1 كان يمكن أن يموت فوق كرسيه في العمل . أو يدع رأسه تميل علي صدره أمام التلفاز . لتبدأ زوجته في الصراخ و يأتي أقاربه البعيدون و تبدأ حبيباته السريات في نسيانه ببعض البكاء كان بمقدوره القفز فوق سور الكوبري مثلما يفعل الأصغر سناً أو يشرب سماً رخيصا كريفي أو يشتري بكل ما معه دواءً يثبط النبض و يبطل مفعول الألبومات كان سهلاً عليه أن يظل يشكو ... و يشكو إلي أن يجيئه الموت طوعاً . في هيئة موسي الحلاقة ، أو عود الكبريت. أو يشنق نفسه عارياً ليتدلي من سقف الحمام . أو يقفز من فوق مجمع التحرير أو فوق قضيبيّ المترو. ثلاث وأربعون طريقه للموت كانت أمامه . لكنه اختار ألا يموت . 2 جيش من أجنحة بيضاء . تلعب بسماء مثقلة و غيوم تدفعها للأعلي حيناً . وتدعها حيناً لتميل . حشد أبيض من أوراق طائرة . تخفق بالأجنحة ، في ريح تزعم ، أن أقل قليل منها يرد إلي شباك الغرفة و الشرفات وظيفتها وتقر بعجز هواء الكون عن تحريك رزم العملات المربوطة في إحكام أو قطع المعدن في أجوله البنك ، وجيوب الفقراء . وجاري الذي لم اره يصلي أبداً. ولم اسمع يوماً من شرفته قرآناً أو إنجيلاً يُتلي جاري من ينفخ في قصبته كل مساء. يزعم انه آمر كل هذا الهواء، وانه سيد الأجنحة . وأن كوب الشاي الذي يحتسيه من صنعه. وساندويتش العشاءْ. وأن السنين علي إفريز شرفته وجه حلو يأتي من اقصي الشارع مبتسماً جاري من اودع بيديه ابنته القبر قبل سنين ، يزعم فيما يزعم، أن ليس هنالك موت للأبناء . 3 قالت لي عشبة خضراء ، ذات مساء. لا .. لم اسمع قولاً من هذي العشبة بل من قال هو الماء. و كنت أؤاخي الماء و أنجب أياما حلوة، الحق، لم يقل الماء لي شيئاً و لم يقل الضوء. أنا أستكثر ما لم يحدث لي، الغضب، من سمَّي لي الأشياء و أنطقني " احبك أيتها الحياة ، و لن أمضي عنك بمجرد حزن آخر . حتي لو كان، أكثر حزناً من باقي الأحزان " 4 ما للعشب، يصيخ السمع لصمت اثنين . و يوطئ أطرافه مفتوناً من زغب الشارب، و من طلعة نهدين. ما للعشب .. يرتشف الطين ويغلي بالخضرة ما مسّته مخالسة يدين . فيظل يراقب من تلميذيْه من يكبر أكثر في كل لقاء . وأي الزيّيْن يضيق علي صاحبه و يقصر وأيهما يشبه عشباً ودّع جذره في فرح الماء الأول . كي ينهض مرات لا يحصيها عشب في هذه الدنيا من دوس القدمين ... العابرتين . يا للقدمين الأنثاوين الحافيتين ، يضمهما خجل حين تمدان جذورهما في أوردة الأرض السرية. وجبات يومية إعتادتها الأشجار الواقفة هناك ماحطّ محبون صغار إليها تضطرب شفاههم بالأصوات المبحوحة. فترقب ذاهلة مالم تعرفه، من أفعال السحر الأرضي وطباع بشرْ ففتاها يسمعها فرحته . وجمال فتاة لم يفلح ، في منع فتاها من قول الشعرْ . 5 لو أنها تمطر قليلاً. بمحطة مترو الأنفاق الخالية كلما اقترب المساء ليتهم يسمحون بالتدخين .. هاهنا للواقفين بين سُكر .. و صحو ، تحت الجدارية الزرقاء و الصفراء. فهي الآن خلف الباب في عربة النساء . تنظر في مرآة حقيبة يدها ، وتطويها سريعاً، ليتها لا تقول : لا تؤخرني عن العاشرة. أو تقول : إنني حبلي ليته لون أظافرها يكون مثلما أحب - لا .. ليس مهما لون أظافرها ، و لا شكل الحجاب -. ليت جارتها تحتمل العيال لساعة إضافية كي تطيل البقاء .