رسائل إلى الأسقف.. أوراق تكشف هموم الأقباط قبل 1400 عام    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    "جولدن فيو" تطلق مشروع TO-GTHER بالعاصمة الجديدة.. تجربة استثمارية شاملة بشراكات عالمية    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    خبير سياسي: غزة تحت الحصار والجوع.. ما يحدث إبادة جماعية بسلاح التجويع|خاص    هل يستخدم نتنياهو حالته الصحية لشلّ المفاوضات وتجميد محاكمته؟ (تفاصيل)    مفوض عام (أونروا): التقاعس عن إدخال المساعدات إلى غزة "تواطؤ"    "أوتشا": أطفال غزة يموتون قبل وصول الطعام    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    الائتلاف الحاكم في اليابان يخسر انتخابات مجلس المستشارين    "أنتم خصومنا أمام الله" تتفاعل على التواصل .. ومراقبون: الرئيس مرسي أقام الحجة على شيخ الأزهر والسيسي    عاجل.. راشفورد يصل إسبانيا للانضمام إلى برشلونة    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    أسامة عرابي: أتفق مع تعديل عقد إمام عاشور..وفتوح تصرف باستهتار    غرق مركب في نهر النيل بالغربية.. إنقاذ 3 أشخاص واستمرار البحث عن مفقود    مصرع خمسيني دهسه قطار بالبدرشين أثناء عبوره من مكان غير مخصص للمشاة.. بالتفاصيل    النائب العام يشارك في إطلاق مشروع لتعزيز التصدي للجرائم الإلكترونية ضد النساء والفتيات    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    تحرك عاجل لسحب مياه الصرف من كوبري أبي صقل بالعريش    فؤاد ومنيب ينسجان خيوط الموسيقى في ليالي صيف الأوبرا.    د.حماد عبدالله يكتب: "التدنى" فى الأمانى !!    وزير الثقافة يفتتح الدورة ال18 من "المهرجان القومي للمسرح المصري" ويكرم رموز الفن المسرحي    سليم سحاب: تدريب المواهب بوابتي إلى الاحتراف.. ونفقد تراثا موسيقيا لا يقدر بثمن    وكيله: مصطفى شلبي من أفضل اللاعبين في مصر والانتقال للبنك «صفقة جملي»    النائب محمد الجبلاوي: الشرطة المصرية درع الوطن وسيفه في مواجهة الإرهاب    إيران: الأطراف الأوروبية بالاتفاق النووي انتهكت أسسه وفقدت دورها    البنك المركزى: تعطيل العمل بالبنوك الخميس المقبل بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد تتابع أعمال النظافة وصيانة المسطحات الخضراء    الشعب الجمهوري: نحيّي يقظة الداخلية ونجدد دعمنا للدولة في مواجهة الإرهاب    مصر بخير.. نجاح أول عملية زراعة كبد لطفل عمره 14 سنة بمستشفى الناس    نقابة الموسيقيين: شطب 3 أعضاء وملاحقة متجاوزي حفلات الساحل الشمالي    محافظ سوهاج يتفقد التشغيل التجريبي للمركز الطبي بحي الكوثر    هل يحرم الإسلام حفلات التخرج؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    مثبتة علميًا- 6 طرق لعلاج مرض الكبد الدهني    عاطف زايد يكتب : حسم الإرهابية ذراع الإخوان العسكري    شرطة البيئة تواصل حملاتها الأمنية على النباشين بمنطقة العجمي في الإسكندرية    من هم قادة ريال مدريد بعد رحيل مودريتش وفاسكيز؟    اتمسك بحقك    هل ملامسة القطط أو الكلاب تنقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR» ليصل العدد الإجمالي إلى 61 منشأة معتمدة    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    فوتبول إيطاليا: يوفنتوس يحدد سعر بيع تيموثي وياه    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    حجز قضية مقتل الطفل أدهم للنطق بالحكم في 27 يوليو    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    "لا مجاملات".. "مصراوي" يواجه أمين عام "الأعلى للثقافة" بشأن تشكيل اللجنة العليا للمجلس- حوار    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون العرب فى غيبوبة
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 11 - 2012

دخل المثقفون العرب الحقيقيون فى هذه الأوقات غرفة العناية غير المركزة، وأصيب المثقف بغير قليل من الإحباط الذى نجم عنه صمت كبير غير محمود ولا يعود عليه وعلى مجتمعه-الذى يجب أن يسهم بفكره النقى والمخلص فى تسيير عجلة الحياة وإدارتها- بخير.
