توزيع سندويتشات طعمية على مريدي الشيخ إبراهيم الدسوقي في أول أيام الاحتفال بمولده    تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تعلن عن مرشحيها في انتخابات مجلس النواب 2025    البابا تواضروس أمام ممثلي 100 دولة: مصر احتضنت الإيمان المسيحي منذ فجر التاريخ    وزارة الري تؤكد استمرار مشروع "ضبط النيل" وإزالة التعديات    مريضة تهدد طبيبة نساء بالسحق.. أطباء بني سويف توضح ملابسات الواقعة "تفاصيل"    ارتفاع عيار 21 الآن بالمصنعية.. تحديث سعر الذهب اليوم الجمعة 24-10-2025    تحرير 189 محضر حرق قش أرز للمزارعين المخالفين في الشرقية    كيف تتم خطوات تحديث بيانات بطاقات التموين 2025؟.. دليل شامل لتسجيل رقم الهاتف وإضافة المواليد    البورصة المصرية تربح 46 مليار جنيه خلال أسبوع    تعرف على موعد تغيير الساعة في مصر 2025 وبدء العمل بالتوقيت الشتوي    تعرف على أبرز ملامح بيان الفصائل الفلسطينية بعد اجتماعات بالقاهرة    صوت ريجان يثير غضب الرئيس الأمريكي.. سر إلغاء ترامب «المحادثات التجارية» مع كندا (تفاصيل)    حماس: حصلنا على ضمانات من مصر وقطر وتركيا بأن الحرب انتهت فعليًا    الكرملين: بوتين لا يستبعد عقد قمة روسية أمريكية فى المستقبل    استطلاع: تراجع شعبية ترامب في أوساط المنحدرين من أصول إسبانية    مراسلة القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل جددية عن تصريحات ضم الضفة الغربية    1512 شاحنة مساعدات تدخل قطاع غزة عبر معبر رفح خلال أسبوع    تشكيل الزمالك - عودة شيكو بانزا ومعالي.. ومحمد السيد أساسي أمام ديكيداها    ترتيب دوري المحترفين.. أبوقير للأسمدة يواصل الصدارة رغم الهزيمة والقناة يطارده    محمد الغزاوي: أثق في وعي الجمعية العمومية للأهلي وهدفنا تعزيز مسيرة النادي في كل المجالات    ليفربول قد يخسر مهاجمه أمام برينتفورد    «الداخلية» تضبط تشكيلًا عصابيًا روّج للمخدرات ونشر مقاطع إباحية بالمنيا    سقوط محامي في قبضة الأمن وبحوزته كمية من "الشابو" في قنا    ب 3 أغنيات.. أحمد سعد يُحيي ختام مهرجان الجونة في دورته الثامنة    علي الحجار يختتم فعاليات مهرجان الموسيقى العربية بالإسكندرية الليلة    سر كتمان زواج منة شلبي.. بين الخصوصية والدهشة الجماهيرية    مين الفنجري ومين اللي بيحسبها بالقرش؟.. كيف يختلف الإنفاق على الشراء بين الأبراج؟    يسري جبر: الداعية الصادق يتعامل مع أصحاب المعاصي كطبيب يعالج مريضه لا كقاضٍ يحكم عليه    إجراء 265 عملية في مستشفيات شمال سيناء خلال أسبوع    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    مصرع 4 تجار مخدرات وأسلحة وضبط آخرين بحوزتهم مواد مخدرة بقيمة 76 مليون جنيه بالغربية والشرقية    وزير الدفاع والفريق أحمد خليفة يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    وزيرة التنمية المحلية: إزالة عدد من الأدوار المخالفة لتراخيص البناء في الزيتون بالقاهرة    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي على طريق المنصورة جمصة    الوداد المغربي يتعاقد مع حكيم زياش    تفاصيل مشاركة وزير الشئون النيابية في منتدى البرلمانيين العربي الآسيوي    "الصحة" تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    فى اليوم العالمي، ماهو شلل الأطفال وأسبابه وأعراضه وطرق الوقاية منه    اختيار "السبكي" ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بقطاع الرعاية الصحية لعام 2025    آس: رافينيا خارج الكلاسيكو ومدة غيابه تمتد لشهر    مصرع ربة منزل على يد زوجها بشبرا الخيمة إثر خلافات أسرية    محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة ل فهم اللعبة واكتشاف المواهب    بالفيديو.. هدف بن شرقي