محافظ مطروح يهنئ الإعلاميين بعيدهم ال90    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التربية الرياضية بنات    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي    أسعار الحديد في الأسواق اليوم الأحد 2-6-2024.. انخفضت 1703 جنيهات    محافظ القاهرة: لم نتلق أي شكاوى بشأن صرف الخبز المدعم للمواطنين    محافظ المنيا: توريد 340 ألف طن قمح للشون والصوامع منذ بداية الموسم    خطة النواب: استيفاء النسب الدستورية للصحة والتعليم في الموازنة العامة للدولة    مسئولو " الإسكان " يتابعون موقف تنفيذ مشروعات المرافق بالمناطق المضافة لمدينة العبور الجديدة    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «العربي لحقوق الإنسان»: تصنيف إسرائيل ل«أونروا» كمنظمة إرهابية جريمة بحق فلسطين    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    كوريا الجنوبية: سول سترد بهدوء على سلسلة التحركات العدائية الأخيرة للشمال    الكويت.. أمر بتعيين الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    وزير الخارجية يتوجه إلى إسبانيا للتشاور حول مستجدات القضية الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر كتيبة إسرائيلية في الجولان    بعد دعوته للحديث.. كم مرة تكلم نتنياهو أمام الكونجرس؟ وماذا قال؟    بعد الفوز بدوري أبطال أوروبا.. هل يلعب ريال مدريد ضد الأهلي في كأس إنتركونتيننتال؟    الوديات تجهز الزمالك لعودة الدوري    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    الزمالك: لم نطالب بتعليق صورة شيكابالا في منازلكم.. ولماذا السكوت عن الهارب؟    محامي الشيبي: عقوبة اتحاد الكرة استفزت موكلي.. وتم إخفاء قرار الانضباط    حسن عبدالمقصود: لا تأخيرات في امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 محافظة المنوفية    مذكرة كلمات اللغة الفرنسية للثانوية العامة نظام جديد 2024    ضبط عدد من الأسلحة النارية والذخائر دون ترخيص في منزل عنصر إجرامي بالقاهرة    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    التحقيق في واقعة العثور على رضيع داخل كيس بلاستيك ببولاق الدكرور    «الصحفيين» تنظم ندوة لمناقشة رواية «صيد الذئاب» الأربعاء المقبل    البابا تواضروس يستقبل قيادات الشركة المتحدة تزامنا مع عرض فيلم أم الدنيا في الكاتدرائية    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب    قبل عيد الأضحى 2024.. أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة؟ (الإفتاء توضح)    غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات: نتعاون مع القطاع الخاص لصياغة قانون المنشآت الجديدة    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    تحرير 139 محضرا للمحلات المخالفة لقرار الغلق خلال 24 ساعة    احمد مجاهد يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة اتحاد الكرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ غارات على أهداف في لبنان    العليا للحج والعمرة: انتظام أعمال تفويج حجاج السياحة وتكاتف لإنجاح الموسم    مى عز الدين تطلب من جمهورها الدعاء لوالدتها بالشفاء العاجل    هربا من مشاجرة.. التحقيق في واقعة قفز شاب من الطابق الرابع بأكتوبر    طريقة عمل الكيكة الباردة بدون فرن في خطوات سريعة.. «أفضل حل بالصيف»    مواعيد قطارات عيد الأضحى المقرر تشغيلها لتخفيف الزحام    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    «الإفتاء» توضح حكم التصوير أثناء الحج والعمرة.. مشروط    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نثر الدر
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 01 - 2016


اكتمال الحال
تحدث واحد منا عن الشمس المحروقة وحكي آخر حكاية القابلة وابنة السقاء واستعدنا من الراوي حكاية جنيات الجبل ذوات الأثداء الباهظة والأرداف المتأرجحة وشربنا البن المرّ وعبّقنا المكان بالدخان الأزرق حين أتي إلينا وحده طويلا كما عهدناه وعميق العينين جلس بلا سلام وأطال النظر فينا وحين جاء دوره في الكلام نثر رمالا كثيرة حول العتبة ووقف بيننا وخلع جلبابه وقال : الليلة تكتمل حكاياتنا ورفرف بيديه وطار.