وتصدر المشهد الثقافى فئة من أنصاف المثقفين أو مدعى الثقافة فى ظل خواء ثقافى ومعرفى أو على الأقل فراغ أحدثه تقوقع المثقف الحقيقى وانكفائه على ذاته، وابتعاده عن المشهد الثقافى الحالى الذى تطاولت فيه أعناق ورسمت بطولات ثقافية على الورق، ناهيك عن تأطير المثقف بوجهة نظر أحادية نتيجة انتماءاته الأيدولوجية والفكرية، حتى بات المثقفون المنتمون لأيدولوجيات بعينها نسخًا ممسوخة وممسوحة فكريًا تدين بالولاء على طول الخط لانتماءاتها الأيدولوجية دون أن تجرؤ على إدانة أدنى تصرف أو نقد لفكرة أو رأى جاء به حزب سياسى أو مؤسسة فكرية تنتمى إلى انتمائه الأيدولوجى، حتى ولو كان هذا النقد فى إصلاح لدورها فى المجتمع.
إنها مشكلة تعيشها الثقافة فى عالمنا العربى منذ عهد بعيد، فولاء المثقف -الأبدى والذى دونه قطع الرقاب- إلى ذى سلطان يعينه بسقوطه عنه وأن كان فاسدًا، أو اتجاه فكرى لا يجرؤ أن يقدم لأهله نصيحة تصلحه وتوجه أفراده، وأن فعل فهو إما رجل متمرد أو لو أحسنوا الظن به فهو مثالى فى عالم غير مثالى وإن نادى أهل توجهه وانتمائه بالمثالية فى المحافل والمؤتمرات.
غيبوبة المثقف العربى القديم والحديث قد تقع تحت ظلال من رماح العجب بالذات وغياب فكرة تلاقح العقول وتوارد الخواطر، وتأكيد فكرة أن العلم رحم بين أهله، فرماح العجب تعصف بكثير من المشاريع الثقافية والعلمية التى تقوم على فكرة فريق العمل الجماعى، الذى حثَّ عليه ديننا الحنيف وحبذه (يد الله مع الجماعة)، و(الله مع الشريكين ما لم يختلفا أو يخون أحدهما الآخر)، فكرة العمل الجماعى فى فكرة منجزة وموجزة ومعجزة؛ فهى تأتى بكل جديد وتوفر كثيرًا من الجهود، وتصنع ما يعجز عنه الفرد وينوء بقوته.
هذا إضافة إلى تشاغل المثقف العربى بقضايا الصراع مع الآخر بدلاً عن التعاون معه والاهتداء بفكره ورأيه، ناهيك عن تسفيهه ونقضه، مستهجنًا لرأى ينقده به ويوجهه، ومستخفًا بفكرة أو طرح يطرحه قد يعود على المجتمع بكل الخير.
إن انشغال المثقف العربى الحقيقى بقضايا فرعية تخص ذاته أو علاقته بالآخر كان له انعكاسات خطيرة عليه وعلى مستقبل الثقافة فى عالمنا؛ فقد أدى هذا إلى كثير من التشرذم والتفرق والتباغض والتدابر والتنافر، فبات المثقف أسير غرفة مكتبته-إن بقى بالفعل أسيرها- يضع جناحيه على أوراق بحوثه فرحًا بما يصنع، وتخلى تمامًا عن دوره فى قيادة وطنه وأمته بفكره الصحيح والمقوم لكل فكر أعوج قد يجر المجتمع إلى دمار وخراب وبلاء ووباء لا نستطيع أن نجد له دواءً حين يتسع الخرق على الراقع، ولات حين مناص.
