برجر فى حرب لبنان في مثل هذا الوقت منذ أربع سنوات، دارت حرب لبنان. بهذه المناسبة، صدر في إسرائيل مؤخرا كتابان عن الحرب، الكتاب الأول بعنوان "إجازة صيفية" ليوسي برجر، وهو عقيد في الاحتياط، وخدم في الحرب نائباً لقائد كتيبة بوحدة المظليين، يروي ذكريات صاحبه شخصية عن الحرب. كتب عاموس هرئيل، وهو المحرر العسكري لهاآرتس، تقريراً عن هذا الكتاب. وأظهرت كلماته العيوب التقنية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي، ورعبه من حزب الله: "في الطريق يمر برجر بجميع المحطات المطلوبة. الأوامر والمهام تتبدل في كل يوم وضباط وجنود الاحتياط يدورون إلي قري مركبة، طيبة، والقنطرة بدون أن يتمكن أحد من شرح الصلة. قائد الدبابات يرفض الأمر بالسفر في النهار، لأن كل الدبابات التي انتقلت إلي هناك عانت من صواريخ بعيدة المدي"... كل هذا بالإضافة إلي الخوف المبالغ فيه من العدو. يكتب برجر: "لقد قمنا بتحويل حزب الله من تنظيم ينبغي احترامه إلي تنظيم ينبغي الخوف منه"، ويكشف عن عيوب تقنية في منظومة الجيش الإسرائيلي، مثل جهاز النقل، والذي لا يصل أبدا لأخذ جنوده في الوقت المناسب "لا أستطيع فهم كيف أن جيش الدفاع الإسرائيلي - والذي يحتفظ وفق جميع صحف العالم ببحر من القنابل الذرية - لا ينجح في تنظيم مكان لنوم الجنود الذين علي وشك الحرب في لبنان." علي الرغم من عدم تبرير التقرير الصحفي للحرب فإنه جاء ليكرس لأسطورة الجيش الإسرائيلي بوصفه "أكثر الجيوش الإنسانية في العالم"! يقول هرئيل: "في قلب صعود خطر لمرتفع وادي لوهط في أغسطس، يلتقي برجر وجنوده براعية غنم لبنانية. بعض من جنوده، مأخوذين بالخوف من إمكانية أن ترشد الراعية عن مكانهم لخلايا حزب الله، يطلبون من برجر قتلها. ولكنه يأمر بإطلاق سراحها." التوتر الأخير علي الحدود الإسرائيلية اللبنانية كان مثاراً لبعض الإشارات في التقرير، مع الكثير من التكريس لصورة الجندي الإسرائيلي للجميل ، يكتب هرئيل أنه التقي بالكثير مثل برجر في كتائب الاحتياط التي زارها في العشرين عاما الأخيرة، وكلهم، في ادعائه: "مخلصون لمهمتهم، مليئون بالحماس، موضوعيون، وطنيون بدرجة ما، ولكنهم أيضا ينظرون إلي أنفسهم، والجيش والدولة من خلال رؤية ساخرة... فقط في الأسبوع الماضي قتل بنيران قناص لبناني ممثل عزيز لقبيلة الاحتياط، قائد الكتيبة، العقيد دوف هراري!" ويواصل تقديس الحياة العسكرية الإسرائيلية، مع تحذيره من اعتبار حرب 2006 نصرا لإسرائيل: "برجر وجنوده هم مثال ل"الإسرائيلي الجيد"، الرجل العادي الذي يكثر السياسيون من الحديث عنه وإليه ولكنهم لا يفهمونه تماما. لدي قراءة الكتاب، لا يمكننا عدم التأمل مرة ثانية في الفجوة الفاغرة بين سلوك المحاربين في المعركة وبين الوظيفة المحببة لدي الكثيرين في الرتب السياسية والعسكرية التي تعلوهم. في السنوات الأربع