بحضور أكثر من 50 ألف.. مستقبل وطن ينظم مؤتمر دعم القائمة الوطنية بمجلس الشيوخ بالشرقية    استشهاد 12 فلسطينيا في قصف إسرائيلي استهدف مخيما للنازحين بقطاع غزة    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    "علماء المسلمين" يساند دعوة فتح معبر رفح .. "القرة داغي" يخاطب "جوتريتش" و"الصلابي" يناشد شيخ الأزهر بكلمة حق    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    نتيجة الثانوية العامة 2025.. تغيير المجموع الكلي لأول مرة منذ 30 عام    خلص عليه بآلة حادة.. مقتل شاب على يد تاجر خردة في الإسماعيلية    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    وسام أبو علي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي    انتشال 3 جثامين ومصاب إثر غرق سيارتي نقل بمعدية شرق التفريعة ببورسعيد    بينهم أطفال.. إصابة 9 أشخاص بالتسمم خلال حفل زفاف في الدقهلية    المالية تنفي الإعلان عن حزمة اجتماعية جديدة: «سابق لأوانه»    «جايب 6 أهداف في ست سنين».. أسامة حسن يطالب ببيع نجم الزمالك    وصول أكثر من 1000 سوداني إلى محطة ميناء السد العالي بأسوان    شراكة بين «امتلاك» و«فورى» لتقديم حلول دفع رقمية لعملاء الملكية الجزئية فى العقار    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن تتنازل عن خرائط الانسحاب من غزة بعد الآن    زيلينسكي: جولة جديدة من المفاوضات مع روسيا ستجري يوم 23 يوليو    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    ضبط المتهم بسحل طليقته للاستيلاء على أرضها بالبحيرة | فيديو    سقوط «بلطجي» روّع شخصًا بسلاح أبيض في المنوفية | فيديو    «كانت حفلة صعبة.. وإمام عاشور اتنقذ».. تعليق ساخر من الغندور على إيقاف راغب علامة وفتوح    4 أبراج «بتسيب أثر فيك».. ساطعون كالنجوم لا يمكن نسيانهم وحضورهم طاغٍ    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    حسن شحاتة يخضع لعملية جراحية    الكنيسة تفتح أبوابها لاستقبال قداسة البابا تواضروس الثاني    فريدة تمراز: حلمى كان إعادة مصر إلى خريطة الموضة العالمية ببراند معترف به    الصحف المصرية.. رسالة السودانيين لمصر: شكرا من القلب    الأردن يرحب ببيان 25 دولة حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة    الأمم المتحدة: استمرار العنف في سوريا يؤجج النزوح الجماعي في السويداء    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    مديرية التعليم بالسويس تعلن أسماء 102 فائزًا في مسابقة ال30 ألف معلم    إدراج كلية الطب بالجامعة الأهلية في المنيا في الاتحاد العالمي للتعليم الطبي    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    "أنا على الهوا".. موقف طريف لمعلق ودية الأهلي والملعب التونسي (فيديو)    «لن يعتزل».. الكشف عن وجهة علي معلول بعد رحيله عن الأهلي    وزير العمل: مواجهة عمالة الأطفال وحماية عمال الدليفري أولويات الوزارة    بإطلالة جريئة.. 10 صور ل بوسي أثناء قضاء إجازة الصيف في الساحل    داليا البحيري بفرنسا وميرنا جميل في عرض البحر .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن | منع راغب علامة من الغناء وحقيقة إصابة أنغام بالسرطان    د.حماد عبدالله يكتب: "تدليع " الصناعة المصرية !!    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية الكتابة للطفل
نشر في أخبار الأدب يوم 14 - 05 - 2016

لم يبدأ الاهتمام بأدب الأطفال، بشكل واضح وجلي، إلا بعد عصر النهضة في أوروبا، وقبل هذا كانت إشارات مختلفة ومنجمة في كتب متنوعة تعني بأدب الأطفال، تُروي مشافهة، أو علي شكل أحجيات وحكايات وقصص تناقلتها الألسن وتداولتها بشكل أو بآخر.
أما في العالم العربي، فإن الكتابة الموجهة إلي الطفل، قد واجهت صعوبات كثيرة، منها علي وجه عام تأخرها عن الظهور، فقد أشارت بعض الدراسات إلي ظهور هذه الكتابة في أواخر القرن التاسع عشر، وقد تأثر الكثير منها بما وصلنا من الكتابات الغربية بشكل عام.
