بث مباشر بعد قليل.. مؤتمر نتيجة تنسيق كليات جامعة الأزهر 2025    بث مباشر.. انطلاق منتدى الأعمال المصري الإسباني بحضور ملك إسبانيا ورئيس الوزراء    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    تعاون استراتيجي بين مجموعة طلعت مصطفى وبنك الإمارات دبي الوطني – مصر لإطلاق بطاقات ماستركارد الائتمانية الحصرية ذات العلامة التجارية المشتركة    توقيع بروتوكول تعاون لرعاية المسنين المحالين للتقاعد من وزارة الصناعة    مواعيد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025: كل ما تحتاج معرفته    الأونروا: يجب وقف إطلاق النار بغزة والسماح لنا بإدخال المساعدات    ملك إسبانيا: مصر تحقق إنجازات مبهرة    حصيلة شهداء الحرب على غزة تتجاوز 65 ألفا    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    مباريات اليوم| برشلونة ونيوكاسل في قمة مرتقبة.. والسيتي يصطدم بنابولي بدوري الأبطال    منتخب مصر للميني فوتبول يفتتح مشواره في كأس العالم بمواجهة باكستان    أبرزها لقاء الزمالك والإسماعيلي.. مباريات قوية في الدوري المصري اليوم    وزير التعليم يستبدل مادة الأحياء بالتاريخ في ثانية ثانوي ويحدد مواد وأنشطة الطلاب 2025    بعد صراع مع المرض.. وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عاما    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يسلمان جوائز «أفضل ممارسات الحفاظ على التراث العمراني والمعماري لعام 2025»    الرقابة الصحية تعلن اعتماد 613 منشأة طبية في تقريرها السنوي أمام مجلس الوزراء    خالد الغندور: مصفطفى شلبي أفضل من شيكو بانزا    نيللي كريم توضح سبب غيابها المحتمل في رمضان 2026    القبض على المتهمين بقتل أب ونجله في خصومة ثأرية بقنا    إصابة 9 أشخاص في تصادم 3 سيارات على طريق كفر داود بالمنوفية    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة بالتزامن مع عودة المدارس    التعليم العالي: فتح التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات التكنولوجية    من مصر لغزة.. انطلاق قافلة المساعدات الإنسانية ال40 ضمن «زاد العزة»    وزير الصحة يفتتح المؤتمر الدولي الثاني لكلية طب الأسنان بجامعة الجلالة    مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025 في مصر    تكريم الإعلامي سمير عمر في ختام المؤتمر السنوي الأول للإعلام العربي ببنغازي    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    أسعار الفراخ فى البورصة اليوم الخميس 18 سبتمبر    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة مناطق في محافظة بيت لحم    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الرئيس السيسى يوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبى مع الإمارات    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    إطلاق فعاليات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في مؤتمر صحفي بالقاهرة    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    مسلسل حلم أشرف يشغل مؤشرات بحث جوجل.. تعرف على السبب    بعد تصدرها التريند.. تعرف على أبرز المحطات في حياة أيناس الدغيدي    الولايات المتحدة.. الكشف عن هوية منفذ هجوم بنسلفانيا الذي أودى بحياة 3 ضباط شرطة    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في المملكة    "زوجها طبيب".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة بطلة الاسكواش نور الشربيني    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "أكسيوس": المباحثات الإسرائيلية السورية بشأن اتفاقية أمنية بين البلدين تحرز تقدما    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والفن.. علاقة متوترة!
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 04 - 2009

لن أعلق بالطبع على الحكم الذى صدر يوم الثلاثاء الماضى بسحب ترخيص مجلة «إبداع»، لأنها نشرت فى عدد من أعدادها السابقة قصيدة للشاعر حلمى سالم تضمنت فيما يرى بعض الذين قرأوها إساءة للذات الإلهية.
لا أعلق على الحكم وإن احتفظت المجلة بحقها فى أن تستشكل فيه وتطلب إعادة النظر لتوضيح ما يجب توضيحه فى هذه القضية الخطيرة التى لابد أن تهمنا جميعاً، لأنها تتصل بما يجب لحرية التفكير والتعبير والاعتقاد من احترام، وبالضمانات القانونية التى نحيط بها هذه الحرية ونحصنها ونرسم حدودها فنعرف ما يحق لنا وما يجب علينا، ندافع عن حقنا، ونحترم حقوق الآخرين إن احترامنا للعقائد الدينية على اختلافها ينبع من احترامنا للإنسان وحقه فى أن يؤمن بما يشاء ويعتقد ما يشاء، واحترامنا لحرية التفكير والتعبير ينبع من هذا المبدأ ذاته.
ولهذا أتحدث عن قضية «إبداع» دون أن أخوض فى هذا الحكم الذى لا أدعى أنى فهمت الأساس الحقوقى أو الأخلاقى الذى بنى عليه، ولهذا أتجنب مناقشته وأتركها لأهل القانون الذى نعول عليه فى طلب العدالة، فلابد أن نحترمه ونحترم كل ما يصدر عنه من أحكام ولو كانت فى نظرنا جائرة، وألا نطعن فيها إلا بالصورة التى يحددها القانون.