بل أن اختباء المثقف الحقيقى وتراجع دوره ودخوله فى غرفة عناية غير مركزة أدى إلى أن يتصدر المشهد الثقافى والفكرى أنصاف المثقفين، أو أصحاب الفكر المريض الذى يتربص بالمجتمع الدوائر، أو أولئك ممن يدعون الثقافة ولا يملكون إلا علو الصوت وكيل النقد والانتقاد-غير المنتج- لكل طرف يحاول أن يسهم فى بناء المجتمع، ومن المؤسف أن الإعلام قد أقصى المثقف الحقيقى القارئ بكل ما تحمله لفظة (القارئ) من دلالات، فضلاً عن إقصائه لنفسه عن قضايا مجتمعه بسبب وبدون سبب، وأوسعت وسائل الإعلام المجال لأصحاب الحناجر العظيمة والعقول الصغيرة، التى تزيد وزنًا عما بها من فكر وعلم وثقافة.
ولعلنى أضرب لكم مثالاً واحدًا فى هذا السياق الذى ينذر بخطر كبير على المجتمع تصنعه عقول صغيرة لم تنل حظًّا من القراءة والفهم لما تقرأ بقدر ما أوتيت جرأة على كل صاحب عقل مفكر وثقافة حقيقية؛ فنرى سبابًا وتهجمًا باليد وغيرها، ونضحك من كل مشهد ثقافى يتحول على شاشات القنوات التلفزيونية إلى تشابك باللسان واليد، مما ينال من مشاعرنا ومشاعر أولادنا حين نسعى جاهدين لمتابعة قضايا الوطن، وبقيت تلك المشاهد السبابية التى تعكس عجزا ثقافيا وغيابا أخلاقيا كبيرين مسجلة على مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها من المواقع مسجلة بالصوت والصورة لتعكس مرحلة تاريخية سوداء بغيضة فى حياتنا الثقافية لن يمحوها إلا العودة إلى الخلق الكريم والثقافة الجادة الحقيقية التى تبعد عما نراه هذه الأيام من قراءات سريعة بل متسرعة فى محاولة لصناعة أبطال من غير ورق على الساحة الثقافية والإعلامية فى عالمنا العربى، الذى كانت أول كلمة فى كتابه وعقيدته هى (اقرأ).
على سبيل المثال تمَّ إعداد نسخة مسودة للدستور المصرى، وقام بالدور فئة الشعب حملوا أمانة الكلمة، التى عرضت على بعضهم فنأوا وأعرضوا بجانبهم، وتم طرحها للمناقشة والحوار وإبداء الرأى، وهاجت الدنيا وماجت، وعلى الضجيج والعجيج على شاشات القنوات، حتى قد أكلم أنفسى وأقول: (دستور يا إخواننا)، ودارت مجادلات لبعض من قرأ المسودة ولكثير ممن لم يقرأها ولم يكلف نفسه عناء النظر فيها، وكيف يكلف نفسه عناء القراءة وهو يملك صوتًا عاليًا تسانده حنجرة قوية لا تعرف إلا اللاءات فقط، ليصنع لنفسه بطولة غير ورقية (خالف تعرف)، والذى يثبت هذه الفاجعة إحصاء تجريه جريدة الأهرام على موقعها على الإنترنت خاص بمن قرأ مسودة الدستور ومن لم يقرأه، والنتيجة مؤسفة بالفعل، حيث أكد 72% من العينة أنهم لم يقرأوا المسودة، أليست هذه نتيجة مؤسفة حقًّا فى ظل حوارات ومناورات ومداخلات عجت بها الصحافة ووسائل الإعلام؟!!، أليست مؤسفة حقًّا فى ظل بلد يبنى مستقبله، ويحتاج إلى كل جهد وإن قل، ومشاركة كل صاحب رأى لا يضن؟!!
عفوًا أيها القارئ فإن المثقف العربى صار فى غرفة العناية المركزة بحاجة إلى إنعاش وانتعاش إن بقى أو عاش!!!ودمتم بكل خير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.