ورغم هذا التأخر في الظهور إلا أن أدب الأطفال قد ظهر في العالم العربي بالصورة التي ما يزال يكرسها ابتداء من نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينات من القرن الماضي. وقد استجاب هذا الظهور لمرحلتين نراهما فارقتين:
المرحلة الأولي: وهي مرحلة البحث عن الجودة عبر ترجمة الكثير من المؤلفات الفرنسية والإنجليزية، ومحاولة تبييئها علي نحو تربوي يتمشي والبيئة العربية. وكانت هذه المرحلة تراهن علي خلق الدهشة لدي المتلقي، وذلك بتقديم إبداع مستخلص ومستأصل من بيئة غير عربية، وبأساليب بسيطة جدا.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة إبراز الذات بظهور كتابة عربية محلية في فنون عديدة قصة ومسرح وشعر ومجلات... وقد عمدت هذه المرحلة إلي تكييف النصوص الدينية والتراثية العربية بأساليب مبسطة، والاشتغال علي الموروث من زاوية اختزاله عبر استدعاء رموزه وأعلامه. ومن نتائج المرحلتين بروز المكتبات الخاصة بالأطفال، وأيضا دور النشر المتخصصة بأدب الطفل.
والمغرب كباقي الدول العربية بدأ يهتم بأدب الأطفال حديثا، من خلال كتابات متنوعة ومختلفة أرساها كتاب معروفون سواء في مجال الكتابة الموجهة إلي الطفل، أو من خلال كتاباتهم الإبداعية.
في أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت الكتابة الموجهة إلي الأطفال تستجيب لهذه الفئة وللساحة الكتابية التي كانت تتغذي في بدايتها من أدب الأطفال المشرقي، الذي كان يفد إلي المكتبات المغربية من خلال مجلات ونصوص مختلفة، ونمثل هنا بمجلة مزمار، والعربي الصغير، ومجلتي، وماجد...إلخ. ونسجل كون هذه الكتابة احتضنتها في البداية جريدة العلم سنة 1947، التي أفردت حيزا تحت عنوان "صحيفة الأطفال".
وأمام هذه الدينامية الكتابية الموجهة إلي الطفل أصبح من المعقول جدا طرح إشكالية الكتابة لهذه الفئة بكل ما يحمله المفهوم من متطلبات، وشروط، ومبادئ، باعتبار هذه الكتابة مَهمة شاقة تواجه المبدعين المتخصصين في أدب الأطفال وغير المتخصصين، ومن ثم جاء اهتمامنا بإشكالية الكتابة الموجهة إلي الطفل، وكيف يمكن جعلها كتابة ممتعة تستجيب لطبيعة الإدراك والنمو اللغوي عند الطفل منذ مرحلة ما قبل الكتابة إلي مرحلة الكتابة.
ما نسجله كون بداية الكتابة للطفل كانت قصصية بامتياز، وكان هدفها تسلية الطفل وتنمية خياله. تحضرنا في هذا المقام اقتباسات الكاتب الفرنسي لا فونتين من كتاب كليلة ودمنة، والنسج علي منواله من قبل أدباء عرب أمثال أحمد شوقي. وتوالت الإبداعات من قبل ثلة من الكتاب العرب؛ كامل الكيلاني، وعطية الأبراشي، ومحمد سعيد العريان، ومصطفي دردير، وأحمد شيت، ومن الكتاب المغاربة، نذكر علي سبيل التمثيل لا الحصر: عبد السلام البقالي، والبكري السباعي، وعبد الرحيم المؤدن، وعبد الحميد الغرباوي، ومحمد الملياري، ومحمد مسلك، وعبد الكريم غلاب، والعربي بن جلون، وزاهرة الخديوي، وغيرهم.
راهن تحديد وضبط مفهوم أدب الأطفال سواء عربيا أم غربيا، علي الطفل باعتباره المتلقي الوحيد ومحور العملية التأليفية، فكانت المادة المقدمة له قديما هي الأساطير التي بُنيت عليها القصص المروية شفويا، وبعد ذلك تقدمت القصص لتصبح لها تأثير علي الطفل، خاصة في بعدها الكتابي البصري.
لقد كان وراء هذه الطفرة الموجهة إلي كتابة أدب الأطفال، وخاصة جنس القصة، هو تزايد الاهتمام التربوي في تأسيس المكتبات المدرسية ونوادي القراءة، ومجلات الحائط والإذاعة المدرسية، وأيضا اهتمام الجهات الرسمية وبعض المؤسسات الثقافية بدعم وتشجيع الكتاب والمؤلفين في مجال أدب الأطفال (اتحاد كتاب المغرب ووزارة الثقافة).
