الدكتورة عزة كامل حاصلة علي شهادة الدكتوراه في فلسفة التربية، ولها عدد من الدراسات والأبحاث المنشورة في هذا المجال، كما تكتب المقالات في عدد من الجرائد والمواقع الإلكترونية . نشرت أولي مجموعاتها القصصية "النهر الراجف" عن المجلس الأعلي للثقافة عام 2009 ثم مجموعة "حرير التراب" عام 2013 عن دار العين للنشر، ثم مجموعتها الأخيرة "كائنات ليست للفرجة" العام الماضي عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وتقدم فيها عالما واقعيا تختلط أحداثه بالغرائبية والعجائبية، وحضور قوي لشبح الموت فلا تكاد تنتهي من قراءة قصة إلا وتجد البطل يواجه مصيره المحتوم (الموت). لماذا يسيطر شبح الموت علي قصص المجموعة؟ لم أخطط لذلك مطلقاً، بل هي الكتابة يسترسل فيها الكاتب ثم يجد نفسه أمام نص مخالف لما قرر وخطط منذ البداية. لا أعلم سبباً معيناً لكن ربما كان ذلك نتيجة تأثير السنوات الماضية بكل قسوتها ومرارتها التي انعكست بصورة أو بأخري علي روح القصص ومكنونات الشخصيات رغم أن القصص لا تحكي أحداثاً وقعت في الماضي ولكنها تحكي أحداثاً معيشية قابلة للحدوث والتكرار في أي زمان ومكان، الماضي حاضر بروحه فقط وليس بأحداثه. أريد أن أشير هنا إلي أن هذه القسوة التي تتحدث عنها قد جاءت من الحياة التي نعيشها والتي تحتوي علي الكثير من القسوة والمرارة، ويكفي أن نقرأ صفحة الحوادث في الجرائد المختلفة كي نتعرف علي مبلغ القسوة والعنف الذي بات يرفرف حولنا بأجنحته السوداء. حين يكتب الكاتب نصاً فإنه يعكس من خلاله رؤيته للدنيا والعالم وقد يأتي ذلك أحياناً عن غير قصد، وأظن أن هذا هو ما حدث معي. تنسجين قصصك علي منوال الواقعية الممزوجة بالغرائبية... لقد اختلط الواقع بالخيال وأصبحنا نعيش فانتازيا كاملة، إذ أصبح اللامعقول يشكل جزءاً هاماً ومؤثراً في حياتنا. يكفي أن يخرج إنسان في صباح يوم ما ذاهباً إلي عمله فيفاجأ ببعض اللصوص ليعتدوا عليه ويسلبوه ما يملك من مال ثم يردوه قتيلاً، وهذا هو عين الغرائبية والفانتازيا. لقد أصبحنا نعيش داخل مجتمع يستبيح فيه الابن دم أبيه من أجل حفنة من المال، كل هذا يؤثر علي الكاتب وعلي خياله أيضاً وحين يجلس إلي مكتبه كي يصيغ قصته ويعالج تلك الأمور معالجة أدبية يجد نفسه في النهاية قد وقع تحت تأثير ما يحدث حوله في مجتمعه وما يعاينه ويعايشه فتخرج قصصه تحمل مسحة من روح هذا المجتمع، ولذلك فلا عجب أن تأتي قصصي لتخلط بين ما هو واقعي وما هو غرائبي. لماذا انتظرتِ كل تلك الفترة حتي تنشري أعمالك؟ أكتب منذ سنوات بعيدة، ولم تكن فكرة النشر واردة علي بالي، فأنا بالفعل لي أبحاث ودراسات منشورة في مجال عملي البحثي في مجال فلسفة التربية، وبالتالي فمسألة نشر عمل باسمي لم تكن مبهرة بالنسبة إلي كما يحدث عند بعض الكتاب في البدايات، كنت أكتفي بمتعة الكتابة لنفسي ولا يشغلني أن يقرأ لي أحد أو أن أسعي للذهاب إلي دار نشر كي أعرض عليها نشر أعمالي وبالفعل ظللت هكذا حتي النهاية حيث أن موضوع النشر قد جاء صدفةً، فأنا بدأت النشر في عام 2009، أي منذ حوالي سبع سنوات ولم أكن أنا صاحبة القرار، لكنه صديق لي أصر علي إجباري علي اتخاذ الخطوة وذهب بنفسه إلي المجلس الأعلي للثقافة