الحكايات القديمة
منذ أن ماتت جدتي وأنا في المدرسة أقبض علي بردة أبي لهب وأصد الأيدي المتطاولة علي محمد وأؤسس ملكا للدولة الجديدة منذ ذلك الثلاثاء البعيد الذي غسّلوها فيه بماء الورد وأنزلوها مقامها الأخير وأنا أدور في حجرات البيت أبحث عن النساء العاقات اللواتي يتحوّلن في الليل قططا مهووسة هؤلاء اللواتي كن يملأن حكايات جدتي ويقمن بأفعال مغلوطة ويغلقن عيونهن وينمن في أحلامي.
امرأة واضحة . . رجل ملتبس
نحن لم نُفَطّع من شجرات الحواف كِسَرا صغيرة علي هيئة الفراشات لنرشها علي صفحة الماء الجاري ولا ضَرَبَنا المطر في ثلاثاءات الطرق الجانبية لا أنا قشرت الذكريات المالحة من علي سلسلة ظهرك ولا أنت رسمت طائرا بالحبر الداكن علي صدري فلماذا كلما لقيتك تنهض الذكريات المالحة من تحت قميصك الشفيف ويرفرف طائر كأنه مرسوم بالحبر الداكن علي صدري ويصعد بي؟.
إيماءات نائلة
ألمرأة التي اسمها الرسمي : نائلة والرجل الذي اسمه الرسمي : صاحب الضحي لم يلتقيا منذ كانا طفلا وطفلة يسيران معا ولا يعبآن بأحد.. الرجل الذي اسمه الرسمي صاحب الضحي قال لنفسه ذات ضحي : ألم يكن ممكنا أن تحمل نائلة اسما غير نائلة لكي لا يؤرق طوال كل هذه السنوات كل هذا الأرق ؟ ولم يعثر أبدا علي إجابة.
أيّنا خائفٌ . . أيّنا بَلِيل؟
علينا يا أصدقائي أن نثبت ملامحنا في صور فوتوغرافيا ونعلقها في الحجرات كلها فلربما نصحو في ذات يوم فلا نتعرف علي وجوهنا في زحمة الوجوه التي نرتديها.
ترجيع الكلام
ثمة رجال ذوو نكهة غامضة يقفون دائما في المسافة التي تفصل بيننا أحيانا يرتدون ملابس سعاة البريد ويفضون رسائلي إليك يقرأونها حرفا حرفا ويُسَقّطون منها كل الحروف التي تتأرجح ما بين الرجفة والفرح وهكذا عندما تقرئين رسائلي تجدينها باردة عندها لن تحلمي بشكل الكوخ الذي علي الحواف ذلك الذي حدثتك عنه عندما كنا صغارا.
خيبة صاحب الإزميل
الخزاف المتمرس بعد أن أتم صنع السيدة وأوقفها عارية في مدخل البهو العريض لم يعد لديه خزف إضافيّ ماذا يفعل ببطنها الضامر- وقد ضاجعها بالأمس - إذا ظهرت عليها أعراض الحمل؟.
ربوة المتعبة
كل ليلة قبل أن تنام كانت تمسح عن جسدها بفرشاة خشنة أجساد الرجال وتزيل أصابعهم المتسخة من علي جلدها وتنفض عيونهم عن نهديها وتقشر بأظافرها عن مسامها كلامهم الإباحيّ عندئذ تستلقي علي ظهرها وتغمض عينيها وترحل إلي هناك حيث الكوخ الواطيء والمصباح الشحيح والسياج البوصيّ القصير كانت تستند عليه نصف خائفة ونصف واقفة ونصف فرحانة وتنظر من خلله وتري الربوة العالية.
ضليلان
يا لطول هذه الليلة حقا لكأن أحدهم ربط نجومها في شباك دارتي بحبل لانهائي لكم كنت محقا يا امرأ القيس في صحراء حيرتك العريضة.
غبار السفرة
لم يكن الوقتُ مكتملا ولا النهار عاليا ولم يكن الرفاق قد عاينوا - بعدُ - تشقق طرقات الرحلة حين جاءت من عمق المكان البعيد لا مُغَبّرَة ولا عجول ووقفت قدامه تماما وهمست : اروِ ظمئي يا سقّاء.