اتخذ أدب الأطفال أشكالا عديدة، والمتتبع لما صدر في المغرب والعالم العربي سيجد بأن جنس القصة احتل صدارة من حيث التراكم والتفاعل الذي تحقق إنتاجيا وقرائيا. بل يمكن الاصطلاح علي القصة الموجهة إلي الطفل بالقصة البصرية التي تندرج ضمن ما يصطلح عليه بالأدب المرئيLa littérature visible، إذ تقدم للطفل قصصا عادية جدا مصحوبة بصور تمثل جميع حوادثها، وتكون هذه القصص المصورة مدعومة بكلمات قليلة واضحة ومألوفة، يستطيع من خلالها الطفل أن يفهم طبيعة القصة وأهدافها عبر وسيط بصري. وتعتمد هذه القصص المصورة علي الصور والرسومات فتوضع الصورة في جهة أو حيز وتوضع الكلمة أو الجملة، أو الفقرة مقابل الصورة أو تحتها أو بالموازاة معها.
تصنع الصورة إذا في كتابة قصص الأطفال جوا واقعيا، وتساعد المتلقي الناشئ الاعتماد علي قدراته في تنمية الحس التحليلي لديه، وأيضا التفكير بالصور وإطالة النظر بين الحيزين الكتابي والبصري.
إن القصة، علي سبيل التمثيل، في أدب الأطفال هي مجموعة من الأحداث الجزئية مرتبطة ومنظمة علي وجه خاص، وهذه الأحداث الجزئية تقع لشخصيات من المجتمع الإنساني أو حيوانات، أو جماد، ووقوع الأحداث الجزئية لا بد وأن يكون في فضاء معين. ثم يأتي الأسلوب الذي تسرد بواسطته الأحداث، وأيضا الموضوع الذي يكشف عن وجهة نظر الكاتب، ولا ننس الحبكة لأهميتها في كل عمل قصصي.
أول ما يسأل عنه الطفل أثناء القراءة الحكبة باعتبارها الخطة والمدخل لفهم الأجواء العامة لأحداث القصة، ومن خلالها يلج الطفل عوالم الشخصيات ومعالمها. فالحبكة في الكتابة القصصية للطفل هي بمثابة الخيط الذي يمسك نسيج القصة وبنائها، ويجعل الطفل القارئ قادرا علي متابعة قراءة القصة أو سماعها ويجب الأخذ بعين الاعتبار بعض المبادئ لتوفير حبكة منسوجة بعناية ومهارة تخدم مقاصد الكتابة الموجهة إلي الطفل، وتستجيب لنسق بنائي متضام ومحبوك.
تستتلزم قصص الأطفال، من منظورنا، بعض الضوابط حتي يتسني لها مسارا قرائيا سليما، يجعل قراءتها عند الطفل أشبه بمتعة اللعب، أو مشاهدة فيلم الكارتون، وتذكي لديه معرفة خاصة وتقنية محددة غالبا ما تستجيب لرغباته من فعل القراءة :
أن ترتبط أحداث القصة وشخصياتها ارتباطا منطقيا،
أن تتضمن القصة تخطيطا منسجما للأحداث والوقائع،
أن تكون الأحداث مناسبة للموضوع الرئيس وخادمة له،
أن تكون الحبكة الفنية قابلة للتصديق وبعيدة عن الغرابة،
أن تكون القصة بجل مكوناتها جديدة ومسايرة وغير مستهلكة،
تضمين قصة الطفل أحداثا قليلة دالة علي السبب والغاية،
الارتقاء بفعل القراءة عند الطفل من خلال تطوير المسار الحكائي بخلق أجواء الصراع والتنافس...،
مراعاة الجانب الإدراكي والتفاعلي والتواصلي للطفل،
تنضاف إلي هذه النقط التي من شأنها جعل الطفل يتفاعل أكثر مع الكتابة القصصية الموجهة إليه بعض الخلفيات التي نراها أساسية هي الأخري، وتقترن بثلاث منافذ مهمة، هي:
الموضوع السردي،
التشخيص وصيغ الحكي،
الشكل والسند والحجم.
تطرح إشكالية الكتابة الموجهة للطفل صعوبات وإشكالات منهجية سواء علي صعيد القراءة أو الكتابة، ومما يضاعف هذه الإشكالية أن الساحة النقدية، شبه غائبة، بل إنها تزيد الوضع استشكالا بسبب التراكم الذي وصل إليه أدب الأطفال في المغرب دونما مسايرة نقدية، وهو تراكم مهم يستلزم إعادة النظر فيه وفي أشكاله. وما جاء في هذه الورقة لا يعدو أن يكون مساهمة في الاستجابة لشروط تحديد بعض إواليات الكتابة الموجهة إلي الطفل الذي يعد نصف الحاضر وكل المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.