سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المرأة الأفغانية ما بين مطرقة الحكومة وسندان طالبان.. صحفيات أفغانيات: الدستور والقوانين التى تكفل للمرأة حقها "حبر على ورق"..والموروثات الثقافية أكثر تأثيرًا من الدين..والحكومة لا تعترف بهن كمواطنات
عندما يكون الذهاب إلى المدرسة تحديًا قد يودى بحياة طفلة لم يتجاوز عمرها الستة أعوام لا تدرك بعد بعقلها الصغير ما يفرق بين الرجل والمرأة ولا تدرى ببراءتها أن أنوثتها ستكون العبء الذى ستحمله بقية حياتها، وعندما تقتل امرأة رميا بالرصاص على مرأى من العالم أجمع لتدفع حياتها ثمنًا لعلاقة حب جمعتها برجل، فى الوقت الذى ينجو هو فيه، إذا فنحن بصدد مجتمع غاب عنه الضمير، وألقى بمعانى الرحمة عرض الحائط.. أهلا بك فى أفغانستان! تتصدر قضايا المرأة فى أفغانستان العديد من وسائل الإعلام العالمية، كما تلقى اهتمام الحقوقيين والمدافعين عن المرأة حول العالم، ولكن مقابلتهم وجهًا لوجه بحثًا عن حقيقة الوضع هناك، تجربة فريدة تستحق المشاركة.. التقت "اليوم السابع" وعدد من الصحف ووسائل الإعلام المصرية الأخرى بمجموعة من الصحفيات الأفغانيات من خلال فيديو كونفرنس نظمته السفارة الأمريكية بناء على طلب من الصحفيات الأفغانيات للتعرف على نظيراتهن المصريات، وكيف يقمن بعملهن فى ظل المتغيرات التى يشهدها المجتمع. وحقيقة الأمر، المرأة الأفغانية تستحق كل الإشادة والتقدير، فهى لا تعانى فقط من الجهل والفقر وإهمال الحكومة، وإنما تستهدفها طالبان بأعرافها وقوانينها، التى لا ترحم.. وتقول بهار جويا، وتعمل فى تليفزيون ال"بى.بى.سى"، إن "المرأة الأفغانية تعمل فى جميع المجالات، إلا أن وضعها ليس جيدًا فهى لا تحظى باحترام الحكومة، بل إنها تتعرض لعمليات قتل وذبح لأسباب مختلفة وتلقى مثل هذه الأخبار أذنًا صماء فى وسائل الإعلام المحلية، التى يطغى عليها الذكور شأنها شأن كل شىء تقريبا فى أفغانستان". ومضت الصحفيات تقلن، إن أكبر مشكلة تواجه المرأة فى أفغانستان متمثلة فى عدم تقديم الحكومة الدعم لهن لانشغالها بالمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فى الوقت الذى تشتد فيه شوكة طالبان، تلك الحركة التى وصفوها بأنها "العدو" الذى يحاربهن دون توقف. غير أن هؤلاء الصحفيات الشابات، والتى علت على وجوههن نظرة مفادها أنهن لن يستسلمن وسيثابرن حتى تمضين قدما بدولتهن، وقالت إحداهن إنه رغم عدم حصول المرأة على قدر من التعليم وتهميشها بشكل كبير سواء بسبب الموروثات الثقافية التى تجعلها كمواطن من الدرجة الثانية يلى الرجل فى كل شىء ومن ثم فهى ليس لديه الحق فى التعليم أو العمل أو التأثير فى المجتمع، الذى يعيش فيه، أو بسبب إساءة تفسير طالبان لتعاليم الدين الإسلامى، ومن ثم اضطهادها واعتبارها رمزًا للفتنة والفساد ينبغى أن يتم اجتثاثه من جنبات المجتمع، إلا أن الأفغانيات، وعلى رأسهن المتعلمات، وإن قل عددهن، تسعى جاهدة لكسر القيود