مراودة الحنين
كانت قد أتمّت الثلاثين وضعت علي سور القصر أسلاكَ الكهرباء وأوقفت في مدخل البهو كلبَيْ حراسة ينبحان طوال الوقت وغلقّت الأبواب وخلعت قمصانها وتمددت تتجرع الخمرة وتأكل التبغ وبين الحين والحين تقول لنفسها : لابد وأنه قد أقفل الثامنة والثلاثين وكانت تنتظره.
مسامرة الخلان
قف يا حوذي وخذني بجوارك اضرب علي ظهر حصانيك بقسوة فأنا أريد أن أصل إلي مهبط الشمس معي خبز وماء وحفنة حكايات وأحلامي جد كبيرة لن يلحظوا أنني ركبت عربة وسأسبقهم قبل أن تغرب الشمس سأكون قد وصلت إلي عشب الحواف التي هناك وعندما يصلون ماشين علي أقدامهم سيُفاجأون بي سأكون مُغَبَّرًا ومُشَقَّقَ القدمين كما يليق بمتسابق مشي الطريق كلها من أول الشمس بلا زاد ولا ماء سيصافحونني مهنئين ويهتفون باسمي.
منة الطين
إني أنا مانحك الزهوَ ومنجيك من أفاعيل الرحل والسيارة اصطفيتك من تصاوير النجوم ومن ملاحقة الطير للطير مددتك علي ظهرك وطيبت أعطافك بالصندل والزيت والزعفران وألقيت عليك محبة مني لتمشي بجوار الحوائط المرصوصة كالملك المزهو وتأكل ما يحلو لك من الثمر الحلال وليهطل المطر في تجويف خُفيك كلما خطوتَ باتجاه الجبل ولتمد أصابعك باتجاه خُطا الشجرات فتورق اليرقات ولتشهق النسوة وراء الغدران حين تمر علي الغدران وليزقزق علي رأسك الطيرُ ولِتُصْنَعَ عَلَي عَيْنِي.
لماذا لم أعد إلي بلادي؟
أوقفني في موقف السفر وقال لي : أغمض عينيك إن دخلت البلاد الغريبة اقصد الحيطانَ ولا تقصد بنّائيها اجلس في بيوت الخمر واحذر لحظة النشوي اطرق الأبواب ولا تترك لأصابعك آثارا تدل علي الحنين تقرب من القتّالين واللصوص والعاهرات فهم بئر الدموع التي لا تنضب ولا تحتطب في غيطان الرجال المحاربين ولا في نسائهم لأن الرجال المحاربين أبناء الله وإن نقَّر عصفور في سطح بحر ولم ترتجف أوصالك أغمض عينيك مرة أخري واقصد بلادا جديدة إن شئت أن تقيم في موقف السفر.
استعادة الظل
يوما ما سيحملونني إليك عندما أموت سيرشون جثتي بالعطر ويكفنونني ويقولون تعاويذهم كلها في أذنيّْ الرجال الغرباء ذوو الملامح الغليظة والأيدي الناشفة أبناء الطريق العارفون سكك السفر البعيدة سيثيرون الغبار وهم يمشون بخطواتٍ مدربةٍ وعيونٍ جافة ويطرقون عليك بابك ذات ضحي ويفردونني علي عتبة الباب ويقولون : هذه حصتك من غبار القوافل.
حصة التذكرات
أردنا أن نواجه القمرةَ في علاها خرجنا إلي الصحراء أوقدنا شموعا كثيرة وخلعنا قمصاننا ونظرنا في عيوننا كان بعضنا يبكي وبعضنا يداري ظل شمعته بسبابته وإبهامه فانفجر النبع تحت أقدامنا وحامت العصافير حول القطرات وبدأنا نتذكر.
فضلة المواريث
هذان الرجلان اللذان علقوا صورتيهما في جدارين متقابلين بغرفة واحدة كل منهما ظل ينظر لصاحبه نظرة واحدةً قاسيةً قديمةً بعيدةً متواصلةً وكأنهما يواصلان عداءهما القديم.
قرفصة العارفين
منذ أن عادوا من سفرتهم وهم منكوشو الشعر ومشوشو الرؤي لا يريدون أن يقابلوا أحدا أو يمسحوا العرق من علي جباههم أو يمدوا أيديهم للقمة الجماعة أو يصطفوا في الحضرة يظلون طوال النهار جالسين القرفصاء وطوال الليل مصوبين عيونهم لأنهم عندما وقفوا علي الحافة بجوار الشباك الكبير وأزاحوا الستارة رأوا كل شيء.
