لست ذكياً فوق العادة ولكننى أحياناً أستخدم العضو المسمى بالمخ والذى منحنى إياه ربى داخل رأسى لأفكر به وأستنتج ما أوصلنى إليه المنطق، دعنا يا صديقى نتخيل أننا محللون استراتيجيون من الذين تعج بهم برامج التوك شو، ولنبدأ بتحليل ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية.. وقبل أن نبدأ بتحليل الأحداث دعنى أسترجع معك عدة أشياء. إذا كنت تعرف أنك ستخسر المباراة مسبقاً لماذا تقبل على اللعب بذات الإصرار ؟.. كيف يلدغ المؤمن من جحر عدة مرات بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة وكأنه لم يجرب من قبل ؟ فلنترك يا صديقى هذه الأسئلة هنا ولنبدأ سرد الأحداث سوياً: 1- براءة المتهمين فى موقعة الجمل ( 10 /10/2012 ). 2- احتجاجات فى نفس اليوم مطالبة بإقالة النائب العام وتطهير القضاء والقصاص لقتلة الثوار. 3- إقالة النائب العام ( 11/10/2012). 4- انقسام الشعب والقوى السياسية إلى فريقين.. الفريق الأول: ( الله أكبر لقد فعلها الزعيم ).. الفريق الثانى: (هذا تعد صارخ على الشرعية والسلطة القضائية ). 5- النائب العام يرفض إقالته من منصبه (12/10/2012 ). 6- اعتداء الإخوان على الثوار بميدان التحرير (12/10/2012 ). 7- أسبوع كامل فى مهاترات وتبادل اتهامات ومسيرات احتجاجية، ثم جمعة مصر مش عزبة ( 19/10/2012). باختصار شديد يا صديقى هذا – إن لم تخونى الذاكرة – هو ملخص ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية.. كما ترى يتكرر نفس ما كان يفعله معنا المجلس العسكرى بالحرف.. ولم نع الدرس جيداً، اللعبة باختصار كالآتى: ( تحدث مصيبة – نحتج ونعترض – تحدث مصيبة أخرى – نترك المصيبة الأولى ونحتج ونعترض على الثانية – ثم يضرب الثوار – نترك المصائب جميعاً ونحتج على ضرب الثوار واعتقالهم – ثم لا شئ )، ونعود دون أن نحقق شيئاً وننسى المصيبة الأساسية التى هى الأساس ونتطرق لمصائب فرعية لا طائل منها ولا ثمار لها لنجنيها على كل حال، فقد كان الدافع الأساسى هو براءة المتهمين فى موقعة الجمل وهو السبب الرئيسى فى انفعال الثوار ونزولهم الشارع للاحتجاج مرة أخرى، ثم كان إقالة النائب العام حديث الساعة، ثم ضرب الإخوان للثوار بميدان التحرير، ثم نزول القوى السياسية للميدان بمليونية مصر مش عزبة ( اعتراضا على هيمنة الإخوان وليس براءة المتهمين ). باختصار هذا هو مجرى الأحداث المتبع منذ تنحى مبارك إلى الآن ولا صوت للعقل يصرخ أى ارجعوا إلى مطلبكم واتحدوا.. على كل حال لم نسمع فى مليونية مصر مش عزبة كلمة الشهداء أو موقعة الجمل أو المتهمين.. فقط هتافات ضد الرئيس وضد المرشد وضد الإخوان وضد التأسيسية ولا شىء آخر. للأسف التفكير فى المكاسب السياسية طغى على الجميع وأصبحت الانتخابات البرلمانية القادمة غاية وهدف ولم يعد يتذكر الثورة وأهدافها أحد باستثناء الشباب الذى لم تدنسه السياسة أو الأحزاب ويبحثون عن تحقيق أهداف الثورة بتجرد من فكرة الحزب ونصرة تيار سياسى المشكلة أن معظم من كان لهم دور فى الثورة أنشأوا أحزابا وتحولت تصريحات كثير منهم من تحقيق أهداف الثورة إلى تحقيق أهداف حزبية. كل ما يؤرقنى ونحن ما زلنا فى بداية طريق الديمقراطية أن يتشكل النظام السياسى فى مصر على نفس الشكل اللبنانى حيث أحزاب تتصارع على مدار الساعة وتتلاعب بالناس من أجل الفوز بالصراع والمحصلة صفر لتقدم الوطن والشعب.