تحالف مصرفى من ستة بنوك يمنح تمويلا مشتركا لصالح «ماونتن للتنمية والاستثمار العقارى» بقيمة 6.2 مليار جنيه    زيلينسكي ل الأوكرانيين: يجب تحديد مسار السلام في أوكرانيا معًا    طيران الاحتلال يشن سلسلة غارات وسط مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    جوزيف عون: فقدنا نخبة من خيرة أبنائنا في سبيل الدفاع عن لبنان وسيادته    "هدف وحصد جائزة".. ماذا قدم ياسين مرعي في مباراته الرسمية الأولى مع الأهلي؟    فيريرا يمنح لاعبي الزمالك راحة قبل الاستعداد لمواجهة المقاولون    ننشر أسماء مصابي حريق محلات بالقرب من مترو شبرا الخيمة    "الحبل التف حول رقبته".. مصرع طفل أثناء لهوه داخل منزله في بني سويف    بناء على شكاوى المواطنين.. مرور الإسكندرية يواصل حملات الانضباط بالشوارع    أكاديمية الفنون تطلق بوستر مهرجان مسرح العرائس    أشرف زكي وإدوارد في مقدمة الحضور لعزاء الفنان سيد صادق    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    ياسين مرعي رجل مباراة الأهلي ومودرن سبورت    ريبييرو: أداء الأهلي تحسن في الشوط الثاني أمام مودرن.. وهدفنا التركيز بالمباريات القادمة    ريبييرو ينفعل في مؤتمر مباراة الأهلي ومودرن.. أين السؤال؟    رئيس مياه الغربية: استمرار تنفيذ مشروعات المياه بكفر الزيات وبسيون بلا توقف    محافظ الإسماعيلية يشيد بمشاركة الشباب والمتطوعين بمهرجان المانجو    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    بسبب خلافات الجيرة.. مصرع سائق بطلق ناري في مشاجرة بالقليوبية    محافظ كفر الشيخ يؤدي واجب العزاء في والدة حرم مدير أمن البحيرة    ارتفاع وفيات «الكوليرا» في السودان إلى 225 حالة    سهام فودة تكتب: أسواق النميمة الرقمية.. فراغ يحرق الأرواح    محمود سعد يطمئن مجددًا محبي أنغام على صحتها.. «بخير وبتتعافى»    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    هل يفاجئه ترامب بلقاء بوتين؟، البيت الأبيض يدرس دعوة زيلينسكي إلى ألاسكا    بعد تعادل الأهلي.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز موسم 2026/2025    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    حمزة نمرة يتألق في حفل مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية -صور    لقطات رومانسية جمعت ليلى وهشام جمال.. ملك زاهر تنشر صورًا من حفل حسين الجسمي    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    ما حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب؟.. أمين الفتوي يجيب    مفيش مشروب اسمه الخمر.. أحمد كريمة: يعلق على فتوى الحشيش    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    5 معلومات عن GPT-5 من "OpenAI"    وكيل صحة الدقهلية يتفقد استعدادات تشغيل وحدة العناية الجديدة ب"صدر المنصورة"    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    محافظ الإسماعيلية يشهد منتدى الإسماعيلية الاقتصادي الأول للغرف التجارية    مراسل الحياة: زوار مهرجان العلمين سعداء بجمال الأجواء وحلاوة حفل تامر عاشور    صلاح: تمنيت فوز أرسنال لهذا السبب.. وهذه أزمة اللاعبين الشباب    ضجيج بلا طحين!    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    ترخيص 817 مركبة كهربائية خلال يوليو الماضي ..المركز الأول ل بى واى دى    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي الياباني هاروكي موراكامي:
تفاعل مع الكتابة كما لو أنك تُراقب حيواناً في الغابة
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 11 - 2015


أتكتب الأساطير، سيد موراكامي ؟
كان هذا سؤال من بين عديد من الأسئلة طرحها القراء علي الروائي الياباني هاروكي موراكامي عبر موقعه الالكتروني. وردًا علي هذا السؤال يقول موراكامي إن جميع الأساطير المعروفة في العالم تتضمن العديد من العناصر المشتركة، وإذا تأملنا فيما هو أبعد وأعمق من اللغة والثقافة والزمن، في جذور وعينا، سنكتشف أننا جميعًا مترابطين.
"حين تشرع في كتابة رواية، يجب ألا تبدأ وفقًا لخطة موضوعة. لكن تفاعل، كما لو أنك تراقب حيوانًا في الغابة، تثبت عينيك عليه، وتتابعه، وتتحرك وفقًا لتحركاته. لو اعتمدت تلك الطريقة فإن الرواية ستصبح حتمًا عملا عفويًا". يستكمل موراكامي، الذي أضاف أن "الحركة في مثل تلك الروايات، مثل التحديق في حركة مخلوق في البرية، مشابهة للغاية للحركة داخل الأساطير. فالأساطير هي العقل الجمعي للبشر مصاغًا في هيكل درامي. والروايات التي أكتبها تمثل لا وعيي الخاص، الذي لو تتبعته نحو مستويات عميقة جدًا، سينتهي الأمر بالتداخل مع اللاوعي الجمعي. ليست الأساطير والروايات الشيء نفسه، لكن هناك الكثير من الأجزاء التي تتداخل فيها الحركة".