ينافس على الأفضل في الجولة ال11 للدوري    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء المصرية إلى شمال سيناء    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    إصابة شاب في تصادم سيارة بسور استراحة محافظ مطروح    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    إعدام 187 كيلو مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك خلال حملات تموينية في أسوان    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة واتخاذ إجراءات قانونية حازمة تجاه المخالفين    بعثات أثرية فرنسية وإيطالية تواصل أعمالها فى مناطق آثار الفيوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    قيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي الفلسطيني: 3 ركائز أساسية لضمان نجاح اتفاق وقف النار    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    بعد «أقدم ممر فى التاريخ» و«موكب المومياوات».. مصر تستعد لإبهار العالم مجددًا بافتتاح المتحف المصرى الكبير    مهند في ورطة، بيان من محامي شقيقة كيفانش تاتليتوج بعد ضجة أنباء اعتقالها بتركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور المصرى وولاية الفقيه
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 12 - 2012

تعد مصر من أقدم دول العالم المركزية التى قد خطت خطوات واسعة فى سبيل أن تكون دولة مدنية ديمقراطية حديثة، واستقرت مؤسسات الحكم فيها، عبر تاريخ ملكى وجمهورى، على ثلاث مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية، تعمل منفصلة دون أن تتغول إحداها على الأخرى، كما احترمت دوما حق الرقابة الشعبية التى جسدتها سلطة الضمير ممثلة فى الصحافة وكافة وسائط الإعلام الحديثة.
وكان من دلائل ومظاهر سيادة الشعب وسلطته التى يمارسها برلمان يشرع باسم الشعب، وفقا للدستور الذى يكتبه ممثلو الشعب المنتخبون بشكل حر ونزيه، وبما يعبر عن الطيف الواسع لهذا الشعب الذى اعتز دوما بوجود سلطة قضائية تحافظ على الدستور وتصونه من العبث، هى المحكمة الدستورية العليا، المخولة بتفسير نصوص الدستور ومطابقة كل القوانين التى تصدر عن البرلمان لقواعده، وحافظت الأعراف القضائية والتشريعية فى مصر، على انتخاب قضاة هذه المحكمة الدستورية العليا من بين أرفع قضاة كل الهيئات القضائية أو ترشيح مجلس القضاء الأعلى، هذه حقائق نجد أنفسنا مضطرين للتذكير بها فى مواجهة واقع جديد يحاول الإسلاميون الجدد الذين يحكمون مصر تكريسه، باختطاف الدولة وإعادة بناء مؤسساتها على نحو جديد يقفز على تاريخها وتضحيات أبنائها الذين ثاروا فى يناير ليقفز الإسلاميون على الحكم فى النهاية، ويحاولون تأبيد وجودهم فى الحكم، عبر نصوص الدستور الذى سيستفتى عليه الشعب فى الخامس عشر من ديسمبر الجاري، بما يؤسس لسلطة جديدة فوق هذه السلطات التى تحدثنا عنها.
حاول إسلاميو الحكم عبر نصوص هذا الدستور التأسيس لدولة تقترب من نموذج ولاية الفقيه فى إيران، والمدهش هو هذا التطابق بين بعض نصوص دستورى مصر، والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ففيما يتعلق بحق التشريع الذى هو حق أصيل للأمة عبر نوابها المنتخبين، وفى ظل محكمة دستورية تراقب التشريعات، لتقرر مدى مطابقتها لمواد الدستور، بحيث تبقى الدوائر المعنية بالتشريع هى البرلمان والمحكمة الدستورية وسلطة الشعب، نجد المادة 73 من الدستور الإيرانى:
"شرح القوانين العادية وتفسيرها يعتبران من صلاحيات مجلس الشورى الإسلامى. ومفهوم هذه المادة لا يمنع القضاة من تفسير القوانين فى نطاق تشخيص الحق، يتم تشكيل مجلس باسم مجلس صيانة الدستور، بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامى مع الأحكام الإسلامية والدستور".
