فى زمن يتطور فيه الطب بسرعة الصاروخ، ويتسابق فيه العلماء والباحثون لاكتشاف علاجات متطورة لمرضى السرطان، وفيروسات الكبد بأنواعها، وغيرها من الأمراض التى لم يتوصل الطب لعلاج لها حتى الآن، تخرج علينا بعض القنوات الفضائية للترويج لعلاجات غريبة، لا أحد يعرف مكوناتها، ولا مصدرها، ولا من صرح باستخدامها؟ وفى زمن الفضائيات. صار الماء علاجا فعالا للأمراض. وزيت الحشيش الأفغانى حلا سحريا لزيادة القدرة الجنسية، والطحالب علاجا لفيروس سى والرقية الشرعية من أساسيات الطب. وأخيرا بالإضافة إلى استضافة أشخاص ليس لهم علاقة بالطب، وغير مؤهلين لعلاج المرضى، ومنهم صيدلى يدعى قدرته على علاج كافة الأمراض بالحجامة. كما تتم استضافة حاصل على بكالوريوس تربية رياضية ويدعى أنه يعالج كافة الأمراض بالأعشاب، وفى برنامج آخر تقوم خريجة كلية السياسة والاقتصاد بعلاج كافة الأمراض الجلدية بالأعشاب. وبطبيعة الحال، فإن ضيوف تلك البرامج ليسوا متخصصين فى العلاج. كما أن معظمهم لا يحملون مؤهلات علمية تجعلهم أهلا للعلاج، بالإضافة إلى أن العلاج بالأعشاب والحجامة لم يصرح به من وزارة الصحة حتى الآن، ومحذرة من تجارة الأدوية العشبية التى تصنع "تحت بير السلم"، دون رقيب أو حسيب. كما أن إعلانات هذه القنوات تدغدغ مشاعر المرضى الذين أضناهم المرض، وتبيع الوهم على أنه العلاج الشافى لكل الأمراض، وهو ما يعد انتهاكا صريحا لأخلاقيات الممارسة الإعلامية، وللدور الاجتماعى المنوط بالإعلام. لا تندهشوا، ولا تتعجبوا، فهناك ما هو أخطر من ذلك بكثير، فعلى الفضائيات إعلانات غريبة عن أعشاب تدعى قدرتها الفائقة على علاج فيروسات الكبد بى، وسى، والتليف الكبدى، والسرطان، والعقم، والسكر، وضغط الدم، والصدفية، والروماتيزم.. وهكذا يشعر من يتابع هذه القنوات بأن هناك علاجات سحرية لكل الأمراض بلا استثناء. وهناك البرامج الطبية التى يقدمها غير المتخصصين، وكذلك كل العلاجات التى تتستر وراء الدين "مستعينة بآيات من القرآن، والسنة، إلى جانب "الرقية الشرعية". ولا خلاف على أن الأعشاب مفيدة، وتدخل فى تصنيع الأدوية الكيمائية، ولكن يجب أن تكون مقننة، ولها معايير، ومواصفات، وقياسات لدرجة السمية، ويتم حساب أعراضها الجانبية، والجرعات اللازمة للعلاج، حتى تعطى التأثير المضبوط، لكن ما يحدث الآن على الفضائيات ليس مجرد دجل، وخرافات لا تمت للطب بصلة، ذلك أن أى دواء جديد لا يطرح فى الأسواق إلا بعد 15 عاما من الأبحاث المعملية، وينفق فى سبيل ذلك ملايين الدولارات، لكن جهابذة الأعشاب على الفضائيات يخترعون علاجات بين يوم وليلة، ويطرحونها على أنها العلاج الفعال للقضاء على الأمراض، حيث يخلطون المواد العشبية بأدوية كيميائية دون حساب الجرعات المناسبة، وهذه جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد تستوجب تقديم مرتكبيها للمحاكمة.