وردًا علي سؤالٍ حول أسلوبه في الكتابة، ذكر موراكامي أنه كتب مقالا بعنوان (عندما أصبحت روائيا) قام بتحريره موتويوكي شيباتا. وصف موراكامي المقال بأنه "محاضرة". وفي المقال كتب موراكامي بالتفصيل عن واقعة شهيرة، حين حاول البدء في كتابة روايته الأولي (اسمع صوت أغنية الريح) بالإنجليزية. يقول: "حين نكتب بلغة أخري، يحتم علينا استخدام الكلمات البسيطة، والجمل البسيطة والحفاظ علي الجمل قصيرة، كي يسهل فهمها. اكتشفت هذا أثناء بنائي للكلمات والجمل، وهكذا تمكنت من كتابة أعمالي بالإنجليزية مع الحفاظ علي الأبعاد الأدبية والعمق للنسخة الأصلية". يوضح أكثر: "عندما تكتب جملا قصيرة بكلمات بسيطة، تبحر داخل عالم فولكلوري - عالم أسطوري.. وما أردت القيام به هو إزاحة لغة الأدب الحالية بعيدًا، وتشكيل لغة أدبية جديدة".
خلال العالم الماضي نُشرت في اليابان مجموعة موراكامي القصصية بعنوان (رجال بلا نسا). ونُشرت قصتان من المجموعة وهما (الأمس) و(شهرزاد) بالإنجليزية في مجلة النيويوركر، وفي فبراير ظهرت قصة (كينو) أيضًا. وفي مقدمة تلك المجموعة، يقول موراكامي إنه استغرق وقتًا طويلاً قبل أن يتمكن من إنهاء قصة كينو، كما أنه وجد صعوبة شديدة في صياغة خاتمتها أيضًا.
وكينو هو اسم بطل القصة، الذي يعود قبل الموعد المقرر لعودته من رحلة عمل بيوم، ليجد زوجته وأحد زملائه في وضع فاضح. وهكذا يغادر كينو شقته إلي غير رجعة، كما يستقيل من عمله أيضًا. يذهب كينو ليعيش في حي أوياما في طوكيو حيث يتولي إدارة مقهي بدلاً من عمته، ثم يحوله إلي حانة باسم كينو، ونظرًا لطبيعة الحي الهادئة، يحيا كينو هناك حياة هادئة.
"علي الرغم من خيانة زوجته، لم يشعر كينو بالجرح. بالطبع، كان مصدومًا، لكنه من النوع الذي لا يستطيع أن يعبر عن مدي ألمه. إنه الشخص الذي يكمل بقية حياته وهو يشعر بالشلل". وضع كينو الغطاء علي جرحه دون أن ينظر إلي عمق جرحه وغضبه من زوجته. يقول موراكامي: "لكن، شيئًا فشيء يفتح ذلك الغطاء. وهو الأمر المخيف حول هذه القصة".
إنها قصة عن كيفية إحياء علاقاتنا من جديد مع الناس، عندما نواجه الأمور التي سبق وأن وضعنا عليها الغطاء وواريناها بعيدًا عن الأنظار. "من تلك الوحدة، وذلك الشعور بالانفصال.. من الخوف، ولد كينو من جديد. واعتقد أنه دون تلك الولادة، لأصبحت كينو بلا أي معني كرواية". هناك العديد من العبارات التي لا تنسي في هذا العمل، "نمر أحيانًا في حياتنا بمواقف لا يكفي فيها مجرد الامتناع عن فعل ما هو خطأ"، هذه واحدة منهم .
يقول موراكامي: "في البداية، كانت طريقة كينو في الحياة دون أن يُظهر آلامه للناس، ودون أن يدركها هو نفسه، تبدو لطيفة. لكن الناس لا يعيشون هكذا فحسب". ويضيف: "حين تجرّب شيئًا جديدًا، حتي وإن كان أمرًا ايجابيًا، لابد أن تصاحبه بعض الأمور السلبية. لو أردت أن تحافظ علي الايجابيات، عليك أن تتقبل السلبيات كثمن لابد من دفعه. اعتقد أنه لا معني لحياة البشر لو لم يفعلوا ذلك".
