السكة الحديد: إنهاء خدمة مشرف قطار لتغيبه عن العمل وتعطيل القطار نصف ساعة بالمنوفية    وكالات أنباء عالمية: نشعر ببالغ القلق على صحفيينا في غزة جراء التجويع الإسرائيلي    قيادي بحزب مستقبل وطن: بيان الخارجية كشف حجم الحملة الدعائية المشبوهة حول دور مصر فى دعم فلسطين    ويتكوف: رد حماس يظهر عدم رغبة في التوصل لوقف في إطلاق النار    مران الزمالك - فيريرا يكثف التدريبات الخططية قبل مواجهة دجلة وديا    بتروجت يفوز على وي بهدف وديا    "لم يتبق أي أجزاء أصلية في جسدي".. وفاة هوجان أسطورة المصارعة    بايرن ميونخ يجهز عرضا جديد من أجل دياز    وزارة الرياضة تشكل لجنة قانونية لدراسة استقالات اتحاد تنس الطاولة    تسمموا بمبيد حشري لا ترياق له.. سبب وفاة الأطفال الستة بالمنيا يكشفه لأول مرة أستاذ السموم المختص بالواقعة - فيديو    الأرصاد: ذروة الموجة الحارة تبدأ غدا الجمعة وتستمر حتى الثلاثاء.. ودرجات الحرارة تتجاوز 40 في القاهرة    مصرع شخصين إثر حادث تصادم أعلى الطريق الإقليمي في الشرقية    كورال أطفال بورسعيد يحيي ذكرى ثورة يوليو ضمن فعاليات معرض الكتاب الثامن    «الشاطر» يواصل صدارة شباك التذاكر.. و«أحمد وأحمد» يلاحقه    اجتماع موسع بمستشفيات قنا الجامعية لبحث تعزيز الجودة ومكافحة العدوى    وزير البترول : إرسال طائرتى هليكوبتر من مصر لقبرص لإخماد حرائق غابات ليماسول    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    موعد انطلاق المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025    "ابن أصول".. الغندور يعلق على رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    أبو تريكة قدوتي.. أول تعليق لإبراهيم عادل بعد انضمامه للجزيرة الإماراتي    "المشاط" تدعو الشركات السويسرية لاستكشاف الإصلاحات وزيادة استثماراتها في مصر    قالت إن "زوجته وُلدت رجلا وستموت رجلا".. ماكرون يقاضي ناشطة أمريكية    إعلام فلسطيني: استشهاد 19 ألف طفل خلال الحرب على قطاع غزة    رفع 36 مركبة متروكة ومتهالكة في شوارع القاهرة والجيزة    الأمن يضبط 4 ملايين جنيه من تجار العملة    أول صورة للزوجة ضحية الميراث في الفيوم.. شقيق ينهي حياة أخيه وزوجته    الرئيس الإيراني: نواجه أزمة مياه خانقة في طهران    "كان نفسي أقرأ في المصحف".. سيدة أسوانية تودع الأمية في ال 76 من عمرها    منة عرفة تتألق بعدة إطلالات جريئة في المالديف    بعد فتحها مجانًا.. إقبال على المواقع الأثرية في عيد الإسكندرية (صور)    "لوك كاجوال".. بشرى بإطلالة شاطئية جريئة ومبهجة عبر انستجرام    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    ما كفارة التهرب من دفع تذكرة القطار أو المترو؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    الزيارة الثانية خلال يوليو.. الباخرة السياحية "AROYA" ترسو بميناء الإسكندرية -صور    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي ال17 لمناظير المخ والعمود الفقري (INC 2025)    لعلاج الأرق- تناول هذه العصائر قبل النوم    «خطافة رجالة».. غفران تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل فات الميعاد    مصرع شخصين فى تصادم سيارة ودراجة بخارية بالشرقية    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: «التأمين الصحى» تبحث تطبيق المنظومة.. و40 طريقة صوفية تحيي الليلة الختامية ل«المرسى أبوالعباس»    «هجرة» و«ملكة القطن» و«رقية».. ثلاثة أفلام عربية تشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته ال82    رفع 50 طن نواتج تطهير من ترع صنصفط والحامول بمنوف    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    وزيرة التضامن تثمن جهود النيابة العامة وزياراتها لدور الرعاية بالجمهورية    وزير الخارجية والهجرة يلتقي رئيس جمهورية مالي ويسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة اللذة.. ومتاهة الحب
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 04 - 2009

بعد ثلاثة أيام من وصولك، ستبدأ المدينة فى سؤالك عن اسمك وبلدك والغرض من الزيارة.. سعيد إن تذكرت، ولكنك ستكون فقدت الرغبة فى الكلام.. ولسوف تسأل نفسك بضيق حقيقى: ما فى هذه المدينة يطفئ الروح ويؤجج الرغبة؟ ولن تجد فى هذه المدينة سوى المزيد من صمتها والمزيد من جنونك.