وأنتم تعرفون أن قضاة سقراط اتهموه بالإساءة إلى الإلهة، ذات التهمة التى وجهت لحلمى سالم ولمجلة «إبداع»، وحكموا عليه بالموت، وقرر تلاميذ سقراط أن يساعدوه على الهرب الذى كان متاحا، وربما كان مبرراً أيضاً، لأن قضاة سقراط لم يكونوا فلاسفة مثله ولم يكونوا رجال قانون يرجعون لحدود واضحة، وإنما كانوا حشدا يزيد عدد أفراده عن خمسمائة من العوام البسطاء الذين يسهل التأثير عليهم، خاصة حين تتصل القضية بالدين، ثم إن الحكم كان قاسياً من ناحية وظالماً من ناحية أخرى، لكن سقراط أبى أن يستجيب لتلاميذه حين أغروه بالفرار، لأنه حين يفر من الموت يصبح خارجاً على القانون الذى لم يظلمه، وإنما ظلمه قضاته أهل أثينا، فمن واجبه أن يحترم هذا القانون وألا يخرج عليه، وإلا هدمه وهدم المدينة التى ينظم القانون حياتها، ولأن سقراط رجل حكيم فلن يخرج على القانون وسوف يحترمه ليحترمه الاثينيون جميعاً حكاماً ومحكومين، ويعتمدوا عليه فى استعادة حقوقهم، ونحن أيضاً نريد أن نكون حكماء كسقراط، ونريد أن نعطى المثل فلا نرفض الحكم رغم قسوته، بل نستشكل فيه وننتهز فرصة صدوره لنعالج القضية، لا من حيث هى قضية مجلة أو قضية شعراء وأدباء فحسب، بل من حيث هى قضية منابر الرأى كلها وقضية المصريين جميعاً، المثقفين وغير المثقفين، المتعلمين والأميين.
والقضية تتمثل فى هذا السؤال: كيف نمارس حريتنا فى التفكير والتعبير ونحن ملتزمون بعدم المساس بالعقائد الدينية؟ كيف نوفق بين ممارستنا لحرياتنا واحترامنا للدين؟.
ومن الواضح أن النجاح لم يحالفنا دائماً فى التوفيق بين الأمرين، وأن العلاقة كانت متوترة
دائماً عندنا بين الدين والفن، وبين الدين والثقافة بشكل عام، أو بالأحرى بين القائمين على كل من هذين المجالين، خاصة فى هذه المرحلة الأخيرة من مراحل حياتنا التى وصل فيها التطرف الدينى إلى غايته، وظهرت جماعات ومؤسسات تستغل الدين وتستثمره وتستخدمه فى سعيها للوصول إلى السلطة، فى الوقت الذى يحاول فيه المثقفون المصريون أن يستعيدوا حريتهم التى فقدوها طوال العقود الستة الأخيرة.
لقد عصف الحكم العسكرى بالصحف الحزبية التى كانت تصدر فى مصر إلى أوائل الخمسينيات، كما عصف بالأحزاب التى كانت تصدرها وبالكتاب الذين كانوا يحررونها، وباسم التأميم والتنظيم استولى النظام العسكرى على الصحف المستقلة وحولها إلى أبواق للدعاية له وللقائمين عليه، ثم فرض عليها الرقابة، وساق العشرات من الكتاب والشعراء والفنانين العاملين فيها إلى غيابات السجون والمعتقلات.
ولقد تعرضت أعمال أدبية وفنية وفكرية كثيرة للمنع والمصادرة خلال الأعوام الستين الماضية، بينها رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا»، ومسرحية «الحسين شهيداً» لعبدالرحمن الشرقاوى، وفيلم «المهاجر» ليوسف شاهين، وكتاب «ألف ليلة وليلة»، وديوان أبى نواس، وعدد من الروايات التى أصدرتها هيئة قصور الثقافة، وكتاب «فقه اللغة العربية» للويس عوض، ومؤلفات المستشار العشماوى عن الإسلام السياسى، ودراسات نصر حامد أبوزيد عن الإمام الشافعى وعن قراءة النصوص الدينية، وكتاب «الفتوحات المكية» لابن عربى.
والأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد استغل قانون الحسبة اسوأ استغلال فى اضطهاد الفكر ومحاربة الإبداع وترويع المبدعين والتنكيل بهم والحجز على أثاث منازلهم.
ثم تجاوز هذا الحد إلى العنف الشديد، فاغتيل فرج فودة، وتعرض نجيب محفوظ للاغتيال، وحكم على نصر حامد أبوزيد بالردة، وفرق بينه وبين زوجته، وأرغم على مغادرة وطنه ليعيش منفيا فى هولندا!.
وأنا أذكركم بهذه الوقائع، وأقدم لكم هذه الأمثلة المتعددة من صور القمع تأكيداً لما أشرت إليه من أن القضية التى نعالجها ليست قضية شاعر أو مجلة فحسب، وإنما هى قضية الشعراء والكتاب والمفكرين والعلماء والصحفيين والمصريين جميعاً، فالمصادرة لم تقتصر على مجال دون مجال، وإنما تعقبت كل عمل، وطالت كل تفكير حر، والضحية هى العقل المصرى الذى يرسف فى الأغلال ويترنح تحت وقع الضربات، عاجزاً عن أن يرى، وأن يتيقن مما يرى، وأن يصرح ويقول، وإذن فكيف يفهم ما نحن فيه؟ وكيف يرى أسباب ما نعانى؟ وكيف يعثر على الحل ويكتشف الدواء؟ ولقد كنا فى الماضى نستضيف اليونانيين والإيطاليين، ونسبق الهنود والصينيين، ونقرض الإنجليز بالملايين، ونحن الآن من يعيننا ويقرضنا!.
ولقد كنا فى الماضى، الماضى القريب لا البعيد، نبعث الأساتذة، ونساعد الأشقاء على أن تكون لهم مدارس، ومستشفيات، ومحاكم، وجامعات، ومجالس نيابية، ودساتير وقوانين، ونحن الآن نزود الأشقاء وغير الأشقاء بالخدم، والأيدى غير المدربة، والهجرة غير الشرعية، ونزود البحر بالغرقى!.
وللحديث بقية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.