خرجت بحقارة ضد خيرة أبناء الدولة المدافعين عنها وهم يقومون بالتمثيل علي المسرح، تتطلب ردا مباشر، واضحا وحادا من جانب إدارات المسرح ونحن نأمله. سوف نعلن عن خطواتنا في الأيام المقبلة." العاصفة شملت بأثارها نتنياهو نفسه، والذي تطرق للموضوع في افتتاح جلسة الحكومة قائلا: "إسرائيل الآن تخضع لصراع يحاول سلب الشرعية الدولية عنها، ولذا فالحكومة لا ينبغي عليها تمويل عناصر تحاول فرض المقاطعة من الداخل." أما شموئيبال هسفري فرد عليه في مقال بيديعوت أحرونوت قال فيه: "اليوم واضح للجميع أنه من الناحية القانونية، فلا أحد بوسعه إلزام المسرح وممثليه بتقديم عروضه خارج الخط الأخضر لإسرائيل. هذا يشبه أن تفرض علي يهودي متدين أن يأكل في مطعم لا يقدم طعاما حلالاً."