بهذه الكلمات يستهل عزت القمحاوى روايته البديعة «مدينة اللذة» التى صدرت طبعتها الثانية مؤخراً عن دار العين، ويتناول فيها بطريقة إبداعية مرهفة مشكلة الحب والجنس وتكمن المفارقة فى أن الروايه خالية من الشخصيات فقط هناك مدينة أسطورية، تلعب دور البطولة كاملة، أشخاصها مجرد رواة، يعيشون بها ولها وفيها، هى أمهم وأبوهم وأبناؤهم وتاريخهم ومستقبلهم، وهم عابرون، وزائروها عابرون، ويمضى «القمحاوى» فى استعراض تاريخ المدينة المتضارب وأماكنها المبهرة المحيرة، عن طريق راو «غريب» يتخذ من «الدهشة» وسيلة لمعرفة تفاصيل تلك المدينة المسحورة التى تعلى من شأن اللذة وفنونها باعتبارها يقينا وحيدا، فكل ما فى المدينة مشكوك فى أمره، تاريخ بنائها وسببه، ومالكوها، وأربابها، وسكانها أيضاً، وتبقى اللذة وحدها هى اليقين الثابت الذى لا يزعزعه شك، ولا تقدر على مقاومته الحوادث.
يتكئ القمحاوى على لغته الشعرية الصافية ليصف ما فى هذه المدينة من معالم وأماكن استعاض بها عن الشخصيات، ولكل مكان تاريخ طويل من الأحداث والأساطير المحبوكة والمتضاربة فى آن، ففى وصفه للميدان الرئيسى للمدينة يقول: «ولسوف يفاجئك فى قلبها ميدان يقاوم صمت الحياة بصخب الموت» ليورط القارئ بذكاء فى الدخول إلى مدينته التى كتب على ساكنيها إحدى النهايتين: الصمت، أو الجنون.
وعبر فصول قصيرة يصف الراوى هذه المدينة وما بها من حكايات، تتمحور كلها حول الشهوة الإنسانية، بلا إدانة أو استنكار، ولم يأت الكلام عن الحب فى الرواية إلا فى فصل صغير للغاية، يذكر فيه الراوى أن عراف المدينة جاء ذات يوم إلى الملك وتنبأ له بأن ملكه سيزول على يد رجل وامرأة عرفا متعة الحب وفضلاها عن لذة الجنس، يقين المدينة الوحيد، فغضب الملك وأمر ببناء متاهة لتحجب هذين الحبيبين عن مملكته، ويختلف رواة تاريخ المدينة كالعادة فى ذكر سبب بناء المدينة ووصفها، فمنهم من يقول إن الملك أمسك بالعاشقين ولم يرد أن يلوث بدمائهما مدينته؛ ولهذا بنى «المتاهة» بناء على نصيحة العراف أو نصيحة ابنته، ومنهم من يقول إن الوزير كان عاشقا، ولهذا رأف بحال العاشقين وبنى لهما المتاهة التى تكاثرا فيها حتى أصبح عدد سكانها يفوق عدد سكان المدينة، ومنهم من يقول إن عمر المتاهة من عمر المدينة ذاتها، أو أن العشاق هم الذين بنوا المتاهة ليحافظوا على أرواحهم، وآخر الروايات تقول إن آلهة الحب والعاطفة هى التى شيدت هذه المتاهة لأنها شعرت بأن آلهة اللذة تحسدها على جمالها وافتتان الناس بها، وعن وصف المتاهة يقولون إنها تحتوى على كل ميزات المدينة مضافا إليها أن أرواح الأحباء تظل سابحة فى ملكوتها نظيفة خفيفة بلا ملل أو تعب، وأن سكانها يهيمون فى ممارسات جنون لا يبقى معها عطش أو جوع.
تغيب «متاهة» الحب أو «جنته» التى يصفها الكاتب، ولا يتأتى ذكرها ثانية إلا فى آخر الرواية، حينما يقابل الراوى شخصاً عجوزاً، يكاد يكون مجنونا، يحدثه عن المدينة وأهلها وفنون اللذة التى مارسها وعرفها، ويدلى له بخبرته فى هذه المسألة وسرعان ما يناقض كلامه وأحكامه وفتاواه، ويذكر عكسها، ليفرغ أقاويله من محتواها وتبقى فى حالة أقرب إلى الهذيان المرضى، وفى النهاية يقول للراوى: «اسمع أنا أكثر منك خبرة وأنت صديق، انج بنفسك.. لذة هذه المدينة ظمأ لا يرتوى، احتراق لا يبرد، إنها ليست مدينة لذة إنها مدينة عذاب» ثم يجهش العجوز بالبكاء متسائلا عن الطريق إلى «المتاهة» لأنها الشىء الوحيد الذى لم يجربه، ولهذا غرق فى الجنون، فمن لم يبك من الحب بكى عليه.
سؤال وحيد قد يتبادر إلى الذهن فور الانتهاء من هذه الرواية: هل مدينة اللذة الأسطورية التى تفنن الكاتب فى تشكيلها مدينة خيالية فعلا؟ أم أن الكاتب أراد ألا يصارحنا بأن هذه المدينة لا تختلف عن مدننا الواقعية التى تنكر الحب على ساكنيها، لكى لا نفاجأ بأننا نرتع فى الجنون؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.