قومة الحنين
عندما يدفنون موتاهم ويهيلون علي وجوههم التراب يغلقون المقبرة ويعودون بخُطًي ثقيلة وعيون حزينة وقلوب يعتصرها الأسي وفي المساء يقفون في الصوان الكبير يمدون أيديهم للرجال ويتقبلون التعازي أحد منهم لم يسأل : وماذا يفعل الموتي في المقبرة ؟ ولا يعرفون أنهم يقومون من الموت وينفضون غبار النعاس ويظلون يدقون علي الباب ولا أحد يسمعهم.
تلويحة الغُيَّاب
قبل أن تغمض عينيها إغماضتهما الأخيرتين لمحته يدلف من الباب الموارب الرجل الذي انتظرته عشرين سنة قال لها : سأذهب وأعود وظلت طوال عمرها الفائت تهييء روحها لاستقباله أرادت أن ترفع يدها وتشير له أنها رأته لكنها كانت قد أغمضت عينيها إغماضتهما الأخيرتين.
حديث النار
حينما كنا نلتف حول النار كنا نطقطق حطبنا في جوفها ونحدق علنا نري المياه تتفجر من العمق.
خطة محكمة
الزهرة التي أوقعتها الرياح من سور الشرفة ليست دلالة علي شيء فلا تفعلي كل هذه الجلبة المقادير بريئة والرياح تفعل أفعالها المعتادة وأنا حينما سقيتها ووضعتها في إناء زجاجي علي السور لم أكن متآمرا يا حبيبتي .
فرائس الصبا
الحديقة المحاطة بأشجار النخيل كنا ونحن عائدون من المدرسة نضرب ثمرات بلحها بالطوب ولم يكن يسقط كانت أشجار النخيل عالية وكانت أيادينا ضعيفة فيما بعد عرفنا أن أشجار النخيل المرصوص علي حواف سور الحديقة كلها كان يحتضن أشجارا أخري واطئة وفي متناول أيدينا للمانجو والتفاح والكمثري هذا غير تكعيبة العنب.
زميل المدرسة
يا نجيب يا ابن محمد المنزلاوي خذ قلما ومسطرة وأستيكة وارسم لي طريقي إلي مدرسة فاطمة الزهراء الابتدائية فقد غبت عنها خمسا وثلاثين سنة وأريد أن أعود إليها صباح الغد وأخشي أن يوبخني الأستاذ عبيد الطماوي علي التأخير.
فيافي الأسي
لا تعولي كثيرا علي الجمل المحشو بالقش الذي أهديتنيه ليلة المولد فقد تركته في الصحراء العريضة لعله يجد طريقه لقبيلته الذبيحة أو يجده عاشق غيري فيركبه ليضرب به في غياهب الفيافي باحثا عن ظل ثوب أسود لامرأة ابتسمت له ذات نهار شاحب في ليلة مقفرة.
نزهة صيفية
لماذا كلما ركبنا مركبة في البحر تقضمين أظافر أصابعك بأسنانك وأتذكر رحلات لم أقم بها أبدا الموج
سيضرب المركبة والشواطيء بعيدة وأنت تقضمين وأنا أتذكر.
حاجة السؤال
لماذا صدَّق حبائبي غوايتي لهم قلت لهم : أنا زارعُ النخل الماشي علي جنبات الشواطيء وخبَّاط سباطاته المثمرةِ وأنا حامل رايات السفن الرحالة من الجنوب للشمال ومن الغربة للحنين وأنا نزَّالُ مطر الغيم ونافخ الرياح فارتصوا أمام داري يحملون في جيوبهم أسئلة كثيرة ويطرحون علي العتبات مواعيدهم المؤجلة؟
مائدة الفقد
انزلوا يا صحابتي من بيوتكم العالية هنا خمرة كثيرة وتبغ وذكريات تتداعي دعوا نساءكم في الشرفات وقمصانكم المبلولة وهيا نلتف حول مائدة الكلام المغسول الليلة سنحتفل معا بقيامة الدموع.