في غضون أسبوع، رأي كينو ثلاثة أفاعي تحوم حول حانته. حين هاتف عمته ليخبرها بأمر الأفاعي، قالت إنها لا تتذكر أبدًا أنها رأت إحداها بالقرب من المكان علي الرغم من أنها عاشت هناك لفترة طويلة. ثم أخبرت العمة كينو أمرًا "في الأساطير القديمة، كثيرًا ما تساعد الأفاعي الناس وترشدهم. ستجد هذا موجودًا في أساطير الثقافات المختلفة في جميع أنحاء العالم. لكن حين ترشدك أفعي، لن تعرف إذا ما كانت تأخذك لطريق الخير أم الشر، وفي معظم الحالات يكون مزيجًا بينهما. "إنه أمر غامض" قالها كينو ردًا علي العمة.
يقول موراكامي إن حوارهما هذا من الأمور التي لا تُنسي، كان كينو بحاجة إلي الشعور بالغضب تجاه زوجته.. شعور حقيقي بالغضب والحزن. ومن خلالهما، ولد كينو من جديد. "أنت بحاجة لخلق الايجابيات بنفسك لمقاومة السلبيات، ولتتمكن من هذا، عليك أن تري السلبيات بكل وضوح". ويبدو أن الأفاعي قد ظهرت كي تحث كينو علي إلقاء نظرة متمعنة في المواقف السلبية التي مر بها. وهذا الأسلوب تحديدًا هو ما يربط بين أدب موراكامي والأساطير.
نشرت الترجمة الإنجليزية لرواية موراكامي (تسكورو تازاكي عديم اللون والسنوات التي قضاها في الحج) العام الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقفزت إلي أعلي قائمة أفضل المبيعات لمجلة النيويورك تايمز. وحين نشرت للمرة الأولي، في اليابان عام 2013، كانت العمل الأدبي الأسرع في بيع مليون نسخة.
قرب نهاية الرواية، يسافر تسكورو تازاكي إلي فنلندا لزيارة صديقته من المدرسة الثانوية، كورو (الأسود). يقول موراكامي إنه صور الرحلة إلي فنلندا كالذهاب إلي الآخرة. "لهذا اخترت أن تكون فنلندا. فالولايات المتحدة لا تبدو كعالم آخر. لكن، حتي في فنلندا، كان من المهم أن يذهب تازاكي نحو الشمال".
تحكي الرواية قصة مجموعة من الأصدقاء في المدرسة الثانوية -فتاتين وثلاثة صبية- في مدينة ناجويا. يلتحق تازاكي وحده بالجامعة في طوكيو، إلا أنه وقبيل بلوغه العشرين من عمره، كان الأربعة قد أنهوا صداقتهم معه دون أن يخبروه عن السبب. لكن، ورغم تأذيه الشديد، لم يحاول تازاكي معرفة سبب تخليهم عنه.
لكنه، حين يبلغ السادسة والثلاثين، وفي سبيل إعادة ترتيب حياته، يحاول معرفة السبب في انتهاء الصداقة، ويحج بحثًا عن أصدقائه القدامي. يجد المرأة الأخري في المجموعة، شيرو (الأبيض) قد ماتت بالفعل. أما الرجال، آكا (الأحمر) وآو (الأزرق) فيجدهما في ناجويا. في أحد المشاهد الحركيّة، يلتقي تازاكي كورو ويعانقها في فنلندا بعد مرور ستة عشر عامًا علي الانفصال. لم تكن تبدو كشخص ميت بعد. "بالطبع كانت مورو علي قيد الحياة، لكنها صورت علي هيئة شخص ميت، شخص انتقل إلي الجانب الآخر. ماتت شيرو، أما كورو فكانت تنسحب نحو الموت بشكل ما".
إذن هو عالم لم يبق علي قيد الحياة فيه سوي الرجال. هناك مشهد تقترح فيه كورو علي تازاكي مقابلة آكا وآو: "يجدر بك أن تلقاهم من حين لآخر. أو ابقوا معًا، ثلاثتكم. من أجلك.. ومن أجلهم". مستكملة: "سيكون هذا أفضل لي أنا أيضًا، علي الرغم من أنني لا يمكن أن أكون معكم".
فنلندا بلد تكثر فيه الغابات، وكورو تحيا في واحدة منها. في رواية "الغابة النرويجية" هناك إمرأة تدعي ريكو تعيش مع ناوكو، التي تموت في غابة. ريكو أيضًا تبدو منتمية لعالم الموتي علي الرغم من أنها لا تزال علي قيد الحياة. تتداخل قصتي شيرو وكورو، وناوكو وريكو، ويستقبلهما القاريء علي نحو مماثل. ربما تكون (تسكورو تازاكي عديم اللون والسنوات التي قضاها في الحج) مثل (الغابة النرويجية) فهي قصة البطل الذي يزور النساء في غابة الموت، ثم يعود رجلًا مختلفًا إلي العالم الحقيقي.
إن الاستماع إلي موراوكامي وهو يتحدث عن هذا العمل يدفعك لقراءة قصة تازاكي ثانية. وفي الواقع، جميع أعمال موراكامي تمنح القرّاء الشعور بأن البشر لديهم القدرة علي إعادة تشكيل العالم مرة أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.