تلك المادة تجعل السلطة والمرجعية العليا فى تفسير القوانين هى لمجلس تشخيص مصلحة النظام الذى هو تجمع علماء المذهب الشيعى، حيث لا يوجد محكمة دستورية عليا فى إيران.
على الجانب الآخر فى مشروع الدستور المصرى نجد المادة 176 "تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التى ترشحهم وطريقة تعيينهم والشروط الواجب توافرها فيهم ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية".
بتحليل مفرداتها نجد أن إرادة من كتبوا الدستور تتجه لاحتمال من اثنين، إما إلغاء أو تهميش دور المحكمة، أو إعادة تشكيلها بحيث تتحول إلى هيئة شبيهة بمجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث يكشف النص الذى يقول، يبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التى ترشحهم، فما المقصود بالجهات أو غيرها، إلا إذا كان فتح الباب لتغيير تشكيلها، لتتحول الأغلبية عن القضاة لغيرهم من الفئات، يمكننا فى هذا السياق فهم دوافع حصار الإسلاميين لمقر المحكمة فى مصر، وإطلاق حملة من الشائعات حول قضاتها، واتهامهم بالعمل فى السياسة، فى إطار خصومة بين التيار الحاكم والمحكمة التى قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات، وأبطلت عمل برلمان كان للإسلاميين أغلبية مقاعده، وهكذا يتحول الدستور لأداة لتصفية الحسابات، لدى تيار يبدو إدراكه لفكرة الدولة الحديثة محل شك.
نعود لنصوص ثلاث مواد، تم تفريقها فى مشروع الدستور المصرى فى المواد 2، 4، 219 عندما نجمع المادة من نصوص المواد الثلاثة تكون صياغتها كالتالى:
الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، مبادئ الشريعة الإسلامية، تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة.
نظيرها فى المادة الثانية عشرة من الدستور الإيرانى:
"الدين الرسمى لإيران هو الإسلام و المذهب الجعفري، الاثنى عشرى، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير".
نلاحظ أن السلطة النهائية هى لرجال الدين، وتحديدًا رجال المذهب، فهى فى الدستور المصرى مذاهب أهل السنة، وفى الدستور الإيرانى، المذهب الشيعى.
لدينا فى كل من مصر وإيران سلطة جديدة نشأت إلى جانب سلطة الدولة، هى سلطة المجتمع، تأمل معى نص المادة العاشرة من الدستور المصرى، "الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية وعلى تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون".
وللمصادفة تحمل نفس رقم المادة العاشرة فى الدستور الإيرانى:
"حيث إن الأسرة هى الوحدة الأساسية فى المجتمع الإسلامى فيجب أن يكون هدف جميع القوانين والقرارات والبرامج المرتبطة بالأسرة تيسير بناء الأسرة والحفاظ على قدسيتها وتمتين العلائق العائلية على أساس الحقوق و الأخلاق الإسلامية".
كلا الدستورين ينشأ سلطة جديدة، هى سلطة الولى الفقيه الذى هو فى الدستور المصرى هيئة كبار العلماء، وفى الإيرانى مجلس تشخيص مصلحة النظام.
هاتان مادتان قارنا بين آثارهما فى أهم وثيقة، حيث يعبر التطابق بينهما فى المبنى والمعنى، عن توجه واضح نحو دولة دينية، السلطة الحقيقية فيها لرجال الدين، ليس لرجال الدولة، أو ممثلى الشعب، بما يعكس ردة واضحة عن فكرة الدولة الحديثة، واختباء الدولة الدينية واحتمائها فى أهم وثيقة فى حياة الأمة، بحيث يبقى الدستور مظلة لمشروعهم السياسى سواء امتلك الإسلاميون الأغلبية أم لم يمتلكوا، وهكذا يبدو التطابق بين تجربة الدولتين فى الحكم، لن يبقى فى إطار التشابه بين ما آلت الثورة فى البلدين، عندما دفعت القوى المدنية الثمن، بينما قبضت القوى الدينية على الحكم، الفارق الوحيد ربما حتى الآن، إن الفريق السنى فى مصر تحلى بالتقية فى النصوص، بينما تخلى الفريق الشيعى فى إيران عنها، عندما قرر أن يأخذ بولاية الفقيه، ويعبر عن ذلك بنصوص واضحة فى دستوره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.