مما لا شك فيه أن للفن دورا مهما علي مدار التاريخ في توثيق الأحداث القومية، فالفنان لا يمكن أن ينفصل عن مجتمعه، وربما كان افتتاح قناة السويس الجديدة هو أهم حدث قومي شغل المجتمع المصري في الآونة الأخيرة بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات والقلق، وقد نظم قطاع فنون التشكيلية بهذه المناسبة معرض "قناة السويس: الماضي..الحاضر..المستقبل" الذي استضافه قصر الفنون وافتتحه كل من د. عبد الواحد النبوي وزير الثقافة ود. حمدي أبو المعاطي رئيس قطاع الفنون التشكيلية وقد بلغ مجموع الأعمال المعروضة 215 عملا متنوعة المجالات شارك بها 130 فنان وفنانة، ولكن حالة من الاستياء سادت بين عدد كبير من الفنانين التشكيليين ممن شاركوا أو ممن حضروا المعرض بسبب وجود مجموعة من الأعمال ضعيفة المستوي والتي جاءت نتيجة قبول كافة الأعمال المقدمة دون فرز. كذلك توجه د. أشرف رضا برسالة إلي وزير الثقافة ورئيس قطاع الفنون التشكيلية ونقيب التشكيليين علي صفحته علي الفيس بوك، حيث قام أحد الفنانين الشباب بإعادة تقديم التصميم الذي أهداه د. أشرف رضا لهيئة البريد -العام الماضي- بمناسبة البدء في مشروع حفر "قناة السويس" الجديدة ، ونسخ التصميم ولونه (حرفيا") ... وعرضه في قصر الفنون، دون إشارة إلي العمل الأصلي.. وقد أنهي د. أشرف رسالته بهاشتاج لصوص ولكن ظرفاء. ولكن المعرض خرج في مجمله متميزا، حيث ضم عدد من الأعمال الفنية التي تنوعت بين مختلف الخامات والأساليب الفنية ويحسب للقطاع قيامه بعرض ثلاثة مستنسخات من لوحات عمالقة الفن المصري، وهم محمود سعيد وحامد عويس وعبد الهادي الجزار التي رسموها احتفاءً بقناة السويس بعد تكبيرها . وقد أعرب الفنانون المشاركون عن سعادتهم بالحدث وانفعالهم به حيث يقول الفنان محمود منيسي إن الفنانين كانوا بحاجة لمشروع قومي يلتفون حوله، بينما تقول الفنانة عقيلة رياض إن استدعاء الفنانين التشكيليين لتسجيل الحدث التاريخي الوطني لافتتاح قناة السويس الجديدة، هو أهم الأحداث في الحركة التشكيلية المصريه الحديثه، والذي هو إنجاز رائع انتظره المصريون طويلا ليحقق آمالهم وطموحاتهم في مشروع قومي يعبر بمصر إلي المستقبل . وربما كان هذا العبور هو ما انعكس في عدد كبير من اللوحات حيث قدمت الفنانة مي حشمت عملا تحت عنوان "العبور" ويسجل لحظه عبور إحدي السفن لقناة السويس الجديدة من خلال الإيحاء بالحركة، والشحنة المتباينة في الخطوط والألوان والمساحات من خلال تقسيم العمل لمجموعة من الخطوط الرأسية والأفقية بأسلوب واقعي تعبيري. أما الفنانة فاطمة عبد الرحمن فقد عبرت في لوحتها عن حركة العبور المزدوج بعمل بديع يجمع بين الرقة المتناهية والدقة ، حيث رسمت جسمي السفينتين مليئين بالتروس والصواميل في رمزية عن حركة المواتير بينما رسمت مقدمة السفينتين بفروع الأشجار والأزهار كناية عن المستقبل المزهر. وفي كلمته ذكر النبوي: إن الفنون ستظل هي ذاكرة الأوطان ... ولأهمية دور الفن نُظم هذا المعرض .. موثقاً لافتتاح القناة الجديدة ولتفاعل المبدع المصري معها .. لتظل القناة جزءا من إبداع المجتمع المصري بكافة شرائحه كما نستهدف به كذلك إثراء الممارسات الإبداعية علي الساحة المحلية." ومن جانبه صرح د. حمدي أبو المعاطي : إن الفنان المصري سباق دائماً في التعبير عن أحداث وطنه .. وخلال هذا المعرض نُقدم للمشاهد صورة بانورامية تستعرض بعضاً من إبداعات التشكيليين المصريين التي سجلت تفاعلهم مع هذا المشروع العظيم .. وأضاف أن المعرض جاء ثرياً من حيث المحتوي الذي ضم أطيافاً واتجاهات فنية متنوعة، وأتاح في ذات الوقت مساحة جيدة أمام الشباب للتعبير عن وجهة نظرهم ورؤيتهم تجاه الحدث .. وليس هذا هو المعرض الوحيد الذي يحتفي بقناة السويس فمن المتوقع أن يفتتح معرض آخر يوم 12 سبتمبر تحت عنوان "القنال في عيون الفنانين التشكيليين" بدعوة من وزارة الشباب والرياضة والتي كانت قد وجهت الدعوة لعدد من التشكيليين لزيارة موقع حفر القناة لمدة ثلاثة أيام في شهر يونيو الماضي، وسوف يفتتح المعرض في إطار أسبوع شباب الجامعات بالسويس . وقد ذكر الفنان عبد الوهاب عبد المحسن قومسير المعرض والذي شارك أيضا بعمل في معرض "قناة السويس: الماضي..الحاضر..المستقبل" كلنا نحلم بمستقبل لأولادنا وأحفادنا في بلدنا المزدهر والآمن والرائد وتاريخنا دائما فيه ما يثبت أن المصري مبدع صلب يتحدي كل الظروف ، ونحن نملك الإرادة للتقدم ، نحب الحياة ونحب العطاء ولهذا نمنح العالم الفن والحب والثقافة ، والقناة عطية مصر للعالم ودليل حضور فاعل لشعب صانع للتاريخ.