"الاستغماية"
انزوي الولد الصغير ذو الشعر اللامع والعيون البنية والجزمة القماش في زاوية ما بحثنا عنه كثيرا في الأزقة والمنحنيات وأكواخ البوص أطلقنا الكلاب خلفه وأنزلنا الغواصين إلي قاع النهر وتفقدنا المستشفي المركزي حتي فقدنا الأمل بعد سنوات طويلة كان أبناؤنا يمارسون اللعبة نفسها في الأماكن نفسها حين وجدوه كان لا يزال صغيرا وذا شعر لامع وعيون بنية وفي قدميه الجزمة القماش .
خطوة في اتجاه الشجر
هيا بنا يا رفاقي نترك شققنا وزوجاتنا وأوراقنا ومواعيدنا كلها ونذهب إلي بداية الجسر هناك سنكتري جِمالا آتية من بداية الصحراء سنركبها وسنغني لها أغاني حُدَاةِ البوادي لا تقلقوا هي عارفة طريقها ومأمورة وستعيدنا إلي قُرانا.
تفاعيل النشيد
دخن سيجارتك أيها الشاعر واشرب قهوتك المرة واكتب مفتتح القصيدة الجديدة فعما قليل سيطرق الموت بابك هو أليف وجميل وفاتن وسيوحي لك ببقية القصيدة لا تهتم كثيرا بأفعاله الفوضوية سيتمشي كثيرا بين الطرقة المستطيلة وغرفة الضيوف وسيجلس كأنه ضيف أكمل قصيدتك وكأنه ليس موجودا هو أيضا سيقضي مهمته كأنك لا تعنيه علي الإطلاق فقط احرص أن توقع باسمك في نهاية الصفحة.
ضيف ليل الغربة
لا تهتموا به كثيرا يا أصدقاء تعالوا نزرع شجرة في مجاز البيت ونوقد الكانون ليغلي شايُنا ونحكي حكاياتنا كلها منذ تركنا آباؤنا وهاجروا إلي هناك ومنذ لحقت بهم أمهاتنا تعالوا نقول كل شيء هو سيوقد ناره بجوارنا وسيطوف حولها كعادته في ليالي الوحدة وربما يبكي ليستدر عطفنا لكنه حتما سيلقي الرمال في النهاية علي ناره ويحمل مخلاته ويتركنا لحالنا.
القتيل
لا أدري ما الذي حدث كل ما أعرفه أنني ساعتها كنت أتابع سرب نمل طويلا يمشي من ركن القاعة الجنوبي ويتسرب داخل خرم صغير تحت العمود الدائري وسمعت صوت دوي كبير وصراخ وفجأة امتلأ المكان بالناس كنت أذهب إلي المكان المزدحم بالناس وأعود إلي سرب النمل الطويل الذي لم يتأثر علي الإطلاق وظل يتسرب إلي مكمنه وظلت الناس تزداد ازدحاما وكان العويل كثيرا.
في اتجاه الفرح
كان يريد أن يخرج من البوابة الكبيرة فانتظر حتي نام الحراس وسكنت الحركة وتسلل من عتبة البهو قاصدا البوابة الكبيرة فجأةً توقف الزمن فظل يذهب للبوابة الكبيرة ويعود لعتبة البهو يذهب ويعود يذهب ويعود وهكذا حتي عاد الزمن لدورته فاستيقظ الحراسُ وعادت الحركة تملأ المكان كله.
أين ذهب الأربعاء؟
كنا قد اتفقنا أن ننسي كل ذكرياتنا يوم الأربعاء وأن نزيل عن وجوهنا بالسِّكِّينِ كلَّ ندوب الليالي الطويلة وأن نقبض علي الأسي بيدينا ونطوح به في الفضاء العريض وأن نرتدي الكرافتات الزاهية ونسرح شعورنا للوراء وأن نبتسم كلما لاقانا أحد المارين كأننا ننزل هذه المدينة للمرة الأولي فلماذا لم يأت الأربعاء؟.
اقتناص البلل
ثلاثون رصاصة اخترقت جسمها عندما خرجت من البحر كانوا كلهم بانتظارها فوق البناية العالية وأمام جذوع الأشجار وخلف صخور البحر وبين أقدام الماشين وكانت بنادقهم مصوبة كلنا رأينا فوهات البنادق إلا هي كانت خارجة من البحر يقطر من نهديها وسرتها الماء وكانت تلملم شعرها المبلول وكانت تبتسم وعندما جئنا بملاءة لنغطي عريها المقتول رأينا كم كانت عيناها جميلتين وكان وجهها مازال مبتسما.