المفروضة عليها، فهى تكافح على مستويين، الأول؛ إغفال الحكومة لأهميتها، والثانى؛ طالبان. أما عن الدستور الأفغانى، وما إذا كان يكفل للمرأة حقها، اتفقت الصحفيات، إنه كحال جميع المؤسسات فى الدولة، يهيمن العنصر الذكورى على جميع مناحى الحياة، وحتى الأجزاء الصغيرة، التى تضمن للمرأة حقها فى الدستور لا تطبق وما هى إلا "حبر على ورق"، لا يطبق منه شيء على أرض الواقع، مدللة على ذلك بالإشارة إلى أن النساء لا يستطعن أن يتقدمن بشكوى إلى أى محكمة لأن القانون يكون دائمًا إلى جانب الرجل.. وضربت مثالا بذلك، بفيديو "طالبان"، الذى قتلت فيه سيدة رميا بالرصاص أمام مرأى من العالم لعلاقتها برجل، أما الرجل، الذى كان جزءا لا يتجزأ من تلك العلاقة فلم يعاقب بأى شىء، وأغلب الظن ينعم الآن بعيش آمن مع امرأة أخرى. فضلا عن أن النساء لا يستطعن العمل فى السياسة والطب والاقتصاد رغم نبوغهن فى هذه المجالات، وعندما تعملن، لا تحظين سوى بدور محدود لا يخول لهن التأثير فى أوضاع المجتمع المتعثرة، فحتى البرلمان لا يوجد به نسبة تمثيل للمرأة سوى 5%، الأمر الذى دفع الكثير من النساء للتفكير فى ترك البلاد والهجرة إلى الولاياتالمتحدة أو أوروبا، بل إن هناك إحصائية تقول، إنه بحلول عام 2014، سترحل أكثر من 20% من النساء.. فيما تتخلى الكثير من الصحفيات عن عملها خشية التعرض للقتل. لم تتوقف مشكلات المرأة عند هذا الحد فى المجتمع الأفغانى، فهناك مشكلة أكبر فى تأثيرها النفسى من إغفال الحكومة وقمع طالبان ومتمثلة فى النساء أنفسهن.. تقول زهرا نابى، وتعمل فى تليفزيون "أريانا"، إنه بسبب عدم حصول المرأة على التعليم واعتناقها للموروثات الثقافية، تقف الكثير من الأمهات والحموات عائقا أمام حصول الأخريات على فرص للتعليم والمساواة، بل أنهن يشكلن عبئا على الرجال ويجبرهن على الإساءة لزوجاتهم. وعلى ما يبدو تلعب الموروثات الثقافية دورًا لا يمكن إغفاله فى تأخر المجتمع الأفغانى، خاصة تلك المتعلقة ب"ذكورية" المجتمع، فالرجال لا تريد إشراك النساء فى الحياة العامة، حتى المتعلمون منهم يختارون من هم أقل منهم تعليما، وضربت إحدى الصحفيات مثلا على ذلك بالإشارة إلى زوجها الحاصل على الدكتوراه ورغم ذلك عندما تزوج اختار أن تكون زوجته حاملة فقط لدرجة الماجستير، حتى تكون له الكلمة العليا. وتحاول العديد من الدول الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وأوروبا ضخ المساعدات المالية للمساعدة فى النهوض بوضع المرأة، إلا أنها على ما يبدو ليست كافية، على حد قول روكسار عزمى، وتعمل فى تليفزيون "تولو"، التى أكدت أن الحل يكمن فى الإيمان بدور المرأة نفسها فى المجتمع، وتبنى منظورا جديدا لها باعتبارها إنسانة له حقوق وواجبات ولديه القدرة على نفع مجتمعه وذويه، وأشرن إلى أنهن يعملن على توعية النساء فى المجتمع ويقمن بجولات فى أخطر المناطق بأفغانستان مثل كندهار لتوثيق ما تقترفه طالبان من جرائم ضد النساء والفتيات.