محافظ القليوبية ومفتي الديار المصرية يفتتحان فعاليات الملتقى البيئي الثاني للتنمية المستدامة    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    شعبة المصدرين: أوروبا تتجه للاعتماد على مصر في تلبية احتياجاتها الغذائية والصناعية بسبب توتر الأوضاع الدولية    الهلال الأحمر الفلسطينى يثمن جهود مصر فى دعم غزة منذ بداية العدوان    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    كسر فى خط مياه بمدينة المنصورة يغرق الشوارع وفصل الكهرباء عن المنطقة.. صور    حلمي عبد الباقي وسعد الصغير وطارق عبد الحليم في انتخابات التجديد النصفى لمجلس عضوية نقابة الموسيقيين    أكرم القصاص: جهود مصر لإغاثة غزة تواجه حملة تشويه رغم نجاحاتها الدولية    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    رئيس هيئة الرقابة الصحية يستقبل ممثلى "منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    وسائل إعلام فلسطينية: مقتل 20 شخصا من طالبي المساعدات في قطاع غزة منذ فجر اليوم    اليوم.. مصر تحتفل ب "عيد الرياضة" لأول مرة    «يا عم حرام عليك».. شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارة المعبد البوذي    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    وزير العمل يشيد بإنشاء 38 محكمة عمالية ومكاتب قانونية مجانية    «الداخلية»: ضبط 27 قضية مخدرات في حملات أمنية على أسوان ودمياط وأسيوط    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    حبس 3 أشخاص في واقعة العثور علي جثه طفل داخل شرفه عقار بالإسكندرية    البورصة المصرية تربح 3.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    واجب وطني.. محافظ بورسعيد يناشد المواطنين المشاركة بانتخابات مجلس الشيوخ    رئيس الوزراء الفلسطيني: نطالب وفود مؤتمر حل الدولتين بمزيد من الضغط الدولي    وزير الصحة: إصدار 28 ألف قرار علاج على نفقة الدولة ل مرضى «التصلب المتعدد» سنويًا    في هذا الموعد.. «راغب ونانسي» يحييان حفلًا غنائيًا ضخمًا في لبنان    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    ليلة استثنائية مع الهضبة في العلمين والتذاكر متاحة على 5 فئات    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    معلومات الوزراء يستعرض أبرز التقارير الدولية حول سوق المعادن الحرجة    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    6 مشروبات تناولها قبل النوم لإنقاص الوزن بسرعة    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    أوقاف الفيوم تنظم ندوة حول "قضية الغُرم" بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير    رئيس الوزراء: الحرف اليدوية أولوية وطنية.. واستراتيجية جديدة لتحقيق طفرة حتى 2030    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    نتنياهو يقترح خطة عمل جديدة لغزة.. ماذا تتضمن؟    مقتل 16 شخصا وإصابة 35 في غارات روسية جنوب شرق أوكرانيا    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    سميرة صدقي: والدي قام بتربيتي كأنني رجل.. وجلست في مراكز عرفية لحل المشاكل (فيديو)    "بقميص الزمالك".. 15 صورة لرقص شيكابالا في حفل زفاف شقيقته    «هيدوس على النادي ويخلع زي وسام».. نجم الزمالك السابق ينصح بعدم التعاقد مع حامد حمدان    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    رئيس الإسماعيلي يعلق على أزمات النادي المتكررة    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد نهاية رحلته مع الهلال    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء خالد يكتب ذاكرة بديلة للإسكندرية خوفاً من البتر السياسى
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 10 - 2012

صدر حديثًا عن دار الشروق للنشر كتاب بعنوان "وجوه سكندرية" للكاتب السكندرى علاء خالد، ويقع الكتاب فى 290 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن ثمانية وثلاثين مقالاً تتناول سيرة وحياة الإسكندرية وشوارعها وميادينها وأهم رموزها الثقافية والفنية، وكيف أرخها المبدعون فى أعمالهم كتابيًا وسينمائيًا، فجعلوا من المدينة أسطورة، موثقًا ذلك بالعديد من جوانب الحياة فيها فوتواغرفيًا بعدسة سلوى رشاد.
ويقول علاء خالد فى افتتاحية كتابه التى جاءت بعنوان "ذاكرة بديلة" عندما تنطق أمامى كلمة "ذاكرة" أتحسس رأسى بحنان. أتخيل هذا المكان الصغير الذى يحوى كل هذه الذكريات والمذاقات والأحاسيس. هذا المكان المهدد دائمًا بالنسيان، أو المرض، ولكنه سيظل مكان التأويل المستمر للحياة، برغم هشاشته. وخارج تلك الأوضاع الطارئة كالمرض أو الدكتاتورية، واللذين يهددان الذاكرة، بالتأكيد سيكون قوة أكبر فى التأثير والتبادل، فنحن حتى الآن لم نرَ ذاكرتنا خارج لحظة التهديد المستمرة.
ويشعر "خالد" الذى تؤرقه الذاكرة أنه بكتابه هذا، يقوم بالفكرة نفسها، ليكون هو الذاكرة البديلة للمدينة كما عرفها وعاش فيها، لتاريخ نوعى ستقتص منه أجزاء وفترات، لا لشىءٍ سوى إرادة النسيان، حيث يرى أن هناك ذاكرة مهددة بالإبادة، سواء بسبب مرض عارض، أو بسبب نظام سياسى شمولى، وفى الحالتين أيضًا، إن من يقوم بحفظ هذه الذاكرة المهددة هو الإنسان، على أمل أنه سيأتى يوم، وتتلاشى تلك الظروف المهددة للذاكرة، لتعيد تفريغها من جديد على الأجيال الجديدة، متسائلاً: ولكن من يضمن أن تعيد هذه الذاكرة البديلة تفاصيل ما حدث بدقة؟، مضيفًا، لا بد أنها ستضيف شيئًا أو تحذف خبرًا، بسبب هشاشة هذه الذاكرة. ربما يحدث هذا، ولكنها الضريبة التى يجب أن تدفعها الإنسانية فى سبيل استمرارها، أن تعيش الذاكرة القديمة داخل لحظة تأويل مستمرة. أن تضاء الذاكرة القديمة بذاكرة جديدة، مهما كان حجم الخسائر.
