حاتم حافظ صاحب رواية "لأن الأشياء تحدث" الصادرة عن دار العين للنشر فى يناير 2009 وتعمد الكاتب أن يجعل أحداثها تمر عبر رسائل إلكترونية يكتبها بطل الرواية "حسام" إلى شخص مجهول لا يعرفه إلا من خلال غرف الدردشة... اليوم السابع التقى بكاتب الرواية حاتم حافظ لماذا اخترت أن تكتب روايتك الأولى بهذا الشكل؟ الرواية ظللت أفكر فيها أكثر من سنة، لكن لم أكن أعرف ما التكنيك المناسب لكتابتها، حتى اهتديت لفكرة الرسائل الإلكترونية لأنها ستحقق حالة الوحدة عند البطل، فالتكنولوجيا قضت على علاقات البشر الحميمة، المحمول مثلاً ساعد الناس على الكذب، تنتظر أحدهم ويتأخر عليك، وتهاتفه فيجيبك بأنه فى الطريق، وهو لم يغادر منزله بعد، أو ترسل إيميل لصديق وتقول له إنك فى لندن وأنت فى مصر، والرواية مبنية أصلاً على فكرة تفتيت الأسرة، لذلك كان الفضاء الإلكترونى هو المناسب لهذه الرواية، فهو يكلم شخصاً لا يعرفه، الصورة الوحيدة بينك وبين الآخرين غير حقيقية، فهو لا يعرف جنسية من يكلمه ولا هويته، الرواية بعد انتهائها اكتشفت أن بها أسطورياً أو خرافياً، فأنت من الممكن أن تتحدث مع الفراغ. لماذا جعلت هذا الشخص الآخر مجهولاً لا يتفاعل معه، كان من الممكن أن يكون أحد الأبطال؟ لأننا فى الفضاء الإلكترونى لا نتفاعل مع بعضنا بعضاً، نتكلم أطنان من الكلام، لكنها لا تصنع تواصلاً حقيقياً، وبطلى اكتشف فى نهاية علاقته بزوجته أنه لا يعرفها، وهى أيضا لا تعرفه، وتعدد الأصوات فى هذه الرواية لم يكن يناسبها، فنحن نتكلم على "الشات" مع أناس لا نعرفهم، كل منا يشكل لنفسه شخصية افتراضية غير الشخصية الحقيقية، حصيلة هذا أن هناك شخصيات افتراضية تتحدث مع بعضها. هل عنوان الرواية مرتبط بالسؤال الذى طرحه شقيق البطل فى نهايتها المتعلق بأسباب طلاقهما، أم أن هناك سؤالاً آخر؟ الرواية تطرح سؤالاً عن حدوث الأشياء، هل تحدث لأن طبيعتها تتطلب ذلك، أم لأننا نسمح لها بالتغيير، بمعنى هل الأشياء تحدث لأننا نتركها تحدث أم لماذا؟ فمثلاً شخصية حسام بطل الرواية ممثلة لطبقة وسطى تنهار، لأنها تترك الأشياء تحدث، فهو لم يفكر كيف سيتزوج ولم يخطط له. روايتك تظهر فيها النزعة العبثية والوجودية بشكل واضح، هل أثرت دراستك للنقد على تشكيلك لعالمك الروائى ومفرداته؟ أعمال نجيب محفوظ كانت بمثابة بداية حقيقية لفهم معنى التجديد، مضاف إليها بعض أعمال الروائى خيرى شلبى، عندما كتب نجيب محفوظ رواية "أصداء السيرة الذاتية" كنا نحلل التجديد ونناقشه ومهمومين به، فكان يضرب لنا مثلاً بها قائلا "هكذا يكون التجديد" ووقتها صدمت فبدأت أعيد قراءة أعماله من جديد، ولكنى لم أتاثر كثيراً بخيرى شلبى، إلا أن مقولة بيكيت أثرت فىّ بشكل حقيقى حين قال، "إن الكاتب يجب ألا يفشل كما فشل من قبل" فيجب أن تكون الكتابة عند شخص علامة فشل لكاتب آخر تأثر به. هل من الممكن أن نجد لأحداث روايتك انعكاساً للواقع؟ بمعنى هل ممكن أن يراسل شخص شخصاً آخر دون أن يعرفه؟ هذا المبرر قاله حسام فى أول الرواية، هو أخذ القرار بالكتابة، وكان يخشى أن يكتب أوراقاً وتصل ليد أحدهم، وكان كثيراً ما يصرخ فيه أن يرد عليه، رغبته فى الكتابة والاستمرارية كانت ضغوطه لمواصلة الكتابة لذلك المجهول، وفى جمل اعتراضية كثيرة، كان يقول له إنى أعرف أنك لن تجيب. لماذا كنت تستخدم الفعل الماضى معه "هل كنت إمرأة"؟ لأن المحادثة بينهما حدثت فى وقت سابق، حدثت دردشة بينهما قبل الطلاق بينه وبين سهام، ولم يكن مهتماً بهوية من يحادثه، لكن بعد الطلاق، حدثت له حالة من الرغبة فى طرح كل الأسئلة. نهاية الرواية بصفعة على وجه أمين شرطة، هل هى صفعة على وجه الأشياء التى تحدث رغماً عن بطل الرواية؟ الصفعة فى النهاية علامة فشل للشخصية، لأنه لم يستطع منع حدوث الأشياء، لذلك جاءت الصفعة بمثابة تلخيص لفشله فى الحياة، وشخصية أمين الشرطة ذكرته بقائد الحرس الجامعى الذى أهان كرامته فى الكلية، وفى مسرحية "الخال فانيا" يطلق البطل طلقتين فى الهواء بلا جدوى، مثل الصفعة التى جاءت على وجه أمين الشرطة، ماذا كان ينتظره حسام من هذه الصفعة؟ لا شىء، فهذا كان أقصى ما يمكن أن يحدث فى حياة حسام.