حدث ذلك مساء الأحد
عندما قتلته لم يقل شيئا فقط شدني من قميصي ومزق أزراره كلها وعندما استقرت رصاصتي في قلبه أرخي يده القابضة علي ياقة القميص وجلس علي الكرسي وظل ينظر لي نظرة طويلة حادة ثاقبة حتي شخصت عيناه كم تمنيت لو انه قال شيئا أو طلب مني تبريرا ساعتها كنت سأحكي له القصة كلها وأعترف له بكل شيء.
حامل الدم
ظل يهرب من قاتله سنوات طويلة كان يجري من بلد لبلد ويلتقط أنفاسه فوق الأحجار النابتة كالحراب ولما تعب من الجري قرر ألا يواصل هروبه قعد وقال : فلأنتظره هنا ليريحني ويرتاح انتظر كثيرا سنوات وسنوات ولم يأت عندئذ قرر أن يبحث عنه هو عاد مرة أخري كان يجري من بلد لبلد ويلتقط أنفاسه فوق الأحجار النابتة كالحراب وهكذا عاد لبلده وسار في طريق ضيقة يعرفها جيدا خبّط علي الباب وواجه عينيه المُتَنَظِّرَتَين وقال له : هيا.
علي طاولة بيت الخمر
ادخلني يا حبيبي إلي بيت الخمر وانزع عني كل ملابسي ومدد جسدي العاري علي طاولة السقاة وادهني بالزعفران والند والصندل بنو أمي نظروا لي بالغضب وجعلوني حارسة للكروم فتسللت وأتيتك وبنات أورشليم نظرن بالحسد لي أغلق باب بيت الخمر علينا ولا توقد أي شمة وتعال لي لأقول لك الأسرار كلها ولتقول لي الأسرار كلها لأنني أعرف أنني بعد هذه الليلة ستطلبك نفسي ولن تجدك .
حارس القبور
في طفولتنا كنا نقف علي سور المقابر ونمسك سيوفا من الخشب ونربط علي رؤوسنا أكاليل من الورق كنا نكوّن صفين طويلين أطولنا في المقدمة وعندما يصفر الحكم يبدأ الصفان في التقدم حتي يلتقي الطويلان والذي يسقط يتقدم من يقف وراءه وعندما تنتهي اللعبة كنا نعود إلي بيوتنا إلا هو كان يفضل البقاء لم يكن يخاف الليل ولا جنيات المقابر وكان يقص لنا القصص الكبيرة التي حدثت له مع زارعي الصبار الذين يهبطون في الليل وكنا نصدقه بالأمس حين ذهبنا لقراءة الفاتحة علي أرواح موتانا لقيناه شيّخ مثلنا وسقطت أسنانه وحين جلسنا معه قص لنا القصص الكبيرة التي حدثت له مع زارعي الصبار الذين يهبطون في الليل .
أهبة الاحتراق
النسوة الجديدات مررن علي مماشي الزروع كشفن أثداءهن للفلاحين وللحطابين ولرعاة الأغنام ورفعن ملابسهن حتي بانت أفخاذهن براقة في ضوء الشمس نادين عليهم : يا أشقاءنا تعالوا لنا ألا تريدون أن تزرعوا أو تحتطبوا أو ترعوا ؟ لكنهم كانوا مشغولين بالزراعة والاحتطاب والرعي لم يكلفوا أنفسهم حتي مجرد الرد عليهن وهكذا سافرت النسوة الجديدات إلي بلاد أخري وزروع أخري وحطابين غيرنا.
اصطحاب الفرحة
أنر يا حبيبي مصابيح البيت كلها وشَغِّل الموسيقي وأشعل الشموع وانثر الوردات في جميع الأركان والزوايا وتعال نرقص عريانين أمام مرايا الحجرة الكبيرة أريد أن أراك في كل ركن وفي كل حال لأنني سأموت غدا عندما تشرق الشمس وتملأ صحن الحجرة وأريد أن أغلق عينيّ علي بهائك كله لأن ظلام المقبرة قاسٍ جدا.
إجازة صغيرة
عندما احتدم النزاع بين أبناء العم أخرج كل منهم بندقيته وترصد للآخر علي رأس الطريق النسوة في البيوت لبسن السواد والبقالون أغلقوا دكاكينهم وكانت الشمس وحدها ترعي في الشوارع عندها قام الجد الأكبر من المقبرة أخذ البنادق من أكتاف الرجال وجمعهم في ديوان العائلة الكبير وأصلح ما بينهم وحمل أسماله البالية وعاد إلي المقبرة.
