كثير منا يسمع عن اسم " تنابلة السلطان " هذا الاسم القديم هو مصطلح شائع كان فى عصر السلاطين الأتراك، و"التنابلة" هى كلمة تستخدم فى لهجتنا الدارجة كمرادف للكسل والخمول أو اللامبالاة والاعتماد على الآخرين، وما شابهها من معانى تصب جميعها فى عادات مكتسبة تسهم فى تردى الإنسان وعدم قيامه بواجباته، ومهامه وانتقاء حرصه على الاستفادة من جوارحه وقدراته وإمكانياته، ومن ثم اتكاله على الغير فى إنجاز أعماله وتسيير حياته. وكنت اتخيل أن ثورة 25 يناير سوف تمحو هذا المصطلح، ولكن من الواضح أن السلاطين الأتراك أورثونا هذا المرض العضوى الذى يستقر فى تصرفات الإنسان، ويعيش معه سنوات طويلة ولا أتخيل أن الثورات تكون مجرد فعل صوتى لا عقلى ولا عضلى، وهذا ما شاهدته فى ثورة مصر ولا أقصد هنا الصراع العضلى تجاه الاشتباكات أو العراك أمام المؤسسات والسفارات بل الصراع تجاه العمل وتنمية الفكر الأخلاقى والأهداف نحو خلق إنتاج يساعد فى تطوير بلدنا الحبيب مصر. وعليه سأحكى لكم القصة الشهيرة لأحد السلاطين الأتراك، إذ يقال إن أحد السلاطين العثمانيين أمر بإنشاء دار للعجزة والمسنين، وخصص مبلغا للصرف على تلك الدار، لكن الدار خرجت عن مسارها وأهدافها وغدت ملجأ لكل كسلان يجد فيها المأكل والمشرب والمأوى، فغضب السلطان حينما تكشف له أحوال الدار وأمر بمعاقبة مدعى العجز بإغراقهم فى النهر وفى الطريق إلى النهر، وأراد رجلا من أهل الخير أن ينقذ هؤلاء الكسالى من الموت، فأخبر الجنود أن لديه مزرعة كبيرة لتربية الأبقار، و تتوفر فيها الكثير من المياه ويجلب إليها يوميا الكثير من الخبز اليابس من فضلات البيوت، ويمكن لهؤلاء أن يعيشوا فى المزرعة ويعتمدوا فى طعامهم على تناول العيش اليابس بعد نقعه فى الماء. وسمع التنابلة الحوار الذى يجرى بين فاعل الخير والجنود، فسألوا فاعل الخير عمن سيتولى أمر نقع الخبز فى الماء، فقال ( أنتم)، حينها صاح كبير التنابلة يستحث الجند بالإسراع إلى النهر لإغراقهم تنفيذا لأوامر السلطان. وأنا أعتقد أننا توارثنا مصطلح التنبلة، وأصبح هو المنهج الأساسى فى الحياة، التنبلة فى الأخلاق التنبلة فى الفكر، والتنبلة فى الحب والتنبلة فى الخير وفى الضمير وفى الثقافة، والتنبلة فى البحث عن الذات، والتنبلة تجاه الآخر. أقول عزيزى المسئول أنت لست الرجل القوى ذو الشخصية الخارقة، وأحب أن أقولك أنت مازلت من مجموعة تنابلة السلطان، لأنك فضلت الإغراق فى النهر خوفا من مواجهة شعب لأنك لم تكن أنت القائد، القائد بمفهوم معنى كلمة قائد. وسأل رجل شهبندر التجار فى إحدى البلاد عن سر نجاحه فى إدارة مشروعاته، وكيف أصبح قائدا ناجحا قال "إننى اجتمع بالعاملين كل فترة، وأسأل كل واحد ماذا تفعل لو كنت صاحب المشروع أو المدير؟، ثم أستمع لرأى كل واحد، فأحصل على ثروة من الأفكار، وأحصل على حماستهم لمشاركتهم فى صنع القرار. وعليك إذا أحببت أن تخرج من مصطلح " التنبلة " أخرج من الصندوق المغلق وأخرج من جمود الأفكار، أبدأ بنفسك وتخيل أنك دائما القائد صاحب القرار فى كل تصرفاتك بس تكون فاهم يعنى إيه معنى شخصية قائد يحكم.