في كل مرة يكون المحرك ليس الموضوع الذي نكتب عنه، وإنما حال الجامعات بصورة عامة، فالموضوع أيا كانت خطورته هو تحصيل حاصل لوضع قائم. ربما يبدو كلاما معادا، نكرره كل حين سواء في " أخبار الأدب" أو في الصحف والمجلات الأخري، وهو عن وضع الجامعات وما يدور فيها ومستوي ما يقدم للطلبة.. وفي كل مرة نؤكد علي انهيار قيم التعليم، وما يتبع ذلك من انهيار للقيم الأخلاقية، ولكن ماذا يحدث بعد هذا الكلام الكبير!!. في كل مرة يكون المحرك ليس الموضوع الذي نكتب عنه، وإنما حال الجامعات بصورة عامة، فالموضوع أيا كانت خطورته هو تحصيل حاصل لوضع قائم.. أساتذة يسرقون ويستمرون يدرسون ويحضرون الندوات النقدية ببجاحة يحسدون عليها، وطلاب ماجستير ودكتوراه يسرقون رسائلهم من رسائل أخري، وفي الأغلب الأعم لا يهتم أحد بمعاقبتهم، ورسائل تعد بمعرفة أساتذة لطلاب عرب ومصريين ليحصلوا علي أعلي الدرجات العلمية، ومهازل في لجان الترقيات ولا أحد يتصدي لها.. في النهاية نتحدث بألم عن تراجع مستوي الجامعات المصرية، إلي الأمر الذي جعل جامعات أفريقية وعربية تتجاوزنا. بالتأكيد أنا أكتب هذا الكلام بمناسبة ما نشرته زميلتي عائشة المراغي في العدد الماضي من الجريدة بعنوان" سطو مع مرتبة الشرف" عن تعرض كتاب د. صابر عبد الدايم (موسيقي الشعر بين الثبات والتطور ) لسرقة واقتباس أو نقل من قبل ثلاثة من الأساتذة يدرسون في جامعتي المنياوالفيوم، وبصرف النظر عن وجاهة طرح د. صابر وثقله العلمي فهو العميد السابق لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وأمين عام اللجنة الدائمة للترقيات، فإن الردين اللذين تلقيتهما من د. إبراهيم جميل محمد الأستاذ المساعد بآداب الفيوم، د. مأمون عبد الحليم القائم بأعمال عميد الكلية، كانا مذهلين بالنسبة لي في تبرير ما حدث. بداية د. مأمون يتنصل من أنه شارك د. إبراهيم تأليف الكتاب، رغم ورود اسمه كمؤلف بل هو الاسم الأول، وأرسل ما يثبت ذلك من توجيهه خطابا للدكتور أحمد معوض مدير التعليم المفتوح لتصحيح هذا الخطأ، حيث إنه مراجع وليس مؤلفا. لاشك أن الأخطاء واردة، ولكن الاستهانة بعقول الآخرين أمر محزن للغاية، بمعني من الممكن أن يرد اسمه خطأ كمؤلف ومن الممكن أن تحول مشاغله دون أن يري بروفة هذا الكتاب الذي راجعه، ولكن المؤلف الأصلي وهو د. إبراهيم لم ير هو الآخر الكتاب!!، ولسوء حظ الاثنين فقد قرأت المقدمة، فوجدت أنها مستخدمة ضمير المثني، منها الفقرة التي بدأت" قد استفدنا" هذا الضمير الواضح في دلالته إلي أنه يشير لاثنين هل هو الآخر خطأ، والمفروض أنا وغيري نقتنع بذلك، كما أصر د. مأمون في رده أنه لا علاقة له بتأليف الكتاب، وأن دوره اقتصر علي مراجعة الكتاب المذكور" من حيث مناسبة مادته للتدريس علي الطلاب من عدمه"، ثم عاد في الرد المنشور في هذا العدد ليقول: " لم أشارك في تأليف الكتاب ولست مسئولا عن أي كلمة فيه" الحقيقة أنا احترت كيف يقول إنه راجعه ليتأكد من مناسبته للتدريس، ثم يعود بعد عدة أسطر لينفي مسئوليته عن أي كلمة.. إذن ما مهمة المراجع.. علي فكرة من كتب هذا الكلام يشغل منصب العميد!!!. أما الرد الثاني فقد جاء من المؤلف الأصلي للكتاب وهو د. إبراهيم جميل محمد الذي حرص علي نفي تهمة تأليف الكتاب من علي كاهل أستاذه ليؤكد بجمل واضحة أن الكتاب من تأليفه، ثم ينفي عن نفسه سرقة أي كلمة من د. صابر، ويري من حقه أن ينقل عنه 13 موضعا نقلا مباشرا، استغرق شرح هذه المواضع معظم رده، لكن الجملة الأغرب التي يمكن أن أقرأها في حياتي منسوبة لأستاذ جامعي هي: " لم يكن من اهتمامي التوثيق في الهوامش، حيث إن الكتاب عبارة عن مذكرة لطلبة التعليم المفتوح وليس له رقم إيداع" هو الضمير (له) عائد علي مين هو أنت حيرتني ليه هو كتاب ولا مذكرة!!، يبدو ان الأستاذين لديهما مشكلة شديدة مع الضمائر، وربما مع الضمير نفسه. لكن لماذا وضعت عنوانا لمقالي " يبدو أنه لا أمل" فمثل هذه الممارسات موجودة في الجامعات المصرية، وأشباه هؤلاء الأساتذة أيضا موجودون ويحتلون المناصب العليا في السلك الجامعي.. إذن لماذا أري هذه المرة أنه لا أمل. بصراحة شديدة إنني أشعر بأننا لا نريد كمؤسسات وأفراد أن نبدأ بداية حقيقية لبناء هذا الوطن، فتغيير الأنظمة يجب أن تتبعه إجراءات حاسمة في كافة المجالات، لكن هذا لم يحدث بالقدر المطلوب، لا يكفي أن يكون لدينا رئيس لديه نية صادقة تمكنه من النجاح في مشروعات يوليها العناية مثل قناة السويس الجديدة.. لكن حان الوقت لنصارح أنفسنا إلي متي سيستمر صمت المسئولين تجاه هذه الممارسات.. ومتي سيكون لدينا ورقة عمل حقيقية لإصلاح التعليم.. ومتي تستيقظ ضمائر بعضنا أو معظمنا أو حتي كلنا؟.