فيما بعد السحور.. نمت.. رأيتني أذهب إلي بيتهم وصعدت السلالم وأنا متجه إلي شقة أخيها.. جاء لي خاطر في بالي.. إنها تزوجت.. ولكن لي (ابن) منها أريد أن أراه.. رأيتها تسبقني إلي أعلي السلالم وتقف في طريقي.. وكأن لسان حالها يقول لي: "لا تصعد.. ليس لك عندنا شيء"! قلت لها: أخوكي.. قالت لي: ليس موجوداً.. قلت لها: أبوكي.. قالت لي: ليس موجوداً.. كانت تبتسم بصفاء وطيبة.. كانت في أحسن حال. عدت أدراجي.. ونزلت السلالم.. منكس الرأس حزيناً. رأيت رجالاً جالسين في الشقة الأخري.. والشرفة مفتوحة.. وهم يتحاورون.. قلت: إنها لا تريدني.. ولا تريد أن أري (ابني).. فأنا لم أظلمها لكن أبوها هو الذي ظلمها. نزلت.. إلي الفناء.. خشيت أن يكون الباب مغلقاً.. وجدته مفتوحاً لخروجي إلي الشارع بعد أن مشيت في طريقي وقبل الفراق.. ألقيت نظرة أخيرة علي البيت.. إنه ليس هو هذا المنزل الذي دخلت إليه.. شرفاته مزدانة بالورود.. وبالزهور.. أنه نظيف نقي ولكن منزلهم لم يكن كذلك.. وقعت في حيرة أتأمل هذا المنزل الجميل.. التي أصبحت هي فيه وفي أثناء حيرتي.. اسيقظت من النوم وجدت.. دمعة ساخنة نزلت من عيني علي عظام خدي.. وتدحرجت إلي فمي لأذوق طعم الملح.. إنها ذهبت إلي ربها من سنين وهي في جنته.. ترفضني رغم أنها كانت تبتسم لي هل هي علي حق في إدانتي لا أدري؟ كانت أرضاً طيبة.. تبنت رجالاً.. الأول ذهب ثم اثنان بعده ذهبا.. إلي خالقهما وذهبت هي بعد الولادة.. ولم يرزق بعدها بذكور.. نضب المعين عن الرجال.. وجفت أرضه منهم.. وصار يحلم به ويصحو علي طعم الملح بين شفتيه.