ويشير "خالد" إلى أنه فى الأفلام السينمائية، كان لجغرافية الإسكندرية حضور مقيد، ففى فيلم "ميرامار" لكمال الشيخ و"السمان والخريف" والذين تدور أحداثهما فى إسكندرية الستينيات، لم تجد الأفلام سوى منطقة وسط البلد ومبانيها ذات الطراز الإيطالى وشوارعها لتوثق من خلالها هذه الحقبة التى كانت تبحث عن أيقونات أخرى مثل فندق البوريفاج، أو فندق سان استيفانو القديم، اللذين ذاع صيتهما وأصبحا من رموز الإسكندرية حتى بعد أن تم هدمهما، ربما فيلم "الصعاليك" لداود عبد السيد بدأ فى نقل صورة أخرى للإسكندرية؛ إسكندرية الميناء والحوارى، والانفتاح، وعلاقات الطبقات الهامشية بكل ما يحدث من حولها من تغيير وتحول، وكانت الإسكندرية فى طريقها إلى التحول.
ولا يترك "علاء خالد" فى رحلته التى يبدأ فى سردها منذ صغره وخروجه فى شوارع المدينة مع أبيه شيئًا إلا ويدونه بكافة تفاصيله كما عاشها وكان شاهدًا عليها، فيتذكر "عايدة" بائعة الورد التى كانت لديها القدرة - كما يصفها - على الظهور فى عدة أماكن مختلفة، وربما فى التوقيت نفسه بورودها الذابلة بجوار المقهى الذى اعتاد هو ورفاقه أن يجلسوا فيه، كما يذكر مقهى الكريستال، والذى كان يعد قبلة المثقفين، وربما يرجع تاريخه إلى فترة الأربعينيات، وكان المكان المفضل للروائى إدوارد الخراط، وغيره من مثقفى الإسكندرية والقاهرة، والمغنى الهندى الذى كان دائمًا ما يصادفه فى الشريط الضيق للعربات الموازى لشريط الترام، وكان ذلك فى فترة الستينيات حينما انتشرت موجة الأفلام الهندية، وكان هذا الرجل واحدًا من الجيل الذى أحب الأفلام الهندية، فيبكى داخل صالة السينما المظلمة، وعند خروجه يركب دراجته ويغنى.
وعلى غرار ما يتعرض له فن الجرافيتى، يتذكر الراوى شخصية "جمال الدولى" ذلك الرجل الذى انتشرت عباراته على حوائط وجدران مدينة الإسكندرية، بخطوط جميلة، وكانت أغلبها تتسم بالجانب السياسى الساخر من الأوضاع التى تعيشها مصر فى عقد الثمانينيات، بل اليائس أيضًا، عبارات من قبيل "متر الوطن بكام" و"مهرجان بواقى الوطن" و"جمال الدولى مرشحًا لرئاسة الجمهورية"، كما كان يخرج عن هذا السياق، فيكشف عن حبه اليائس أيضًا فيكتب "أنا بحب ليلى علوى"، حتى تحول اسم "جمال الدولى" إلى شبح ظنه الناس قناعًا يتخفى تحته الكثيرون، خوفًا من العقاب أو الملاحقة.
ويروى "خالد" أنه وصولاً لبدايات التسعينيات وتوالى كتابته على الجدران، أصبح "جمال الدولى" شخصًا له حضور اجتماعى، ربما لا تأخذ عباراته وشعاراته مأخذ الجد، ولكن تكرارها يجعلك تنتظر جديدها، فأصبح شبيهًا بمجنون القرية الذى يقول كل شىء من دون حساب أو خوف، لأنه يحتمى تحت جناح جنونه، حتى ظهرت شخصيته فجأة وكان ضمن مشجعى فريق الاتحاد فى الاسكندرية، وفى إحدى مباريات كرة السلة، والمذاعة على الهواء، قام بخلع ملابسه كاملة ونزل إلى أرض الملعب وسط الجماهير والمشاهدين الجالسين أمام التليفزيون.
وتدريجيًا اختفت عبارات "جمال الدولى" من الشوارع والجدران، ثم عادت إلى الظهور على استحياء فى السنوات القليلة الماضية، بجوار شعارات "الإسلام هو الحل"، و"الحجاب الحجاب يا أختاه"، و"قاطعوا البضائع الأمريكية".
وعلاء خالد من مواليد الإسكندرية عام 1960، منذ صدور ديوانه الأول فى بداية التسعينيات، اعتبر أحد الأسماء الأساسية فى تاريخ قصيدة النثر فى جيلى الثمانينيات والتسعينيات، وصدرت له خمسة دواوين شعرية أخرى، وثلاثة كتب نثرية، ورواية بعنوان "ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر" عن دار الشروق عام 2009، ويشرف علاء خالد على تحرير مجلة "أمكنة" التى تعنى بثقافة المكان، وتعبر من أهم المجلات الثقافية العربية أسلوباً وموضوعًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.