مشكلة مصر ومعاناة الشعب المصرى اليوم تكمن فى حالة التخبط السياسى والاستقطاب والفوضى المجتمعية الرهيبة، جدل سياسى عقيم وحوار غير بناء على الإطلاق وكل فريق بما لديهم فرحون، حكومة لا تملك جداول زمنية أو خطة واضحة للسيطرة على الموقف، رئيس منتخب لا يجد إلا الاعتراض والمقاومة لكل ما يقول وكل ما يفعل، بلد تنهار اقتصاديا وتتراجع وبتأرجح كل شىء فيها بين الأمل وخيبة الأمل، تعطيل الإنتاج وقطع للطرق وإضرابات واعتصامات ولا مبالاة، والثمن لا يدفعه إلا الشعب المطحون والذى تزداد معاناته يوما بعد يوم. حالة سياسية رديئة لا نتيجة لها إلا حالة اقتصادية متردية يزداد معها الفقر والبطالة والجوع وفقدان الأمل مما يدفع بالكثير من الشباب إلى الاعتراض والتمرد والاعتداء وحتى الانتحار، والكل يدور فى دائرة مفرغة تبدو لنا وكان ليس بها مخرج، الدفع فى اتجاه واحد فقط وهو الهبوط والتراجع والانهيار والتردى والانتحار السياسى. الأمر يبدو لى وكان هناك من لا يريد الخير لمصر سواء فى الخارج وبكل أسف فى الداخل أيضا واكتمال المؤامرة أصبح قاب قوسين أو أدنى. أعداء مصر فى الخارج ومن يواليهم فى الداخل على وشك تحقيق أهدافهم وهى إحداث فوضى سياسية عارمة وانهيار اقتصادى كبير ينتهى بما يشبه ثورة الجوع وانتشار الفوضى والجريمة والاتجاه إلى صوملة البلاد أو لبننتها والدخول فى نفق الظلام والعياذ بالله. الحل واضح أمامنا كالشمس ولكن كلنا لا نريد أن نلجا إليه أو حتى نراه. الهدف واضح أمام الجميع ولكننا لا نستطيع أن نصل إليه، تسعون مليونا من البشر محشورين فى نفق هدفهم الخروج من النفق ولكن التدافع الشديد وغياب التنسيق سيؤدى إلى قتل معظمهم قبل الخروج من النفق. تسعون مليون مصرى قاموا بثورة عظيمة أبهرت العالم وهذه الثورة لها أهداف واضحة كالشمس وكانت بلا قيادة والجميع اتفق على أن تكون الديمقراطية هى الآلية الوحيدة لإعادة بناء المؤسسات، احترام إرادة الشعب وإقرار مبدأ التداول السلمى والحضارى للسلطة. أليست هذه هى ثورة مصر يا سادة ثلاث علامات ثورية لا يجب أن يتخطاها أى مصرى: أولها أن الثورة ثورة الشعب ولا يحق لأحد أن ينسب أى فضل لنفسه، ثانيها أهداف الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، ثالثها آليات تنفيذ الأهداف هى الديمقراطية واحترام الإرادة الشعبية. مر عامان على الثورة ومازلنا نسمع من أطراف كثيرة بكل أنانية إنه صاحب الفضل فى قيام الثورة لا أحد يريد أن ينكر ذاته ويرد الفضل لله ثم للشعب إلا القليل. مر عامان على الثورة ولم نستطع تحقيق أى هدف ولو وحيد أو صغير من أهداف ثورتنا. مر عامان على الثورة ولم تحترم إى إرادة شعبية على الإطلاق كلما أجريت إلا انتخابات أو استفتاءات يأتى إلينا من يهدمها، أما سياسى فاشل يشكك فى نتيجة أى استفتاء أو عملية انتخابية اعترف العالم كله بنزاهتها، وأما محكمة دستورية مسيسة والفلول يعيثون فيها فسادا تلغى إرادة الشعب بجرة قلم، وأما دولة الفلول العميقة وذراعها النائب العام الذى طالب الشعب بتنحيه قبل الثورة وأثناءها وبعد الثورة تعطل كل شىء وتحرض أدواتها على وقف الزحف الثورى بهدف احتواء الثورة ومحاولة إعادة إنتاج النظام البائد فى ثوب جديد. مر عامان ولم يتبق لنا إلا رئيس منتخب بإرادة شعبية تم تحصينه ضد أى طعون أو أى إلغاء مهما كانت