من أعمالكم سلط عليكم.. هذا حال الحكومة بعد الإضرابات التى انتشرت فى مؤسسات الدولة كالنار التى تسرى فى الهشيم، فمن الواضح أن هذه الإضرابات إنما جاءت نتيجة الظلم الجائر الذى نجم عن إقرار بعض الكوادر لبعض الفئات من موظفى الدولة دون أى مبرر، سوى تمييز هؤلاء دون غيرهم إرضاء" لبعض النواب أو إرضاء" لهم أنفسهم لغاية فى نفس يعقوب أو لتنفذهم فى مراكزهم الوظيفية نتيجة السلطات الدستورية الممنوحة لهم باعتبارهم أحد الأضلاع للسلطات الثلاثة. أو لأن هذه المؤسسات حيوية تدر دخلا وفيرا كقطاع البترول مثلا، وكأنهم أصحاب الفضل فى وجوده. إذن فالسبب الرئيسى لهذه الإضرابات هو التمييز الفج بين أفراد المجتمع الواحد، والشعور بالظلم من قبل المواطنين إزاء هذه التفرقة التى تسببت فيها الكوادر سالفة البيان فالمواطنة حق للجميع دون تمييز أو تفرقة بين أفراد المجتمع وطوائفه لأن المساواة عدل والعدل أحق أن يتبع. فى جميع دول العالم لا نجد نظاما ظالما لمسألة توزيع الرواتب بين موظفى الدولة إلا عندنا، فكل النظم العالمية تتبع نظام عادل ومحدد للجميع، يرتكز على قواعد وأسس واحدة دون تمييز أو تفرقة بين العمال والموظفين. كالمؤهل والخبرة وساعات العمل، فهذه أسس وقواعد واحدة وثابتة لا يمكن اللعب بها أو الظلم من خلالها.أما نظام الكوادر والمزايا الخاصة التى تمنح فى الخفاء لمن يستحق ومن لا يستحق. فضلا عن الانتدابات والإرضاءات من بدلات وخلافة من فساد مالى وإدارى منتشر فى معظم إدارات ومؤسسات الدولة , فإن ذلك منتهى الظلم ومنتهى الفساد . إن المصلحة العامة تقتضى إدارة شئون الدولة بكل تنظيم والتزام لأن الضمير الوطنى لأى فرد يحتم علية ذلك المقتضى كما أن على الحكومة أن تفى بالتزاماتها تجاه المواطنين بالعدل والمساواة دون تفرقة أو تمييز لأن فى ذلك خلق للحقد والضغينة بين أفراد المجتمع دون أى مبرر، وفيه إثارة للفتنة البغيضة وتفتيت وتمزيق للنسيج الواحد. لاشك أن الإضرابات أصبحت مشروعة الآن بعد الربيع العربى، لكن ذلك لا يمنع من أن تكون هذه الإضرابات بأسلوب حضارى ومنظم، وذلك بتحديد ساعات محددة للإضراب دون أن يتسبب فى تعطيل العمل بشكل كامل أو تعطيل المرافق العامة، أو إشغال وتعطيل حركة المرور حتى لا يتضرر المواطن العادى، أو تتأثر مصالح الدولة لأن من مبادئ الديمقراطية عدم الإضرار بالمصلحة العامة، كما أن الحرية ليست مطلقة إنما محدودة بحريات الآخرين.