الأخيرة، منذ ابتعدنا قليلا عن الفظائع المباشرة للأحداث نفسها، وبفضل الهدوء النسبي الذي ساد علي الحدود اللبنانية (علي الأقل حتي الأسبوع الماضي)، ساد منهج تصحيحي بشكل ما للخطاب العام حول الحرب في لبنان. في الواقع يزعم سياسيون وعمداء (وصحفيون بوحي منهم أيضا) أن هذه الحرب كانت نصرا حاسما. أن حزب الله قد نال ضربة قاصمة." هذا هو زعم السياسيين، أما هو، فيقف ضد هذه النظرة، يختتم بالقول: "لكل من نسي، لكل من يتخيل اليوم لبنان 2006 بوصفه نصرا، لمن يتحمس لإعادة اختبار قوة جيش الدفاع الإسرائيلي أمام سوريا وحزب الله، ينبغي القول: اقرأوا "إجازة صيفية". هكذا، كما يصف يوسي برجر، كانت الأمور بالضبط. أما الكتاب الثاني الصادر مؤخرا فقد أخذ عنوان "في المستنقع اللبناني: حرب لبنان الثانية، ذاكرة ومعارك وعائلات"، وكتبته عائلات الجنود القتلي في حرب لبنان، بمعونة من جمعية "عائلة واحدة"، ووزارة الأمن الإسرائيلية. وقام بتحريره عسائيل أفلمان. الكتاب _مثل سابقه - يقوم بتقديس صورة الجندي الإسرائيلي "الشهيد" في الحرب، ولكن من أجل رسالة سياسية مناقضة هذه المرة، من أجل توجيه إصبع الاتهام لمن قاموا بإرسال الجنود إلي حرب غير مفهوم دوافعها. تكتب إحدي العائلات قائلة: " الكلمات الواردة هنا كتبناها لإحساسنا العميق بأن ظلما كبيرا حدث لابننا الحبيب... ظلم أن حياته ضاعت في ملابسات غير ملائمة، ظلم لأن شخصا من المسئولين عن خلق هذه الملابسات لا يتحمل المسئولية عن أفعاله.... ماذا كان فعلا هدف العملية التي ضحي ابننا من أجلها بحياته؟" أفيراما جولان، والتي كتبت عن الكتاب في هاآرتس، تضيف مؤكدة علي هذا البعد السياسي: "الرغبة في الاحتجاج علي القتل غير المبرر لأبنائهم، هي ما تلوح من كل القصص، بدون أي فارق بين موقف سياسي أو موقف اجتماعي. القليل لم يأخذوا دورا في الاحتجاج، وهذا لأنهم قرروا أنه برغم وجود أخطاء في السلك السياسي فهم لا يمكنهم محاربتها ولأن "أي صراع لن يعيد لهم ابنهم الفقيد، وهم يهتمون أساساً بالحفاظ علي حياتهم وحياة عائلاتهم." تختتم الكتاب مقالتان، خاتمة بقلم عميد الاحتياط موشيه كفيلانسكي، وهو نائب رئيس هيئة الأركان وقت الحرب، والذي يعدد الدروس المستفادة من الحروب. ومقال باسم "الموتي، الآباء والمسئولية القومية"، وفي رأي كاتبة المقال فإن كلا من المقالتين زائد عن الحاجة، ويبدو لها أن محرري الكتاب أو ناشريه قد ارتعبوا من الرسالة التي يطرحها، وأرادوا غطاء مناسبا ل"تنعيم تجدعات الألم الأصلية فيه". والنتيجة، عملية جراحية عسكرية سياسية، تشمل توجيه إصبع الاتهام بالأساس لوزارة الخزانة التي قصرت في ميزانية الأمن والتأمين". وهذا كي يمكن "للجيش أن ينفذ عملياته أفضل في المرة القادمة". أي أن الكتاب ينتهي برسالة مكررة: الجيش بريء من دم القتلي، والميزانية القليلة هي السبب!