يشبهنى الموقف الحاصل فى مصر الآن، وتجاهل الرئيس محمد مرسى لمطالب المعارضة المصرية، بما قاله الرئيس السابق حسنى مبارك فى افتتاح الدورة البرلمانية فى ديسمبر 2010، عندما كان يتحدث عن قيام المعارضة بعمل برلمان مواز، فقال وقتها "خليهم يتسلوا" وضجت القاعة وقتها بالضحك والهتاف والتصفيق الحاد، ولم يعلم الرئيس السابق أن هذه الجملة ستكون وبالاً عليه وعلى نظامه الديكتاتورى الفاشى الذى سقط بعدها بحوالى شهر ونصف. وها هو الرئيس مرسى يكرر نفس خطأ- أو أخطاء- حسنى مبارك فى عدم استماعه للمعارضة وللقوى السياسية المصرية أو حتى للمواطن المصرى البسيط وكأن لسان حاله يقول "اتسلوا وموتوا بغيظكم"، وسأفعل ما أريد. لقد أصبح التخبط وعدم الشفافية والفوضى هى سمة حكم الرئيس مرسى حتى الآن، قرارات عشوائية يتم صدورها فى أوقات غير مناسبة وبدون دراسة مستفيضة للوضع وبدون أى مواءمات سياسية أو إشراك لقوى المعارضة والأحزاب السياسية، وتكون فى أغلبها غير قانونية وغير دستورية تنم على جهل كامل بالقانون وبالدستور اللذان أقسما الرئيس على احترامهما ودعا الشعب – أثناء حملته الانتخابية - للنزول إلى الميادين للثورة إذا انتهكهما. إصدار إعلان دستورى غريب وعجيب ينتهك كل المواثيق والقوانين ليحصن الرئيس بها منصبه وجماعته وعشيرته، أدت إلى انقسام الشعب المصرى إلى فريقين متناحرين وكأنهم أعداء وليسوا أبناء وطن واحد. جمعية تأسيسية منوط بها كتابة الدستور يطغى عليها الطابع الدينى، لا تمثل أطياف الشعب وطوائفه المختلفة جاءت بدستور تفصيل وبنكهة ورائحة إخوانية .. بالرغم من أن الرئيس وعد عند انتخابه بإعادة تشكيل الجمعية مرة أخرى حتى تأتى متوازنة ومعبرة عن كافة طوائف الشعب المصرى وتوجهاته. حالة اللا دولة واللا قانون أصبحت سائدة الآن فى مصر، التسيب والإهمال واللامبالاة وعدم الاكتراث فى كل أنحاء الوطن هما عنوان المشهد السياسى الحالى. أصبحنا نعيش فى غابة كبيرة وليس فى دولة قانون ومؤسسات، فوضى هنا وهناك، أسلحة وصواريخ يتم تهريبها عبر الحدود، إسالة الدماء باتت أسهل شىء فى الوجود، أى شخص من حقه أن يفعل أى شىء فى أى وقت وفى أى مكان بدون محاسبة أو عقاب حتى إذا كان تهديد المعارضين له بالقتل. إن الرئيس مرسى مسئول مسئولية كاملة عن ما يحدث فى بر مصر الآن، مسئول عن كل نقطة دم تسيل، وعن كل روح تزهق، مسئول عن ما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين الذى ينتمى سيادته إليها من إرهاب وتخويف وسحل واستباحة دماء من يعارضهم فى الرأى، مسئول عن ما حدث أمام قصر الاتحادية بواسطة ميليشيات جماعته غير القانونية فى موقعة جمل جديدة. أرجو أن يستمع الرئيس إلى صوت العقل وأن يخلع عباءته الإخوانية، وأن يعلم أن هناك أكثر من 12 مليون مواطن مصرى لم ينتخبه (وحتى الذين انتخبوه، بعضاً منهم صَوت له نكاية فى الفريق شفيق، وحتى لا يتم إعادة إنتاج نظام حسنى مبارك مرة أخرى)، وأن يأخذ العبرة والعظة من النظام السابق الذى كان يتفاخر بنجاحه فى القضاء على المعارضة، ومن سلفه الذى كان يتباهى بأنه يحمل دكتوراة فى العند، وكانت نهايته هى السجن المؤبد وإذلاله من شعبه. وأخيراً أؤكد أن التناحر الذى يحصل الآن بين مؤيدى ومعارضى الرئيس لن يكون فيه منتصر ومهزوم، ولكن الذى سيهزم فى النهاية هى مصر، والمنتصر الوحيد هم أعداء الوطن والمتآمرون عليه فى الداخل والخارج، وهؤلاء هم أكثر الناس سعادة لأن مرادهم وهدفهم يتحقق فى إجهاض الثورة ونشر الفوضى.