الظروف. واجه الرئيس فى البداية وجود دولة لها راسين رأس عسكرية وأخرى مدنية وتم استئصال الرأس العسكرية وكان أمرا سهلا لأنها فقدت الشرعية فى وجود رئيس شرعى ومنتخب. ثم بدأت معركة حامية الوطيس على الرئيس الشرعى بدأت من شخصه وهويته الإخوانية وكأنها هوية صهيونية لا يقبلها هذا الشعب وكان الذى اختاره ليس شعب مصر، ودخلت المعركة بإشاعات دخلت إلى بيته وأولاده، ، ثم التقليل من شأن شرعيته لأنه نجح ب 51% وكان المطلوب منه النجاح ب 90% على عكس كل دول العالم، ثم اتهموه بأنه ليس رئيسا لكل المصريين بما يعنى أن نصف الشعب يحق له أن يرفض الامتثال لقراراته، ثم اتهموه بأخونة الدولة والدولة التى تتمثل فى قواتها المسلحة الشريفة وواجهتها السيادية لا يمكن أخونتها لأنها تعمل وفق آليات احترافية ولاهم لها إلا حماية الوطن وحماية الإرادة الشعبية وهذه حقوقها ولا أحد يملك تغييرها، ثم اتهموه بأخونة السلطة وهذا حقه الطبيعى لا يمكنه إدارة البلاد إلا من خلال كفاءات تؤمن ببرنامجه وسياساته وتنفذ توجيهاته، ثم ظهرت فى الأفق تهديدات بحل الجمعية التأسيسية وحل مجلس الشورى من قضاة المحكمة الدستورية الممنوع عليهم الظهور فى وسائل الإعلام وتهديد إرادة الشعب مرة أخرى، كل ذلك تزامن مع رفض الكثير من القوى السياسية التعاون مع الرئيس بحجة أنهم لا يتفقون معه سياسيا وربما لا يعترفون بشرعيته. وصلت الامور الى الانسداد وكل فئات وطوائف الشعب هى التى تدفع هذا التخبط السياسى وفشل كل النخب الحزبية والاعلامية والسياسية بدون استثناء. ووصلت الأمور إلى حافة الهاوية من جديد ووصلنا إلى مفترق طرق تماما كما حدث بعد ثورة يوليو العظيمة أما استخدام عصا الدكتاتورية واو التمسك بالخيار الديمقراطى. فى يوليو وقع الزعيم عبد الناصر فى فخ الدكتاتورية ولم نستطيع الخروج منه الا بثورة يناير العظيمة. اليوم ارى ان الرئيس وقع فى نفس الفخ الذى دفعته إليه هذه الفوضى والتخبط السياسى ومحاولات تعطيل مؤسسات الدولة حتى ولو بأحكام قضائية تخالف الإرادة الشعبية، زمان والآن بالرغم من وجود اختلافات فى الظروف والشرعية والمدى الذى ستصل إليه الدكتاتورية والبيئة الدولية. ومان هناك من ايد ومن عارض كاليوم تماما هناك من يؤيد ومن يعارض انقسام واستقطاب حاد جدا وبقينا فى نفس المربع، لا يمكننا الاستمرار إلا بالمزيد من القرارات الدكتاتورية او البقاء محلك سر فى بلد بدون دستور وبدون مجلس تشريعى يعنى مولد وصاحبه غائب. من على هذا المنبر الحر والديمقراطى أردت أن أقول الحل واضح كالشمس الساطعة لماذا لا نحترم الإرادة الشعبية ونرد أى اختلاف إلى الشعب صاحب السلطة. الحل واضح كالشمس وهو الاعتماد على مبادئ الديمقراطية الحقيقية. يا سيادة الرئيس يا مؤيدو الرئيس ويا معارضو الرئيس كلنا نحب مصر وعلمنى جدى رحمه الله أن "نحرس القصب بقصب" وعلمنى جدى رحمه الله انه "لا يفل الحديد إلا الحديد" وأنا اليوم أحبكم جميعا لأننا جميعا مصريون وأقول وأنشد وأصرخ" احرسوا الديمقراطية بالديمقراطية" لا حل ولا إنقاذ إلا بالديمقراطية لا مجال ولا فائدة أبدا من أى حلول تحمل حتى ولو مجرد روائح للدكتاتورية أو الاستبداد. لا يحرس ثورتنا المصرية السلمية والتى اختارت الديمقراطية إلا مزيد من الديمقراطية. اللهم إننى بلغت اللهم فاشهد. وعاشت بلادى حرة مستقلة.