أحلام ما بعد منتصف الليل
عندما حكي لهم عن الجنية التي تخرج من رقادها بعد منتصف الليل وتصطفي الرجال لتضاجعهم وتمنحهم السنوات الإضافية والقوة الخرافية ومفاتيح البيوت المهجورة لم يصدقوه وقالوا : إن هي إلا أساطير الأولين مات الرجل الذي يحكي الحكايات ومازالت الجنيات يخرجن من رقادهن بعد منتصف الليل ومازال الرجال ينتظرونهن وعيونهم تبرق وأحلامهم تملأ جيوبهم.
خسارة الرهانات كلها
كانت خصومته مع الزمن فقرر أن يواجهه وجها لوجه انتظره خلف الشجرة العجوز قال : إنها تقترب من عمره فلابد أنه وهو عائد في الليل سيمر ناحيتها فهي أقدم شيء في هذه الناحية لم يطل انتظاره كثيرا فقد رآه قادما يترنح وكان لا يكاد يبين كأنه خارج من حانة وعندما اقترب منه هجم عليه بكل انتظارات عمره قبض بيسراه علي فتحة جلبابه العلوي وبيمناه شد لحيته الطويلة البيضاء وعندما التقت عيناه بعينيه جمّع كل قواه في صوته وقالها له بصوت خشن عميق حزين : أين ذهبت بأحلامي أيها الأحمق؟.
فتنة البقاء
سيموت كل شيء الناس والحيوانات والذواكر والحكايات وستتساقط كل البنايات وتنهار الكباري والسدود وتفني المواعيد إلا هذه النخلة ستظل وحدها تعاشر الخلود لا تحسدوها أيها المارون علي الجسر فأنتم لا تعرفون عذابات من يعانق الخلود.
لأنك رميت شَبَهك علي وجهي
عاين جمالي أيها العارفُ حدق كثيرا في بهائي ودر حول عرشي سبعين ليلة واحذر في دورانك أن تقع عيناك علي غيري بعدها اصعد إلي أعلي الجبل واجمع حولك الفانين كلهم والماشين كلهم والغرباء كلهم وقل لهم : أنا هو سيعاينون جمالك ويحدقون في بهائك ويدورون حولك.
ضوء الظلمة
القصر المهجور الذي علي أطراف البلدة كان دائما غارقا في الظلام النسوة العجائز كن يحكين لنا عن نسوته المتبرجات اللواتي كن يخطفن الرجال فلا يعودون لأطفالهم والرجال الكبار كانوا يحذروننا من نط سوره ومحاولة التلصص لأن كل الذين فعلوا سقطوا في باحة القصر ولم يعودوا كانوا يقولون لنا : الموت ساكن فيه فلماذا إذن كنا نري نارا تطلع من حجراته ثم تنطفيء ؟ ومن الذي كان يفعل كل هذه الجلبة علي سطحه في الأماسي المظلمة ؟ ومن الذي كان يسقي زروع الممشي ؟
ومن آلائه الخطفة
الشيء يعرف طريقه إلي الحجرات ونحن سنعرفه من هيأته لا هو ضاربٌ في المذلة ولا هو ذو عزةٍ طاووسية هو مسكونٌ بترابٍ ناعمٍ قديم وتتبعه فراشاتٌ ملونةٌ وهواء حارق ويعرف كل الأشياء فلا تشيروا له ولا تشيروا عليه اصطفوا علي أسرتكم وفَتِّحوا عيونكم ورشوا الماء في المجازَ والردهات فهو عارف كل حاجة.
مخاطبة ذي اليقين
قال لي الرجل ذو السنوات الكثار : افرح بالطريق ولا تفرح بالباب الباب موصود علي أسراره والطريق ملك لقدميك وقال لي : حاول أن تصطاد الغزالة أتعب قدميك في الجري وراءها واصعد الهضاب التي صعدت لكنْ لا تصدها فإن صدتها تكون قد خسرت وقال: نحن أبناء السبيل ولسنا أبناء القصد فلماذا تقرحت أقدامي من طول الطريق؟ ولماذا لم تبارك الشمس جبيني؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.