ومعه مجموعتي القصصية الأولي "النهر الراجف" وقد وافق المجلس علي نشرها وصدرت في نفس العام، وبالنسبة للمجموعة الثانية "حرير التراب" فقد كنت ذات يوم بالقرب من دار العين للنشر وأردت أن أجلس مع الأستاذة فاطمة البودي وأطلعها علي المجموعة ووجدتها تحمست كثيراً واتخذت قرار النشر وهكذا صدرت مجموعة "حرير التراب" عن دار العين، وفي المجموعة الثالثة "كائنات ليست للفرجة" تفاجأ بي الأستاذ شعبان يوسف الذي أشرف علي نشر المجموعة حيث أنه لم يكن يعرفني من قبل وأبدي إعجاباً شديداً بما أكتب وكان دائم التشجيع لي. كيف تواجهين الآراء التي تنتقدك ؟ لقد ذكرت لك أني أكتب لنفسي ولا أنشغل بشيء سوي متعتي الشخصية، تلك اللذة التي لا يشعر بها إلا الكاتب. أنا أكتب منذ فترة بعيدة وعندما اتخذت قرار النشر، وكان صدفة كما ذكرت، كان بتحريض من الأصدقاء، وبعد صدور ثلاث مجموعات قصصية لي لم أذهب أو أهتم بعرضها علي ناقد أو أديب كي يكتب عنها مقالاً أو يفرد لها دراسة في صحيفة أو مجلة. أنا أحترم كل الآراء التي تنتقد سواء بالسلب أو الإيجاب، ولكن في النهاية أنا لا أكتب إلا لنفسي. حين يحادثني صديق بأنه يريد دراسة القصة القصيرة قبل الشروع في كتابة قصته فأنا أنصحه علي الفور بألا يحفل كثيراً بذلك ويكتب ما يريد بالطريقة التي تتراءي له، وهذا هو ما أفعل، حيث أني لا أجد ضرورة لدراسة فن الرواية كي أكتب رواية، وليس فرضاً عليَّ أن أدرس القصة قبل كتابة قصتي، ولكن الكاتب يكتب بأسلوبه ويختار القالب الذي يراه مناسباً أكثر لصياغة نصه، من أجل إيصال فكرته بأنجع الوسائل. هل لك طقوس خاصة في الكتابة؟ لا توجد عندي طقوس خاصة أو أشياء مبهرة في الكتابة، ولكني أفضل دائماً الكتابة علي مقعد خاص بي ولا أكتب وأنا جالسة إلي مكتبي، كما أني أكتب دائماً في الرابعة صباحاً، فأنا أحافظ علي ميعاد نومي في العاشرة مساءً واستيقاظي في الرابعة صباحاً، ولا أحيد عن ذلك مطلقاً. لا أحب سماع الموسيقي أثناء الكتابة بل أستمع فقط إلي أصوات الناس في الشارع التي تترامي إلي أذني عبر النافذة في تلك الساعات الأولي من الصباح، وأعتبر تلك الأصوات بمثابة الخلفية الموسيقية التي أرتكز عليها أثناء الكتابة. ما هي وظيفة الكاتب من وجهة نظرك؟ أري أن الكاتب عليه دور هام يجب أن يؤديه تجاه مجتمعه، فهو قادر علي توعية الجماهير بما يحقق الصالح العام، وقادر علي توجيه الرأي العام بالصورة التي تلبي مطالب ورغبات الناس، ولكنه في ذلك يجب أن يكون صادقاً وأميناً، ويستخدم الفن سلاحاً حقيقياً للتنوير والدفع في اتجاه البحث عن الحقيقة، ومحاولة الوصول إلي الحرية والظفر بها. ما الجديد عندك؟ أعمل منذ فترة علي مجموعة قصصية قاربت علي الانتهاء، كما أنني أخوض تجربة الرواية لأول مرة، وهناك احتمال كبير أن يصدر العملان خلال العام القادم وقد يشاركان في معرض الكتاب 2017. وما عنوان الرواية الأولي لكِ؟ صدقني، لم أضع اسم أي من مجموعاتي القصصية الثلاث الماضية إلا في اللحظات الأخيرة قبل الدفع بالعمل إلي ماكينة الطباعة وبالمناسبة فأنا لا أغير في العنوان، إذ أنه عنوان واحد أضعه ولا أختار له بديلاً، وأنا حتي هذه اللحظة لم أنتهِ من الرواية كي أضع لها عنواناً.