بعد ثلاثين عاماً من عقد أول اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، ومروراً بمرجعيات مدريدوأوسلو وواى ريفر وحتى أنابوليس وكل اتفاقيات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يأتى وزير الخارجية اليمينى الجديد أفيجدور ليبرمان؛ ليفجر الأجواء المتعطشة للسلام برفضه عودة اللاجئين بشكل قاطع والحديث عن قدرة إسرائيل على فتح سبل أخرى للسلام غير تلك التى تمت، وعدم الاعتراف باتفاقية أنابوليس، فهل ينجح ليبرمان فى نسف اتفاقيات السلام؟ اعتبر عبد القادر ياسين الباحث الفلسطينى، اتفاقات السلام الموقعة مجرد "اتفاقات" لن يمسها شىء، لأنها فى صالح أمن اسرائيل بالأساس، والتى يرى ياسين أنها انتهت جميعاً، وآخرها اتفاقية أوسلو التى أعلن شارون بنفسه موتها، وأضاف قائلاً إن ليبرمان ليس زرعاً شيطانياً وسط بيئة طبيعية، ولكنه نبت طبيعى من أرض لا تخرج إلا مجرمى الحرب الذين يختلفون فيما بينهم ما بين من يفعل وفقط، ومن تصحب أفعاله تصريحات عالية النبرة تتضمن إشارات واضحة للحرب. لكن د.سعيد عكاشة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، يختلف مع ياسين، مؤكداً أن العالم العربى بإعطائه تصريحات ليبرمان أكثر من حجمها يخدم مصالح أحزاب المعارضة الإسرائيلية أكثر من المصالح العربية، تلك الأحزاب التى تعمل على تضخيم تصريحات ليبرمان المعادية للسلام والهدوء فى المنطقة، لتثير الرأى العام الإسرائيلى عليه، موضحاً أن ليبرمان مجرد وزير خارجية لا يتخذ القرارات، وإنما يشارك فى صنعها عبر القنوات الديموقراطية التى تعرف بها إسرائيل. ومن جانبه يرى د.حسن اللبيدى أستاذ العلوم السياسية، أن إسرائيل لا تتغير"بأطماعها وعدوانيتها" سواء مثلها ليبرمان أو غيره، مشيراً إلى ضآلة دور ليبرمان فى صناعة القرار فى إسرائيل. أكد اللبيدى أن الإسرائيليين لا يريدون تغييراً فى تلك الاتفاقيات التى ضمنت لهم هدوءاً نسبياً مع بعض الدول المجاورة، موضحا أن تلك التصريحات هدفها إرضاء الداخل الإسرائيلى الذى يرفض حق العودة وإعادة المستوطنات، وأنه من الأفضل أن يواجهنا رجل صريح يعبر عن السياسة الإسرائيلية بوضوح، على أن نجد أشخاصاً يتحدثون عن السلام ويديرون حروباً شعواء. وطالب السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية السابق، العالم العربى، باستغلال تصريحات ليبرمان المتطرفة لصالحهم وتوجيه أنظار العالم إلى الوجه الحقيقى لإسرائيل التى لا تريد سلاماً ولا تسعى إليه. موضحاً أن آخر إنجازات أولمرت من وجهة النظر الإسرائيلية هى مجزرة غزة التى سبقتها دعواته للسلام والمفاوضات مع السلطة الفلسطينية. يرى رخا أن عملية التصريحات المتبادلة بين نتنياهو وليبرمان هى عملية "كسب وقت" وتعطيل لعملية السلام التى ستوقفها عدة محطات، أهمها الانتخابات الفلسطينية فى يناير 2010، مؤكداً أن اللعبة ستستمر حتى السنة الانتخابية فى نهاية دورة أوباما الرئاسية الأولى.